
أهمية الجهاد الأفغاني
من فكر الشيخ الشهيد الدكتور عبد الله عزام رحمه الله
القضية الأفغانية اليوم هي أخطر قضية في الأرض كلها، مشكلة المسلمين الأولى.. القضية التي شدت أنظار الشرق والغرب هي القضية الأفغانية، القضية الأفغانية الإسلامية الآن هي النقطة الوحيدة التي يمكن أن تنظر إليها عيون المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهي التي تستحوذ على إهتمام الغرب جميعا ، يعني لو ذهبت إلى أمريكا إلى بريطانيا إلى روسيا إلى أي منطقة في الأرض ووزنت مشاكلها، المشاكل التي تستحوذ على قلوب المهتمين بالسياسة العالمية، تجد أن القضية الأفغانية لا ينازعها في مضمار السبق قضية، لدى أمريكا لدى بريطانيا لدى روسيا، ويمكن أن تكون القضية الثانية أو الثالثة أو الرابعة بالنسبة لأهلها المسلمين، الذين لا يقدرونها حق قدرها، أما عند الذين يقدرون القضايا الدولية يدركون أن لهذه القضية ما بعدها..
(ولتعلمن نبأه بعد حين)(ص: 88)
(لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون)(الأنعام: 76)
سيكون لهذه القضية ما بعدها وأنا أقول كما أظن أنه ينبني على نتيجة قضية الجهاد الأفغاني خط تحول التاريخ كله، إن بداية تحول التاريخ ستبدأ لنتيجة الجهاد الأفغاني، فإذا انتصر الجهاد الأفغاني إن شاء الله، سيبدأ خط الرسم البياني للإسلام والمسلمين يرتفع وإلا لا سمح الله سيصيب المسلمين كارثة لا يقومون بعدها، لا أظن من نصف قرن أو قرن.
القضية جدا خطيرة، وهي قضية الساعة، ويجب على المسلمين أن يعطوها اهتمامهم ويولوها رعايتهم وإلا فسيعضون أصابع الندم حيث لا ينفع الندم، ولات ساعة مندم.
القضية لا زالت حية ولا زالت رابحة ولا زال الجهاد الأفغاني حتى الآن يسجل انتصارات يوما بعد يوم، وكلما ظن العدو أنهم قد أنهكوا الشعب الأفغاني يواجهون بخسائر تدمر عليهم قواهم، تسقط طائراتهم، وتحطم معنوياتهم، ويعودون في كثير من المعارك التي يظنونها في حسابهم وراجحة في ميزانهم يعودون يجرون أذيال الخزي والخسران في كل مكان، الآن والحمد لله في بكتيا في قندهار في ننجرهار في بغمان في في تخار في بدخشان الحمد لله الإنتصارات تأتينا يوما بعد يوم، أخبار الإنتصارات تثلج صدر كل مؤمن، ويضيق بها صدر كل كافر، والحمد لله..
(وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) (الأنفال: 01)
الجهاد الأفغاني في نظرنا -عدا أنه أهم قضية إسلامية على الإطلاق الآن، وعدا أنه قضية الساعة، وعدا أنه قول فصل وليس هزل، ولها في ميزان السياسة الدولية أثقل الأوزان عدا ذلك- هي فريضة ربانية، فريضة افترضها رب العزة من فوق سبع سماوات، وقال عز من قائل:
إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير، إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .(التوبة: 93ـ14)
يجب أن يكون المسلمين على بينة من أمر دينهم لا فرق الآن بين الجهاد وبين الصلاة والصيام عند المذاهب كلها، اللهم إلا بعض الحنابلة الذين يقدمون الصلاة على الجهاد لأن ترك الصلاة عند بعض الحنابلة وليس عند جميعهم، كفر وترك الجهاد ليس كفرا ، وترك الصلاة عند بعض الحنابلة يخرج من الملة وترك الجهاد لا يخرج من الملة، أما عند جمهور الفقهاء والمحققين من الحنابلة لا فرق بين الجهاد والصلاة والصيام وتارك الصلاة وتارك الصيام كتارك الجهاد سواء بسواء في نظر الشرع، وعند رب العالمين، انفروا إلا تنفروا يعذبكم والعذاب لا يكون إلا عن ترك فريضة إلا تنفروا يعذبكم عذابا إليما ويستبدل قوما غيركم سواء بالإستبدال المعنوي أو المسخ النفسي، والإبادة الجسدية والتصفية للشعوب أو بالمسخ المعنوي، بالنسخ، بتغيير المعالم، تغيير الأفكار، الذل واتباع الأعداء المنتصرين على الأمة الإسلامية إلا تنفروا يعذبكم عذابا إليما ويستبدل قوما غيركم والعذاب لا يكون إلا عن فعل حرام أو ترك فريضة والفريضة كما يقول علماء الإسلام ما يثاب فاعلها ويعاقب تاركها، ولذلك، الله عز وجل يقول إلا تنفروا يعذبكم والرسول ص يقول (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق).
نصرة المسلم للمسلم:
يجب أن يكون هذا واضحا تماما ، ونحن ننظر إلى قضية الإسلام في داخل أفغانستان أنها قضية شعب مسلم، بل قضية الأمة الإسلامية بكاملها، وإذا قصرت الأمة فسيحاسبها الله عز وجل، ولن تفلت من حسابه، لأنهم فرطوا في نصرة شعب مسلم من إخوانهم ومن خذل أخاه في موطن يحب أن ينتصر له فيه خذله الله في موطن يحب أن ينتصر له فيه (ما من مسلم يخذل مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن ينتقص فيه من عرضه كذلك) واحدة بواحدة، والشعب الأفغاني الان -إنما يقع عليه هذا البلاء الذي حرك العالم الإسلامي جميعا – إنما يدفع ضريبة تقصير آبائه، يوم أن قصر الأفغان في نصرة إخوانهم المجاهدين في بخارى عاقبهم الله عز وجل بأن دخل الروس إلى بلادهم فكان إبراهيم بك، الذي كان يجاهد في بخارى وينطلق إليها من أرض أفغانستان ثم جاء نادر شاه وأراد أن يمسك به ويسلمه للستالين آنذاك، فغادر أرض تخار وقندز ثم قال كلمته المشهورة: اليوم بخارى وغدا أفغانستان، ونحن نقول الآن إن الذين يتخاذلون عن نصرة إخوانهم الذين أمرهم الله بنصرتهم، وحق الإخوة الإسلامية وعقد الإخوة علينا نصرتهم..
وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر (الأنفال: 27) أي يجب عليكم النصر..
كتب عليكم القتال (البقرة: 612) (كتب عليكم الصيام) (البقرة: 381)
سواء بسواء، (فعليكم النصر)، يجب علينا النصر، فإذا قصرنا
في نصرة إخواننا المجاهدين الأفغان فاليوم أفغانستان وغدا بلد إسلامي آخر، نحن نظن أن خذلان المسلمين قضية بسيطة، ولكنها قضية ثقيلة في ميزان الله عز وجل، والله عز وجل غيور، يغار على دينه أن يمسح والمسلمون ينظرون، يغار على حرمات المؤمنات أن تنتهك والمسلمون في هموم سادرون، يغار على المصاحف أن تحر ق والمسلمون عابثون لاهون، هو غيور وهو منتقم وهو جبار وواحدة بواحدة، والجزاء من نفس العمل دائما (من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.. ومن خذل مسلما خذله الله عز وجل.. ومن تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته.. ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب الدنيا والآخرة).
أقول واحدة بواحدة… واحدة بواحدة، نحن إن قصرنا عن نصرتهم بأموالنا سيبتلينا الله بالفقر إن قصرنا عن نصرتهم بأنفسنا سيبتلينا الله بالخزي والخذلان.
سلط الله عليهم عدوا من أعدائهم ووقف المسلمون ينظرون إليهم، سيسلط الله علينا عدوا من أعدائنا وينظر المسلمون إلينا كما نظرنا إلى إخواننا أيام أن كانوا في البلايا والرزايا، نحن ننظر إلى القضية الإسلامية في أفغانستان أنها قضية شعب مسلم وجب على الأمة كلها أن تنفر لحماية الشعب المسلم في أفغانستان، وهذه قاعدة متفق عليها عند الفقهاء والمفسرين والمحدثين والأصوليين، ما رأيت كتابا تكلم في الفقه إلا نص عليها; إذا و طيء شبر من أراضي المسلمين في أي بقعة من البقاع وجب على الأمة المسلمة أن تخرج هذا العدو، كان الفقهاء ينصون أول ما يبدأ فرض العين على المنطقة التي ابتليت بدخول الكافر فإن قصروا أو تكاسلوا أو قعدوا توسع فرض العين على من يليهم ثم على من يليهم وثم وثم إلى أن يعم فرض العين الأرض كلها، هذه نصوص الفقهاء حتى يخرج الولد دون إذن والده والعبد دون إذن سيده والمدين دون إذن دائنه، هذا ما كان ينص عليه الفقهاء يوم أن كان الرجل ينتقل على الحصان فيمكث شهرا حتى يصل من بغداد إلى تركيا حيث الجيش المسلم أو يصل من بغداد إلى بخارى حيث الجيش الإسلامي أما اليوم ولم تدع الطائرات عذرا لأحد وطويت المسافات وتقارب الزمان وأصبح الناس ينتقلون من أقصى نقطة في الشرق إلى أقصى نقطة في الغرب في يوم.
قلنا نص الفقهاء على هذا أنه يبدأ فرض العين بالأفغانيين ثم
يتوسع، ثم يتوسع أيام كانت وسيلة النقل هي الحمار والحصان وأيام أن كانت المعركة تستمر يومين أو ثلاثة فأي عذر لمسلم، يسمع بالجهاد الأفغاني منذ عشر سنوات، ثم لم يزربيته حتى الآن إن الله سائلنا عن القضية الأفغانية، إن الله سائلنا فأعد لربك جوابا من الآن ماذا فعلت للمسلمين في داخل أفغانستان، وقد أعذر الله إلى الناس جميعا فامتدت الحرب ولم يبق لأي أحد علة ولا عذر، لم يبق لسائل أو متسائل عذر في أن بإمكانه أن يعلم إن كان لا يعلم، وإن كان يعلم.
فإن كنت لا تـــدري فتلك مصيبـة
وإن كنت تـدري فالمصيبـة أعظــم
نحن حتى الآن نسمع أن بعض العلماء يقولون أن الجهاد فرض كفاية!! ليت شعري من أي كتاب أخرجوا هذا النص?! هل من كتاب الله عز وجل أو من سنة رسوله ص أو من كتاب فقهي أو من كتاب تفسير أو حديث أو شرح لهذه الأصول، إن كانوا قد وجدوها في أي كتاب فليرونا إياها وجزاهم الله خيرا ، ونحن نريهم خمسمائة كتاب ونيف كلها تنص على أن الجهاد الان في مثل أفغانستان وفلسطين فرض عين على كل مسلم في الأرض.
أولويات في العمل الإسلامي:
قد يقول قائل: وهل تريد من المسلمين أن ينفروا ويتركوا بلادهم للشيوعيين والقوميين والبعثيين والعلمانيين وكل واحد يسد ثغرة في بلاده ويقوم بواجب ضخم في بلاده خاصة الدعاة الذين تستنصرهم والعلماء الذين تستحثهم. ونحن نقول: نحن لا ننكر أن العلماء والدعاة الآن جزاهم الله ألف خير عن الإسلام والمسلمين يقومون بواجب عظيم في بلادهم، وكل واحد منهم حوله حفنة أو مجموعة أو جيش من الشباب يربيهم، نحن لا ننقصهم حقهم ولا ننكر هذا، ولكن القضية أولويات، فهنالك مهم وهنالك أهم ولا يجوز تقديم المهم على الأهم، لا يجوز أبدا أن تشتغل بالدعوة في الوقت الذي تسفك فيه دماء الأبرياء وتزهق فيه أرواح الشهداء ويذبح فيه الأطفال والشيوخ وتنتهك حرمات المؤمنين وأنت مستريح في بلادك تعطي كل يوم درسا أو درسين..
أتسبــى المسلمـــات بكل ثغــــر
وعيـــش المسلمــــين إذا يطيــب
أمـــــــا لله والإسلام حــــــــق
يدافـــع عنــــه شبـــــان وشيب
فقـــل لذوي البصائر حيث كانوا
أجيبوا الله ويحكــــم أجيبــــوا
نعم هنالك ثغرات ت سد في العالم الإسلامي من قبل الدعاة، ولكن هو يسد ثغرة في بلده وهنالك الثغور مفتوحة، وسد الثغور أولى عند الله العزيز الغفور من سد ثغرة واحدة، أنات اليتامى وآهات الأرامل وزفرات المكلومين، هذه كلها تجأر إلى الله عز وجل تجأر وتدعوا على الظالمي أنفسهم:
(ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا) (النساء: 57ـ67)
نعم أهلها ظالمون لأنهم لم يقوموا للدفاع عن المظلومين، للدفاع عن المستضعفين، للدفاع عن الطاعنين في السن الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، لا يعرفون طريق النجاة وحتى لا يثبتوا على دابة فيها، هاجروا هربا بدينهم ونجاة بعقيدتهم ومبادئهم.
يا أيها الإخوة: لم يبق عذرا لأحد، الأهم مقدم على المهم، نعم هنالك ارتباطات، ارتباطات دنيوية، وارتباطات فيها أعمال إسلامية، ولكنها لو وضعت جميعا في كفة ووضع الرباط في سبيل الله والعيش بين المجاهدين الأفغان شهرا في كفة لرجحت بكل الأعمال طيلة الحياة للداعية، (رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل يقام ليلها ويصام نهارها) صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
إذا كان اليوم بألف يوم، هذا الثواب، أما نحن نسأل هؤلاء العلماء ماذا تريدون؟ أتريدون أن تحموا ثغرة فالثغور مفتوحة، والثغور مقدمة على ثغرة واحدة، أتريدون أن تبنوا مجتمعا إسلاميا وتقيموا فيه الخلافة؟ هذه فرصة سانحة، ولن تروا فرصة في الأرض مثلها، لن تمر عليكم فرصة عبر هذا القرن مثل هذه الفرصة، فحي هلا إن كنت ذا همة، إن كنت جادا في نصرة دين الله وإقامة دين الله في الأرض وبناء مجتمع إسلامي فلا بد من بذل الثمن..
فيا خاطب الحسناء إن تبغ وصلها
فهـذا أوان المهـــر فهـو المقــدم