
إن للبيت ربا سيمنعه
بقلم: إكرام “ميوندي”
ما زلنا نسمع أصواتا -ترفع على المنابر وتنشر عبر وسائل الإعلام- تدافع عن غزو الأمريكان واحتلالها لبلادنا الإسلامية، في حين نرى أئمة الكفر يصرون على اعتدائهم السافر، ويزعمون أن تقدير المسلمين مفوض إليهم، وأنه من حقهم أن يلعبوا دورا بارزا في تقرير مصير البلاد الإسلامية، وأنهم مستحقون لأن يعينوا لها رؤساء وأمراء وقضاة يحكمون على المسلمين بإرادتهم، ويستدلون لإباحة قتل كل من ينكر حقهم هذا، ويستحلون في سبيل هذا الأمر سفك الدماء، والإثخان في الأرض، والجوسان خلال الديار، وارتكاب الجرائم البشعة والمجازر الإنسانية.
ومن سخافة عقول الطابور الخامس طابور النفاق والشقاق أنهم لا يزالون يعلقون آمالهم بالصليبيين، ويرون في بقائهم حياة سعيدة لأنفسهم، ويطمعون منهم خيرا لبلادهم، ولعل سبب هذا الأمل الخائب منهم -رغم اعتدائهم على البلاد وظلمهم على المسلمين- ينتزع من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (المائدة-51)، ألا ترى أنهم ظلموا أنفسم بتولي الكفار المنهي عنه، والله سبحانه لا يهدي الظالمين، فخابوا وخسروا ولم ينالوا خيرا.
وطالما يلقى اللوم على الذين تصدوا للاحتلال الأمريكي الغاشم، وقاتلوا المعتدين الصليبيين؛ لأنهم زعموا أنهم ما جاءوا إلا للدفاع عن الشعوب المنكوبة، وإعمار بلادهم، ومحو الفقر والأمية، وترويج النظام الديمقراطي، والقضاء على الحكم الاستبدادي، ورفع الفساد؛ لكن الله عز وجل بفضله كشف النقاب عن وجوههم السوداء، وذلك بإعطائهم فرصة مناسبة لإنجازهم مشاريعهم المنوية، فبدأوا ببناء دور الدعارة والرقص والخلاعة، وعملوا لتشجيع الفساد الأخلاقي في كابول عاصمة البلاد، وفتحوا أبواب مراكز التنصير والتبشير على مصراعيها، وأرسلوا هيئات لهذه المهمة.
والمصيبة الكبرى نشأت من خمول جمهور المسلمين وسكوتهم على الذل وضُيُوم الأعداء، فلم يرفعوا أصواتهم باكين على قتل إخوانهم المسلمين في أكناف البلاد وأطراف المعمورة، ولم ينددوا ما ارتكبت الأمريكان في أفغانستان وغيرها بكلمات غاضبة، ولعل حالة المسلمين وصلت إلى ما أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم في حديث رواه ثوبان رضي الله عنه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كما تَدَاعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا” فقال قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال: “بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ الله من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ” فقال قَائِلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ! وما الْوَهْنُ؟ قال: “حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ”. أخرجه أحمد في المسند، وأبو داود في السنن كتاب الملاحم باب في تَدَاعِى الأُمَمِ عَلَى الإِسْلاَمِ، والطبراني في مسند الشاميين من طرق عن ثوبان رضي الله عنه. علما بأن الغثاء: هو مَا يَحْمِلهُ السَّيْل مِنْ زَبَد وَوَسَخ، شَبَّهَهُمْ به لقلَّة شَجَاعَتهمْ وَدَنَاءَة قَدْرهمْ.
نعم لم يعد للمسلمين اليوم وزن بين الأمم كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: “بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن” فرغم كثرة المسلمين وبلوغهم إلى مليارد وثلاثمائة نسمة أو أكثر لو وُزِنوا بجناح بعوضة لوزنهم، وهذا هو سر التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلم: “ولكنكم غثاء كغثاء السيل” لأن هذا التشبيه يوحي بما يلي:
۱- أنه سيأتي على المسلمين زمان يجرون في اتجاه تيار أمم الكفر طوعا لا يثنون عنانهم عنها، كالغثاء الذي يحمله السيل العرم يسير معه محمولا مع تياره.
۲- أنه لا يكون لهم دور مؤثر بين الأمم ولا ينفعون الناس، كزبد راب يحمله السيل لا ينفع الناس.
۳- أن كيانهم سيكون متزلزلا، ويتوجه الخطر لوجودهم وبقائهم مثل الزبد يذهب جفاء.
4- أن أفكارهم ستكون متفرقة شتى لا تنبع عن أصل واحد مثل الغثاء الذي يحمله السيل خليطا من قاذورات الأرض، وفتات الأشياء.
5- أنه سيأتي على المسلمين زمان يكون أمرهم بيد غيرهم، لا يدرون ما يخطط لهم أعداؤهم، ويخضعون لكل ما يأتيهم من الأوامر والنواهي، كالغثاء الذي يحمله السيل لا يدري مصيره الذي يجري إليه.
لاحظوا وتدبروا في واقع المسلمين اليوم، وتأملوا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمس وكأنه عليه الصلاة والسلام قاله اليوم, والسبب في هذا الضعف هو الوهن حب الدنيا وكراهية الموت؛ وقد قال الرسول المعظم صلى الله عليه وسلم: “إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ”. أخرجه أبو داود في السنن، والبيهقي في السنن الكبرى، والطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
والحقيقة أن المسلمــــــــــين ملل شتى بسبب ما هم فيه من
التمزق الفكري، والبعد عن الكتاب والسنة، وإعجابِ كلِّ ذي رأيٍ برأيه، وبسبب تفشِّي مظاهرِ التقاطع والتدابر والنُّفرة والتهاجُر والتباغُض والشّحناء، فكل واحد منهم يفتات على الآخرين من أهل الإيمان، ولا يهمه إلا شأنه، والحاذق منهم من وجد خليلا أو صديقا حميما بين خبثاء اليهود والنصارى، والعاقل منهم من استمع للشائعات المغرضة، والأرجيف المنشورة عبر وسائل الإعلام الغربية التي تنال من عرض المجاهدين والعلماء والصلحاء والأبرار من المسلمين، والعبقري منهم من يتخذ الكفار أولياء، فيقال عنه: إنه رجل السياسة ورجل الشعب، وقد أمر الله تعالى بالاعتصام بحبل الله، ونهى عن التفرق واتخاذ الكفار أولياء، {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} (المائدة-81).
فالويل كل الويل لمن اتخذوا الكفار أولياء، وتولوا الأمريكان والصليبيين، ووقفوا بجانبهم في الحرب الدائرة بين عباد الصلبان وبين عباد الرحمن، وخذلوا المجاهدين في سبيل الله والمستضعفين، وتخلوا عن نصرة الأفغان، وهو فرض عليهم عينا بالكتاب والسنة، لأن الكفرة اعتدوا على البلاد الإسلامية، وعلى عرض المسلمين وأنفسهم وأموالهم ونواميسهم، وأهانوا المقدسات الإسلامية، وألقوا المصاحف في الأماكن القذرة أمام الملأ، وسبوا النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم عبر الصحف والفضائيات، فهل يعذرون بعد ذلك، أو يبقى لهم عهد، وهم نقضوه أول مرة؟!!.
لكن الأمة والحمد لله رب العالمين لا يزال فيها رجال يذبون عن الدين، ويدافعون عن بيضة الإسلام، ويضحون في سبيل الله بأنفسهم ونفائسهم، ويجاهدون بأموالهم وأولادهم، وقد قال الرسول المعظم صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس) أخرجه أحمد.
والبشارة العظيمة يحملها للأمة قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر-9)؛ فالله الكبير المتعال تعهد في هذه الآية المباركة بحفظ هذا الكتاب العظيم، حيث يؤكد أنَّا نحن نزَّلنا القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنَّا نتعهد بحفظه مِن أن يُزاد فيه أو يُنْقَص منه, أو يضيع منه شيء، فالدين الإسلامي والحمد لله مصون من جانب الله تعالى عن الضياع، وخالد إلى يوم القيامة، ويتمتع ويسعد به المسلمون ما دامت السموات، وما دامت الحياة.
فالإنسان هو المحتاج في هدايته وسعادته لهذا الدين، وهو الخاسر في الدنيا والآخرة إن أعرض عن الذكر الحكيم، وهو الضال الهالك الحيران إن تولى عن أحكام الإسلام وأخلاقه، وأما الإسلام فهو في رعاية الله وحفظه، وإن له ربا يحميه من تلاعب الأشقياء به، فخذلان المنافقين لأنصار دين الله هو الخسران لأنفسهم لا غير، وهذا ما اعتقده عبد المطلب جد نبينا صلى الله عليه وسلم في حق بيت الله قبل نزول القرآن الكريم، حيث قال لأبرهة: “إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه”.
روي أن أبرهة (الأشرم) أمير جيش الحبشة باليمن وملكهم لما بنى بيتاً مرتفعا بـ”صنعاء” عاصمة البلاد، وجعله كنيسة للنصارى، وسميت بـ”الْقُلَّيْسِ” لارتفاع بنائها وعلوها أراد أن يصرف إليها الناس، كما يحج إلى الكعبة بيت الله الحرام، حتى كتب إلى النجاشي بذلك، ونادى بهذا الأمر في مملكته، فغضبت لأجله العرب العدنانية والقحطانية، وكرهته قريش، حتى قصدها البعض فاستخف بها وأهانها، فدخلها فتية من قريش -كما روى مقاتل بن سليمان- فأججوا فيها نارا فاحترقت وسقطت إلى الأرض.
ولما رأى ذلك سدنة “الْقُلَّيْسِ” رفعوا الأمر إلى ملكهم أبرهة، وقالوا له: إنما صنع هذا بعض قريش غضبا لبيتهم الذي تحج إليه العرب، فغضب عند ذلك أبرهة، وحلف ليسيرن إلى البيت وليهدمنه وليخربنه حجرا حجرا، ثم أمر الحبشة فتأهبت وتجهزت، وسار في جيش كثيف عَرَمْرَمٍ، واستصحب معه الفيل، فغادر “صنعاء” إلى مكة ليهدم هناك بيت الله الحرام.
انتهى عدو الله إلى “الْمُغَمِّسِ” وهو على ثلثي فرسخ من مكة المكرمة فنزل به، وبعث رجلا من الحبشة، فأغار على سرح أهل مكة، فساق إليه الأموال من الإبل وغيرها، وكان في السرح مائتا بعير لعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم بعث رسولا إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد، ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم، وإنما جاء لهدم هذا البيت، فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم، فلما جاء وكلم سيد قريش عبد المطلب قال له: والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام .. فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يُخَلِّ بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه .. فانطلق معه إلى أبرهة.. .
ذكر أهل السير والمؤرخون أن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف كان أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم، فلما رآه أبرهة (الأشرم) أجله وأعظمه وأكرمه، فنزل عن سريره، فأجلسه إلى جنبه على بساطه، ثم تكلم معه عن طريق تُرْجُمَانِهِ، قائلا: ما حاجتك؟ فقال: حاجتي أن يرد عليَّ الملك مائتي بعير أصابها لي، فقال الأشرم: قد كنتَ أعجبتَني حين رأيتُك، ثم قد زهدتُ فيك حين كلمتني! أتكلمني في مائتي بعير … وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟ فقال له سيد قريش: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، قال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك! .. فرد عليه إبله.
ثم انصرف السيد إلى قريش فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة تخوفا عليهم من معرة الجيش، ثم قام ومعه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه، فقال وهو آخذ بحلقة باب الكعبة الشريفة:
لاَهُـمَّ إن العبد يمــــنع رَحْلَهُ فامنع حِلاَلَكَ. لا يغلبـنَّ صـليـبُهم : ومِحَـالُهم غَدْوًا مِحَالَكَ.
إن كنت تـاركهم وقبـ ـلتـنا فأمـر ما بدا لك. وانصر على آل الصليب : وعابديـه اليـوم آلك.
ثم كان ما أراد الله من إهلاك الجيش وقائده، فأرسل عليهم جماعات من الطير } تَرْمِيْهِمْ بِحِجَارَةٍ مِّنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُوْلٍ. وهكذا جرت سنة الله في الكون من نصرة الحق ودحض الباطل، وهكذا انتهت قصة الطاغية العنصر الشرير بهلاكه وهلاك أعوانه ومساعديه، وخسر الكثيرون من عملائه لخسارته.
وهذا ما فعل الله العزيز المنتقم بجيش الصليبيين الذين اعتدوا على بلاد المسلمين ظلما وعدوانا وإشباعا لرغباتهم الشيطانية، فهلكوا في تيه الأمنيات، وزلت أقدامهم في وحل زلق، وسقطوا في بير حور، وأحلوا قومهم دار البوار.
وهذا ما يلاحظه كل متتبع لأوضاع المحتلين في داخل بلادهم وعلى الساحة الأفغانية، فقبل ثمان سنوات دخلوا بلادنا رافعين أنوفهم إلى السماء مستكبرين، لا يستمعون لحديث الناصحين، ومعهم جمعهم وشعوبهم وكتلتهم الإجرامية، ونراهم اليوم ناكسي رؤوسهم نادمين على ما فعلوا، وتشتت شملهم وتفرق جمعهم، وشعوبهم تلعنهم، والجمهور يطالبونهم بالانسحاب من أفغانستان عاجلا غير آجل.
وقاموا برهة من الزمن بتعتيم الأنباء وإخفاء الحقائق لكن أنى لهم ذلك في عصر السماوات المفتوحة والإنترنت والتنافس الحار بين وسائل الإعلام المختلفة، وبعد ظهور حقيقة الأوضاع بدأ الضغط الشعبي يزداد على حكومات الدول المشاركة في الاحتلال خصوصا التي تخوض معارك حقيقية على الأرض؛ ففي استطلاع أخير للرأي ذهب أكثر من نصف البريطانيين إلى عدم إمكانية تحقيق الانتصار في الحرب في أفغانستان، وطالبوا بسحب القوات على الفور من هذا البلد حسب نتائج الاستطلاع الذي أعده معهد “كوريس”. وكذا أظهر الاستطلاع للرأي الذي أجري في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وغيرهما أن الجمهور يرغبون في انسحاب سريع لجنود الاحتلال من أفغانستان.
ومن سوء حظهم أنهم كانوا يأملون في انتخابات 20 آب/أغسطس التي باءت بالفشل، وانتهت بتزوير لم ير له مثيل في العالم، وخلقت لهم أزمة ضافتهم فوق الأزمات التي كسرت من قبلُ شوكتهم، وقصمت ظهرهم، والأهم من كل ذلك أن عملية الانتخابات المزورة أثرت على الأوضاع الميدانية سلبا للاحتلال وإيجابا للمجاهدين، ثم إنهم يواجهون مستقبلا مظلما؛ لأنهم لم ينجحوا في إجراء انتخابات نزيهة وشفافة كما كانوا يطبلون لها، ولم يتمكنوا من تغيير الإدارة الفاسدة من جرائها، وفشلوا في إقناع شعوبهم بنجاح سياستهم وسداد خطاهم في قضية أفغانستان الممزقة لقلوبهم اللينة. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ.
فالنصيحة التي تقدم لـ”أوباما” والزعماء الغربيين من جانب حذاقهم المهرة هو أن يحزموا أمتعتهم، ويلفوا عفشهم، وأن يطووا بساطهم استعدادا للفرار من بلاد الأسود بلاد الأفغان، وإلا فالغرق والهلاك في أوديتها محتوم عليهم وينتظرهم، ولا حظ لهم فيها غير الخزي والندامة، ولا ينفعهم مكرهم وكيدهم بعد هذا؛ ولا حيلة لهم بعد اليوم في النجاح يحفظ لهم اعتبارهم أو يُبقي لهم ماء الوجه. {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} (محمد-3)