الإمارة الإسلامية لاتزال تؤرق العدوّ وأعوانه!
بقلم: حافظ منصور
من الواضح أن الأمريکان يحاولون تنفیذ مؤامرة كبرى على أفغانستان بمعاونة العملاء بعد هزیمتهم في الحرب العسکریة الجاریة، رغبة منهم في تدمير تجربة الإمارة الإسلامیة الناجحة، وحاضنتها الشعبیة التي لا تزال تؤمن بالفکر الإسلامي السلیم، تأكل مما تزرع، ولا تتدخل في شؤون الآخرین ولا تسمح للآخرین بالتدخل في شؤونها. إن المؤامرة التي يريد الأمیرکان تنفيذها في أفغانستان هي أن تستمر البلاد في ویلاتها وأن يستمر مسلسل سرقة خيراتها، وأن لا تلبس مما تصنع، وتُلبس الآخرين، وأن تخضع لهيمنة أمريكا بعد أن لا تجد ما تدافع به عن نفسها، وعن أمتها.
إن مصطلح (الصلح والسلام) الذي يتم برعایة أمیرکية ماهو في الحقيقة إلا إرادة لاستمرار بقاء المحتلين الأجانب في الأرض الأفغانیة، الأمر الذي سيؤدي إلی استمرار وقوع الشعب الأفغاني تحت نار الحرب، التي لن تسلم منها مصالح الأمیرکان، واقتصادهم، والمشتركون في هذه المؤامرة هم الحکومة المحلیة والأمريكان والأوروبيون والروس والصهاينة، والعملاء بكافة أطيافهم في أفغانستان!
إن الجنایات الهائلة التي ارتکبتها المیلیشیات المحلية وعملیات القصف الذي استهدف البیوت في دندغوري بولایة بغلان، بذريعة إيواء سکان دندغوري للمجاهدین ماهو إلا أحد أشکال تلک المؤامرة البائسة.
لکن کل هذه العملیات العسکریة التي يشنها العدو لم تقلص من نجاحات الإمارة الإسلامیة حتی الآن، فقد ذللت الإمارة الإسلامیة أکبر العوائق بفضل الجهاد والصمود، وأصبحت تبسط الأمن والسلام في المناطق المحررة من رجس الأعداء. وقد قدّمت رؤية سياسية عميقة لما يجري في الساحة، على كافة الأصعدة، وانتهجت طریقاً ملموساً، يدور في خلد كل أفغاني شريف.
لقد رأى العالم أن الإمارة الإسلامیة، والتي نجحت في إظهار “وجه الإسلام المشرق”، كيف استطاعت في فترة حكمها للبلاد أن تنفذ مشروعات أدت إلى نمو المنهج الإسلامي والاقتصادي، فضلًا عن سياستها الداخلیة والخارجیة القوية التي جمعت بين المصالح العامة، والأفكار الإسلامية، مما جعلها فيما بعد هدفاً لمؤامرة أمیرکیة صهیونیة.
إنّ صوت الإمارة الإسلامیة لم ينخفض في الأیام الشدائد، وهانحن نسمع الیوم صوتها بنفس القوة حين قال أمیر المؤمنین الملا أخترمحمد منصور، في أعقاب عملیات العزم، بأن حرب الطالبان على “الأعداء”، الذين يشنون هجمات، ویخربون البنیة الأساسیة لأفغانستان والقوى التي تقف وراءهم، ستستمر بتصميم متزايد. وأبدت الإمارة الإسلامیة استغرابها من بعض الحلقات التي يعقدها العملاء باسم الطالبان في محاولة لمساعدة الموقف الأمريكي، الداعم للحکومة العلمانیة.
إنه برغم كافة المواقف، والقرارات الغربية، الداعمة للحرب الأمیرکیة على أفغانستان، في الأعوام المنصرمة، اتسعت دائرة المناطق الخاضعة للإمارة الإسلامیة (وما يروّجه الإعلام لیس إلا قولاً زوراً). وهاهم الأمیرکان يلجأون من ساحة المعارک إلی الدعوة للجلوس علی کراسي التفاوض، الأمر الذي يفسر تفسيراً واضحاً تخوف الأمیرکان وأعوانهم من الخسائر التي يتكبدونها نتيجة استمرار المقاومة الجهادية.
إن موقف الأمريكان وعملائهم، يتلخص في أمر واحد، وهو تخوفهم من الإمارة الإسلامیة، وهو ما أرغمهم على الترحيب بالجلوس علی کراسي المفاوضات التي يدیرها ألدّ أعداء الشعب الأفغاني، مع إنفاق أکثر من 700 ملیون دولار علیها للحصول على نتائجها!
كانت حكومة کرزاي فيما مضى تطلب أن يکون قرار السلام داخلیاً، بينما تعوّل حكومة أشرف غني اليوم عقد المفاوضات على الصین وباکستان وأمیرکا، فقرار السلام بهذا الشكل حسب رؤیة المجاهدین ماهو إلا نوع من الفرار، والظاهر للعيان أن أمیرکا هي المستفيدة الأكبر من هذه المفاوضات.
وبالنظر إلى بداية مرحله نجاحات الطالبان في المناطق الشمالیة، أعلن ذبیح الله مجاهد أن الإمارة الإسلامیة مبتعدة عن المظاهر التي اتسمت بها أحزاب عمیلة من الهمجیة، ويُدرك من بیانه أن الإلتزام الإسلامي للطالبان، لا يعني مخالفة المفاوضات التي تعود بالسلام للشعب الأفغاني، ولکن هذا السلام المنشود لن یتحقق إلا بعد خروج الأجانب المحتلین من البلاد، الهدف الذي تسعی الإمارة إلى تحقیقه بالمستقبل القريب.
إن رؤية الطالبان السياسية والعسكرية الواضحة، وبراعة ذراعها العسكري والسياسي، جعلت الاحتلال ينظر إليها على أنها خطر يُهدد الأمیرکان والأوروبيين، كقوة صاعدة على كافة الأصعدة، خاصة بعدما انتقلت سیطره المجاهدین، من القری إلى المدن الکبیرة.
وإلى بجانب الإنجازات العسکریة والسیاسة للإمارة الإسلامیة، فقد قامت بعدة إنجازات سياسية، لعل أبرزها، حلّها لجزء من المشكلة الطائفیة، التي كانت تؤرق الشعب منذ عشرات السنين، رغم استمرار الصراع، ورغم الإعلام الذي یصنف الإمارة كـ”منظمة ارهابية”، فضلًا عن إنجازاتها الدینیة التي حققتها في مجال تعمیق جذورها بین الشباب، باحترافية عالية.
لقد شنت أمريکا الحرب وطلبت إیقافها بعد أن نجحت الإمارة في إثبات نفسها كقوة إقليمية صاعدة، لكن أمريكا وبعض الجهات الأخرى الداعمة لها، ترفض هذه القوة، وتسعى إلى تدميرها بكافة الوسائل، وتُعتبر الحلقات التي يدیرها أشرف غني باسم مفاوضات السلام إحدى هذه الوسائل، وإن عقدت تحت مسميات مختلفة.
لقد أثبت المجاهدون أن الإماره هي القوة القادمة، وأنها صاحبة رؤية إسلامية، تقوم على العمل والأخذ بالأسباب وعدم المعادة، وتدعو إلى وحدة الشعب وقوة الدولة. وفي مدة وجيزة، استطاعت أن تحقق نجاحات “عظمى”، ما زاد استهداف المتآمرين عليها سرًا وعلانية، لكن على الرغم من ذلك ستكون الإمارة الإسلامیة القوة الاستراتيجية الأكبر في المنطقة في القادم القريب بإذن الله.