الإمارة الإسلامية والعلاقات مع الدول العربية من جديد
عزيزالله أفغان
نظرًا للعقيدة الدينية لدى الشعب الأفغاني وإيمانه العميق بالثقافة الإسلامية وعلاقاتها المتجذرة بالدول العربية والإسلامية وكعضو في الأمة الإسلامية، يحدوه الأمل للمشاركة بصورة جادّة في حل كافة القضايا المصيرية للأمّة، والاهتمام بالمستجدات على الصعيدين العربي والإسلامي؛ كتنامي ظاهرة داعش الإرهابي، وتهريب المخدرات، والجرائم المنظّمة، والهجرة غير الشرعية، وهجرة العقول النابغة، وتفشي الأمية، والفقر والعوز، وغياب العدالة الاجتماعية، وتأخر التطوّر ممّا يجعل من توطيد العلاقات مع الدول العربية والإسلامية أمرًا ضروريًا؛ لأنّ مستقبل أفغانستان بصورة طبيعية معقود بمستقبل العالمين الإسلامي والعربي.
لاشك أنّ الإمارة الإسلامية -من خلال تجربتها المريرة- تدرك جيدًا أنّ أمن دول المنطقة لا يتجزأ، لذلك فإنّ استمرار الأزمات والتطرف الداعشي في دولة من دول المنطقة سيؤدي بالتأكيد إلى زعزعة الاستقرار في الدول الأخرى. والشواهد أصبحت شاخصة أمام الجميع ممّا تشهده عدد من دول المنطقة مثل العراق، وسوريا واليمن وليبيا وغيرها.
ومن هذا المنطلق فإنّ السياسة الخارجية للإمارة الإسلامية تركّزت على تعزيز العلاقات مع الدول العربية بشكل خاص، نظرًا لما يتمتع به العالم العربي من مكانة متميزة لدى الشعب الأفغاني، والتي كانت حصيلة مشتركات تاريخية ودينية وثقافية، جعلته جزءً من محيطها الثقافي والاجتماعي.
والإمارة الإسلامية لم تدّخر جهدًا لتوطيد العلاقات مع الدول العربية، ولأجل ذلك أرسلت الوفود تلو الوفود، والرسائل تلو الرسائل، كي تذيب هذا الجليد الذي كان عائقًا أمام الإمارة الإسلامية والدول العربية بعد ذهاب الاحتلال والمحتلين، وتحسين صورة المجاهدين بعدما شوهها الإعلام الغربي. وعلى الرغم من هذا الفتور الذي أصاب تلك العلاقة خلال مرحلة هروب المحتلّين، إلا أنّ العلاقات العربية الأفغانية شهدت أخيرًا تحسّنا ملحوظًا ولله الحمد.
وأخيرًا سلّمت الإمارات العربية المتحدة قنصلية دبي إلى ممثلي الإمارة الإسلامية وعلاوة على ذلك أرسلتْ وفدًا من المشايخ والفقهاء إلى أفغانستان لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها مع الإمارة الإسلامية، فرحّبت الإمارة الإسلامية بهذا الوفد الكريم بحفاوة بالغة، وأعرب معالي وزير خارجية الإمارة الإسلامية أمير خان متقي (حفظه الله) خلال زيارة هذا الوفد الكريم عن رغبة الإمارة الإسلامية في فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية ولا سيما مع الإمارات المتحدة العربية، والتأكيد على اتخاذ قرارات واضحة في السياسة الخارجية تفيد الشعب الأفغاني المظلوم المضطهد الذي ظل تحت نير الاحتلال والمحتلين والحروب الدامية ردحًا من الزمن.
إن وجود جاليات أفغانية كبيرة، حيث يعمل الآلاف من العمّال الأفغان في الدول العربية التي لها أهميتها من النّاحية الاقتصادية والتجارية مثل دول الخليج؛ أمر يُحتّم على الحكومة الأفغانية العمل على ترسيخ العلاقات مع تلك الدول في ضوء التطوّرات الاقتصادية السريعة للحفاظ على سوق العمل للأيدي العاملة الأفغانية.
إنّ أفغانستان كونها بلد مسلم، تسخّر كل طاقاتها لأنْ تعيش في سلم خالية من المتطرفين؛ ولأجل ذلك فهي جادّة في قمع الدواعش، على الرغم من أنّ الدواعش لا مكان لهم بين أبناء الشعب الأفغاني المجاهد؛ فداعش مشروع أجنبي من صنع الاستخبارات العالمية، يقوم بالتفجير والتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار في أي مكان، ونتيجة ضخ الدولارات الضخمة تم إدخال هذا المشروع الخبيث إلى أفغانستان لزعزعة كيان إمارة إسلامية تطبق الشريعة وتحكم بالعدل وتكافح الفساد والإفساد. والإمارة الإسلامية -بدورها- لن تسمح أن تستخدم الأراضي الأفغانية ضدّ أي حكومة مجاورة أو دول المنطقة.
وتعتمد الحكومة الأفغانية الأهداف الرئيسية التالية في سياستها الخارجية:
- المبادئ الإسلامية والموقع الاستراتيجي والترانزيت والتجارة.
- الدفاع عن حقوق المواطنين الأفغان في الدول العربية.
- توطيد العلاقات الإقليمية في إطار عملية قلب آسيا ومنظمة التعاون الإسلامي.
- السعي لإيجاد إجماع إقليمي لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب وانتشار الأسلحة النووية ومكافحة المخدّرات والجرائم المنظمة.
- تطوير العلاقات السياسية والأمنية والثقافية والاقتصادية.
- طلب دعم الدول الإسلامية والعربية للاعتراف بالإمارة الإسلامية والإسهام في عملية إعادة الإعمار في أفغانستان وبنيتها التحتية، وتعزيز مكانة أفغانستان إقليميا ودوليًا.
- التوازن في العلاقات مع الشرق والغرب.