
تحليل الأسبوع
الأغلبية القاطعة من الشعب الأمريكي يعارض استمرار احتلال أفغانستان
يوم الإثنين الماضي الموافق لـ 30 من شهر ديسمبر للعام 2013 المنصرم، نشرت قناة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية استطلاعاً محيراً حول استمرار احتلال أفغانستان من قبل أمريكا! يبين الاستطلاع الذي قامت به مؤسسة (او آر سي) الدولية ما بين ١٦- ٢٠١٣/١٢/١٩ بأن أكثر من أربعة أخماس من الأمريكيين يعارضون استمرار احتلال الأمريكي لأفغانستان!
إن مستوى مخالفة الشعب الأمريكي لاستمرار احتلال أفغانستان مرتفعة جداً بالنسبة إلى حرب فيتنام والعراق، رغم أن الشعب الأمريكي أٌبقي بعيدا عن الحقائق الميدانية، فالشعب لا يدري عنها إلا قليلاً، لأن الساسة الأمريكيين والجنرالات الأنانيين والدمويين حاولوا دائماً بأن يبقوا شعبهم في معزل من الحقائق، لكي يصلوا بهذا الطريق إلى أهدافهم المشؤومة.
حكام أمريكا دائماً أساؤوا الإستفادة من الشعارات والهتافات الطاهرة لتحقيق أهدافهم الدنيئة، لكنهم لا يقدرون بعد كل هذا أن يحثوا التراب في عيون الشعب، هم من دائماً يدقون طبول الإخضاع لمطالب وإرادة الناس والشعوب ويطالبون بذلك! فلِم لا يحترمون إرادة ومطالب شعبهم في هذا الخصوص؟! أوَ يظنون أن العالم لا يرى ولا يسمع؟ ولا يشاهد أفعالهم المناقضة لإرادة شعبهم!؟
هؤلاء في حقيقة الأمر، بجرائمهم هذه يكشفون للعالم عن شكلهم الحقيقي الخبيث، ويثبتون جهلهم وأنانيتهم ودمويتهم وظلهم ووحشيتهم! يظهرون للناس بأنهم لا يعرفون أية مسؤولية تجاه القيم الإنسانية! بل هم يعادون الإنسانية والبشرية! وهتافاتهم عن الديموقراطية وحكم الشعب هي مجرد شعارات جوفاء، التي لا تتطابق مع الحقائق في أرض الواقع! وهكذا سيُسجلون في صفحات التاريخ باسم أعداء الإنسانية!
يوضح الاستطلاع المذكور بأن الشعب الأمريكي قد خُدع في أول الأمر، وكذّب عليه! وأن الساسة الأمريكيين لعبوا بإرادة الشعب وأمانيه! ولازالو يفعلون! لو فرضنا أن بلداً معارضاً لأمريكا قام شعبه بمخالفة حكامهم بهذا الشكل وبهذا المستوى! لقامت كثير من الدول ـ وبالأخص أمريكا ـ بتحريك العالم كله من أجل ذلك! وإن كانت مصالحها تكمن في أن تهاجم عليه لاعتبرت ذاك الاستطلاع ذريعة للهجوم المباشر أو غير المباشر عليها! مثلما فعلت في مصر حيث نفخت في الجيش وشجعته على التحرك ضد الرئيس المنتخب! لكن الآن حين يبدي شعبها معارضته بهذا المستوى العالي ضد جرائمها ووحشيتها فلا تحرك ساكنا وكأنه لم يحدث شيئاً أصلاً!
يتبين من الاستطلاع المجري بأن الشعب الأمريكي قد أدرك الحقيقة، بأن حكامهم قاموا بتعدي على المظلومين، وداسوا حقوقهم تحت أقدامهم، ظلموا الإنسانية وحقوق البشر، بل وفي الواقع فقد ظلموا شعبهم أيضاً!
لذا يجب على الشعب الأمريكي أن يسدوا فعلاً ظلم حكامهم الأنانيين على المظلومين وأن يقفوا في وجههم، ولا يسمحوا لهم بعد الآن أن يلعبوا بمصيرهم ومصير بقية المظلومين، وأن يحرموهم من الحرية والاستقلال، وأن يزهقوا الأرواح ويسفكوا الدماء! وأن يقصفوا القرى، والبيوت والمدن والمدارس والكتاتيب، والمساجد ومراسم الأفراح! يجب على الشعب الأمريكي أن يخرجوا إلى الشوارع والطرقات ويطالبوا حكامهم بأن يضعوا نقطة النهاية لاحتلال أفغانستان، وأن يعيد إلى الشعب الأفغاني حريتهم المسلوبة، كي ينجوا بأنفسهم من ضربة التاريخ ولعنته!
هذه هي تلك الحقيقة التي لا يقدر أحد إغماض عينيه منها، فالشعب الأفغاني والشعب الأمريكي معاً يريدون إنهاء احتلال أفغانستان، ويريدون استقلال الشعب الأفغاني؛ لذا يجب أن يخضع حكام أمريكا أولاً لإرادة الشعب الأفغاني ومطالبه ومن ثم لإرادة شعبها ومطالبها! وإن المجتمع الدولي والدول الغربية وغيرها نظراً إلى هذه الحقيقة يجب عليها أن تجبر حكام أمريكا الظالمين على إنهاء احتلال أفغانستان، وترك الشعب الأفغاني ليقرر مصيره بنفسه.