أدركوا الفقراء
بقلم: حافظ منصور
من المسلمين من تفضّل الله سبحانه وتعالى عليه بالأموال الوفيرة، وجعله في عداد الأغنياء والأثرياء فهم يتقلبون في أعطاف العيش الرغيد، مضطجعين على فرش النعيم، آمنين في حمى المدافئ في الشتاء، مستريحين في الغرف المكيّفة، متنعمين في ردهات القصور، راتعين في لذائذ العيش لا يعرفون كيف يحفظون أموالهم: هل يجمدونها ذهباً أم يحولونها دولارات، أم يستثمرونها أسهماً، ولا يدركون أين ينفقون فائضها والزائد منها، فلا يفتؤون يسألون عن دار أجمل من الدار التي يسكنونها، وسيارة أفخم من السيارة التي يملكونها، وأثاث أحدث من الأثاث الذي يقتنونه.
ما أظلم الأقوياء من بني الإنسان! وما أقسى قلوبهم! ينام أحدُهم ملء جفنيه على فراشه الوثير، ولا يقلقه في مضجعه أنه يسمع أنين جاره، وهو يرتجف برداً وقرّاً، ويجلس أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام: قديده وشوائه، حلوه وحامضه، ولاينغّص عليه شهوته علمُه أنّ بين أقربائه وذوي رحمه من تتواثب أحشاؤه شوقاً إلى فتات تلك المائدة، ويسيل لعابه تلهفاً على فضلاتها. بل إن بينهم من لا تخالط الرحمة قلبه، ولا يعقد الحياء لسانه، فيظل يسرد على مسمع الفقير أحاديث نعمته، ليكسر قلب الفقير وينغّص عليه حياته، وكأنه يقول له في كل كلمة من كلماته وحركة من حركاته: أنا سعيد لأني غني، وأنت شقيٌ لأنك فقير.
وهذا الوضع صادق تماماً في بلادنا حيث نرى سرّاق الحكومة يقيمون أفخم المحافل وبإسراف بالغ في الطعام والمأكولات والمشروبات كي يلتقطوا صوراً وينشروها في المواقع وصفحاتهم الاجتماعية، ويسيلوا بها لعاب معظم الشعب الأفغاني الذين يعيشون بدولار ونصف دولار يومياً.
بالله عليكم أفي ظل هذه الحكومة الفاسدة والرجال المهنمكين في النهب والفساد يسعد الشعب الأفغاني المسلم؟!
اذهبوا إلى الأسواق واسألوا البائعين كلهم يقولون لك بحرف واحد: إنّ الأسواق كاسدة؛ لأنّ الناس أيديهم فاضية لا يملكون المال كي يقضوا به حوائجهم.
وفي حين أنّ معظم الشعب الأفغاني لا يملكون ما يسد جوعهم، نرى رجال الحكومة الفاسدة يلعبون بالأموال، فهذا عبد الله عبد الله تُقدّر بدْلته بـ 15 ألف دولار، ولملابسه شركة أجنبية خاصة له وبثمن باهظ!.
فهل هذه الحكومة بهؤلاء المسؤولين الفاسدين يترحون لترح المسلمين ويحْزنون لحزنهم؟
كلا ورب محمد؛ بل لو كان بإمكان هؤلاء لامتصوا دماءهم كما اختلسوا أرزاقهم، ولحرموهم الحياة كما حرموهم لذّة العيش فيها.
يا أيها الأغنياء المترفون! أذكروا أن في البلاد من بني جلدتكم من لا يعرف من أين يأتي بالمال الذي يشتري به الخبز يسدّ به جوعه، والدواء يدفع به مرض أطفاله وصغاره.
واعلموا أن في بلادكم فقراء فقراً مدقعاً، وأنّكم لا تكونون من أبناء آدم، إذا أهملتم إخوانكم هؤلاء، ولم يخطروا لكم على بال، ولم تجعلوهم من همّكم.
فابحثوا عن الفقراء من جيرانكم، وسلوا أولادكم في المدارس عن أولاد الفقراء ما حالهم؟
ماذا يلبسون؟
فلعل ثوباً عتيقاً من ثياب أولادكم يكون هدية العيد عندهم.
وفيم يكتبون؟
فلعل دفتراً قديماً من دفاتر أولادكم يكون فرحة العمر لهم.
ولعل الـ (خمس أفغانيات أو روبيات) التي تنفقونها فلا تحسون بها، تكون ثروة لهم، إذا دفعتموها إليهم.