أمركة المرأة الأفغانية المسلمة
تمثل المرأة في التفكير الغربي الاستعماري الحديث محوراً مهمًّا من محاور الصراع ضد الإسلام والمسلمين، الذي غايته – أو محصلته – هيمنة الغرب الصليبي على مقدّرات الأمة الإسلامية، والسيطرة على إرادتها، واستنزاف مواردها، وإدخالها دائرة التبعية المطلقة من منظور السيّد الخادم.
ولأجل ذلک عبث العابثون، وطمع الطامعون، بهذه الجوهرة المصونة، واللؤلؤة المكنونة بنت الإسلام، يريدون إخراجها من عقر بيتها، ومكان تشريفها، ولباس حيائها وعفتها وطهرها، فابتكروا لها وسائل متنوعة من العبث واللهو بها، وجعلها دمية بأيديهم، ومحلاً لشهواتهم الرخيصة، وخدعوها وقالوا نحرررها، وعرّوها وجردوها من لباسها وجوهرها، وجعلوها محلاً نجساً لأغراض فروجهم وفواحشهم، وقالوا وردة زاهية نستنشق عبيرها. لقد صيّروها لاعبة للكرة تتعرى في النوادي، وصيروها ممثلة وفنانة -زعموا- ليتمتعوا بها من خلف الكواليس الشيطانية، وليغروا بها السفهاء والإماء والجاهلين، وصيروها حاکمة رئيسة، وقاضية للمحاكم، ومديرة للنوادي، وخادمة للركاب في الطائرات والاستراحات، وتقديم المنافع وربما الفواحش والزنا في الفنادق والبارات، وجعلوها عارضة للأزياء العالمية والموضات، وجعلوها تاجرة مروجة للسلع والمأكولات وأطباق الحلويات.
وعلى هذا الغرار كشفت عقيلة الرئيس الأفغاني أشرف غني -التي يعتبرها البعض السيدة الأولى في أفغانستان- أن زوجها يعمل حالياً على تأسيس جامعة فريدة من نوعها في العاصمة الأفغانية كابول مخصصة للنساء –في تطور غير مسبوق من نوعه- على غرار الجامعة الأمريكية، وسط فشل رئيس الحكومة الأفغانية في عدم التزامه بعشرات من تعهداته ووعوده للشعب، وعلى رأسها إعادة الأمن والاستقرار والمعيشة الهادئة للمواطنين منذ توليه زمام الأمور في القصر الرئاسي.
و ذكرت رولا غني أن إنشاء جامعة خاصة بالنساء كان أحد الوعود التي تعهد بها الرئيس غني في حملته الانتخابية، الأمر الذي يعتبره المراقبون محاولة جديدة لأمركة المرأة الأفغانية المسلمة.
وأن هذه الجامعة الجديدة الخاصة والفريدة من نوعها سوف تُقام على مساحة (47 فدّاناً) على تل «مارانجان» في شرق العاصمة کابول بمساعدة من الحكومة التركية.
ومن المقرر أن تتلقى الجامعة الجديدة، التي ستحمل اسم «مولانا أفغان- تورك» عوناً أكاديمياً من المؤسسات التعليمية الدولية مثل الجامعة الأمريكية في أفغانستان وعدد من الجامعات التركية.
ويذكر هنا أن الحكومة الأفغانية خصصت ما يقارب 60 فداناً من الأرض لبناء مركز إسلامي وجامعة بميزانية تقدّر بنحو 100 مليون دولار.
لقد أعطى الإسلامُ المرأة المسلمة كامل حقوقها، فيحق لها أن تفخر وترفع رأسها عاليـاً بتلك الحقوق التي لم تحصل عليها النساء في أكثر البلدان التي تدعي الحضارة والتقدم إلى الآن. غير أن أعداء الإسلام يزعمون أنهم يريدون تحرير المرأة، وما همّهم -والذي نفسي بيده- إلا اغتيال عفتها وشرفها، وبمعنى أدق يريدون حرية الوصول إليها.
إن تأسيس مدارس خاصة للمرأة على النمط الأمريكي معناه انحلال العقدة الوثيقة التي تشد أفراد الأسرة بعضهم إلى بعض، وانفراط العقد الذي ينتظم أعضاء الأسرة الواحدة فيه، وتبعثرهم في متاهات الحياة.
إن تحت الرماد وميض جمر، يستهدف المرأة المسلمة في ظروف مقصودة، فاليهود شنّوا الحرب على حجاب المرأة المسلمة من قديم، منذ تآمروا على نزع حجاب المرأة أيام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سوق بني قينقاع، ومازالت حربهم مشبوبة مشتعلة، لا يزيدها الزمن إلا اشتعالاً واضطرامـاً ؛ لأنهم يدركون جيدًا أن إفساد المرأة إفساد للمجتمع المسلم .
أختي المسلمة! إن مثل هذه المدارس ماهي إلا مؤامرات عليك، يريدون أن تكوني كالمرأة الأميركية التي تعبت من هذه الحياة، وأذكر إحصائية في هذا المجال كي يتضح لك الأمر:
(في دراسة اعتبرها الكثيرون ردة حقيقية آمام هجوم المادية الغربية التي أعلنت ثورتها في الولايات المتحدة الأمريكية كشفت إحصائية أن 80% من الأمريكيات يعتقدن أن من أبرز النتائج التي نتجت من التغير الذي حدد دورهن في المجتمع وحصولهن على الحرية؛ انحدار القيم الأخلاقية لدى الشباب هذه الأيام، وقالت المشاركات في الاستفتاء الذي نقلته جريدة الخليج أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال السنوات الثلاثين الماضية هي المسؤولة عن الانحلال والعنف الذي ينتشر في الوقت الحاضر. وقالت 75% من اللواتي شاركن في الاستفتاء أنهن يشعرن بالقلق لانهيار القيم التقليدية والتفسخ العائلي. وقالت 66% أنهن يشعرن بالكآبة والوحدة. وهذه الإحصائيات المذهلة لن تستطيع الصمود أمام السؤال الأكثر أهمية، والذي طُرح بهذه الصيغة المباشرة: “ولكن لو عادت عجلة التاريخ إلى الوراء، هل كانت المرأة تطالب بالتحرر وحقها في العمل والمساواة بالرجل؟” 87% من المشاركات قلن لو عادت عجلة التاريخ إلى الوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة بين الجنسين مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومن اللواتي يرفعن شعاراتها).
وفي الختام لنا أمل بجميع المسلمات، وخصوصاً بمن يعشن في بلدنا (أفغانستان) في عدم الالتفات للمظاهر الغربية البراقة. أما الزبد فيذهب جفاء. مع أننا نلاحظ أنهن على الفطرة السليمة وفيهن بقية من خير، بغض النظر عن السافرات والعاهرت التي لا يخلو بلد منهن، إلا أن معظم النساء في بلادنا على الخير ما دمن لم يصغين إلى دعايات الغرب الرنانة.