أشرف غني يعترف: 15% من المواطنين يبيتون جائعين
گل آغا حقیار
في الأسابیع المنصرمة اعترف “أشرف غني” بأن 15% من سكان أفغانستان یبیتون جوعى. إن هذا الاعتراف نادر من نوعه، إذ لم يسبق لـ”غني” أن يعترف بمثل هذا الاعتراف من قبل.
إن للفقر في أفغانستان قصة مبكیة، إذ یعاني أكثر من هذا الرقم من فقر شدید. وتاریخ الفقر في أفغانستان یرجع إلی عصر ملوك الأفغان. وباعتراف من أصحاب العلم والتجربة، لم تصل شدته إلی هذا الحد القاسي الذي وصلت إليه اليوم.
قبل خمسة عشر سنة جاء المحتلون حاملین لواء قمع الفقر وتنمیة الاقتصاد، وكان هذا الشعار الخلاّب آخذاً بقلوب الناس وجعلهم یعلقون آمالهم به. ولكن الیوم -بعد مرور ۱۵ عاما من الاحتلال- بلغ الفقر مبلغه، حتى أجبر عمیل الاحتلال -أشرف غني- على الاعتراف به. ولا حاجة إلی سرد الأرقام والتقاریر التي تكشف الستار عن مدى تغلغل الفقر في الشعب؛ لأن الفقر في أفغانستان بعد الاحتلال بات مشهوداً وواضحاً للجمیع. إن رقم ۱۵ ملیون، رقم هائل جداً، ولا ینبغي لحاكم مخلص لشعبه أن ینام وأن یتقاعس عن إيجاد الحلول؛ بل علیه أن یبحث عن حل سریع وجدي لهذه المعضلة.
ولكن المشاهدات والتجارب وتصرفات حكومة كابل، أثبتت للجمیع أنهم لا یبالون بمشكلة الفقر، ولیس لدیهم برنامج لحلها، بل إنهم بسرقة أموال العامة واختلاس المساعدات الخارجیة زادوا من مشكلة الفقر.
والمشكلة لا تنتهي إلی هنا، بل إنه بعد الهجوم الأمريكي البربري علی أفغانستان، وقصف القری والأریاف؛ أُجبِر كثیر من السكان علی مغادرتها واللجوء إلی المدن. والعیش في المدن له مشاكله الخاصة. ومن جانب آخر، لم نجد عزماً لدى حكومة كابل في توفیر الأعمال للعاطلين، وتقدیم المساعدات المالیة إلی الفقراء واللاجئین.
أما مساعدات الدول الأجنبیة التي تتدفق إلی داخل البلد باسم الشعب، فیسرقها الوزراء والمدراء ولا یبقی منها شيءٌ لیصل إلی الشعب. وقد أثّر تغلغل الثقافة الغربیة وأسلوب الحیاة الأروبیة في المجتمع الأفغاني، فازدادت متطلّبات العائلات، ومصاريف الحیاة.
زد على ذلك حاجة الشعب إلی الكهرباء، ففي السنوات الأخیرة قامت الحكومة برفع سعرها. وباتت أمنية كثیر من الناس تسديد فواتير الكهرباء. وإنني علی یقین بأن أكثر هؤلاء الذين يبيتون جائعين هم من إخواننا المقيمين في المدن، والذين یعاني أكثرهم من الأمراض.
لاشك أن سرقة ملیارات الدولارات من قبل رجال الحكومة ستنتج مثل هذه المشاكل من جانب، وهذا أمر يدركه أشرف غني أكثر من غيره. ومن جانب آخر يتقاضى آلاف من موظفي الحكومة رواتب مرتفعة، غير عابئين بالطبقة الفقیرة. مما نتج عن هذا وذاك هجرة واسعة عمت البلد.
الفقر أدی بكثیر من إخواننا أن یغادروا البلاد، ویتحملوا فراق الأهل والأولاد ووعورة الطرق المحاطة بالأخطار العدیدة.
والحل الوحید لهذه الأزمة الخانقة، هو بتوفیر الوظائف والأعمال للمواطنين، وتهيئة الظروف للتنمیة الزراعية ودعم المزارعین. وهذه الأرضیة ممهدة في القری والمدیریات التي تنضوي تحت رایة الإمارة الإسلامیة.
ولاشك أن لمكافحة الفساد وقمعه تأثیر عمیق في القضاء على الفقر في المجتمع. ولكن من المؤسف أن الفساد عمّ جمیع الإدارات والولایات. فالفساد الإداري أكبر عامل لشیوع الفقر في المجتمع. وكان من المفترض أن تخطط حكومة أشرف غني لمكافحة الفساد بدل الاعتراف بأن 15% من سكان أفغانستان یبیتون جائعين، ویقضون معظم أوقاتهم في البحث عن لقمة تسد رمقهم.
كلٌ له الحق في توجیه السؤال إلی أشرف غني -وهو رجل الاقتصاد-: أهذه هي حصیلة شعاراتكم ودعایاتكم التي قرعتم بها آذان العالم!؟
أهذه هي نتیجة الملیارات التي تسلمتموها من الخارج باسم هذا الشعب المظلوم؟!
والله إنه لعار علیكم وعلى سادتكم المحتلین. فلم نجد في تاریخ أفغانستان أن یبیت أكثر من 15% من المواطنین جائعين. اذهبوا وانظروا في التاریخ، لن تجدوا مثل هذه المآسي في تاریخنا الطویل. بعد ۱۵عاماً فقط وصل شعبنا إلی هذا الحد من الفقر، فمالذي سیحدث بعد ثلاثین عاماً؟!
الرأي العام في أفغانستان يتنبّأ بمستقبل مظلم للبلاد في ظل الاحتلال الأمریكي الغاشم.
هذا عبدالرحمن العلمي، مدیر إحدی المراكز الإسلامیة یقول: “الحكومة الحالیة محكومة بالهزیمة، لأنه لا خیر للشعب بوجودها. هذا ما یعتقده جمع كثیر من سكان أفغانستان. لم نجد للحكومة عزماً في حل أزمات أفغانستان الاقتصادیة. بل ازدادت المشاكل. إنني أعرف بیوتات شریفة كانت تملك سابقاً عیشاً رغیداً ولكنها الیوم -بعد الاحتلال- لا تجد ما تسد به رمقها”.
وهذا خال الدین نظري، أحد المواطنین الأفغان، یعتقد أن الفقر عامل اُستُغِل لإجبار الشباب علی الالتحاق بالحكومة: “أعتقد أن الفقر مهما كانت أسبابه ودواعیه، عامل أساسي استغلته الحكومة لبقائها”.
لا ندري إلی متی سيستمر هذا الفقر القاتل؟ وكم من إخواننا المواطنین سیواجهون هذا الطوفان!؟
إن هذا الفقر الذي شمل أكثر البیوتات الأفغانیة، وصمة عار علی جبین المحتلین والعملاء، ورجاء قمعه منهم جنون ومحال. لأنهم خلال ۱۵عاماً -مع تدفق الأموال عليهم- لم يقوموا بحل هذه المعضلة، فكیف سیحلونها بعد قطع كثیر من الدول مساعداتها!
نسأل الله تعالی أن یأتي بالفتح المبین لعباده المجاهدین، ویرفع الفقر والبطالة عن بلدنا الحبیب. وما ذلك علی الله بعزیز.