مقالات الأعداد السابقة

إغلاق سجن غوانتانامو .. الوعد الكاذب لأوباما

أبو صلاح

لا أدري تذكرون أم لا تلك الكلمات الرنانة، والوعود الوردية التي طنطن بها أوباما إبان حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ميّزته أمام منافسيه السياسيين المخضرمين، ربيبي المؤسسة الأميركية الحاكمة: جون ماكين وهيلاري كلينتون، عندما خدع شعبه والعالم بهذه الكلمات: “في الغرف المظلمة لسجن أبو غريب وزنازين الاعتقال بسجن غوانتانامو، خسرت أميركا أغلى قيمها”.

فتفاءل المخدوعون بالخير بأنه -أخيراً- قد نهض سياسي جديد من الساسة الأميركيين، سيحرر المجتمع الأميركي والغربي من سوءات الاستثمار والتكسب السياسي من أزمات الخوف والكراهية التي سادت إبان عهد جورج بوش، عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

وانخدع الذين لم يعرفوا حقيقة اليهود والنصارى، وحقيقة ساستهم وزعمائهم، فباتوا يستبشرون خيراً، ويصفقون لهم؛ بل كانوا يسبحون بحمدهم ويمجّدونهم في الفضائيات والمواقع وفي كثير من وسائل الإعلام، يظنون في بداية انتخابه أن سنوات حكمه القادمة ستكون مختلفة عن الصورة الكالحة لأمريكا في عهد الرئيس المتهور جورج بوش الابن، وكان ظنهم مبني على ما قدمه هو من وعود وردية، وبأسلوب لغوي جميل.

وبات البعض يؤكّد، ولو حلّفته لحلف من سذاجته، بأنّ رئيساً كبيراً له ثقله في عالم السياسة من المحال أن ينكث وعوده، وإلا ستُفضح بلاده في العالم، وما درى بأنّ الكافر المتعدي، والمحتل الغاشم لا يميّز الكذب من الصدق، ولا الدجل من الحقيقة، فيخلفون وعودهم وينقضون عهودهم متى شاؤوا وكيفما شاؤوا لأنهم لا أيمان لهم، ليس عليهم رقيب ولا حفيظ.

ولكن مع مضي الزمن بدأت طبيعة هذا الرئيس تنجلي للعيان، نعم إنه رئيس ضعيف وغير صادق، ويبدو أنه لا يملك ناصية القرار؛ بل إنّه ينفّذ ما يُملى عليه من وراء الكواليس والسُتُر، وغالب الظن -كما يبدو من القرائن- أنّ انتخابه كان لغرض إظهار أن أمريكا دولة ديمقراطية نموذجية لا مكان فيها للعنصرية. ويكفي أن نقارن ما قاله مع ما فعله لتنكشف حقيقته المخيبة للآمال.

فأوباما لم يدرج هذا الملف ضمن أولوياته كما وعد إبان حملته الانتخابية فقط، بل ظل مسكوناً وغارقاً في أولويات الملفات الداخلية التي أرادها أن تكون ضمن تركته في الحكم، ومن أوضح الأمثلة على ذلك: خطة التأمين الصحي المجاني، أو ما يسمى “برنامج أوباما للرعاية الصحية”، حتى إن كبير موظفيه في البيت الأبيض آنذاك إيمانويل رام خاطبه ناصحاً: “لماذا نبدد رصيدنا السياسي في ملف إغلاق هذا السجن؟ إنه ليس أولوية للأميركيين. الرعاية الصحية المجانية هي شغل الأميركيين الشاغل. سيخلّدك التاريخ كأول رئيس أميركي يحقق هذا الإنجاز”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى