مقالات الأعداد السابقة

أيها الأفغان أنتم في رباط دائم

صارم محمود – نيمروز

 

لم يُصِب من ظنّ أن المعركة انتهت بانتصار الأفغان المسلمين في جبهة من جبهات الحرب، وأن الأعداء سيضعون أوزارهم بعد الهزيمة ويجلسون في بیوتهم مكتوفي الأيدي. إن المتأمل في هذه الآيات (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم) و (ومکروا مکرا کبّارا) و (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) ليدرك جيّدا بأن الحرب لم تتوقف، وأنّها انتقلت إلى مرحلة أخرى، وأن أمامهم أنواع جديدة من المكر والخبث، وحروب لعلها أعقد وأشد شراسة ومحنة من ذي قبل. إنّ عالم الكفر أبدا لن يقف مكتوف اليدين حيال ما يفعله الأفغان المسلمون في بلدهم، بل ينظر إليهم بالمجهر، فأصابعه لم تفارق الزناد، يتربص بهم الدوائر ليعيد الكرّة عليهم لا قدّر الله؛ فإنّ الحرب سجال يوم له ويوم عليه.

ولذلك لا بدّ لنا أن نكون أذكياء، فكما أننا بحاجة إلى قلوب طاهرة وأيدٍ نظيفة؛ فنحتاج كذلك إلى قلوب واعية، وعقول فاهمة مفكرة متدبرّة، وأيدٍ عاملة؛ ولنعم ما قال الغزالي رحمه الله: «إن حاجة الإسلام إلى الذكاء لا تقل عن حاجته إلى الإخلاص، أو بتعبير القدامى: لا بد من الفقه الواسع إلى جوار النية الخالصة».

ولا بدّ أن نفقه ما يجري حولنا من المكر والخبث، وما دسّ لنا من الترهات الهدّامة. إنّ موجة الرسائل الناصحة المشفقة المحذّرة المنبّهة التي تنهال علينا من علمائنا الفاهمين طبيعةَ العدوّ الثعلب الماكر؛ جديرة بأن تكون نصب أعيننا، نقرأها ونجعلها مشوارا لمواصلة الطريق، وبوصلة لتصحيح المسار.

فيا معشر الأفغان تذكروا كلمات عمرو بن عاص أرطبون العرب وداهيتهم حينما خاطب أهل مصر؛ فأخاطبكم بهذه الكلمات: يا معشر الأفغان أنتم في رباط دائم لكثرة عدوّكم حولكم، وتشوّف قلوبهم إليكم، فانتبهوا إلى الثغرات التي تتسلل منها الفتن، وإلى البدايات التي ينشأ منها الزيغ؛ لكن سدّدوا وقاربوا، يسّروا ولا تعسّروا، بشّروا ولا تنفّروا.

واعلموا أن آمالاً كثيرة تعلقت بكم، وأعينا دامعة بطول العالم وعرضه تنظر إليكم: ماذا أنتم فاعلون؟! فطبّقوا شريعة الله على أرضه، مراعين مقتضيات العصر ومتطلبات الزمان، ولا يأخذنكم في ذلك لومة لائم ولا عتاب عاتب، فإن الله معكم ولن يتِركم أعمالكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى