إنّ البغاث بأرضنا یستنسر
كان العالم في الماضي یعاني من قلة المعلومات حول قضایا حیویة كثیرة، فصار الآن یعاني من كثرتها وتدفقها وتعارضها غیر هیابة من ملاحقة المنقّحین لها؛ لأنّ الأعداء قد نجحوا إلی حدّ بعید في تضلیل الشعوب، لأنهم بشطارتهم استطاعوا السیطرة علی جلّ الإعلام العالمي، وسخّروه لأهدافهم في تشویه من شاؤوا ورفع من شاؤوا، فیصنعون من الصعالیك وأراذل الناس قادة وأبطالاً ویصدرونهم لیتسلطوا علی المسلمین، ویحطون من قدر أبطال أعدائهم وكأنهم من أراذل الناس، وخیر شاهد علی مانقول الوضع السائد في أفغانستان، حیث وصموا روّاد البشریة ومنفّذي الأحكام الإسلامیة والذین قاموا لیخرجوا الناس من الظلمات الداهیة إلی النور، ومن العبودیة لغیر الله إلی العبودیة لله وحده لاشریك له، ومن شقاوة الحیاة في ظل الأنظمة الجائرة المستبدة إلی سعادة الحیاة في ظل الإسلام الوارف، فوصموهم بأنهم إرهابیون ووحشیون.
یا للعجب ویا لشقاوة هؤلاء دقوا الطبول علی ربوع أفغانستان یحلمون أنهم سیأخذون أمرها عمّا قریب، ویبیدون نواة الإمارة الإسلامیة التي غرست بالجماجم والدماء والأشلاء في أسرع وقت ممكن، ولكنّ البغاث لم یفقهوا بأنهم سیقابلون بالشعب الأفغاني الصلب، أبناؤه شدیدوا المراس، حین یلهو مراهقوها وشبانها، یلهون بالجمر أیهم یقدر علی تحمل قبض یده علیه لأطول فترة ممكنة!!
إن شعبنا المكلوم وإن فقد أكثر من ملیون ونصف ميلون شهید طوال الحروب الدامیة، واضطرّ خمس ملایین للتهجیر من وطنهم، وخلفت الحروب أكثر من ملیون أرملة ونصف ملیون یتیم، فأما الذین فقدوا أطرافهم من جراء الألغام المزروعة فهم أكثر من 50 ألف شخص، وتقدّر المصادر الغربیة الألغام المزروعة في كابول لوحدها بین ستة وسبعة ملایین لغم، حتی وصفتها صحیفة تایمز البریطانیة بأنها أكبر مدینة ملغمة في التاریخ، وهذا كله لا وربّ محمد لم یثن في همّة المجاهدین المتعالیة مثقال حبّة من شعیر من أن یتنازلوا عن موقفهم الجادّ السلیم ألا وهو الجهاد مع البغاث الذین یستنسرون علی ربوع وطننا الحبیب.
حقیر هؤلاء جداً، وإعلامهم السخیف الذي یطنطن بعد الفینة والفینة عن مدی قوّة جیوش البغاث وأزلامهم علی أنهم قوی أسطوریة خارقة، لایستطیع أحد أن یزلزلها وتستطیع هي أن تزلزل بل وتبید من ترید في أي لحظة.
وسمعنا ولم نزل نسمع عن تقدّم القوّات الأمریكیة في المحیط، وعن حاملات الطائرات في البحر المتوسط، وعن الطائرات التي تستطیع أن تضرب أهدافها بدقّة من علی بعد آلاف الأمیال ووو…
ویكأنّ هذا الإعلام المشبوه نسي أنه هو نفسه كان یطنطن ویعظم قبل هذا قوّة الاتحاد السوفیاتي المنهار الذي هزم علی ید الشعب الأفغاني المسلم الذي یعد من أفقر شعوب الأمة الإسلامیة علی وجه المعمورة.
إن مثل تعدّي الاحتلال علی أفغانستان كمثل المصارع العملاق المغرور بقوته وبأسه والذي ابتلی مصارعاً صغیراً لیس من مستواه الجسدي لكنّ المصارع العملاق عبثاً وغروراً أنزل المصارع الصغیر بالقوّة إلی الحلبة لیتبجح أمام الجمهور المتفرج فما كان من المصارع الصغیر إلا أن یدافع عن نفسه قدر استطاعته فینقلب المیزان لصالح المصارع الصغیر، فیصرع المصارع العملاق المغرور ثم ینكس ذلك المصارع رأسه خجلاً وذلاً أبدیاً، ثم یقوم بانتحار نفسه لئلا یسمع هزیمته بأذنیه من أفواه الناس، وذلك سیكون إن شاء الله عن قریب مصیر الاحتلال في أفغانستان مثل ذلك المصارع العملاق علی أیدیكم یا حماة الإسلام، وماذلك علی الله بعزیز.