
إذا أظلم اللّيل انقشع
قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون){الأنفال45-46}
لما كانت الحرب بلاء الإنسانية وفيها تسيل الدماء وتزهق النفوس وتواجه الشدائد والمكاره فعلى المؤمن أن يدرّب نفسه على الصّبر في الشدائد والمحن.
والصبر هو الإرادة القويّة والعزم الصادق والحزم المتين الذي لا تدبر الأمور الشّاقة إلا به.
والصبر من أهم الأسباب التي أخذ بها أولياء الله من أتباع الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم جميعا متمسكين بدينهم معتصمين بحبل الله تعالى.
والذين صبروا بقوّة الإيمان أحبهم الله في صراعهم ضد الكفار والمنافقين كما يقول جل شأنه (وكأين من نبي قاتل معه ربيّون كثيرفما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصّابرين {آل عمران :146}
والمؤ منون المجاهدون لا ينفد صبرهم على طول المجاهدة وإن حاول الأعداء أن يفنوا صبرهم بل يظّلون أصبر من أعدائهم وأقوى منهم في تحمل المصائب والمشاق وقد أثنى الله تعالى على الصّابرين في البأساء والضّراء وجعلهم من الصدّيقين والمّتقين فقال عز شأنه: (والصّابرين في البأساء والضّراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المّتقون) {البقرة177}
ولذلك أرشد الله المؤمنين إلى طريق السلامة من شّر الكفار وكيد الأشرار بالصبر والتقوى فقال عز من قائل: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضّركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط ) {آل عمران120}
فالجهاد في سبيل الله تعالى ليس مجرد إندفاع إلى القتال ولا حماسة في موقف الشدة ولا إقدام في المعركة فحسب ولكنه الكفاح الدائم الذي لا ينقطع, انه البذل المتواصل الذي يستنفد النفس والمال في سبيل الدفاع عن حوزة الإسلام وحرية أهله.
نعم منذ ثمانية أعوام تواجه بلادنا الكوارث الجمّة وهي أولا غزو القوة العظمى والتحالف لأراضيها حيث تشن هذه القوات حربا عامة همجية ضد شعبه وثانيا عنف مطلق العنان تستبيحه حكومة عميلة مسلطة على البلاد وكانت نتائج هذه الأمور حتى الآن عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين العزل وآلام ومصائب لا تحصى ولا تعد، قرى كاملة قصفت وتقصف الى حد التدمير والمحو الكامل، أحيانا كإجراء انتقامي لعملية قام بها المجاهدون وأحيانا من غير سبب على الاطلاق .
وقد واجه المجاهدون مع ما هم عليه من ضعف العدّة وسوء التجهيز قوات الاحتلال وعملائهم ببسالة منقطعة النظير محاولين طردهم من بلادهم العزيزة وبالرغم من الخسائر لم يستطع العدو التأثير في روحهم المعنوية وبقيت معنويات المجاهدين عالية تأسيا بأتباع الأنبياء عليهم الصلاة وأتم التسليم.
فهذه ثمرة الثبات والصبر وإن الآلام التي يتحملها الشعب الأفغاني والتضحيات التي يقوم بها تؤكد شجاعته الفذة وعزمه الراسخ وصبره الأكيد على الدفاع عن حريته وكرامته ودينه مهما بلغ الثمن.
إن القمع والإرهاب الذي تمارسه القوات الغازية لم ولن يثنيا من إرادة وعزم شعبنا علي مواصلة المقاومة والجهاد حتى تحقيق النصر النهائي بمشيئة الله.
وفيما يلي نذكر نبذة من العمليات العسكرية البربرية الوحشية البشعة التي تصدع القلوب ألما وحزنا والتي تقوم بها القوات الغازية بمساندة عملائها الخونة لخنق المقاومة الباسلة ولكن المقاومة تشق طريقها إلى الأمام بنصر الله.
فعلى سبيل المثال هذه شهادة من مشاهدات الصحفي الأمريكي باميلا الذي يقول:
تقع ولاية لوجار في منطقة تبعد بنحو ساعة إلى الجنوب من كابول، تحيط بها الجبال الملتوية والوعرة؛ منظرها بُني قاتم في الشتاء، وأخضر ينبض بالحياة في الصيف، حيث تنتشر حقول القمح والأشجار المثمرة والعسل الذي يبيعه الريفيون على قارعة الطريق.
والإقليم علاوة على ذلك، هو بوابة العبور من جنوب شرق أفغانستان إلى العاصمة، حيث يخترقه واحد من الطرق السريعة القليلة الموجودة في المنطقة،
وخلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة أنشأت قوات ”طالبان” معاقل لها في عدد من الأقاليم المجاورة، غير أن وجودها في لوجار كان خفيفاً ومرعباً في الوقت نفسه.
ويقول المسؤولون إن معظم سكان الإقليم، رغم الإحباط الذي يشعرون به نتيجة انعدام الخدمات الحكومية أو ضعفها، لم يقرروا بعد أي جهة يوالون، ذلك أن لوجار من الناحية السياسية ما زالت ساحة مفتوحة للتنافس.
في العشرين من فبراير الماضي، دخل الجنود الأميركيون البلدة النائمة في إقليم لوجار تحت جنح الظلام، واثقين من هدفهم ومدججين بالأسلحة.
حاصروا منزلاً جدرانه من الطين، كسروا البوابة واقتحموا المبنى، ثم تعالت الأصوات المذعورة والمحتجة في الداخل.
ما حدث بعد ذلك على وجه التحديد هو مجهول، ولكن الثابت أن عيارات نارية أُطلقت، وأن رجلاً في الداخل سقط ميتاً. وخلال العملية أُلقي القبض على أربعة رجال آخرين؛ وبعد ذلك رحل الجنود تاركين النساء وهن يحاولن تهدئة روع الأطفال في وقت تناسلت فيه الإشاعات في الظلام.
بحلول الصباح، كان المئات من الأشخاص الغاضبين قد قطعوا الطريق السريع المجاور، حيث قاموا بحرق الإطارات وترديد الشعارات المنددة بالولايات المتحدة مثل ”الموت لأميركا!”. وبحلول المساء، كان الملايين من مشاهدي التلفزيون الأفغان قد اقتنعوا بأن القوات الأجنبية قتلت رجلاً غير مسلح كان يحاول معرفة ما يحدث أمام باب داره.
يقول الأميركيون أنهم تعقبوا الرجلين لعدة أيام وأن أحدهما كان يحمل بندقية حين أطلقوا عليه النار فمن الناحية الإستراتيجية، كان الحادث كارثة حقيقية، حيث انتشرت الرواية التي تُجرم الأميركيين -التي تأثرت بحزن سكان البلدة وغضبهم، وضُخمت نتيجة التأثير المتزايد للتلفزيون الأفغاني المستقل- مثلما تنتشر النار في الهشيم، وبالخصوص أنها حدثت في منطقة حيث أطلقت إدارة أوباما للتو جهوداً عسكرية مكلِّفة تركز على المناطق القريبة من العاصمة كابول، حيث يحاول المجاهدون اكتساب النفوذ.
وعلى الصعيد نفسه قال متحدث عسكري أميركي إن القوات قتلت ”خمسة من المتشددين” (المجاهدين) خلال عملية في المنطقة وقال مسئول في الشرطة الأفغانية العميلة إن الذين قتلتهم القوات الأمريكية ليسوا مجاهدين.
وقال الجنرال مصطفى محسني قائد الشرطة في إقليم لوجار ”أؤكد أن الذين قتلوا على أيدي القوات الأميركية كانوا مدنيين.. أربعة أشقاء ووالدهم”.
مشيراً الى ان ”الشرطة لا تملك دليلاً على تورطهم في أنشطة إرهابية أو قضايا إجرامية” وعند ما يكون لكل فعل رده وكما يقولون اذا اشتد الحبل انقطع فهناك عمليات المجاهدين تزداد يوميا ضدهم وارهقت الغزاة والعملاء ايما ارهاق.
وأما الغارة التي نفذها الأميركيون في باغي سلطان تسببت في انتكاسة مفاجئة بالنسبة لصورة القوات الأميركية وأن مقابلات مع السكان المحليين والمسؤولين الأفغان والمسؤولين العسكريين الأميركيين بعد الغارة، تشير إلى أن المشكلة أكثر تعقيداً من مجرد مسألة من يسبق إلى نشر روايته أولاً؛ ذلك أن الحادث وقع وسط مشاعر عداء وطنية متنامية تجاه القوات الأميركية و”الناتو”، وشكاوى متزايدة من عمليات القصف والغارات الليلية التي ينفذها التحالف.
وبعد أسبوع على الغارة، ورغم أن المسؤولين الأميركيين كانوا قد التقوا مع أعيان البلدة وأفرجوا عن المعتقلين ماعدا واحداً، فإن المشاعر في باغي سلطان كانت ماتزال ملتهبة، وكان المبنى الذي تعرض للغارة مايزال يعج بالمعزين”. وهكذا يحكي أحد الغزاة جنايتهم وشهدوا على أنفسهم انهم كانوا كافرين.
وليست هذه هي الغارة الأولى والأخيرة بل كثيرا ما تكون هذه الغارات على مدى أربع وعشرين ساعة على المحافظات والقرى والمديريات التي لم تخضع للحكم الأمريكي.
وقد أخبرني من أثق به أنه شاهد جندي أمريكي أطلق النار على كتاب الله في أحد المساجد في ضواحي محافظة غزني قال محدثي: إن الأمريكيون كانوا يتعاقبون بعض المطلوب لديهم حتى دخلوا المسجد ولكن ما وجدوا بغيتهم من الذين كانوا بصددهم فأطلقوا النار في بيت الله وعلى كتاب الله العزيز وعندما رأوا الأهالي هذا المنظر المفجع تظاهروا خلاف الأمريكان ونددوا أفعالهم البشعة النكراء ولكن أين الآذان الصاغية في دولة عميلة تأتي في المرتبة الخامسة في قائمة أكثر دول العالم فساداً، والتي تديرها حفنة من الخونة العملاء.
في غضون ذلك قالت قوات أميركية إن 15 أفغان قتلوا في عملية عسكرية بشمال أفغانستان أمس، مضيفة أنهم من المتشددين وليسوا مدنيين يعملون لدى حاكم منطقة، كما أفاد مسؤولون بالشرطة الأفغانية.
وقال مسؤول في الشرطة الأفغانية العميلة بمنطقة إمام صاحب، حيث وقعت العملية إن القتلى كانوا مدنيين وإن اثنين منهم كانا من حرسه والثلاثة الباقين من خدمه.
حقا لقد عرف التاريخ الأفغان بأنهم مقاتلون أشداء شيمتهم الثبات والصبر عند الشدائد ولذلك لم يخضعوا لأي غزاة لأن إرادتهم الصلبة وحبهم الشديد للحريّة وتفانيهم في سبيل الدّين هو الضمان الأكيد لانتصارهم النهائي بإذن الله تعالى الذي يقول ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لايجدون وليا ولانصيرا، سنة الله التي قدخلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) الفتح22
صدق الله العظيم.