الإدارة العميلة وتزوير الحقائق الميدانية
بقلم: أبوصهیب الحقاني
لا يخفى على أحد مكتسبات المجاهدين منقطعة النظير والمستمرة في الآونة الأخيرة، تلك المكتسبات والانتصارات التي منحها الله سبحانه وتعالى إياهم، وذلك كله من فضل الله أولاً، وحماية الشعب الأفغاني المسلم وغيرة أبناء الوطن الأصيلين ثانياً. فاتسعت دائرة فتوحاتهم حتى وصلت إلى أبواب الولايات ومراكزها، واستطاع المجاهدون أن يطوّقوا العدو ويحاصروه من كل جانب، ويشدّدوا الخناق عليه يوماً بعد يوم. والجنود العملاء -وإن كانوا يُحمون من قبل أسيادهم أرضاً وجواً- واقعون في دوامة فشل ذريع وحالهم من سيء إلى أسوء.
ومع أن ما يجري في الواقع يحكي تقدّم المجاهدين الملحوظ شمالاً وجنوباً بل وفي جميع أنحاء البلاد، بحيث باتت أفغانستان حديث الصحف والمجلات ووسائل الإعلام والمؤتمرات الصحفية نتيجة بطولات المجاهدين في طول البلاد وعرضها، إلا أن الحكومة العميلة -مع الأسف الشديد- لا تراعي أخلاقيات العمل الصحفي، وتضع حرية التعبير تحت الأقدام، وتزوّر الحقائق الميدانية بمراسليها الذين لا يحظون بالخلق الإعلامي فيحرّفون الحقائق الميدانية. وبدل أن تعترف الإدارة العميلة بضعفها وفشلها وفسادها وبالهزائم المتوالية عليها وبالقتلى الذين يسقطون في المعارك، جعلت من وسائل الإعلام أبواقاً لها تقلب الأخبار رأساً على عقب وتخدع بها الناس.
وتريد الإدارة العميلة من هذه الصنيع تحقيق أمرين؛ الأول: رفع معنويات جنودها المنهارة الذين يقاتلون المجاهدين والشعب الأبي الكريم (الذي ربما يُخدع بدعايات الإدارة العميلة)، الثاني: ادعاء القدرة أمام القوات الأجنبية لجلب مزيد من المساعدات المادية والمعنوية من قبلها. مع أن هذه الإدارة العميلة لا تخدع بهذا الأمر إلا نفسها؛ لأن جنودها الذين يقاتلون في الخطوط الأمامية وكذلك الشعب وأيضاً الدول الأجنبية الحامية لها عرفوا ضعفها الشديد ومدى الفساد المستشري في جميع الإدارات، ولا يرون لها مستقبلاً يسرّهم. إلا أنّ الأجانب الذين أوجدوا هذه الإدارة عديمة الأهلية لا يرون التخلي عنها بسهولة؛ لأنّ هزيمتها تعني هزيمة أمريكا، وهم لا يرضون بهذا، وإن أُرغِموا على تكبّد هذه الخسائر.
إنّ هذه الدعايات الزائفة صنعتها الاستخبارات على عينها في هذه الأيام، لكنها لن تنفعها؛ بل سوف تتسبب بهزيمة الإدارة العميلة وفضيحتها أكثر فأكثر، فلو طبّلت الإدارة العميلة وزمّرت في وسائل الإعلام بأنّ الطالبان يبتعدون عن المديرية الفلانية أو الولاية الفلانية مسافة كذا من الكيلومترات، ورأى الناس خلاف ذلك على أرض الواقع من تواجد المجاهدين، فلن يقبلوا بعد ذلك مثل هذه الدعايات الفارغة عن الصحة؟
لن يقبلوها؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى رزقهم العقل، والشعور، والسمع والبصر، وهم يرون في الواقع انتصارات المجاهدين بعين اليقين في مناطقهم وفي شتى أنحاء البلاد. ولن يبقى مجال للدجل الإعلامي، بل سيتعب الدجالون أنفسهم، ويشوّهون صورتهم في أمر لا يجديهم شيئاً.
ولكن الحقيقة أنّ الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يستخلف عباده الصالحين في الأرض ويمكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، هيأ لهم أسباب الفتوحات والانتصارات، حيث يزهقون الباطل ويفنّدونه، والإدارة العميلة كنموذج، حيث قدّر الله سبحانه وتعالى فناء هذه الإدارة بأيدي المجاهدين إن شاء الله.