مقالات الأعداد السابقة

استصغار الجرائم

صلاح الدين

 

لا شكّ أنّ الأمريكان وحلف النيتو ومن جاء معهم اقترفوا جرائم كبيرة في أفغانستان ممّا يندى له جبين البشر. جرائم مقززة تشيب لهولها الولدان، لكنّهم أخفوا معظمها، بل كانوا ينكرون سقوط الضحايا الأبرياء في مداهماتهم وقصفهم للمناطق الآمنة أثناء احتلالهم لأفغانستان الحبيبة وأثناء عملياتهم الوحشية في القرى والأرياف، بزعم أنها من فعل الطالبان!

وهم الآن بعد رحيلهم من أفغانستان، يُدلُون ببعض الاعترافات بين الفينة والفينة عن جرائمهم السالفة، وفي جديد هذه الاعترافات؛ ما أفادت به صحيفة “التايمز” نقلا عن تحقيق بأن قادة الخدمة الجوية الخاصة بالقوات الخاصة البريطانية تخلصوا من بيانات لإخفاء أدلة محتملة عن مقتل 80 مدنيًا في أفغانستان من عام 2010 إلى 2013.

ما أنذل هؤلاء! “مقتل 80 مدنيًا فقط” في غضون 3 سنوات!!! ما أكذب هؤلاء! إنّ قرى في هلمند شاهدة حتى الآن على جرائم هؤلاء؛ أكثر من 100 قتيل مدني فقط في ليلة واحدة وفي عرس واحد.

إن إعلان عدد قليل من القتلى المدنيين هو سيناريو لإخفاء كثير من جرائمهم؛ حتى يقولوا للعالم نعم نعترف بمقتل المدنيين أثناء وجودنا في أفغانستان، ولكنّ عددهم بسيط، والعدد البسيط واقع وممكن في كل حربٍ!

وقالت الصحيفة إن وسائل إعلام بريطانية أطلقت في وقت سابق تحقيقا مماثلا، ذكرت فيه أن وحدات الخدمة الجوية الخاصة، أعدمت مدنيين أفغان خلال غارات ليلية نظمت للقبض على مقاتلي طالبان.

وكشفت أن “القادة خالفوا الأوامر، وبدلا من ذلك، حذفوا بشكل دائم كمية غير معروفة من البيانات من جهاز الكمبيوتر الرئيسي الخاص بهم”.

وأشارت إلى أن القادة كانوا قد تلقوا أوامر بحفظ البيانات على الكمبيوتر حتى زيارة ضباط الشرطة العسكرية الملكية.

وأوردت الصحيفة عن بيانات جديدة تفيد بأنه بين عامي 2010 و2013، ارتُكبت ما يصل إلى 80 عملية قتل محتملة لمدنيين في أفغانستان على يد ثلاثة من أربعة أسراب من القوات الخاصة، كما أشارت إلى أن جنديا واحداً قتل 35 شخصًا في غارة واحدة.

 

على أية حال، سواءً شاؤوا ببعض هذه الاعترافات إخفاء جرائمهم الكبرى أم صرف الأنظار لشيء آخر، فإنّ جرائمهم لا تغطى بغربال، وسيتضح ما اقترفوه من أعمال القتل والتنكيل بحق المدنيين من شعبنا المظلوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى