![C Simrpv0aabrve](https://www.alsomood.af/wp-content/uploads/2017/11/C_SIMrpV0AABrVE-780x470.jpg)
الإمارة الإسلامية تنشد السلام ولن تخضع للاستسلام!
عرفان بلخي
من المقرر أن يعقد اليوم اجتماع التنسيق بين أربع دول في عمان لمناقشة السلام والحوار في أفغانستان التي قاتلت فيها القوات الأمريكية والمتحالفة معها 16 عاما. يأتي هذا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الاستراتيجية الجديدة والتي تدعو إلى مزيد من القتل والدمار وإرسال طائرات بلاك هوك الفتاكة إلى عملائها. وأعلنت القوات الجوية الأمريكية أنها استهدفت المسلحين في أفغانستان بنحو 751 قذيفة خلال سبتمبر الماضي، أي بزيادة قدرها %50 من الغارات الجوية مقارنة بشهر أغسطس المنصرم، وهذا العدد من القذائف يعد الأكبر منذ 7 شهور. كما أعد ترامب خطة تهدف إلى إغلاق المكتب السياسي للإمارة في قطر، وهذه الخطوات تنبئ أن المعتدين ليسوا جادين للحوار والسلام.
إن الإمارة الإسلامية كما أُسِست لاستباب الأمن والاستقرار وإصلاح ما أفسده الآخرون في البلاد فهي لا تريد إهراق الدماء وإحراق الأرض وإهدار الممتلكات وهتك الحرمات. وكان من منجزاتها: توحيد الأراضي للبلاد، والقضاء على الفساد بكل أنواعه، وجمع الأسلحة وحصرها في الأيدي الأمينة، والقضاء على طبقة المجرمين وأمراء الحرب، وإنشاء المحاكم، وإيجاد نظام إداري لا يشوبه فساد، والقضاء علي زراعة المخدرات، وتطبيق الشريعة الإسلامية، وانتشارالعدل والأمن في كافة أرجاء البلاد، وإيجاد المراكز الخيرية، وتأسيس المدارس والمساجد والمستشفيات والمراكز الدينية والتعلمية، والأهم من ذلك إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد.
مثل النهار يزيد أبصار الورى *** نوراً ويُعمي أعين الخفاشِ
إنَّ كثيراً من وسائل الإعلام الغربية حاولت وتحاول قدر الإمكان إخفاء هذه الحقائق، وتعميتها وتعتيمها على الناس، وخلق حالة من الغبش والضبابيَّة، وتلفيق الأكاذيب والترهات على الإمارة الإسلامية؛ لأنَّهم يعلمون أنَّه لو ظهرت الحقائق، على مرأى ومسمع من هذا العالم، لشهدوا للحركة الإسلامية والألوية البيضاء الخفاقة رمز الإسلام والسلام بالفضل واليمن والبركة، وتلك هي الأساليب العمليَّة التي يستخدمها الطغاة والكفرة بالتحذير من سماع منطق الحق والقوَّة في كل حين.
وفي قصَّة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ حيث كان كفَّار قريش يغبِّشون عليه الحقائق، ويخفونها عليه، بعدَّة قوالب وأساليب، وفي رواية سدي: “اجتمعت قريش، فقالوا: إن محمدا رجل حلو اللسان، إذا كلمه الرجل ذهب بعقله، فانظروا ناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده فردوه عنه. فخرج ناس في كل طريق، فكان إذا أقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد، ووصل إليهم، قال أحدهم: أنا فلان ابن فلان . فيعرفه نسبه، ويقول له: أنا أخبرك عن محمد. إنه رجل كذاب لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيهم وأما شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له. فيرجع الوافد”.
فكانت حرب دعاية منظمة تديرها قريش على الدعوة الإسلامية، ويديرها أمثال قريش في كل زمان ومكان من المستكبرين المتغطرسين الذين لا يريدون الخضوع للحق والبرهان، لأن استكبارهم يمنعهم من الخضوع له. ويكيد الأعداء للمسلمين كل المكائد، ويخفون عنهم الحقائق، ويختلقون الأكاذيب، ونحن نقول مثلما قال المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني كامل
حقا إن الإمارة كانت لاستتباب الأمن والسلام، وهذا دأبها، ولا زالت تسعى لإيجاد صيغة تسنح للمحتلين الانسحاب بلا قيد وشرط، فهي تعلم أن الإسلام يدعو للسلام وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما رد يدا امتدت إليه بسلام، لأن السلام هو منهجه وخلقهـ اللهم إلا إذا كان على حساب الدين وقيمه وفضائله فهو سلام مرفوض واستسلام مهين حذر منه رب العالمين بقوله: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم…).
ويخبرنا التاريخ الإسلامي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مد يده لقريش عندما جاؤا إليه عند الحديبية يفاوضونه، وكان كريماً معهم، وراعى -في غير استسلام- ظروفهم النفسية مع نظرة مستقبلية علم بها صحابته أن السلام في صالح المسلمين وأن الحروب معوقة لانتشار الدين وبسط نوره وسلطانه، ووصف القرآن هذه المعاهدة بأنها نصرعظيم وفتح كبير.
يقول صاحب الظلال :”إن الإسلام دين الرحمة والسلام، وإن الجنة التي أعدت للمتقين اسمها دارالسلام، وتحية أهل الجنة سلام، ولا يوجد قيمة نالت من الشرف ما نالت قيمة السلام في الإسلام، وإنه أسلوب الحياة يحمل المؤمنين مسؤولية إقرار الأمن والسلام في مجتمعاتهم. وقد كتب أحد العلماء أن لفظ السلم (بكسر السين) ورد مرة واحدة، وبفتحها مرتين، وبفتح السين واللام أربع مرات، وهي في الجميع بمعنى السلام وفيها أيضا تحذير من الاستسلام. وورد لفظ (سلام) مرفوعاً في ثلاث وثلاثين موضعاً، كما ورد منصوباً في تسعة مواضع، وهو في المواضع كلها يعني السلام كما يعني أحيانا الأمن أو طيب القول أو دار النعيم”.
تعتقد الإمارة الإسلامية “بأن الإسلام دين سلام، وعقيدة حب، ونظام يستهدف أن يظلل العالم كله بظله، وأن يقيم فيه منهجه، وأن يجمع الناس تحت لواء الله إخوة متعارفين متحابين . وليس هنالك من عائق يحول دون اتجاهه هذا إلا عدوان أعدائه عليه وعلى أهله فأما إذا سالموهم فليس الإسلام براغب في الخصومة! وهو حتى في حالة الخصومة يستبقي أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة، انتظارا لليوم الذي يقتنع فيه خصومه بأن الخير في أن ينضووا تحت لوائه الرفيع ولا ييأس الإسلام من هذا اليوم الذي تستقيم فيه النفوس، فتتجه هذا الاتجاه المستقيم “. في انتظار ذلك اليوم المبارك!
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.