
كارثة دندغوری الحقيقية
لعل الناس حين يشاهدون الإعلام الذي یتبجح بالانتصارات المزوّرة للملیشیات في ولایة بغلان یصدّقونه، ولكن الجرائم الكبيرة وحجم المعاناة التي يعانيها سكان تلك المنطقة في بغلان على أرض الواقع جراء ممارسات المليشيات التابعة للأمیركان وحلفاؤهم منذ اندلاع الحرب قبل حوالي 15 عاماً؛ أشد وأفضع بكثير مما قد يتصوره البعض.
فالجرائم التي ارتكبتها الملیشیات تحت غطاء العملیات العسكریه ضد الطالبان لا یمكن جبرها خلال سنوات. لقد قصفت الملیشیات بالتعاون مع القوات الأمیركیة وعملاؤهم بيوتاً عديدة، واستخدمت فيها الأسلحة، وتمّ قصف حتی المغارات والكهوف تحت سمع وبصر الجميع، كما تم تجاهل شيوخ القبائل لما اشتكوا من تلك العشوائیه إلی حكومة كابول، ولم یلقوا جواباً -للأسف- على ما كـان يجـري. لا يستطيع أحد أن ينكر هذه الحقائق أو أن يتنصل منها، فالصمت مطبق؛ حباً بالمال والجاه وشهوة السلطة، ويُقال أن الحصار دمر المنطقه وأهلها للأسف الشديد، كما أن الإعلام والتضليل والتزوير للمعلومات صوّر أعمال القصف والتخريب التي فعلها العدو أنها من فعل الطالبان!، وتعمّد تضليل الناس حول مصرع عشرات من الأبریاء في تلك المنطقة، كل ذلك التضليل أتى مصحوباً بجهود اتحاد القوى المحتلة والبرلمان والعملاء التابعين لأمریكا.
وبذل هؤلاء جهدهم، من خلال الصحف والندوات والبرامج، لغسل أدمغة بعض الشباب الجاهل الفقير وأغدقوا عليهم الأموال ليحولوهم لأبواق. وهكذا وجد الإعلام في الكذب ضالته من خلال ما يغدقه عليه الاحتلال بواسطة من أشرف غني.
دعونا نتحدث عن بعض الحقائق؛ أفغانستان بلد يعاني الفقر والبطالة والحرب، وهي أكثر أحوال الدول الإسلامية سوءاً، أضف على ماسبق وجود شجرة الشر المسماة بالاحتلال الأمريكي الذي يستمتع بقتل الشعب الأفغاني والقضاء علیه وإفساده. بالإضافة إلى خطر الغزو الفكري للبلد الذي جعل من الشعب الأفغاني هدفاً له من خلال القنوات الإعلامية المنحرفة مثل قناة طلوع ومواقع بجواك وبخدي وهي قنوات ومواقع للشر والفساد والدمار، وكل هؤلاء يعملون بنشاط وتخطيط. واليوم تشرف الحكومة العميلة بكل مكوّناتها على الحرب وإطلاق الصواريخ الإجرامية علی مناطق بغلان -لاسیما منطقه دندغوري- مع الاستمرار في كذبة “الوطنية” و”الحرب على الإرهاب”. والحلف الأطلسي سعيد جداً لأنه یقتل الأبرياء بينما يشغل الناس بتهم الإرهاب.
بعد أن ارتكبت الملیشیات في دندغوري أبشع الجرائم والمجازر، ظلت الحملات الإعلامية عبر كل الوسائل، لتضييع الحقائق وتسخير الناس والشباب ليكونوا أيادٍ أمیركیة.
وهذا الأمر ليس سراً ولا جديداً، ولكنه الواقع المرير، والتدبير والتخطيط، والقيادات تتجاهل ذلك وتغض الطرف عنه. ولذا لم نكن نستبعد تكتم الإعلام عن جرائم العدو في دندغوري، أمثال طلوع نیوز، وللأسف الشدید تنخدع بعض العقول بكذب هذا الإعلام الذي ساعد في دخول المیلیشیات إلى منطقة دندغوري وإحداث كارثة كبيرة ليقولوا إن هذه البلدة تحتضن الطالبان، مع أنه لا یوجد في تلك القریة إلا الأبرياء من الرجال والنساء والولدان الذین لا یستطیعون حیلة.
تلتهب دندغوري في حالة من صمت من القيادات الخائنة ممّن ساعدوا على دخول الأمیركان والمیلیشیات، وفي حالة من اختراق لقبائل، وفي حالة من اللعب بورقة العنصرية والقبلية والمناطقية وتحریك العصبيات والصراعات والانفصال. وفي حالة من الاستهانة بدماء الأبرياء بحجة الإرهاب.
مجازر منطقة دندغوري كانت صدمة كبيرة للأخوة المجاهدین وللشعب الأفغاني. فما يجري في أفغانستان من الاستعلاء والإقصاء الذي يمارسه أشرف غني والأمیركان والإعلاميين لإيصال معلومات معينة فقط دون معرفة الحقائق إنما يجري تحقيقاً للمصالح الأمیركیة وتجاهلاً للمتضررين والفقراء والجوعى في دندغوري وقتلهم دون مبالاة.
لم يستطع أحد من مشایخ دندغوري الوصول إلى المسؤولين والكبار، فقد عاشوا في ركام من الخراب، وتحرقوا ألماً لما جرى وما يجري في تلك المنطقه وغيرها، الذي هو جزء من لعبة الأمیركان في أفغانستان ضد الشعب الأفغاني المظلوم، ولكن إلی متی تخفی الحقائق؟ وإلی متی تدوم سطوة الكذب؟ وإلی متی يتبجح الاحتلال بقوته الإعلامیة؟. سيتنزل النصر إن شاء الله حينما يتحد المخلصون بهدف واحد وهو تحرير الوطن من رجس الأوغاد.