أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات
يعترف العالم على أنّ أفغانستان مقبرة الغزاة والإمبراطوريات، وقد انقلبت واندثرت الإمبراطوريات الكبرى العالمية على ثرى هذه الأرض المباركة أو انكمشت واضمحلّت شيئاً فشيئاً.
وفي القرنين الأخيرين قامت بريطانيا العملاقة التي لم تكن الشمس تغرب في آنٍ واحد على طول مملكتها لاحتلال أفغانستان ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً وعلى تعاقب الأيام وصلت أيام زوالها واضمحلالها في قرني التاسع عشر والعشرين، وفي أواخر القرن العشرين قام الأفغان بإبادة الإمبراطورية الشيوعية الشرقية وفتتوا شمل الاتحاد السوفييتي وفككوها إلى دويلاتٍ فإلى روسيا صغيرة.
وفي غرة القرن الواحد والعشرين من الميلاد قام العالم الغربي الذي يتشدّق بحقوق الإنسان وكرامته ويدعي الدراية السياسية والتمدّن والحضارة برئاسة أمريكا لاحتلال أفغانستان وكرّر خطأ الإمبراطوريات التاريخي، وقد استخدمت أمريكا جميع أساليب الخداع والمكر والحيلة وتزوير الحقائق المتنوعة، وهدّدت تحت حدّ السيف والنار لإخضاع الأفغان إلا أن جميع جهوداتها الجبّارة راحت أدراج الرياح ولم تستطع أن تجعل الأفغان تحت نير عبوديته وواجهت ثورة الشعب الأبي.
وكالسابق فقد المحتلون نفوسهم وأرواحهم في أفغانستان، وقُطّعت أجسامهم إرباً إرباً، وفقد كثير من الجنود لايعرفون مصيرهم وكثير من البلاد جاهلة عن مصير حياتهم أهم أحياء أم قتلوا.
وقام أخيراً كثير من الخبراء والكتّاب والمحللين ومراكز التحقيق بتقديم التحقيقات والتحليلات حول حضور الجنود الأمريكان في أفغانستان، وأدركوا بعد جهدٍ مضنٍ وتحقيق طويل على أنّ أمريكا انهزمت في أفغانستان، ويرى المحللون بأنّ جنود الإمارة الإسلامية يتقوون يوماً إثر يوم وعلى عكس ذلك تماماً فإنّ المحتلّين وأذنابهم العملاء فإلى الزوال والانكماش، وطالبوا الأمريكان أن لايهدروا طاقاتهم وإمكانياتهم أكثر من هذا في حرب أفغانستان؛ لأنّ دوام الحرب يعني مزيداً من الخسائر في المعدّات والأرواح الأمريكية.
ولقد أخفى بوش وأوباما حقائق حرب أفغانستان عن مواطنيهم وأرادوا دوماً أن ينثروا التراب على أوضاع أفغانستان الحقيقية، فعلى مسؤولي أمريكا الجدد أن يجترأوا ويوضحوا لمواطنيهم الحقائق، وعليهم أن يخرجوا جنودهم في عاجلاً من أفغانستان، ولكنهم لو تساهلوا كأسلافهم وأغمضوا أعينهم على الحقائق، واستمروا في الحروب والقتال ويحلموا باستمرار وجودهم وبقائهم في أفغانستان، فيعيد التاريخ نفسه تارة أخرى، وستصير أفغانستان مقبرة للأمريكان مرةً أخرى، إن شاء الله.