مقالات الأعداد السابقة

أيها الأمريكان أليس منكم رجل رشيد؟

بقلم الأستاذ خليل وصيل

 

أيها الأمريكان، قبل عقد ونصف اعتديتم على بلادنا الحبيبة وارتكبتم من الجرائم المهولة والإنتهاكات الصارخة ما يشيب لهولها الولدان. استفرغتم الوسع في قتال الأفغان، جربتم شتى أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً، وأزهقتم أرواح مئات الآلاف من الأبرياء تحت أكذوبة “محاربة الإرهاب”.

أنفقتم مليارات الدولارات. غيرتم الإستراتيجيات تلو الإستراتيجيات. أرسلتم الجنرالات تلو الجنرالات. تناوب عشرات الآلاف من الجنود والمارينز لقهر الشعب الأفغاني. نسجتم المؤامرات لأهل هذه البلاد، لكنكم فشلتم في استتباب الأمن في المنطقة، وإقامة حكومة عادلة، ومكافحة الفساد والمخدرات. أكلّ هذا استخفاف بعقولنا أم أنكم نسيتم وعودكم السابقة التي كنتم تتشدقون بها في بداية الاحتلال؟

إن مشاكل المنطقة تفاقمت، ومصائب أهلها تراكمت في ظل الاحتلال، وتركت الحرب آثاراً كارثية على حياة الأفغان ومستقبلهم.

إن فشلكم في استتباب الأمن في المنطقة وتسببكم بتفاقم الأزمات واستنكار شعوب المنطقة تواجدكم هو الذي جعل الأفغان يكرهونكم، وجعل موجة استنكار وجودكم تصاعد فيما بينهم. أيها المخادعون هل تظنون أنكم الرابحون؟ لا ورب الكعبة، إنكم الخاسرون، (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)، وإننا نبشركم بالهزيمة النكراء.

نعم لقد خسرتم الحرب، وبعد اعتراف عدد من كبار مسؤوليكم وجنرالاتكم بالانهزام في هذه الحرب كان لزاما عليكم أن تعلنوا إنهاء هذه الحرب الخاسرة وفق قوانين الحرب وتستعجلوا بسحب قواتكم الغازية من هذا البلد المنكوب، إلا أننا سمعنا في الآونة الأخيرة أنه قد جن جنون رؤسائكم فبدأوا يفكرون في إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان، ظناً منهم أنهم سيكسبون الحرب ويحولون هزيمتهم إلى نصر!

لكنهم واهمون، فإن إنتصاركم في حرب أفغانستان مستحـــــــــــــيل؛ لأن أفغانستان لقّبها التاريخ بـ مقبرة الإمبراطوريات، ولن تغيروا مجرى التاريخ مهما سعيتم واستفرغتم جهدكم. إننا نحذركم من مغبة الوقوع في المستنقع الأفغاني، وتكرار الأخطاء التي تورطتم فيها قبل خمسة عشر عاماً، عليكم أن تقبلوا هذه النصيحة وإلا فانتظروا تبعات سياستكم الخطيرة عليكم.

إن الأفغان أدركوا أن المشكلة الأساسية لقضية أفغانستان هي الاحتلال الأمريكي، وهذا الوعي يجعلهم يقتربون من بعضهم البعض يوما  بعد يوم للتخلص من براثن الاحتلال الهمجي.

حتى الذين كانوا يطبلون للمحتلين ووقفوا تحت رايتهم، أصبحوا اليوم يلعنون التواجد الأمريكي، لقد فهموا الآن أنكم البادؤون بالحرب وأنكم مسعروها وأنكم تصبون الزيت على النار ولا تريدون الخير لهذه البلاد وأهلها.

 

إن الذين ترونهم إخوانكم *** يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا

 

إن ظننتم أنكم ستأمنون وتسلمون من خسائر الحرب باختبائكم في قواعدكم العسكرية فتأكدوا أنكم لن تنعموا بالأمن هنا حتى داخل قواعدكم العسكرية؛ لأن الإباء الأفغاني والتحريض الطالباني سيلاحقكم. ولن يقعد الأفغان مكتوفي الأيدي أمام جرائمكم، بل سيعملون جاهدين على استهدافكم أينما كنتم، ولو كنتم في قواعدكم المحصنة.

إن الأفغان يعتزون بهؤلاء الجنود ويعتبرونهم أبطالاً تاريخيين حقيقيين خالدين، وبعد وقوع مثل هذا الهجوم يتبادلون التهاني ابتهاجا في مجالسهم ومنصات التواصل الإجتماعي.

إن إصراركم على إرسال مزيد من القوات يعطي حافزا كبيرا للمجاهدين والمسلمين في مواصلة الجهاد المقدس ضدكم. واعلموا أن حلمكم باحتلال هذا البلد إلى أمد بعيد باطل، لأن أهله يرفضون الاحتلال ويسعون لتحرير بلادهم بأغلى ما يملكونه. ولو ظننتم أن بقضائكم على طالبان سوف تذللون جميع العقبات أمام احتلالكم، وستمرحون فرحين في هذه الأرض؛ فهذا ظنكم الذي ظننتم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين.

إنكم لن تستطيعوا القضاء على المقاومة الجهادية الأفغانية، ولا تغتروا بقوتكم وغطرستكم فقد أهلك الله بأيدينا من هو أشد منكم قوة، فخير لكم أن تسارعوا إلى إخراج جنودكم المحتلين وتتركوا الأفغان وشأنهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى