مقالات الأعداد السابقة

أفغانستان وخُطى ثابتة نحو الازدهار والتنمية

تواصل أفغانستان -بخُطى ثابتة وإرادة صلبة- نهضتها ومسيرتها نحو الازدهار وتحقيق التنمية المستدامة بعد عقود من الحروب التي أنهكت الشعب الأفغاني، وذلك من خلال خطة طموحة أرست قواعدها الدولة الوليدة المتمثلة في حكومة الإمارة الإسلامية.

ولقد طمع العالم الغربي ووكلاؤه في المنطقة بإثارة حرب أهلية جديدة على غِرار الاقتتال الذي حصل بين القوى الداخلية المتناحرة إبان خروج القوات السوفيتية من أفغانستان، وضيّع هذا الاقتتال والتناحر ثمرة تضحيات الشعب الأفغاني المجاهد ضدّ الاتّحاد السوفيتي، فأراد الغرب تكرار التجربة إلا أنّ الله خيّب آمالهم ومساعيهم. فلقد قامت -بفضل الله- في بلاد الأفغان حكومة مركزية قوية تبسط سيطرتها من شرق البلاد إلى أقصى الغرب ومن جنوب أفغانستان إلى أقصى الشمال حيث جبال الهندوكش ومرتفعات بدخشان، وضربت هذه الحكومة بيد من حديد على كل من أراد الإخلال بالأمن وتنفيذ مخططات أجنبية على ثرى أفغانستان.

وها هي الحكومة الأفغانية الجديدة، إلى جانب مسيرتها في سبيل تحقيق الأمن وتأمين الاستقرار، تواصل خطاها الثابتة في إطار استراتيجيتها الاقتصادية التي تقوم على النهج الشرعي القويم نحو الازدهار والتنمية الشاملة. ولقد شكّلت الحكومة الأفغانية منذ قيامها في 2021 لجنة اقتصادية بقيادة نائب رئيس الوزراء الأفغاني الملا عبد الغني برادر وضمّت اللجنة كبار المسؤولين من القيادات المشهود لهم بالكفاءة وتحمل المسؤولية، إضافة إلى فرق فنية وتقنية من مختلف الوزارات والمؤسسات، وهذه اللجنة عمدت إلى خلق فرص نجاح واعدة، وطرح مبادرات فاعلة ووضع ضوابط محكمة وتنفيذ استراتيجيات ثمينة لتحقيق الرفاهية للشعب الأفغاني وتحريك عجلة الاقتصاد التي أوقفها الانسحاب الأمريكي، وساهم في إيقافها القطعُ المفاجئ للمساعدات الأجنبية عن أفغانستان.

ولم تتوان اللجنة الاقتصادية في خدمة الشعب والارتقاء بالبلد اقتصاديا نحو مزيد من الإنجازات. لتقوم مرة أخرى وتصمد أمام مؤامرات تُكاد لها من قبل الجهات الغربية والإقليمية، وركزت في البداية على استئناف المشاريع المتوقفة في عموم البلاد وتكللت مساعيها بالنجاح. ثم تخطت هذه المرحلة لتخطط لمشاريع تنموية جديدة تتكفل الحكومة الأفغانية بها دون أي تمويل أجنبي. ومنذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لم تتوقف المؤسسات الغربية المدعومة أمريكيا عن إصدار تقارير تحذر من احتمال وقوع مجاعات في هذا البلد وتنبئ بسقوط الحكومة الأفغانية الحالية وتعلن جداول زمنية بين فينة وأخرى بشأن هذا الأمر…

مر قرابة العامان على هذه الحكومة، والأمور تسير نحو الأحسن -ولله الحمد- على خلاف ما يشتهيه الغربيون ووكلاؤهم الفاشلون. فها هي الحكومة الإسلامية في أفغانستان تشرف على مشروع قناة قوشتيبه العملاق شمال البلاد، وتتطلع إلى جذب المستثمرين في مجال التعدين الذي يُعتبر الأكثر غنى في أفغانستان. كما أنها توفر ميزانيتها المالية وهي تقترب من عامها الثالث على التوالي من مصادرها الداخلية دون الاتكاء على الغرب ومساعداته التي لا تخلو من التنازلات والتنازلات. كما أنها تخطط لاستئناف مشاريع مثل مشروع “كاسا” و”تابي” وغيرهما مع دول المنطقة. وسخرت اللجنة الاقتصادية كل الإمكانيات المتاحة لتطبيق استراتيجياتها، وحققت خلال عامين خطوات إيجابية لا يستهان بها. كما أنها بدأت تشق طريقها نحو إخراج البلاد من مرحلة الانكماش والركود إلى الرقي والازدهار والتنمية.

لقد تجاوزت أفغانستان مرحلة صعبة وحرجة بعد الركود والانكماش جراء تداعيات خروج الاحتلال الأمريكي. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يشهد الاقتصاد الأفغاني انتعاشًا، لا سيما بعد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد وتوجه المستثمرين الأجانب إلى البلد. كما أنّ الحكومة الأفغانية صبت جل تركيزها على هذا الجانب، بعد عودة الاستقرار وتقليص الصراعات الأخرى. وهناك أملٌ كبيرٌ بأنْ تصبح الدولة الوليدة في أفغانستان قوة إقليمية صاعدة، وتظهر على الصعيد الدولي كتجربة إسلامية ناجحة لتكون نبراسًا لبقية الحركات الإسلامية في مسيرتها المباركة إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى