أسرانا هم ضحايا صمتنا
صار تعذيب السجناء أمراً روتينياً وما عاد كثير منا يسترعي انتباهه خبر تعذیبهم في ظل الوضع المؤسف الذي غدا فيه تعذيب الأحرار في السجون خبراً عادیا في وسائل الإعلام الحیادیة، بحیث ما عاد یُفاجئ القارئ بمثل تلك الأخبار وما عاد یحرک ساكناً لدى منظمات حقوق الإنسان، في حین یُقابل بصمت رهيب وعدم اکتراث من جانب الأجهزة الأمنیة الأفغانیة، وبمضي الوقت صار الأمر مألوفاً وأصبح القارئ یطالع أخبار التعذیب بعین ناعسة، وکأنه یقرأ إعلانات أفلام الموسم!
ومازالت مأساة إخواننا الأسرى في سجون العملاء على ثرى أفغانستان متواصلة، ويبدو أنّ ظروفهم المزرية التي يعيشونها بسجون الطغاة تنحدر من سيّئ إلى أسوء، و قد تناقلت أخيراً وسائل الإعلام قيام السجناء بإضراب جماعي عن الطعام احتجاجاً على أوضاعهم المترديّة.
فها هم سجناء السجن المركزي بولاية فارياب حينما انشغلوا بعد صلاة الفجر بتلاوة المصحف الشريف، حاول المجرمون الحكوميون إخراج عدد منهم لكن السجناء تصدوا لذلك ومنعوا عناصر العدو من اختطاف زملائهم، ورداً على ذلك قام عملاء الإدارة العميلة بجمع جميع المصاحف والكتب من السجناء وإشعال النار فيها وأحرقوها أمام أعين السجناء، ولذلك أضرب السجناء في السجن لكن المجرمون الحكوميون ردوا بإطلاق نيران حية عليهم مباشرة، وشرعوا في ضربهم وتعذيبهم، حيث أصيب أكثر من 100 سجين سياسي وجنائي بجروح، 10 منهم جرحوا بطلقات نارية، حيث حالة 3 منهم خطيرة جدا.
والتقاریر الموثوقة تؤكد بأن كثير من السجناء يُخرَجون من السجن ثم لا يعرف أحد مصيرهم هل هم أحياء، أم نقلوا إلى سجون أخرى، أم قتلوا وصلبوا، و إذا رأى العدو أي ردة فعل من السجناء الآخرين تجاه ممارساتهم الوحشية أو أي محاولة إضراب من قبل السجناء، فإنهم يقمعونهم بأعنف وسائل القمع، وذلك أمام مرأى ومسمع المتشدقين بحقوق الإنسان؛ بل وبأوامرهم وإرشاداتهم.
واستمراراً لمسلسل تعذيب السجناء، هانحن نرى ونسمع معاناة أخرى للأسرى في السجن المركزي الواقع في كابول السجن المشبوه المسمى بـ (بولي تشرخي) حيث أضرب المئات من الأسرى عن الطعام وخاطوا أفواههم، مستنكرين على الحكومة عدم اعتنائها بشؤون الأسرى.
واتصل 2 من الأسرى بإذاعة صوت الحرية وذكروا بأن عدد المضربين عن الطعام يبلغ 400 أسيراً، وكثير منهم خاطوا أفواههم وحالهم مأساوي جداً.
وقال السجناء لهذه المحطة الإخبارية: ( المشكلة تعود إلى أن زهاء 30 أسيراً قد صدر الإذن بإطلاق سراحهم في العفو الصادر من الرئيس، ولكن حتى الان لم يطلق سراحهم، وإننا لا نستطيع الخروج من الشباك لتوضيح ما نعانيه للمسؤولين، بل على المسؤولين أن ينظروا في ملفاتنا ويطالعوا مشاكلنا).
وأردفوا قائلاً: ( وكلما أتى أمر بالعفو من رئاسة الجهورية، لاينفذه السجانون، ولو مضى عليه أربع سنوات أخرى، الطعام الذي يصنع للسجناء غير صالح للأكل، ولا توجد مياه صالحة للشرب، وانقطع عنا الكهرباء منذ شهرين).
نعم؛ إن سجن (بولي تشرخي) من أكبر سجون أفغانستان، ووفق ما يذكر مسئولوا هذا السجن، فإن مايقارب 7 آلاف من السجناء يقبعون خلف أسوار هذا السجن الرهيب، وزنازين السجناء ضيقة جداً، الأمر الذي يزيد حال السجناء سوءاً. وانتشرت عبر وسائل الاعلام أخبار تبين سوء حال السجناء مرات ومرات، وفي كل مرة يُواجَهون بالعنف والاضطهاد من قبل السجانين والمسؤولين، وعملاء الغرب و المحتل الكافر، بدلاً من السعي في إنهاء معاناتهم والنظر في شؤونهم.
وعندما يُذاع جزء يسير من مأساة الأسرى ومايعانونه داخل السجون، يصرّح العملاء بأنهم سيرسلون وفداً – لايسمن ولايغني من جوع – للتدقيق والنظر في شؤون المعارضين، وقد يأتي الوفد المرتشي إلى السجن، ويَعِدون زوراً وبهتاناً بأنهم سيحققون مطالب الأسرى شريطة أن يفكّوا إضرابهم، ولا يعترضون وخلال ثلاثة أيام سيتم حل جميع مشاكلهم، ولكن يُفاجئ الأسرى بعد ثلاثة أيام بإخلاف عهود هؤلاء الدجالين، وإن حاولوا الإضراب مجدداً فالرد يأتي شنيعاً من قبل الظالمين حيث يفرقون بين السجناء ويضغطون عليهم ويشددون على حالهم، وقد يلقونهم في زنازين رهيبة فيها من أنواع البلاء والمصائب ما لا تطيقه نفس ولاحول ولاقوة إلا بالله.
و يبقى السؤال الذي يُحيّر كل ذي قلب حيّ :كيف تصبر جماهير المسلمين في أفغانستان على ظلم و إجحاف الشرذمة الحاكمة، و كيف لا ينتصرون لآلاف الأسرى من شباب الإسلام و دعاته و خيرة رجالاته المقبورين في الزنازن المظلمة؟!..
فاللهم كن لإخواننا المستضعفين ولا تكن عليهم، اللهم فرّج كربتهم و آنس وحشتهم، اللهم عليك بمن والى اليهود من حكاّم المسلمين الخونة.
اللهم فك قید أسرانا وأسری المسلمین المجاهدین، وردهم إلی أهلهم سالمین غانمین، غیر خزایا ولا مفتونین، عاجلاً غیر آجلاً یا رب العالمین.
اللهم إنهم في حاجة عاجلة إلی رحماتك فأنزل رحماتك عليهم یا رحمن یا رحیم.
اللهم من آذاهم فآذه ومن عاداهم فعاده ..