الإمارة الإسلامية فكرة، والأفكار لا تذبل أو تموت
بقلم: سيف الله الهروي
إذا مات منهم سيّد قام سيّد قؤول لأفعال الكرام فعول
هكذا قادة وأمراء وسادة الإمارة الإسلامية في أفغانستان، فما إن يموت منهم أو يُستشهد سيّد، حتى يقوم سيّد جديد قؤول لأفعال الكرام فعول -بإذن الله-، خلافاً لما يتربص بها أعداؤها الألداء من الأمريكان والعصبة العلمانية الحاقدة.
قضى مؤسس الإمارة الإسلامية الأمير الملّا محمد عمر رحمه الله نحبه، فتولّى قيادة الحركة الجهادية العظيمة الأمير الملاّ أختر منصور، وتمكّن -رحمه الله- بقيادته الحكيمة وحنكته وتجربته الجهادية الطويلة مع مؤسس الحركة من الحفاظ علی وحدة صف الحركة وقيادتها قيادة حكيمة وترتيب الأمور ترتيباً غير مسبوق. لا شكّ أنّ قيادة الراحل الملا أختر منصور للإمارة خلال المدة القليلة أغضبت خصوم الإمارة الإسلامية وأدهشتهم بشكل كبير، فلم يكونوا يتوقعون -حسب حساباتهم العقلية الناقصة- دوام الحركة بعد وفاة مؤسسها، لذلك لم يجدوا إلا أن يدبّروا ويكيدوا لاغتياله واستشهاده، حتى استشهد بغارة جوية، فرحمه الله رحمة واسعة.
الغارة التي استشهد بها الأمير الملا اختر منصور كانت من جانب الأمريكان الماکرين الذين طالما ملأوا وسائل الإعلام بالحديث المعسول عن الصلح والسلام، بينما عيونهم الخبيثة الماكرة كانت موجّهة نحو مطاردة أمراء الجهاد في أفغانستان واغتيالهم.
إن اغتيال الملا منصور بهذه الغارة الخبيثة للأمريكان لهو أكبر دليل علی أن المجتمع الدولي الذي تقوده أمريكا لا يُريد الصلح ولا السلام في أفغانستان أبداً، بل هدفهم الأساسي من مؤتمرات ومفاوضات السلام هنا وهناك هو التعرّف أكثر علی أمراء وقادة الجهاد ومطاردتهم من خلال التتبع ووسائل التجسس المتطورة، ومن ثمّ اغتيالهم.
حسب العادة بعد استشهاد الملا أختر تساءل الكثيرون: ماذا بعد استشهاد الأمير الملا اختر منصور؟ ماهو مصير الحركة والإمارة؟ وأسئلة أخرى أثارها الحاقدون المتشائمون ضد الحركة. وقد أجابت الإمارة الإسلامية هذه الأسئلة فعلاً لا قولاً، حيث قامت بتعيين هبة الله آخندزاده أميراً جديداً خلفاً للملا أختر منصور في وقت وجيز لم يتجاوز المدة المسنونة لتعيين الأمراء والخلفاء في التاريخ الإسلامي.
وأكّدت الإمارة أنّ قرار تعيين الشيخ هبة الله جاء بعد اتفاق أعضاء مجلس الشورى التابع لها بالإجماع. وأضافت في بيانها أن سراج الدين حقاني والملا يعقوب نجل الملا عمر عُيّنا نائبين لآخندزاده.
وأوضحت الإمارة في بيان وزعته على وسائل الإعلام أن اختيار أخندزاده -الذي كان نائباً لمنصور- تم في اجتماع لقادتها.
الإمارة الإسلامية ببيانها هذا وباتفاقها على تعيين أمير جديد خلال هذه المدة القصيرة فاجأت الجميع، وكمّمت أفواه كافة المتشائمين بمصيرها، وفنّدت كافة الأقاويل والاحتمالات الباطلة التي توقّعها الأعداء والمراقبون بأنّ الحركة ستواجه أزمة واختلافاً في تعيين أمير جديد لها، أو أنها ستتاثّر بمقتل أميرها، وغير ذلك من التوقّعات الباطلة الناشئة عن سوء فهمهم للإمارة الإسلامية ورسالتها وأهدافها السامية.
ثمّ إن هذا التعيين دلّ بوضوح -مرة أخری- علی أنّ الإمارة الإسلامية في أفغانستان -بخلاف ما يتوهّم الخصوم- قادرة على التوحّد، كما أنها قادرة -بإذن الله- على تجاوز كافّة المشكلات والصعوبات والعقبات بسهولة، وأنها لا تعارض الصلح والسلام في أفغانستان بخلاف ما يروج عنها أعداؤها الحاقدين، لكنّها ترفض الشروط الأمريكية للحوار، وليس رفض شروطها تشدداً ولا تطرفاً، ولكن من حقها أن ترفض شروطاً ظالمة، ومن حقها أن ترفض شروطاً باطلة، ومن حقها أن ترفض شروطاً ليس فيها مصلحة الدين ولا منفعة الوطن، ومن حقها أن ترفض وجود المحتل واستمرار الاحتلال في أفغانستان، فالمحتلون لا حق لهم أبداً في فرض شروط مطلقاً وهم ماضون في احتلالهم لا يتخلّون عنه، بينما تخلّيهم عن الاحتلال وانسحابهم من أفغانستان هو الهدف الذي من أجله يقاتل جنود الإمارة الإسلامية ومن أجله يضحون بأموالهم وأنفسهم.
إنّ استشهاد الأمير الراحل الملا اختر منصور، واتفاق الحركة من بعده على تعيين أمير جديد، واستمرارها في السير نحو أهدافها وغاياتها السامية أثبت أن مقتل زعيم الحركة لن يؤدي إلى اضمحلالها بإذن الله، بل سيزيد مقاتليها ثباتاً واستقامة لتحقيق الهدف، وسيزيدهم تمسكاً بالحق وتصلباً عليه، لأنّ الوقوف ضد الصليبيين وأعوانهم ليس مبنياً على وجود الشخصيات والأشخاص وإن كان فقدهم خسارة كبيرة للعالم الإسلامي، بل مبني على “الفكرة” التي لن تموت بموت شخص أو عدّة أشخاص، بل لن تموت إلى يوم القيامة بإذن الله تعالى.