الإسلام والسياسة متلازمان!!
الكاتب: أحمد القندوزي
يزعم البعض أن الإسلام دين لا علاقة له بالسياسة، ويدعون أن الإسلام شريعة روحية تعبدية فقط، ولا علاقة لهذا الدين بشؤون الدنيا وسياسة أمور العباد، فيجب أن ينزوى الإسلام في المساجد والصوامع، وأن يترك شؤون الدنيا وساحة السياسة لمذاهب البشر الوضعية وفلسفاتهم الإنسانية، وينتهي هؤلاء المغالطون بأن المطالبة بتطبيق الشريعة وتنفيذ أحكامها لا معنى لها في هذا الزمن، وأن العمل بالإسلام يؤدي إلى اختلال النظام وسفك الدماء.
والحق أن الإسلام والسياسة متلازمان، وهذا الدين ليس مجموعة للعبادات بهذا المفهوم الضيق، بل هو نظام شامل للحياة والسياسة من أهم شؤونه ومجالاته، فلا يتصور أن يدع الإسلام هذا الجانب المهم -السياسة- ويمهله دون أن يرسم له الإطار العريض، ثم يترك التفاصيل والجزئيات للناس يتصرفون فيها بما يناسب ظروف زمانهم ومكانهم.
ولا شك أن صلة الإسلام بالسياسة ثابتة في المرجعية الإسلامية لقوله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ) وقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ) فأولي الأمر هنا -وإن انصرفت إلى كل من يحمل المسؤولية- تنصرف إلى الولاية العظمى في الإسلام، وهي ولاية أمر المسلمين أو رئاسة الدولة الإسلامية، فلولي أمر المسلمين حق السمع والطاعة على رعيته مادام مطيعا لله ولرسوله.
و من المعاني الأخرى التي حرض القرآن على ترسيخها بين المسلمين وفي نفوسهم الإخاء والمساواة، وجعل معيار التفاضل هو التقوى لا الدم والعنصر والحسب والنسب مما يعني أن أفراد الأمة كأعضاء الأسرة متآخون متحابون.
بالإضافة إلى ذلك فإن القرآن حافل بالآيات التي تعالج شؤون المجتمع الإسلامي وأسلوب حياته وتبلور نظمه، والآيات التي تعلي من شأن العدل بأعتباره أساس الحكم الصالح والإدارة السليمة.
كما أن السنة النبوية حفلت بالنصوص التي تتعلق بالسياسة وشؤونها، و هي تؤكد ما ورد في القرآن بهذا الشأن، و من ذلك ما ثبت من قوله صلى الله عليه السلام:( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته) فإذا كانت هذه واجبات الحاكم فمن حقه على الرعية الطاعة في غير معصية، وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم من شأن العدل والإنصاف في الحكم، وحرض على جمع الكلمة ووحدة الصف، فلا شك إذ أن القرآن والسنة قد قوما ولم يغفلا جانب السياسة في حياة المجتمع الإسلامي كما زعم المغرضون والمغالطون.
فالإسلام ظاهرة دينية وسياسية، ولا يمكن الفصل بينهما أبداً، لأن مؤسسه محمد عليه السلام كان نبيا و كان حاكما مثاليًا خبيرا بأساليب الحكم والسياسة، فديننا الإسلام يتميز بخصائص وسمات مهمة ترشحه للقيادة البشرية، وتجعله صالحاً لكل زمان ومكان، فهو إلهي المصدر واضح المعنى لكل حكم تعبدي وأمر سياسي، ويقوم هذا الدين على المحاسن والفضائل وينهى عن القبائح والرزائل، ويتميز بالعدالة الاجتماعية والرحمة العالمية.