استهداف المدنيين بين المكاسب التكتيكية والخسارة الاستراتيجية: حرب أفغانستان نموذجًا
أحمد مولانا
أسهم مقتل آلاف المدنيين الأفغان على أيدي القوات الدولية والحكومية (ما قبل طالبان) في تعزيز شرعية طالبان مقابل شرعية الحكومة العاجزة عن حماية مواطنيها أو محاسبة من يعتدي عليهم، وأظهر القوات الدولية أعداء في نظر الأفغان وليسوا محرِّرين، وكان لاستهداف المدنيين نتائج سلبية على مسار الحرب، ولم تنجح الغارات الجوية والمداهمات الليلية في تغير النتيجة النهائية للحرب. تناقش هذه الورقة تداعيات الغارات الجوية والمداهمات الليلية التي نفذتها القوات الأجنبية على مسار الحرب في أفغانستان.
تمثل الصراعات غير المتكافئة أحد أنواع الحروب التي يسقط فيها ضحايا أبرياء في ظل صعوبة التمييز بين المتمردين والسكان المدنيين؛ حيث يختار المتمردون توقيتات وأماكن شنِّهم للهجمات ثم يذوبون مجددًا وسط السكان. وقد اهتم الباحثون بدراسة العوامل التي يمكن أن تدفع الدول إلى ارتكاب عمليات قتل جماعي ضد المدنيين خلال تنفيذها لعمليات مكافحة التمرد(1)؛ فجادل ألكسندر داونز بأن الدول الديمقراطية تستخدم العنف ضد المدنيين عند خوضها حروب مكافحة عصابات في أراض أجنبية لإقناع السكان بالتوقف عن دعم التمرد لتجنُّب التنكيل بهم، كما تستخدم الدول أيضًا تكتيكات تسعى لعزل السكان عن المتمردين عبر وضعهم في معسكرات جماعية أو تهجير السكان وإعادة توطينهم في مناطق أخرى لحرمان المتمردين من ميزة الاختباء وسط الجماهير، وهو ما يتسبب عادة في موت الكثيرين بسبب المرض وسوء التغذية والجوع(2).
كذلك يدرس الباحثون تداعيات استهداف المدنيين في حروب مكافحة التمرد على الفوز بالصراع أو خسارته، ففيما يرى كاليفاس أن إيذاء المدنيين أمر غير مثمر يأتي بنتائج عكسية على المدى الطويل، ويقوض في النهاية الأهداف السياسية لعملية مكافحة التمرد إذ يدفع المدنيين لدعم المتمردين سواء انطلاقًا من الاستجابة العاطفية الغاضبة أو طلبًا للحماية من الهجمات التي يتعرضون لها من القوات الحكومية(3)، فقد جادل آخرون بأن إيذاء المدنيين في حال حدوثه بشكل كبير يمكن أن يلعب دورًا جوهريًّا في نجاح مكافحة التمرد حيث يبث الخوف في قلوب المدنيين من تداعيات تقديم أي دعم للتمرد(4).
ويشير الدليل الميداني لمكافحة التمرد للجيش الأميركي إلى أن العملية التي “يُقتل فيها خمسة متمردين ستأتي بنتائج عكسية تمامًا في حال ما إذا أدت الأضرار الشاملة التي نتجت عنها إلى استقطاب خمسين متمردًا أو أكثر”(5). ورغم تلك التحذيرات، فإن القوات الدولية وبالأخص القوات الأميركية في حرب أفغانستان انخرطت في تكتيكات وعمليات أسفرت عن مقتل بضعة آلاف من المدنيين الأفغان خلال سنوات الحرب العشرين(6). وتهدف هذه الورقة إلى دراسة تداعيات الغارات الجوية والمداهمات الليلية التي نفذتها القوات الأجنبية على مسار الحرب في أفغانستان، كما ستحاول الإجابة على التناقض بين الأهداف المعلنة لعمليات مكافحة التمرد الأميركية التي تدور حول حماية المدنيين والممارسات العسكرية التي استهدفت المدنيين.
القوات الدولية وقتل المدنيين في أفغانستان
رغم أن المبدأ الأساسي القائل بأن المدنيين يجب ألا يكونوا هدفًا للهجوم العسكري طالما أنهم ليسوا طرفًا مباشرًا في الأعمال العدائية هو المبدأ المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف لعام 1949 والمُحدد بشكل أكبر في البروتوكولات الإضافية لعام 1977(7)، فإن القوات الدولية خلال عشرين سنة من الحرب في أفغانستان انخرطت في غارات جوية وعمليات قتالية ومداهمات ليلية ألحقت خسائر كبيرة بالمدنيين مما أدى إلى حدوث احتجاجات ومظاهرات داخل أفغانستان أسهمت في تشكل نظرة سلبية تجاه القوات الدولية، والتشكك بشأن الشعارات التي رفعتها بأنها جاءت لتحرير أفغانستان من الإرهاب وحماية الشعب الأفغاني.
ففي ظل تصاعد حوادث استهداف المدنيين، بدأت أواخر عام 2007 مناقشة دور الأمم المتحدة في المساعدة على وقف الخسائر المدنية التي يسبِّبها القتال في أفغانستان، ثم شرعت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان “يوناما” في توثيق الخسائر المدنية بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1868 الصادر عام 2009. وتضمنت تقارير “يوناما” الخسائر المدنية التي جرى التحقق منها، بينما تجاهلت الحوادث التي لم يتم التحقق منها في ظل صعوبة الوصول إلى جميع الأماكن بأفغانستان في أجواء الحرب(8). وقد اعتمدت يوناما تعريفًا للمدنيين يستند إلى القانون الدولي، ويعتبر أن المدنيين هم أشخاص لا يقاتلون بشكل مباشر ضمن الأطراف المنخرطة في الأعمال القتالية العدائية، وهو وصف ينطبق أيضًا على من يقومون بأنشطة أخرى غير قتالية مثل تقديم الدعم السياسي والمالي واللوجيستي للمتمردين(9). وقد جاءت الغارات الجوية والمداهمات الليلية في مقدمة التكتيكات العسكرية التي أدت لسقوط ضحايا من المدنيين.
أولًا: الغارات الجوية
برزت الهجمات الجوية باعتبارها أبرز تكتيك تسبب في سقوط أكبر عدد من الضحايا المدنيين على أيدي القوات الموالية للحكومة، فالغارات الجوية أسهمت في الوصول إلى عناصر طالبان في المناطق النائية التي لا توجد فيها قوات برية للاشتباك معهم، كما أنها لم تكبد القوات الدولية خسائر بشرية تُذكر في ظل عدم امتلاك طالبان منظومات دفاع جوي متطورة فضلًا عن دورها في تكبيد طالبان خسائر جسيمة خلال الاشتباكات، وتنقسم الغارات الجوية إلى:
أ- غارات جوية هجومية
هي غارات تستهدف أهدافًا لا تمثل تهديدًا وشيكًا للقوات الدولية والحكومية، وتندرج ضمن هذا النوع عمليات القتل المستهدف بواسطة الطائرات دون طيار. وقد وقعت القوات الدولية في أخطاء جوهرية خلال عملية تحديد الأهداف أسهمت في تحويل العديد من الغارات الهجومية إلى كوارث قتلت آلاف المدنيين. فمعايير الاستهداف الأميركية لم تراع أنماط حياة السكان في المناطق المستهدفة، فعلى سبيل المثال تحول حفل زفاف في ولاية أروزغان، في يوليو/تموز 2002، إلى كارثة عندما أطلق المحتفلون أعيرة نارية في الهواء احتفالًا بالعرس فقصفتهم طائرة أميركية مما أدى إلى مقتل 89 مدنيًّا وإصابة 200 آخرين(10). كما لم تراع القوات الدولية التداخل الاجتماعي بين المواطنين الأفغان، والذي يتضمن اختلاط مقاتلي طالبان مع بقية أفراد المجتمع، فاستخدمت القوات الدولية أسلوب النقر المزدوج في الغارات، وهو أسلوب يتكون من غارتين على الأقل تستهدفان ذات المكان باعتبار أن من سيحاولون إنقاذ المصابين في الغارة الأولى سيكونون غالبًا من المقاتلين الذين يسارعون لإنقاذ رفاقهم، في حين أنه في العديد من الحالات سارع المدنيون لإنقاذ المصابين فتحولوا إلى ضحايا للغارة الثانية(11).
كما استندت القوات الأميركية في بعض الغارات الجوية إلى معلومات استخبارية خاطئة قدمها مخبرون محليون للحصول على مكافآت مالية أو للتخلص من خصومهم القبليين أو منافسيهم في الأعمال التجارية، وكذلك قدمت قوات الأمن الأفغانية معلومات خاطئة مثلما حدث خلال شنِّ القوات الدولية سلسلة من الغارات الجوية على مجمع مستشفى أطباء بلا حدود بمدينة قندز، في عام 2015، مما تسبب في مقتل 30 شخصًا من بينهم 13 من موظفي المشفى وإصابة 37 آخرين(12). ولاحقًا، قال قائد القوات الأميركية في أفغانستان: إن نتائج التحقيق أظهرت أن الغارة الجوية حدثت نتيجة خطأ بشري(13).
ب- غارات جوية دفاعية
هي غارات نُفِّذت لحماية القوات الدولية والحكومية عند تعرضها لهجوم أو تهديد وشيك من المتمردين. ومن أمثلتها غارة على إحدى قرى قندز، ليلة 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، إثر تعرض القوات الحكومية والدولية لهجوم خلال محاولتها القبض على قائد من طالبان، فطلبت القوات دعمًا جويًّا، فاستهدفت الطائرات المنطقة بغارات مكثفة أسفرت عن مقتل 32 مدنيًّا وجرح 36 آخرين معظمهم من عائلة القيادي الطالباني المستهدف. وقد اعتبرت القوات الدولية أنها استخدمت القوة دفاعًا عن النفس، واتهمت طالبان باستخدام المنازل المدنية كمواقع لإطلاق النار(14).
ثانيًا: المداهمات الليلية
اعتمدت القوات الدولية بأفغانستان “إيساف” معايير تُصنِّف الأفراد كأهداف مشروعة في حال تقديمهم الطعام والمأوى للمتمردين، كما اشتبهت في أفراد عائلات المتمردين والأشخاص الذين التقوا ولو لفترة وجيزة مع المتمردين، وافترضت أنهم يمتلكون معلومات مفيدة عن التمرد، ولذا سعت للقبض عليهم عبر مداهمات ليلية. وقد أوضح قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الجنرال بترايوس، أهمية المداهمات الليلية قائلًا: إنها تكتيك ناجح يوفر عنصر المفاجأة لصالح القوات المهاجمة ويقلِّل من فرص وقوع خسائر في صفوف أفرادها كما أنها أداة مهمة في جمع المعلومات الاستخبارية واعتقال المتمردين المشتبه بهم، وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين مقارنة بالغارات الجوية. وقد استُخدم هذا التكتيك بشكل مكثف حيث كشف بترايوس أن حصيلة المداهمات الليلية خلال الفترة من مايو/أيار إلى نهاية يوليو/تموز 2010 بلغت 3000 غارة ليلية ألقي خلالها القبض على 365 من قادة طالبان و1355 من المقاتلين وقُتل 1036 آخرين(15).
تلك الأهمية العسكرية من المنظور الأميركي لم تراع ما تسببت به المداهمات الليلية من إثارة الغضب والاستياء بين الأفغان. فسلوك القوات الدولية اتسم بالاستخدام المفرط للقوة خلال المداهمات الليلية مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين فضلًا عن تدمير الممتلكات بالتزامن مع سوء معاملة المشتبه بهم وعدم مراعاة العادات القبلية والموروث الديني والثقافي وبالأخص في تفتيش النساء. كما فسر أفراد القوات المهاجمة أحيانًا تصرفات المدنيين الذين فوجئوا باقتحام منازلهم في عتمة الليل على أنها “أعمال عدائية” فأطلقوا النار عليهم. وكذلك اعتمدت القوات الدولية في العديد من الحالات على معلومات استخبارية خاطئة قدمها مخبرون محليون للوشاية بخصومهم من القبائل المنافسة. فيما اتهم المواطنون عناصر القوات الدولية بسرقة أموالهم وحلي نسائهم خلال المداهمات(16). وقد تسببت الغارات الليلية في اندلاع مظاهرات متكررة في جميع أنحاء أفغانستان فيما اعتبر الرئيس الأفغاني، كرزاي، تلك المداهمات تنتهك حرمة المنازل، وطالب بوقف الغارات الليلية التي تشنُّها قوات العمليات الخاصة الأميركية(17).
محاولات الحدِّ من مقتل المدنيين
أقرَّت إيساف، في عام 2007، بأن الفشل الأكبر لها خلال العام السابق تمثل في تواصل سقوط ضحايا من المدنيين(18). وقد أصدر قائد إيساف، الجنرال الأميركي ديفيد ماكيرنان، توجيهين تكتيكيين في عام 2008 يرميان إلى الحد من عدد الضحايا في صفوف المدنيين عبر ضبط النفس بأقصى قدر والتناسب بين المهمة المطلوبة وقوة النيران المستخدمة، وأمر بإجراء تحقيق فوري في حال وقوع حوادث ضد المدنيين والاعتراف بها بدلًا من تقديم ردود غير دقيقة، كما أنشأت إيساف خلية لتتبع الخسائر في صفوف المدنيين (CCTC) تحولت، في عام 2011، إلى مجموعة تُدعى فريق التخفيف من الخسائر المدنية ((CCMT(19). وعبر تحليل مئات الحوادث التي سقط فيها مدنيون خلال الفترة من 2007 إلى 2011 تبين أن 50% من الحوادث حصلت بسبب الأخطاء في تحديد هوية الأهداف بينما 50% الأخرى حدثت كأضرار جانبية(20).
التوجيهات وحدها لم تكف لتغيير الممارسة في الميدان وبالأخص في ظل تبني سياسة الإفلات من العقاب، فاستمر حصول حوادث قُتل فيها مدنيون إلى أن جاء الجنرال ماكريستال إلى أفغانستان لقيادة القوات الأميركية، وأعلن توجيهه الأول، في 6 يوليو/تموز 2009، فور توليه القيادة قائلًا: “لن ننتصر بناءً على عدد عناصر طالبان التي نقتلهم، ولكن على قدرتنا على فصل المتمردين عن مركز الثقل الذي يمثله الشعب”، وحذَّر ماكريستال من فخ الانتصارات التكتيكية التي تتسبب في خسائر مدنية أو أضرار جسيمة، وتؤدي في النهاية إلى هزائم استراتيجية(21)، وبالتالي، تراجعت نسبة الخسائر من المدنيين وصولًا إلى عام 2014 الذي شهد انتهاء المهام القتالية لإيساف وإتمام عملية نقل المسؤولية الأمنية للقوات الأفغانية، فعقب ذلك كثَّفت طالبان هجماتها على القوات الحكومية، فأذن الرئيس الأميركي، أوباما، بقواعد اشتباك جديدة تسمح بتقديم المزيد من الدعم المباشر لقوات الأمن الأفغانية وزيادة استخدام الغارات الجوية(22)، ومع بدء التفاوض بين طالبان وواشنطن زاد معدل الغارات الجوية وبلغ عدد الضحايا من المدنيين ذروته، في عام 2018، حيث سجل 1015 ضحية. وقد عبَّر البريجادير جنرال لانس بنش عن مغزى التصعيد قائلًا: “الهدف الكامل من حملتنا الجوية هو الضغط على طالبان لتحقيق المصالحة، ومساعدتهم على إدراك أن محادثات السلام هي أفضل خيار لهم”(23).
عدد القتلى والمصابين من المدنيين في الغارات الجوية (المصدر: تقرير يوناما السنوي لعام 2018)
وفيما يخص معالجة غضب المواطنين من المداهمات الليلية، فقد أصدر قائد إيساف، في ديسمبر/كانون الأول 2011، توجيهًا تكتيكيًّا ينص على إشراك قوات الأمن الوطني الأفغانية في عملية التخطيط والتنفيذ بهدف تقليل الخسائر بين المدنيين، وحماية الممتلكات ومراعاة الخصوصية الثقافية للأفغان، وفحص موثوقية المعلومات الاستخبارية قبل تنفيذ المداهمات، وهو ما لم تلتزم به القوات الدولية عمليًّا إذ لم يحدث تنسيق مع السلطات المدنية والأمنية الأفغانية في بعض العمليات. وفي المجمل، لم تتشارك القوات الدولية نتائج التحقيقات في حوادث مقتل المدنيين مع الأطراف المعنية، ولم تجر أي محاكمات للمتسببين في مقتل المدنيين(24)؛ وبالتالي، ظهرت القوات الدولية في أعين المواطنين الأفغان على أنها فوق المساءلة وتستهين بأرواح وممتلكات الأفغان، وهو ما ساعد طالبان بالمقابل على نشر سرديتها تجاه الحرب، وجذبت لصفوفها العديد من الأفغان الراغبين في الانتقام لأقاربهم القتلى على أيدي القوات الدولية(25).
خلاصة
هدفت الغارات الجوية والمداهمات الليلية إلى تقويض القدرات العسكرية والموارد البشرية لطالبان، لكنها تسببت أيضًا في مقتل بضعة آلاف من المدنيين على مدار عشرين سنة، وهو ما أسهم في تقويض ثقة السكان في القوات الدولية والحكومية وأبرز التناقض بين ما تدعو له نظريات مكافحة التمرد التي يتبنَّاها الجيش الأميركي، وتقوم على اعتبار السكان هم مركز الثقل في الصراع، وتنص على ضرورة حمايتهم، وبين سلوك القوات الدولية الذى أدى إلى مقتل مدنيين.
لقد انخفض معدل الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة الضربات الجوية خلال الفترة من 2010 إلى 2014، عندما اقتنعت القيادة العسكرية الأميركية بضرورة تقليل الخسائر المدنية من أجل الفوز بالحرب وتقويض التمرد، ولكن مع انتهاء مهمة “إيساف” القتالية في أفغانستان، وتخفيض عدد القوات الدولية، جرى الاعتماد مجددًا على الغارات الجوية بشكل موسع لوقف تقدم طالبان مما تسبب في حدوث أكبر قدر من الخسائر بين المدنيين طوال الحرب خلال الفترة من 2016 إلى 2019، وهو ما يشير إلى أن القوات الدولية امتلكت القدرة على التحكم في معدل الخسائر بين المدنيين لكنها تغاضت عن ذلك تلبية للضرورات العسكرية الميدانية.
كذلك فشلت القوات الدولية في تقديم نهج لمعالجة عواقب مقتل المدنيين يقوم على مساءلة المتسببين في حوادث القتل وتعويض الضحايا بشكل عادل، ولم تملك الأمم المتحدة أدوات تتيح لها إجبار القوات الدولية على محاسبة المسؤولين عن خسائر بين المدنيين، أما الحكومة الأفغانية فاعتمدت في بقائها وتمويل أنشطتها على الدعم الدولي، ومن ثم لم تتمكن من إجبار القوات الدولية على تبني تكتيكات أقل ضررًا تجاه المدنيين.
لقد أسهم مقتل آلاف المدنيين على أيدي القوات الدولية والحكومية في تعزيز شرعية طالبان مقابل شرعية الحكومة العاجزة عن حماية مواطنيها أو محاسبة من يعتدي عليهم، وأظهر القوات الدولية أعداء في نظر الأفغان وليس محرِّرين، وكان لاستهداف المدنيين نتائج سلبية على مسار الحرب، ولم تنجح المكاسب التكتيكية للغارات الجوية والمداهمات الليلية في تغير النتيجة النهائية للحرب.
—————–
مراجع
—————–
1- في الأدبيات العسكرية الأميركية لا يعني إطلاق وصف التمرد على حركة ما بالضرورة إصدار حكم معياري على مشروعية الحركة، إنما هو وصف لطبيعة الصراع. وقد عَرَّف دليل السي آي إيه لتحليل التمرد مصطلح “التمرد” على أنه (صراع سياسي-عسكري ممتد يهدف لإزاحة أو تدمير شرعية الحكومة المُنَصَّبة أو قوة الاحتلال، بغرض التحكم الكامل أو الجزئي في موارد إقليم معين، عبر استخدام قوى عسكرية غير نظامية، ومنظمات سياسية غير شرعية).
Guide to the Analysis of Insurgency, (United States: Central Intelligence Agency), 1.
2- Alexander Downs, Targeting Civilians in War (New York: Cornell University Press, 2008), 156-158.
3- Patrick Johnston, “The Effectiveness of Leadership Decapitation in Counterinsurgency,” Doctoral: Center for International Security and Cooperation Stanford University (2009): 11.
4- Alexander Downes, Draining the Sea by Filling the Graves: Investigating the Effectiveness of Indiscriminate Violence as a Counterinsurgency Strategy. Civil Wars 9, no:4 (2007): 420.
5- US Army/Marine Corps, Counterinsurgency Field Manual: FM 3-24, (USA, U.S. Army Combined Arms Center and Fort Leavenworth: 2006):37.
6- Mohammed Haddad, “Afghanistan: Visualizing the impact of 20 years of war”, Aljazeera, 10 May 2021, (access, 14 January 2022). https://cutt.us/X439k
7- Astri Suhrke, From Principle to Practice: US Military Strategy and Protection of Civilians in Afghanistan, International Peacekeeping, 22 :no.1, (2015): 101.
8- United Nations Assistance Mission in Afghanistan “UNAMA”, “Afghanistan: Protection of Civilians in Armed Conflict -Annual Report 2020”, (February 2021):8.
9-Ibid, 9.
10- Brian Knowlton, “Higher Afghan civilian toll is reported : UN draft survey adds to doubt on U.S. raid” , New York Times, 31 July 2002. (access, 14 January 2022) https://cutt.us/OTyjf
11- Vasja Badalič, The War Against Civilians: Victims of the: War on Terror in Afghanistan and Pakistan (Palgrave Macmillan, Switzerland, 2019), 31. https://cutt.us/vSwgh
12- UNAMA, “Afghanistan: human rights and protection of Civilians in Armed Conflict, special report on Kndus province”, (December 2015): 7. https://cutt.us/NfEMB
13- Ibid, 9.
14- UNAMA, “Afghanistan: Protection of Civilians in Armed Conflict -Annual Report 2016”, (February 2017): 87
15- Duncan Gardham, “Special forces eliminate 300 Taliban and Al Qaeda leaders, says Gen. D. Petraeus” Telegraph, 15 October 2010 , (access, 14 January 2022). https://cutt.us/wAz5r
16- Vasja Badalič, 47.
17- UNAMA, “Afghanistan: Annual Report 2010: Protection of Civilians in Armed Conflict”, (March 2011): 33.
18- United Nations, “The situation in Afghanistan and its implications for international peace and security” ,S/2007/152, (15 March 2007):9. https://cutt.us/VQP6O
19- Jennifer Keene, “Civilian harm tracking: analysis of ISAF efforts in Afghanistan”, Center for Civilians in Conflict, (2014): 1. https://cutt.us/N6yeW
20- Christopher D. Kolenda & Rachel Reid &,Chris Rogers, “The Strategic Costs of Civilian Harm: Applying Lessons from Afghanistan to Current and Future Conflicts”, Open society foundation, (June 2016): 19. https://cutt.us/NRW2
21- NATO/ISAF, “Tactical Directive”, Kabul: Headquarters, International Security Assistance Force, (6 July 2009), https://cutt.us/nCFZW
22- Neta C. Crawford, “Afghanistan’s Rising Civilian Death Toll Due to Airstrikes”, 2017-2020, Costs of War Project (Boston University and Brown University, 7 December 2020), 2.
23- Terri Moon Cronk, “Afghan Air Force Growth Pays Off in Fight Against Taliban, Official Says,” DOD News, 27 June 2018, (access, 14 January 2022). https://cutt.us/NGPZe
24- UNAMA, “Afghanistan: Annual Report 2010: Protection of Civilians in Armed Conflict,” (March 2011): 35.
25- Lisa Hultman COIN and civilian collaterals: patterns of violence in Afghanistan, 2004–2009, Small Wars & Insurgencies, 23: no. 2 (2015): 251.