الاتعاظ من التاريخ أم الجهل بالتاريخ
عماد الدين زرنجي
دوما يؤكد أشرف غني أنه من تلاميذ التاريخ وأنه يتعظ من الأخطاء التي أرتكبتها قادة أفغانستان في القرون الماضية وأحيانا يصرح أنه مكلف بتكميل صرح المشاريع التي بدأها أمام الله خان، الملك الراحل لأفغانستان. الرجل مع تخصصه الاقتصادي، يعرف نفسه خبيرا بالتاريخ. وهذه الثقة الكاذبة بالنفس من عوامل هزيمته في كثير من القضايا في البلد.
لم تنته تصريحاته التاريخية بعد، بل هذه السلسلة من التصريحات التاريخية والاتعاظ منها، مستمرة. من هذه السلسلة تصريحاته في جلسة مع شوری الحلف الاطلسي إذ رد على سؤال أحد الحاضرين عن إمكانية الدولة الموقتة واستقالته عن الحكم، فقال: “إن من أخطاء الدكتور نجيب الله، هو تنازله عن الحكم خلال مذاكراته مع المجاهدين. إننا شاهدنا هذا الفلم مرة ولا ترغب في مشاهدة تكراره مرة أخرى.”
وقد ردت إبنة الدكتور نجيب الله على هذه الكلمة التي تدل دلالة واضحة على جهل صاحبها بالتاريخ الجهاد الأفغاني ضد الشيوعيين، إذ كتبت على حسابها في تويتر: “على أي حال، لكل فلم نهاية. لكن التكبر والأنانية تحتاج إلى الإصلاح.”
إن مراجعة تاريخ الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، تثبت أن عملاء الاحتلال الأمريكي رغم إدعائهم، لم يعتبروا من مسير عملاء السوفييت. بل التكبر والأنانية وإغرائات بعض دول المنطقة جعلهم يدلون بهذه التصريحات.
إنني عندما راجعت إلى تلك التاريخ، توصلت إلى أن المحتلين وعملاءهم تجربوا جمیع الطرق التي يسلكها أذناب أمريكا في هذه الأيام. وأخيرا لم يجدوا بدا عن التنازل عن الحكم وتفويض دفة الحكم إلى أهلها.
ففي نهاية الاحتلال السوفييتي، أراد المحتلون مغادرة البلاد. سعت إدارة كابل آن ذاك لإقناع السوفييت للبقاء في أفغانستان. لكن نتيجة للانكسارات والهزائم التي أصيب بها المحتلون، رجحوا الفرار على القرار. لإبلاغ هذا القرار، طلب غورباتشف، آخر رئیس الاتحاد السوفييتي، الدوكتور نجیب الله، إلى مسکو وأبلغه قرار الانسحاب من أفغانستان وأكد لنجيب أن يوطد دعائم حكمه بنفسه.
أصغى الدكتور نجيب الله إلى كلمة غورباتشف وغادر مسکو ناويا اعتضاض الحکم بالنواجذ. بحسب الخبراء، إن الدكتور نجیب الله بدل الخوض في ترسيخ الحكم، حاول بطرق مختلفة إقناع السوفييت للبقاء في أفغانستان.
لكن غورباتشف قضى بخروج قواته من أفغانستان. الصفحة التي تحيرت من مطالعته في صفحات الاحتلال السوفييتي أن غورباتشف عندما تيقن من هزيمته في أفغانستان، تولى عن حكومة نجيب الله و أخذ بالارتباط مع المجاهدين.
إن خيانة المحتلين مع العملاء قديم قدم الاحتلال. إن أشرف غني وبقية العملاء يظنون أن نجيب الله بعجلته في الاستقالة سبب نهاية حكمه. ولا يدري أنه بذل جهود كبيرة لبقاء حكمه.
لكن دون جدوى. وأخيرا بعد هذه الجهود الكثيرة والمحاولات العديدة، أجبر على تسليم الحكم إلى المجاهدين. الحقيقة المؤلمة أن العملاء رغم إدعائهم لم يتعظوا من الاحتلال ومسير العملاء.
إن هذا الجانب من التاريخ، يعطينا درسا واضحا وهو أن الاحتلال محكوم بالفشل وأن حكم العملاء لا يدوم كثيرا. يا ليت أشرف غني وبقية العملاء يأخذون هذا الدرس من التاريخ ولم يعرفوا مسار الصلح في أفغانستان.