إلى كسر شوكة الكفر من جديد!
سيف الله الهروي
بيّن الفقهاء والعلماء أن الغاية من قتال الكفار في الإسلام كسر شوكتهم، وتدمير قوتهم المادية والعسكرية، وإعلاءَ كلمة الله، وجعْلَ كلمة الذين كفروا السفلى.
أثبتت التجارب وسجل التاريخ أنه ما دامت للكفر شوكة، ومادامت للكفار قوة تحيط بالمسلمين وتتربص بهم، فلن يدعوا المسلمين يأمنون في بلدانهم. وما دامت للكفار شوكة مادية تمكّنهم وتجعل لهم على المؤمنين سبيلاً، فسوف يستغلّون هذا السبيل لنشر كفرهم وتغليبه على المسلمين، ولإعلاء كلمتهم وجعلها هي المسموعة. وفي ظل شوكة الكفر وقوة الكفار في عصرنا، نرى كيف تكون كلمتهم غالبة على كافة الشعوب الضعيفة المغلوبة على أمرها في منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ونرى كيف تخضع الشعوب لأتفه ما يصدر عن هؤلاء من تصريحات وكلمات وبيانات.
ومادامت للكفر شوكة، يُهجر القرآن الكريم -دستور الله للبشرية جمعاء-، وتُضيع الصلاة، وتعطّل الحدود الشرعية، وتقِلّ الحسنات وأفعال البرّ، وتكثر المعاصي والذنوب، وتكثر الأغاني وتقلّ تلاوة كتاب الله. مادامت للكفر شوكة يفشو الربا والميسر، وتُشرب الخمور، ويكثر الحرام، ويقل الحلال.
مادامت للكفر شوكة، لن ينعم المسلمون بالأمن في بلدانهم. ففي عصرنا ثارتْ الشعوب الإسلامية، ونهضت في كثير من البلدان ضد حكومات وأنظمة مستبدة، كانوا يرونها موانع تجاه حرياتهم، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن الغرب الذي يدّعي الديموقراطية يقف مع هؤلاء الطغاة ومع الأنظمة الفاسدة ضد ثورات الشعوب. ووجدت هذه الشعوب نفسها تقف وجهاً لوجه أمام الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
في عصرنا، بات من الواضح لأكثر الشعوب المسلمة أن قادة الغرب وكبراءهم يكرهون الإسلام، ويكرهون الثقافة الإسلامية، ويكرهون حضارات المسلمين، ويكرهون التاريخ الإسلامي، ويقدمون صورة مشوّهة عنه.
وفي عصرنا، رأت الشعوب المسلمة الغرب العظيم، ذو الشوكة والقوة المادية، يسيء إلى رسول الله، ویسعى بکل قوّة لهدم قيمنا وتعاليمنا المستمدة من الشريعة الإسلامية، مستخدماً في ذلك القوتين الإعلامية والعسكرية اللتين يملكهما.
وفي عصرنا، رأت الشعوب المسلمة أن قادة الغرب لا يتدخلون في شؤون العالم الإسلامي الاجتماعية والسياسية فحسب، بل يحاربون كل حركة أو نهضة خارجة عن نطاق منظومتهم التعيسة، بتشكيل تحالفات عسكرية ضدها.
فهاهم الذين احتشدوا ضد الإمارة الإسلامية في أفغانستان، يحتشدون ضد بعض الحكومات المسلمة التي خرجت عن طاعتهم في المنطقة.
إنّ قادة الغرب يرون في الإسلام، في هذا الدين العظيم وتعاليمه، سداً منيعاً في طريق طموحاتهم وأمانيهم ومطامعهم. وقد صرّحوا أكثر من مرة أنهم لا يطيقون الحركات الإسلامية، ولا يسمحون بتنفيذ الشريعة الإسلامية. وصرّحوا مراراً أنهم لن يسمحوا بأن يحكم الإسلام كما يريد المسلمون.
مساعي الغربيين وجهودهم في تعطيل الشريعة وتهميشها، ومساعيهم في محاربة وتدمير عواصم العالم الإسلامية، كل ذلك لا يخفى على أحد.
أفبعد كل هذا التدمير والمساعي، أفبعد كل هذه الحروب بأسماء مختلفة ومسميات متنوعة ضد الإسلام والمسلمين، أفبعد كل هذا الدعم الذي تبذله الولايات المتحدة للطغاة والمستبدين والمفسدين في كل بلد مسلم، أفبعد كل المؤامرات التي أصبحت معلنة ومكشوفة ضد ديننا وحضارتنا وهويتنا، أفبعد هذا الذل الذي نعيش فيه منذ عقود بسبب قوة الكفر وشوكتهم، أفبعد ذلك كله لا نعود إلى دين الله؟ ولا نعود إلى ذروة سنام الإسلام، وإلى كسر شوكة الكفار؟ إلى كسر شوكة قياصرة عصرنا وأكاسرته كما كسر صحابة رسول الله شوكة القيصر، ومزقوا ملك كسرى في عصرهم شر تمزيق بجهادهم، وكما سطّروا تاريخاً جديداً للبشرية ببطولاتهم، وكما صنعوا الحضارة الإسلامية السامية على أنقاض الإمبراطوريتين، وأخرجوا العالم من جور الديانات الباطلة إلى عدل الإسلام.