يبدو أن العلاقة بين إدارة البيت الأبيض والرئيس الأفغاني حميد كرزاي قد بلغت إلى أسوأ حالاتها, بعد أسابيع قليلة من لقاء ناجح بين أوباما مع نظيره الأفغاني في واشنطن, خاصة بعد تصريحات كرزاي خلال زيارة تشاك هاجل وزير الدفاع الأمريكي الجديد إلى أفغانستان, والتي أثارت حفيظة الأمريكان, ما لم يجعل الاتفاق المبرم بين الطرفين على تسليم أحد السجون المكتظة بعناصر من “طالبان” إلى الحكومة الأفغانية في مهب الريح فحسب, بل وربما قد تأذن بتسطير نهاية كرزاي قريبا.
صحيح أن أيام كرزاي في السلطة بدأت عدها التنازلي، بعد أن وعد الرئيس الأفغاني بمغادرة منصبه بعد الانتخابات التي ستُجرى في أبريل 2014, مما يستلزم من الإدارة الأمريكية البحث عن “شريك جديد”, لكن كيف يترك كرزاي السلطة، ومن سيأتي بعده, وهو الأمر الهام لمستقبل أفغانستان، أو لعلاقات كابول مع واشنطن.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن كرزاي صرح بأن الهجمات التي شنتها طالبان خلال زيارة هاجل تصب في مصلحة الأمريكيين وتمهد الطريق للاحتلال الأمريكي كي يظلوا داخل أفغانستان, وهذا ما يعرض العلاقة بين الرئيس الأفغاني والأمريكان لأكثر مراحلها اضطرابا, مشيرة إلى أن علاقة إدارة أوباما بكرزاي تمر بمرحلة “عاصفة” وذلك بعد أسابيع قليلة من اجتماع للرئيس الأمريكي بنظيره الأفغاني في واشنطن بدا ناجحا للوهلة الأولى
لا شك أن تصريحات كرزاي لاقت اعتراضا شديدا من ناحية الأمريكان, حيث قال الجنرال الأمريكي جو دانفورد, قائد القوات الأمريكية والدولية في أفغانستان “ذلك غير صحيح على الإطلاق، ليس لدينا أي سبب كي تكون لنا علاقات مع طالبان”, مضيفا “لقد قاتلنا بضراوة في السنوات ال12 الماضية وأهرقنا الكثير من الدماء ولا مصلحة لنا في دعم عدم الاستقرار في أفغانستان”.
بينما قال أحد المسئولين الأمريكيين “”لقد قلنا له –كرزاي- في مجالس خاصة أن الانتقادات العلنية لا تساعد الشراكة وخصوصا حين لا يكون لها أي أساس”, كما أشار دانفورد إلى وجود اختلاف طفيف في الرأي بين الولايات المتحدة وبين الأفغان وأنهم يعملون على إصلاح ذلك حاليا” مقرا بأن هذه الخلافات قد تكون كبيرة لكنها ليست جوهرية”، كما توقع ظهور مشاكل أخرى في الأشهر المقبلة لأن العلاقات بين الطرفين تتفاقم”.
كما أضافت الصحيفة الأمريكية أن الإدارة الأمريكية تتطلع إلى ما بعد حقبة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، موضحة أن المطلوب في الوقت الراهن إستراتيجية تزيد من فرص فوز مرشح في انتخابات الرئاسة القادمة في تلك الدولة الآسيوية يتمتع بالكفاءة الإدارية التي تجعل منه “حليفاً موضع ثقة”, حيث برز عدد من المرشحين الذين وصفتهم واشنطن بوست بالأقوياء لخلافة كرزاي من بينهم وزير الداخلية السابق حنيف أتمار، والمرشح الرئاسي السابق عبد الله عبد الله.
برغم تعهد الرئيس الأفغاني بعدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة, يتوقع بعض المحللين أن كرزاي سيحاول الترويج لأحد أقربائه، مما يزيد الريبة من تكرار سيناريو 2009 وتزوير الانتخابات بعد تدخلات لمسئولين محليين في الانتخابات الرئاسية.
في هذا الصدد, يبدو أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة وحلف الناتو بدءوا التركيز على الانتخابات الأفغانية المقبلة، والبحث عن شريك جديد ينفذ خطة الولايات المتحدة في البلاد ويُحكم سيطرته الأمنية, خاصة أن الانتخابات ستتزامن مع انسحاب القوات, والعمل على عدم السماح لحركة طالبان للعودة إلى الحكم أو الانتشار في أفغانستان.
من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن وزير الدفاع الجديد تشاك هاجل تجنب الانسياق وراء الدخول في نزاع مع كرزاى, حيث تزامنت زيارته مع توجيه الرئيس الأفغاني انتقادات لاذعة ضد السياسة الأمريكية، والتزم ضبط النفس, حيث وصف التصريحات الواردة من كرزاى بأنها معقدة.
من جانب آخر, تنتاب الريبة الاستخبارات الأمريكية من قيام بقيام الرئيس الأفغاني باتصالات مباشرة مع قادة طالبان وتوثيق العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتوجه إلى تطوير اتصالات خاصة مع روسيا والصين والهند وباكستان, لذلك تنظر إلى حليفها الأفغاني منذ هيمنتها على البلاد يشق عصا الطاعة في أي لحظة, لذلك غدت العلاقة إلى ذهاب بلا عودة