أرغوَنا؛ همكِ همي!
تألمت قلوب جمیع المسلمین والشعب الأفغاني واتقدت حزناً بالكارثة الأليمة التي نزلت علی مدیریة أرغوي بولایة بدخشان، ولكن مالنا إلا أن نستسلم لقضاء الله سبحانه وتعالی وننقاد لمشیئته ونسئل الله العفو والعافیة وحسن الخاتمة ولا نجزع.
أرغوَنا!
أدري بأنك في عزاء فقدك لجماعة كبیرة من أبنائك، ولكن اعلمي أن جميع أنحاء أفغانستان هي موطني وأرضي وسكانها هم مواطنيَ، واعلمي بأن مصابكِ هو مصابي وهمك هو همي!
أرغوَنا!
أدري بأن كارثة مأساویة نزلت علیك يوم الجمعة 2/5/2014م، وأدري أنها تتأرجح وتتثاقل علی كتفیك؛ ولكن تیقني بأن جمیع المواطنین في شتی بقاع أرضنا الطاهرة یواسونك ویفقهون ألمك وجراحك!
أرغوَنا!
أدري كم هي مفجعة مشاهد أطفالك الأبریاء الذین لم یكونوا علی موعد شيء غارقین في لعب الطفولة، إذ انغمسوا فجأة في الطین نتیجة انهیار الأرض، وبدل اللعب غرقوا في هذا المستنقع الألیم.
أرغوَنا!
أدري بأن تصدیق هذه الكارثة صعب علیك، وأن تصدقي كیف انهارت الأرض علی ساكنیها تحت مآت الأطنان من الطین، وكانوا قبل ذلك یقظین صاحین فناموا إلی الأبد، والذین كانوا یضحكون فماتوا والابتسامات مرسومة علی شفاههم، والذین كانوا علی موعد باحتفالات العرس فلحقوا بالرب الأعلی بآلاف الأماني والآمال، والأب الذي كان یصلي كانت آخر صلاته، والأم التي كانت تدعو كانت آخر دعواتها وابتهالاتها لرب العالمين، والأخت التي كانت قد وصلت سن الزواج، والابن الذي كان في حضن أمه تحنو إلیه وتعطف عليه، كلٌ رحل بتلك الحال…!
أرغونا!
أدري بأنه قد زاد همك وغمك أن رأیتِ وعلی بعد كیلومترات منك، حفلات الرقص في الفنادق الفخمة الباهیة ذات النجوم الخمس، بدل تعزيتك ومواساتك في مصابك، فأقیمت التحالفات غافلین ناعسین عما نزل بأطفالك، وكأنه لم یك حدث شیئاً علی أفراد عبدالله وأشرف غني أحمدزي، وكأنه لم یك همك همهم وغمك غمهم، وكأنهم لم یكونوا یسمعون صرخات النساء والأطفال الذین كانوا یستنجدونهم وهم غارقین فی لهوهم شهواتهم!
أرغونا!
أدري بأن مصابك كان كبیراً، وزاده ألماً أن إدارة كابول العمیلة بدلاً من تقديم المساعدات اللازمة للعوائل المنكوبة والمشردة، وبذل الجهود في إيوائهم وإسكانهم، وإنقاذ الأفغان من تحت التراب، وبدلاً من صرف جزء يسير من المليارات والدولارات التي جمعوها باسم هذا الشعب المظلوم، وملأت جيوب منتسبيها بها. بدلاً من ذلك كله، اتخذت هذه الإدارة بمنتهى اللامبالاة وعلى جناح السرعة قراراً سهلاً وبلا كلفة وهو إعمار قبر جماعي على هؤلاء المنكوبين، مع أن بوسعهم أن یخرجوا أجساد الشهداء بالوسائل المتطورة التي احضرتها قوات الإحتلال لبناء قواعدهم الحصينة في البلاد. هذا في الوقت الذي كان هناك احتمال كبير بأن يكون بعض من انهارت عليهم الأرض أحياءً تحت التراب ويأملون النجاة!
أرغوَنا!
إي والله لقد زدا في مصابك الجلل أن رأیتِ بأم عینك بأن سراق أموال الناس ومصاصي دمائهم بدل السعي في إنقاذ فلذات كبدك في الدنیا وبذل أسباب إنقاذهم، طلبوا المساعدات النقدیة، كي یسلبوا أموال الناس وأموال المؤسسات الخیریة باسم هذه الكارثة الفظیعة، وبدل مواساة شعبنا المنكوب والمضطهد، قدموا للصحف والمجلات ووكالات الأنباء طابورا طویلاً من الحوائج الزائفة، والإحصائیات المتناقضة من الخسائر والحوائج البدائیة ونسوا ما یحتاج المنكوبون والمتبقون من هذه الكارثة الألیمة.
أرغونا!
اعلمي وتأكدي بأننا مفجوعون بهمك وغمك، وفتت أكبادنا ما نزل بك وذرفنا دموعاً ممزوجة بالدماء، ولم نجد ملاذاً إلا إلی الله سبحانه وتعالی كي نشكو إلیه همك، فمن ههنا نسئل الله سبحانه وتعالی خالصاً لوجهه الكریم أن یغفر لموتانا الذین فقدناهم بیوم الجمعة، ویكرم نزلهم ویوسع مدخلهم، ویلهم أهلیهم وذویهم الصبر والسلوان. (آمین یارب العلمین!)