
أمریكا تخرج من أفغانستان أم تغیّر من شكل حربها في هذا البلد؟
لاشك في أن أمریكا انهزمت عسكریاً في أفغانستان، ولذلك بدأت تسحب قواتها من میدان المعركة، ولكن هناك حقیقة مرّة أخری لایمكن تناسیها وهي أنّ جمیع البلاد الإسلامیة التي تحرّرت من الإحتلال خلال القرن الماضي لم یقم فیها حكم الإسلام مرّة أخری، والسبب في ذلك هو أنّ تلامذة الغربيين العلمانيين الذين ربّاهم المحتلون في ظل الإحتلال، تسلّموا زمام الحكم بعد رحیل المحتلين من تلك البلاد.فهم (غربیون) أكثر من (الغربیین) الأصلیبین، وهم أشدّ عداءً للإسلام والحكم الإسلامي من المتحلّین الغربیین الذین كانوا یحكمون تلك البلاد.
وبالنظر إلی واقع البلاد الإسلامیة یظهر جلیاً أنّ الإحتلال الغربيّ للبلاد الإسلامیة لم ینته بعد، بل تغیّر شكله من الإحتلال العسكري الخشن المؤقّت إلی الإحتلال السیاسي والثقافي والفكري والاقتصادي الدائم.
ویرید الغرب الآن أن یُعید هذه التجربة مرّة أخری في أفغانستان، وقد أعدّ إعدادات شاملة وواسعة من خلال المؤسسات الفكریة والمدنیة والتعلیمة والسیاسیة وغيرها، ولكنّ الثغرة التي أوتینا نحن الآفغان منها علی مرّ التاریخ هي أنّ اهتمام المقاومة الجهادية لدینا ینحصر في معظم الأحوال في جانب الحرب العسكریة، ونغفل عن أسالیب العدوّ في محاربتنا بالطرق اللاعسكریة، ولذلك كلما دحرنا المحتلین وحرّرنا البلد من نیر احتلالهم، لم ننحج في إقامة النظام الإسلامي الذي یجب أن یكون كثمرة طبيعية لازمة للجهاد والتضحیات، بل یعقب جهادنا وتضحیاتنا في كل مرّة تقريبا نوعاً من الحكم السیاسي الذي یبدّد ثمرة الجهاد وینقض الغزل من بعد قوّة أنكاثاً، وذلك لأنّ تناسینا للجوانب الأخری للحرب وعدم تأهّلنا لتوفیر متطلبات فترة مابعد الحرب، یمكّن العدوّ من الثأر لهزیمته العسكریة بالأسالیب والمؤامرات اللاعسكریة التي تؤثّر في تغیِّر الأوضاع و تبدّل الأفكار والقناعات لدی أرباب الحكم والنظام المستقبلي.
وقد تكرّرت هذه التجربة المؤلمة أكثر من مرّة خلال القرن الماضي فقط، حیث خاض الأفغان الحروب الخطیرة ضدّ الإحتلال الانجلیزي و حرّروا البلد من سلطته، ولكن بدل أن تقوم في البلد حكومة إسلامیة، قام فیه نظام (أمان الله خان) العلماني الذي فتح أبواب البلد أمام النظریات والأفكار الغربیة التي تمّثلت في حكومته العلمانیة، والتي حاربت الإسلام في الحكم والسیاسیة والإجتماع.
وتكررّت هذه التجرة المؤلمة مرّة أخری بعد تحریر البلد من الإحتلال الروسي نتیجة أعظم جهاد شهده القرن الماضي، و الذي حُقّ له أن یُعتبر معجزة القرن العشرین، فخرج الروس، وانهارت الشیوعیة، ولكن حلّت محلّها حكومة كان فیها كل شي إلا الإسلام الحقیقي، فخرّبت تلك الحكومة البلد، و أساءت إلی سمعة الجهاد، وشككت الشعوب المسلمة في مصداقیة الحل الجهادي وفاعلية الجهاد، ومهّدت الطریق لوقوع البلد تحت سیطرة الإحتلال الأمریكي الصلیبي.
وبما أنّ جهاد شعبنا الآن مرّة أخری علی مشارف الإنتصار علی التحالف الصلیبي الحاقد الذي یتلوّی ألماً من ضربات المجاهدین، و یحترق غیظاً علی هزیمة (أمریكا) و(الناتو) أمام المجاهدین، فالمخاوف نفسها قائمة مرّة أخری، لأنّ العدوّ یغیّر استراتیجیة الحرب، ویرید أن یحقّق عن طریق السلم ما عجز عن تحقیقه عن طریق الحرب وإعمال القوة العسكریة، ولكن هناك سؤال یطرح نفسه وهو: إذا كانت أمریكا تسعی للبقاء في أفغانستان لتحقیق أهدافها السیاسیة، والاقتصادیة، والعسكریة في المنطقة، فلماذا تُخرج قواتها العسكریة من هذا البلد؟، وهي من أكبر وسائل تحقیق أهدافها في أفغانستان والمنطقة؟. وللإجابة علی هذا السؤال نقول:
أمریكا تخرج قواتها العسكریة في أفغانستان للأسباب التالیة:
1- أمریكا خسرت الحرب العسكریة في أفغانستان، والمزید من استمرارها في میدان معركتها الخاسره ستواجه مزیداً من الهزائم، وسیرتفع عدد الضحایا في صفوف جنودها، وبذلك ستفقد هیبتها العالمیة، وستعرّض دعواها للتفوق العسكري والتقني في العالم للسخریة أمام العالم الذي سیشهد عجزها في مقاومة قوة (طالبان) العسكریة التي هي من أضعف القوات العسكریة مادیاً وتقنیاً، وبذلك ستخسر أمریكا سمعتها العسكریة أمام شعوب العالم ودوله. ولكي لاتواجه أمریكا هذا المصیر الذي لا تشك في حتمیته، قرّرت إخراج قواتها قبل أن توصم بعار الهزائم المخزیة المتكررة في حربها ضدّ (طالبان). وهكذا ستحفظ شیئاً من ماء وجهها أمام الشعب الأمریكي والشعوب الأخری في العالم.
2- أمریكا كانت ترید أن تحتلّ أفغانستان والعراق، وبعد استباب الأمن واستقرار الأمور كانت ترید أن تحتكر مهمة استخراج النفظوالتجارة به في العالم بعد السیطرة علی منابعه الأصلیة في الخلیج ومنطقة بحرا الخزر لتُخضِع بذلك دول العالم كلّها بما فيها (روسيا) و(الصين) و (أروبا) لقبول الشروط الأمريكية في الحصول علی النفط. ولتحقیق حلم هذا التحكم في قوة النفط عالمیاً، كانت أمریكا ترید أن تستغلّ قوتها العسكریة العملاقة التي لم تكن تتوقع أن تُقاوَم من قِبَل المقاومتین الجهادیتین في أفغانستان والعراق، وبما أنّ الحلم الأمریكي لم يتحقق في هذه المنطقة، وواجهت أمریكا أطول معركة في تاریخها، ولا تلمح أیة علامات لنهایة هذه الحرب التي يستعر أوارها مع مرور الأيام، فلا ترید أمریكا الآن استمرار تَوَاجُد قواتها العسكریة في میدان المعركة التي تعد الخاسر الأكيد فيها، لكونها عنصراً غربیاً أجنبیاً في معركة ضدّ شعب مسلم مجاهد مارس الحرب ضدّ الغزاة الأقوياء جیلاً بعد جیل منذ ما یقارب قرن من الزمان، وأثبت جدارته و صبره في معاركه ضدّ أقوی الدول وأعظم الأمبراطوریات.
3- إنّ الحرب في أفغانستان تناوب علی مواصلتها الحزبان الأمریكیان (الجمهوري) و(الدیموقراطي) وأنفقا علی هذه الحرب ملیارات الدولارات من ضرائب الشعب الأمریكي، ولكن علی الرغم من المصاریف الباهظة التي قصمت ظهر الاقتصاد الأمریكي والغربي علی العموم، لم یكسب الحزبان من هذه الحرب ما یقدمانه للشعب الأمریكي كرصید وإنجاز لحربهما في أفغانستان، ولا یوجد لدیهما ما یقنعان به الشعب الأمریكي لتحمّل مزيد نفقات لمواصلة الحرب في أفغانستان.
والمبرّرات التي كانت تتمسك بها الإدارة الأمریكیة لمواصلة الحرب هي الأخری خسرت مصداقیتها لدی الشعب الأمریكي، ولم تعد كافیة لترغیب الناس هناك لمواصلة دفع فواتیر الحرب في المستقبل، لأنّ آمال الإدارة الأمریكیة التي كانت تنشدها لبدء و مواصلة الحرب لم تتحقق، فلا استحكمت الدیموقراطیة في أفغانستان، ولا قامت فيها حكومة قویة موالیة للغرب لتقدر علی إخضاع الشعب الأفغاني للغرب وتجعله یسیر في ركابه، ولا تم القضاء علی حركة طالبان ككیان ونظریة، ولا أصابها الضعف من ناحیة الجنود والقوی البشریة.
فنظراً الی إخفاق أمریكا في تحقیق أُمنیاتها وأحلامها التي ترید تحقیقها عن طریق مواصلة الحرب، لا یمكن للإدارة الأمریكیة أن تُقنع شعبها بمواصلة الحرب العسكریة التقلیدیة ضدّ أعدائها، كما لا یمكنها أن تتحَمّل المصاریف المالیة الباهظة لجنودها في حرب طویلة خارج قارتها، ولذلك تعمل أمریكا الآن لإخراج جنودها، ولتغییر شكل الحرب من العسكریة السافرة إلی الحرب الفكریة و السیاسیة والاستخباراتیة التي تلائم ظروف أمریكا في الحال و المستقبل.
4- إنّ الأموال العظیمة التي كانت تنفقها أمريكا في حروبها و حروب حلفائها في القرن العشرین هي في الحقیقة كانت بهدف إیقاف المدّ الشیوعي والحدّ من توسّع الاتحاد السوفیاتي في العالم، وهو كان هدفاً عظیماً لأمریكا وحلفائها في العالم، لأنّ الاتحاد السوفیاتي كان یهدّد الغرب، وكان یملك بالفعل ما یهدّد به الغرب وأمریكا، فالإنفاق الغربي السخي آنذاك كان لأجل الحفاظ علی كیان الغرب سیاسیاً، واقتصادیاً، وعسكریاً، إلا أنّ حربها الآن في أفغانستان و إنفاقها الأموال الطائلة ضدّ طالبان لا یحظیان بتلك الأهمیة التي كانت تحظی بها الحرب ضدّ الاتحاد السوفیاتي، لأنّ (طالبان) لیست لدیها نوایا توسّعیة، ولا تملك ما تهدّد به الغرب، فحرب أمریكا وحلفائها في أفغانستان يُشبه حرب (الفیلة) ضدّ (الزنابیر) التي تلسع (الفیلة) في مَقَاتِلِها، وهذا ما أدركته القیادة الأمریكیة التي لا تری الفائدة المطلوبة من الحرب العسكریة الجاریة، فهي لذلك تُخرج قواتها، وتغیّر من نوعیة حربها في هذا البلد.
5- إن الإدارة العميلة في أفغانستان التي تنفق عليها أمريكا الأموال الطائلة، غارقة في الفساد إلی أبعد الحدود ولا يمكن لها أن تضمن استمرار وجودها، فالحكومة تقترب كلّ يوم من الانهيار ولا تقدر علی الدفاع عن نفسها، فكيف ستحافظ علی المصالح الأمريكية؟ وكيف ستقدر علی العمل لتنفيذ المخططات الأمريكية السياسية، والإقتصادية، والعسكرية؟
هذه وغيرها هي علل خروج القوات الأمريكية من أفغانستان. وإن لم تُخرج أمريكا قواتها من أفغانستان فإن مصيرها لن یختلف عن مصير الاتحاد السوفياتي، وهذا ما أدركته أمريكا جيدا. ولكن خروج القوات الأمريكية من أفغانستان ليس بمعنی إيقاف أمريكا لحربها في هذا البلد، بل ستستمرّ في مواصلة الحرب بالوكالة، وستنفق ما يتيسّر لهاعلی الجيش العميل والمليشيات المحلّية لتواصل الحرب ضدّ (طالبان) للأهداف التالية:
1- لكي لا تقوم في أفغانستان حكومة إسلامية تطبّق الشريعة في جميع مجالات الحياة كما فعلت (طالبان) أيام قيام الإمارة الإسلامية، ولازالت طالبان ترفض أنصاف الحلول، وتحارب العلمانية والمعايير الغربية للحكم والنظام، وتصرّ علی إقامة نظام إسلامي خالص، ولا تبدي أية رغبة لمصانعة الغرب علی حساب الشريعة الإسلامية.
إنّ أمريكا تعلم أنّ (طالبان) إن استطاعت أن تقيم الدولة الإسلامية بالمعنی الحقيقي، فإنها ستكون نموذجاً ومصدر إلهام لبقية الشعوب المسلمة في المنطقة للعمل لإقامة حكومات إسلامية في بلادها، لأنها عانت لعقود من الحكومات العلمانية المستبدة الموالية للغرب. ومن جهاد طالبان ستدرك أنّ الطريق الوحيد لإقامة النظام الإسلامي وسبيل النجاة من جور الحكومات اللادينية هو الجهاد فقط ولاغير، وهذا أخوف ما تخافه أمريكا والغرب بأجمعه.
2- إنّ أمريكا أنفقت أمولاً عظيمة منذ ثلاثة عقود علی بعض الجهات في أفغانستان وبخاصّة بعد احتلالها لهذا البلد، وقد اكتسبت لها أنصاراً ومكتسبات سياسية، وفكرية، وثقافية، وعسكرية، وإقتصادية كثيرة، وأوجدت منظمات، وإدارات، ومؤسسات ما يسمّی بالمجتمع المدني، وأنشأت عشرات المحطات الإذاعية والتلفزيونية، كما أوجدت عشرات المؤسسات التعليمية والصحفية، وقامت بتربية جيل من المستغربين، ومهّدت لتطبيق مشاريع ومخططات للمدی القريب والبعيد، واستطاعت بهذه النفقات والمشاريع والمؤسسات الكثيرة التي شملت كلّ فئآت الشعب الأفغاني أن تغيّر إلی حد كبير الأسس والدعائم الدينية، والفكرية، والثقافية والإجتماعية التي كان يقوم عليها المجتمع الأفغاني المسلم. فلا تريد أمريكا الآن أن تعرّض مكتسباتها هذه للخطر بالتغاضي عن إقامة (طالبان) للحكومة الإسلامية، ولذلك ستواصل أمريكا هذه الحرب عن طريق الوكلاء، وستتحمّل نفقات الحرب.
3- إنّ امريكا بعد احتلالها لأفغانستان ربطت هذا البلد بالتحالفات، والمؤسسات، والمواثيق والإتفاقيات الأمنية، والسياسية، والتعليمية، والثقافية وغيرها من المؤسسات العالمية، وربط أفغانستان بهذه المؤسسات هو في الحقيقة ضمان تبعية أفغانستان لتلك الجهات، وأمريكا لا ترضی بانسلاخ أفغانستان من تلك المؤسسات، وستسعی بكلّ الطرق والوسائل أن تفرض علی أفغانستان ذلك النوع من الحكام الذين يضمنون تبعية هذا البلد لأمريكا، وهذا الهدف يتطلب من أمريكا والغرب بأجمعه تحمّل مزيد من الإنفاق العسكري علی حلفائهم المحليين الذين سيخلفونهم في الحكم علی أفغانستان.
4- تواصل أمريكا ضغوطها علی (طالبان) بإسعار نار الحرب ضدّهم في أفغانستان وإنهاك قوّتهم لكي لا تتحوّل من العصابات المقاتلة ضدّ القوات الغازية إلی جيش عسكري منظّم ومتطوّر يهدّد مصالح الغرب في المنطقة.
تغيير شكل الحرب من العسكرية إلی اللاعسكرية ووسائلها:
بما أنّ أمريكا خسرت في أفغانستان الحرب العسكرية، تسعی الآن أن تنتقم لهزيمتها من الأفغان بالطرق اللاعسكرية ووسائلها في هذه الحرب كالتالي:
1- تسليط العلمانيين علی الحكم وإشراك الإسلاميين الديموقراطيين معهم.
2- القضاء علی قوّة (طالبان) بشكل بطيئ وإفسادهم من الداخل بالطرق الاستخباراتية، وشراء الذمم واستغلال بعض الجهات الدينية المؤثّرة، وعلماء الدين السياسيين البارزين في تمييع الفكر السياسي والجهادي للطالبان.
3- تشديد الحرب الإعلامية والفكرية ضدّ الفكر الجهادي وضدّ نظرية حاكمية الإسلام وعقيدة الولاء والبراء.
4- القضاء علی روح المقاومة لدی الجيل الجديد للشعب الأفغاني من خلال وسائل الإلهاء والترفيه والموضة وأساليب التغريب وإحلال العناصر الثقافية، والفكرية، الغربية، وصناعة القيادات المزيّفة.
5- تغريب مناهج التعليم وعلمنة النظام التعليمي والبيئة التعليمية.
6- الدعاية العملاقة لما يسمّی بـ(الإسلام المعتدل) ونظرية (نبذ العنف).
7- تمكين العلمانيين والقوميين من وسائل الإعلام والنشر والتأثير.
8- الإهتمام بالأقليات الدينية والقومية وتمكينها من إستلام زمام أمور البلد ومن التحكم في اقتصاد البلد.
9- ملء فراغ التواجد الحكومي في ولايات وقری وأرياف أفغانستان بالمؤسسات اللاحكومية التي يموّلها الغرب من وراء الستار، وينفّذ مخططاته من خلالها بشكل واسع وآمن.
10- الاستعانة بالقوی العالمية والإقليمية ودول الجوار في تقويض الحركة الجهادية وتجفيف مواردها المالية والحدّ من تأثيرها في أفغانستان.
هذه الأساليب كلها أكيدة المفعول وخطيرة التأثير، وتحقّق للغرب أُمنيّة تسخير الشعب الأفغاني من دون حرب. وإن مواجهة هذه المخططات الخطيرة والواسعة تحتاج من المجاهدين ومن الشعب الأفغاني المسلم جهوداً عملاقة في الصبر، والتخطيط، والإعداد، ومعرفة مكائد الأعداء ومخططاتهم، وتحتاج من مخلصي أمّة الإسلام الوقفة الصبورة البصيرة الصادقة مع هذا الجهاد العظيم الذي بدّد أسطورة قوّة الغرب العسكرية والتقنية، وإلا سيسرق الكفّار -لاسمح الله تعالی- ثمرة هذا الجهاد أيضاً، كما سرقوا ثمرة جهادنا العظيم ضدّ الشيوعية والاتحاد السوفياتي السابق.