
اختراق صفوف المحتلين الغاصبين
الزرنجي
تنتظر صقور أفغانستان الباسلة ويتحيّنون الفُرص لاصطياد الصيد الثمين، الصيد الذي تضمن لهم سلعاً غالية ألا وهي سلعة الله التي هي الجنة. فهم بالإضافة إلى المواصفات التي يتمتع بها الصياد الماهر من معرفة أوقات الصيد، ودقة التصويب، وثبات اليد والشجاعة والذكاء وسرعة البديهة، يتمتّعون بالإخلاص والإيمان بجنة الله وحكمة الصبر، فيصبرون ربما لسنوات طويلة حتى يروا الصيد في متناول أيديهم فيمتشقون سيوفهم ويصطادون ما يشاؤون بلا تريّث، ويثلجون به صدور المؤمنين ويكدّرون عيش الأعداء الظالمين.
نعم؛ ليس مرادي من الصيّاد ذلك الذي يمتلك بندقية ويصعد قلل الجبال أو يقطع الصحراء لصيد طيرٍ أو ماعز جبلي أو غزال أو ظبي أو أرنب، بل إنّما قصدي ذلك الجندي المؤمن الباسل الذي اخترق صفوف الأعداء وهم لا يشعرون بوجوده فيما بينهم، ويظنونه كجندي عميل يقضي أيامه في العبودية وخدمة الاحتلال.
ملبسه كملبسهم، مأكله ومشربه كمأكلهم ومشربهم، إلا أنّه يداوم على صلاته ولا تفوته إلا في الظروف الخاصة والحرجة كي لا يشكّوا به، فيمكث ويصبر، ويساهم معهم في العمليات ضدّ المجاهدين، يرمي معهم كما يرمون وإنْ كان الله خبير بما في قلبه على أنه يدعو الله في قلبه كي لا يؤذي برميه مجاهداً لأنّه مضطرٌّ للرمي الآن ولكن هدفه أسمى من هذا وذاك، هدفه من أسمى الأهداف وبما أنّ الله عليم بذات الصدور ويعلم أسرار القلوب وخفاياها فهو يجازيه على ما يشاء يوم القيامة.
وبفضل صبر هؤلاء الأبطال، نرى ثماره الطيبة بين الفينة والفينة، حيث يبردون غليل كل مجاهد بل وكل مظلوم مشرّد احتلّ الغاصبون المحتلّون من الأمريكان والصليبيين ديارهم، وشرّدوهم عن ديارهم بالقصف الوحشي وبالدمار الشامل، فنرى الجندي الباسل يمتشق حسامه ويثب على أعداء الله المحتلّين الذين ظنّوا أنّ حصونهم مانعتهم من الله شيئاً، ومادروا أنّ الله ناصر دينه ولو كره الظالمون والمشركون.
فاختراق صفوف المحتلين بات أمراً سهلاً للمجاهدين بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، ففي أحدها قُتِل أربعة من جنود الاحتلال الأمريكي، في عملية اختراق أمني في صفوف الجيش المساند للاحتلال يوم السبت 10 من يونيو.
حيث كان جندي من الإمارة الإسلامية مزروعاً في صفوف قوات الجيش الأفغاني المساند للاحتلال عندما أطلق النار على جنود الاحتلال الأمريكي في منطقة لته بند بمديرية أتشين بولاية ننجرهار، وقتل أربعة من جنود الاحتلال واستشهد البطل في تبادل إطلاق النّار.
إنّ سياسة اختراق صفوف العدو أثمرت في تكتيكات الحرب التي تخوضها الإمارة الإسلامية ضد المحتل الأمريكي ومن يسانده من الجيش الأفغاني والمليشيات الأخرى، حيث تم تكرار هكذا عمليات في أكثر من مرة.
وبعد هذه العملية البطولية تكرّرت عملية بطولية أخرى في 17 من يونيو 2017م – أي بعد أسبوع فقط من تلك العملية – في معسكر “شاهين” بقاعدة بلخ، مقر الفيلق 209 في مزار شريف، حيث قُتل 4 جنود أمريكيين من قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأصيب آخرون بيد مجاهد مزروع في صفوف الجيش العميل، وبعد تبادل النّار مع الجنود الآخرين نال المجاهد ما كان يتمنّى ألا وهو الشهادة في سبيل الله.
أمّا الطريف ما وقع من الخصام بين الأسياد وعبيدهم العملاء، حيث نفى ناطق باسم القيادة العسكرية الأميركية في كابول تصريحات عبدالله قهار، المتحدث باسم فيلق 209 التابع للجيش الأفغاني قال فيها: إن أربعة جنود أميركيين على الأقل قتلوا بالرصاص، في هجوم داخلي نفذه جندي أفغاني في قاعدة عسكرية، وقال المسؤول العسكري الأميركي: « إن جندياً أفغانياً على الأقل قتل اليوم (السبت) فيما أصيب سبعة جنود أميركيين في حادث إطلاق نار داخل قاعدة في شمال أفغانستان»، يبدو أنّ هذا الأمر المفزع لم يسمح لهم بالتنسيق فبادر الذنب الذليل بالتدخل في شؤون أسياده قبل إبرامهم أمر التكتم الذي هو ديدنهم بعد كل عملية مباركة دامية.
ومن هنا نرى بأنّ قوافل المحتلّين عندما تُستهدف من قبل المجاهدين؛ لا يسمحون لأحد بالاقتراب منها، حتى أنهم لا يسمحون لأذنابهم بالاقتراب منها، كي لا يعرفوا حقيقة عدد قتلاهم وجرحاهم، وبهذا يستمرّون في خلطهم وتزويرهم للحقائق.
أمّا اختراق صفوف العملاء فأمرٌ سهلٌ للغاية، ومن هنا نرى ونسمع يومياً أو شبه يومي عن النّيران الصديقة التي تستهدف الجنود العملاء أو المليشيا في مختلف بقاع البلاد الطاهرة.
وأخيراً يطيب لنا أن نختم مقالنا بتوصية هامة للإمارة الإسلامية، مفادها: (الهجمات النفوذية أقلّ تكلفة للمجاهدين وهي تصعّد معنويات المجاهدين أيضاً، فالعدوّ قُمع وأنهك في الهجمات القتالية، فلو ازدادت الهجمات النفوذية فلا محال تؤثر في إضعاف العدوّ وإرهاقه أكثر.
ولو ركّز المجاهدون على الهجمات النفوذية فسيكتسبون مكتسبات عالية لا محالة؛ لأنّها تكبّد الأعداء خسائر فادحة من ناحية، ومن ناحية أخرى تحطّم معنويات العدوّ فلا يأمنون في ملاجئهم وثكناتهم، ولابدّ أن يُستهدف العدوّ في المكان الذي يراه آمناً.
والمجاهدون استخدموا في مختلف أصقاع البلاد تكتيك الهجمات النفوذية، واستهدفوا المحتلين والعملاء بهذه الهجمات الضارية والبطولية المرعبة، ولم تأمن مطاراتهم الجوية في باغرام وقندهار، ووزارة الداخلية، والرئاسة الأمنية وسائر المراكز المهمة للعدوّ من هذه الهجمات التي زلزلت أركان العدوّ وأقضّت مضاجعهم).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقذف بهذه العمليات المباركة في قلوب الأعداء وفي قلوب عملائهم هلعاً ورعباً حتى يقتلوا بعضهم بعضاً، ويشغلهم بأنفسهم بعد هذه العمليات المباركة التي زلزلت أركانهم وأقضّت مضاجعهم.