الأيدي الملوثة بدماء الأبرياء
أحمد الأفغاني
في (2 تشرين الثاني 2020) شهدت جامعة كابل اشتباكات عنيفة دامية أعقبت هجوما انتحاريا. أدى الهجوم إلى مقتل العشرات وجرح العشرات، كلهم من طلاب الجامعة الأبرياء.
وجّهت الإدارة العميلة أصابع الاتهام إلى مقاتلي الإمارة الإسلامية، بينما نفت الإمارة الإسلامية -على لسان متحدثها ذبيح الله مجاهد- مسؤوليتها عن الهجوم على الفور حتى قبل أن ينتهي الهجوم، وفي المقابل تبنى تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم بكل اعتزاز كعادته، رغم ذلك أصرت إدارة كابل على اتهام مجاهدي الإمارة الإسلامية بأنهم وراء الهجوم! وهذا ديدن هؤلاء العملاء منذ وقت مبكر، وخاصة بعد أن ظهرت تباشير السلام على حساب الإدارة العميلة. فهم يرتكبون الجرائم بأنفسهم أو عن طريق دواعشهم، ثم يتهمون مقاتلي الإمارة الإسلامية في أغلب الحالات، والإمارة الإسلامية من كل ذلك براء.
لم يعد خافيا على الشعب وعلى أي أحد أن هذه الهجمات والاعتداءات والإبادات الجماعية يقوم بها مرتزقة الإدارة العميلة أو تنظيم داعش التابع لإدارة كابل.
إن المنفّذ الوحيد والمستفيد الوحيد من هذه الجرائم هي الإدارة العميلة، وأحيانا تنفّذ العمليات مباشرة، وأحيانا أخرى تفتح الأبواب لدواعشها، وتعطيهم الضوء الأخضر لقتل الأطفال وحتى الرضع حديثي الولادة.
وفي الآونة الأخيرة، مع هبوب نسائم السلام، وتوقيع الاتفاقية بين الإمارة الإسلامية وواشنطن، ضاعفت الإدارة العميلة من التفجيرات والهجمات والاغتيالات، كما ضاعفت من قصف المساجد والمدارس والاحتفالات والمستشفيات وسفك الدماء الطاهرة والهجوم على المدنيين الأبرياء، وحتى الأطفالُ الرضع حديثو الولادة لم يسلموا من غضب هؤلاء المجرمين.
فقد تعرض خلال هذه الفترة عدد كبير من الدعاة والعلماء والصحفيين والناشطين المدنيين لعمليات اغتيال في ظروف غامضة، وأحيانا بشكل سافر ومخطط. من وراء ذلك؟ من الذي يقف وراء تلك العمليات الجبانة؟ إنهم دون شك أفراد جهاز الاستخبارات الأفغانية أو مسلحو داعش التابعين لهم. لعل تنظيم داعش يريد أن يردّ الجميل، ويبادل الإحسان بالإحسان! فإن الإدارة العميلة قد أغاثت مقاتليه وأنقذتهم من الموت المحقق أو الأسر المحتوم بواسطة مروحياتهم كلما ضيّق أبطال الإمارة الإسلامية الحصار عليهم.
ما هي الأسباب وراء هذه الاغتيالات؟ ما هي الأسباب وراء هذه الهجمات؟ تقوم الإدارة بهذه العمليات من أجل تخويف العلماء ودفعهم نحو الصمت على كل ما ترتكبه من الجرائم في البلاد، ولمنعهم من حماية الإمارة الإسلامية القادمة، حتى لا يتخذوا موقفا لصالح الإمارة الإسلامية. تتم كل هذه الاغتيالات والتفجيرات والهجمات، ثم يُتهم بها المجاهدون من أجل استعطاف الجماهير لتهدئة موجة الغضب ضد هذه الإدارة الفاسدة، ومن أجل تشوية سمعة الإمارة الإسلامية، وإثارة عواطف المجتمع الدولي ضدها، واستخدام الأمريكان المحتلين في استمرارية الاحتلال. إنهم -بتعبير أصح- يستخدمون دماء الأبرياء وسيلةً للدفاع عن مصالحهم الخبيثة وكراسيهم التي تسلموها من غير استحقاق على حساب الشعب.
متى يكف هؤلاء عن اغتيال العلماء؟ متى يكفون عن قصف المساجد والمدارس والمستشفيات؟ متى يكفون عن دعم تنظيم داعش الذي يتبنى كل ما يفعله هو أو زملاؤه من الإدارة العميلة؟
لكن لُعبتهم تلك قد افتضحت منذ زمن، بينما لازالت الإدارة العميلة تمارسها.
إن الشعب الأفغاني الواعي المتفطن لن يتعاطف مع إدارة فاسدة فقدت صلاحيتها لحكم البلاد بالكلية، بل لم تكن تملك تلك الصلاحية منذ البداية، وإنما مهمّتها الأساسية -حسب اعتراف أشرف غني- هي حماية أمن الولايات المتحدة.
يعرف الشعب جيدا كل ما يحاك له، فالواقع الآن بات ظاهرا أمام الجميع، يميز الشعب بين العدو والصديق، يميز بين من يريد به الخير ومن يريد له الشر، إن الشعب يدرك كل ما يحدث في البلاد بوعي، ولن يخدعه الإعلام الخبيث المموّل أمريكيا، الإعلام الذي لا يملك مهمة سوى التطبيل والتزوير لصالح الأعداء سواء على مستوى الداخل أو على مستوى الخارج. ولكن بفضل وعي الشعب الأفغاني وتكاتفه مع المجاهدين وحسن ظنه بالإمارة الإسلامية لن تفلح الإدارة العميلة أبدا، وستبوء كل محاولاتها لتشويه صورة الجهاد والمجاهدين بالفشل؛ فقد اجتاز الشعب كل مرحلة حساسة من تاريخه الطويل جنبا إلى جنب مع المجاهدين المخلصين.