أمريكا التي جنت على العالم !
بقلم: عرفان بلخي
بالتزامن مع هذا الشهر -أغسطس- يصادف أن تقيم مدينتا هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين إحياء الذكرى السنوية للقصف الأمريكي بالقنبلة الذرية الذي طالهما والذي أسفر عن مقتل 264 ألف شخص، وتسبب بإعاقة عقلية وجسدية لملايين سيأتون من بعدهم.
وهكذا تمر على العالم ذكرى أيام مشهودة في تاريخ البشرية، وهي ذكرى تفجير المدينتين المذكورتين بأول القنابل النووية من قبل الولايات المتحدة الامريكية الآثمة.
إن تاريخ أمريكا حافل بالجرائم والمظالم وإن كل جريمة ستقترف إلى الأبد، فلها نصيب من الجريمة والظلم؛ لأنها أول من سنّ جريمة القتل والدمار. فهي التي اخترعت اسلحة الدمار الشامل وجربتها على روؤس البشر الأمنين وهي التي ابتكرت الأنواع البشعة للمظالم والتعذيب في أنحاء المعمورة، حيث أن هناك الآلأف من المعتقلات والسجون في العالم يُزج فيها بمئات الالأف من الأبرياء دون ذنب أومحاكمة. كما تقتل مئات الآلأف يومياً في البلاد التي غزتها متهمة إياهم بالإرهاب والتمرد.
كتب الباحث في علوم الإنسانيات منير العكش أن الإمبراطورية الأمريكية قامت على الدماء وبنيت على جماجم البشر، فقد أبادت هذه الإمبراطورية الدموية 112 مليون إنسان (بينهم 18.5 مليون هندي أبيدوا ودمرت قراهم ومدنهم ) ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب. ووصفت أمريكا هذه الإبادات بأنها أضرارهامشية لنشر الحضارة. وخاضت أمريكا في إبادة كل هؤلاء البشر وفق المعلوم والموثق 93 حرباً جرثومية، أُبيد بها الهنود الحمر بـ 41 حرباً بالجدري، و4 بالطاعون، و17 بالحصبة، و10 بالأنفلونزا، و25 بالسل والديفتريا والتيفوس والكوليرا. وقد كان لهذه الحروب الجرثومية آثاراً وبائية شاملة اجتاحت المنطقة من فلوريدا في الجنوب الشرقي إلى أرغون في الشمال الغربي، ففي عام 1636م ظهرت أول وثيقة تثبت استخدام الأمريكان للسلاح الجرثومي عمداً.
وفي ليلة من ليالي عام 1366هـ، في الحرب العالمية الثانية، دمرت 334 طائرة أمريكية ما مساحته 16 ميلاً مربعاً من طوكيو، بإسقاط القنابل الحارقة، وقتلت مائة ألف شخص في يوم واحد، وشردت مليون نسمة، ولاحَظَ أحدُ كبار الجنرالات بارتياح، أن الرجال والنساء والأطفال اليابانيين قد أحرقوا، وتم غليهم وخبزهم حتى الموت، وكانت الحرارة شديدة جداً، حتى إن الماء قد وصل في القنوات درجة الغليان، وذابت الهياكل المعدنية، وتفجر الناس في ألسنة من اللهب، وتعرضت أثناء الحرب حوالي 64 مدينة يابانية للقنابل، واستعمل ضدهم الأسلحة النووية، ولذلك فإن اليابان لا تزال حتى اليوم تعاني من آثارها السيئة. وفي منتصف عام 1382هـ سببت حرب فيتنام مقتل 160 ألف شخص، وتعذيب وتشويه 700 ألف شخص، واغتصاب 31 ألف امرأة، ونُزعت أحشاء 3.000 شخص وهم أحياء، وأحرق 4.000 حتى الموت، وهوجمت 46 قرية بالمواد الكيماوية السامة.
وعندما ألقت قنبلتين نوويتين فوق مدينتي هيروشيما ونجازاكي، قال بعدها الرئيس الأمريكي هاري ترومان، وهو يكنّ في ضميره الثقافة الأمريكية: “العالم الآن في متناول أيدينا”. وما بين عام 1371هـ وعام 1392هـ ذبحت الولايات المتحدة في تقدير معتدل زهاء عشرة ملايين صيني وكوري وفيتنامي وكمبودي، وتشير أحد التقديرات إلى مقتل مليوني كوري شمالي في الحرب الكورية، وكثير منهم قتلوا في الحرائق العاصفة في “بيونغ يانغ” ومدن رئيسة أخرى.
إنه لابد في كل عصر من طاغية، ولابد وأن يكون في كل أمة طغاة بغاة يعيثون في الأرض فساداً. وفي عصرنا نرى أمريكا وحلفاءها يحتلّون البلدان ولا يفوّتون فرصة ليقسّموها إلى دويلات على أساس طائفي ومذهبي بغيض، ناهيك عن نشر الفساد والأفكار الهدامة والمنحرفة.
إن أمريكا عدوّة الإنسانية، وليس عداءها للمسلمين فحسب، بل للناس من كل ملة، اسألوا أفريقيا السوداء، واسألوا اليابان، واسألوا أمريكا الجنوبية، الذين يُجزرون بعشرات الملايين، أرقام خيالية، وأعداد مذهلة، ووفيات فوق حسابات البشر، (قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ). وطريقة القتل عند الأمريكان طريقة وحشية، وليست إنسانية، فهم يصبون وابلاً من أطنان القنابل على الأبرياء، وكأنهم يصبونها على جبال صماء، وصدق الله حيث يقول: (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ). هذه هي أمريكا، وهذه بعض أفعالها لمن يجهلها.
وعندما نتصفح سجلها الأسود نجد فيه جرائم لا تعد ولا تحصى، وعلى سبيل المثال: أودى القصف الأمريكي “لهانوي” في فترة أعياد الميلاد عام 1391هـ إلى إصابة أكثر من 30 ألف طفل بالصمم الدائم. وقتل الجيش الأمريكي المدرب في “غواتيمالا” أكثر من 150 ألف فلاح، ما بين عام 1385هـ وعام 1406هـ.
وقاموا بإبادة ملايين الهنود الحمر، يصل عددهم في بعض الإحصائيات إلى أكثر من مائة مليون، وهم السكان الأصليون لأمريكا، وبعدها أصدرت قراراً بتقديم مكافأة مقدارها 40 جنيهاً، مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر، و40 جنيهاً مقابل أسر كل واحد منهم، وبعد خمسة عشر عاماً، ارتفعت المكافأة إلى 100 جنيه، و50 جنيه مقابل فروة رأس إمرأه أو فروة رأس طفل، هذه هي الحضارة الأمريكية.
وأصدرت بعد ذلك قانوناً بإزاحة الهنود من أماكنهم إلى غربي الولايات المتحدة؛ وذلك لإعطاء أراضيهم للمهاجرين، وكان ذلك عام 1245هـ، وهُجّر إلى المناطق الجديدة أكثر من 70.000 ألف هندي، فمات كثير منهم في الطريق الشاق الطويل، وعرفت هذه الرحلة تاريخيًا: برحلة الدموع.
وفي إحدى المعارك قتلت أمريكا فيها خلال ثلاثة أيام فقط 45.000 ألف من الأفريقيين السود، ما بين قتيل وجريح ومفقود وأسير. وأمريكا أكثر من استخدم أسلحة الدمار الشامل، فقد استخدمت الأسلحة الكيماوية في الحرب الفيتنامية، وقتل مئات الآلاف من الفيتناميين. وأمريكا أول من استخدم الأسلحة النووية في تاريخ البشرية.
هذه جرائم الطاغية الباغية رأس الكفر أمريكا في حق غير المسلمين، وهذا ما لطخته أمريكا بأيديها القذرة النجسة، وهذه بعض جرائمها وأرقامها الخيالية، فهي لا تراعي لذي حَرم حرمته، ولا لحر حريته، ولا للإنسان إنسانيته. وهاهي تستخدم مرة أخرى أسلحة محرمة دولياً في جميع تلك البلاد المحتلة، وهي التي استخدمت في بلادنا القنابل العنقودية واعترف مسؤولون عسكريون بارزون في القوات الأمريكية باستخدام القنابل العنقودية خلال عمليات القصف في أفغانستان والفسفور الأبيض والأسلحة شبه النووية الجديدة، بحيث أصبحت أرض بلادنا حقل لتجارب الحية وأصبحت سوقاً للأسلحة الاسرائيلية اليهودية.
وليست بلادنا وحدنا من عانت من العدوان الأمريكي، بل منذ ولادة الولايات المتحدة الأمريكية قامت بالتدخل العسكري في أنحاء العالم أكثر من مائة مرة، وقامت بإرسال جنودها وعتادها إلى أراضي دول أخرى أكثر من مائتي مرة، ومنذ الحرب العالمية الثانية أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية جيوشها إلى أكثر من عشرين دولة، كما قصفت ثلاث وعشرين مرة أراضي دول مسلمة ومسالمة، ولا زالت تتدخل في شوؤن الدول المسالمة إما بالغزو المباشر أو بإشعال الحروب والفتن الداخلية.
وأما جرائمهم في دماء المسلمين فحدث ولا حرج، فملفاتهم سوداء من دماء المسلمين، ودم المسلم دم وحشي في قاموس أمريكا، ليس له حرمة البتة، وقد أنتجوا أكثر من 700 فيلم يسيء للإسلام والمسلمين. ويرى الرئيس السابق نيكسون أن ليس هناك من شعب ـ حتى ولا الصين الشعبية ـ له صورة سلبية في ضمير الأمريكيين، بالقدر الذي للعالم الإسلامي. هذه هي أمريكا راعية حقوق البشر المتباكية على الحرية.
احتلت أمريكا بلادنا بحجج واهية من القضاء على الإرهاب وإرساء الديمقراطية واستتباب الأمن، ولكن في الحقيقة جاء دور انصهار غطرستها وتمريغ أنفها في وحل بلادنا إن شاء الله، فهي التي قامت بما قام به الغزاة السابقون وأبادت بكل الوسائل المتاحة لديها كما فعل المحتلون في الماضي، وإنها لم تتورع عن شن هجماتها على المدنيين من الأطفال والنساء، ولا عن شن غارات على البيوت السكنية والأماكن المقدسة وهتك الحرمات وتدنيس المقدسات، وأما معاملتهم للأسرى فأسوأ معاملة، فالإنسانية معدومة لديهم، والقيم الأخلاقية ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، وقد تمثلت في أمريكا أعظم أنواع الإرهاب المنظم، وبلغ شغفهم باضطهاد الآخرين وإرهابهم مبلغًا لم يشهد مثله في عالمنا الحاضر، بل وعلى مر التاريخ المتقدم. لقد خالفوا الأديان والشرائع بل والقوانين الوضعية.
لقد حرص الأمريكيون على إظهار التشفي من أسرى “غونتنامو” في كل مناسبة، حتى بلغ بهم الحال أن يتركوا هؤلاء الأسرى في مقاعدهم، لأكثر من يوم ونصف بلا أي حراك، ومن دون تمكينهم من استخدام دورات المياه، ثم يعلنون ذلك لمجرد التشفي والتهكم والسخرية من هؤلاء الأسرى.
نقول إن أمريكا لا تزال تقوم بالأعمال الإجرامية على كوكبنا المثخن بالدماء والجراح، فهي تقصف البيوت الآمنة في البلاد الإسلامية وتقتل المدنيين العزل في عقر دارهم. وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد. صدق الله العظيم.