الاتفاقية الأمنية ونقضها من قبل الأمریکان
شادي خان سنگين
إن نقض العهود والمواثیق من دیدن الیهود والنصاری. إنهم لا أیمان لهم. بل إنهم یتحرون الفرص لنقض العهود والمواثیق. وکتب السیرة والتاریخ الإسلامي أثبتت وقائع کثیرة من هذا النقض، ففي المدینة المنورة شهد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم حوادث نقض العهود من جانب الیهود مرات عدیدة. حيث نقض الیهود للمیثاق الموقع بینهم وبین النبي صلی الله علیه وسلم في غزوة الأحزاب إذ تکالبت جمیع القوی والفئات واتحدت ضد الاسلام، وقد لعب الیهود فیها دو الساعد الیمین. وغزوة بني قریضة بادر بها النبي صلی الله علیه وسلم؛ تادیباً لهم لما قاموا به من الخیانه ضد الإسلام ونقضهم المیثاق الموقع بینهم وبین المسلمین. والتاریخ الإسلامي الأخیر حافل بهذه الخیانات.
ولعل آخر مظاهر هذا النقض هو ما قام به الأمریکان بعد توقیع القرار الأمني من جانب أشرف غني، حيث شاهد الشعب الأفغاني هذا النقض في عدم إیفاء الأمریکان بشروط هذا القرار. لذلك بحث البرلمان الأفغاني ملف هذا القرار في الشهر المنصرم وذلك بعد تیقنهم من خیانة الأمریکان لهم. والحمدلله علی هذا التیقن، وهذا ما کنا ننادي به علی مدار الأعوام الخمس عشرة الماضیة. ونتأسف علی أنّ هذا النداء لم یجد آذاناً صاغیة من جانب الواقفین خلف اسم الجهاد. بل حملوا هذا النداء علی العناد وعدم المعرفة بالغربیین.
علی کلٍ، فإن هذه البادرة من جانب البرلمان الأفغاني بادرة خیر، لعل الله یجعلها خطوة نحو الیقظة الشاملة للشعب والعاملین في حكومة کابل. وقد أکد أکثر أعضاء البرلمان علی أنّ الأمریکان لیسوا أصدقاء أوفياء لأفغانستان.
وهذا ما أيقنه الشعب أيضاً، فإن الشعب الأفغاني فقد ثقته بأمریکا. هذا وقبل سنتین عندما وقّع رئیس حكومة الوحدة الوطنية على الاتفاقية، عدّها نقطة تحوّل في تاریخ إرساء قواعد الأمن والثبات وتنمیة الاقتصاد في أفغانستان. ولکن الیوم بعد مضي سنتین على ذلك التوقیع المخجل، هل حققت حكومة الوحدة الوطنیة أي شيء مما وعدت به الشعب.
والعجب أنّ رؤوس الحكومة یجیبون بأنهم وصلوا إلی أهدافهم من توقیع هذا القرار! وقد صرحوا بأن تسليم رواتب الجنود في مواعيدها المحددة أحد أهدافنا من هذا التوقیع. وزادوا أنّ حكومة الوحدة الوطنیة -ببرکة هذا القرار- استطاعت صرف ملیارات الدولارات على مشاریعها الأمنیة. وعدّوا نجاحهم في احتلال قندوز مرة ثانیة من قبل الحكومة من برکات هذا القرار.
أمّا الشعب والنواب المنصفین، فلم تقنعهم هذه الکلمات المزورة؛ بل یعتقدون أنّ الأمریکان لم يوفوا بالشروط، بل زادوا الطین بلة والبلاد خربانا. ولا ندري هل ستثمر الجدالات والمباحثات الجاریة حول هذا القرار في البرلمان أم لا.
أمّا فائدته الأهم لنا: هي توصل النواب إلی خطورة هذا القرار وخیانه الأمریکان، وخوفهم من المستقبل الرهیب الذي ینتظر هذه البلاد وشعبها في ظل القرار الأمني الأمریکي.
الموقعون لهذا القرار عقدوا آمالاً عريضة على أمریکا، منها أنهم ظنوا أنّ الأمریکان بقواتهم وإمکاناتهم النظامیة بإمکانهم القضاء علی المجاهدین. وکان الظاهر یصدق هؤلاء في تصوراتهم، ولکن بعد خوض المعرکة على الميدان، عجزت أمریکا عن تحقیق هذه الموامرة ضد أبناء الإمارة الإسلامیة.
فهذا الناشط الإعلامي “جان گراس” یقول: لاشك أن الشعب الأفغاني ورجالات حكومة کابل عقدوا آمالاً کباراً علی الجنود الأمریکیین للقضاء علی الإرهابیین، ولکن الواقع خیّب آمالهم. إذ لم يستطع الحلف الأطلسي تحقیق هذه الأمنیة. (موقع خاور)
وما أحسن تعبیر أحد العلماء الأفغان عن القرار الأمني، حيث قال أنه قرار بین فأر وفأر للقضاء علی الأسد!.
لكن الحقيقة أن الطرفان الموقعان على الاتفاقية عجزا عن تحقیق شيء في هذا المجال. وربما تکهن کرزي -الرئیس السابق- بهذه الخیانة، ولذلك لم یوقعها. لکن أشرف غني بتوقیعه عليها، وقع سند عبودیته لأمریکا.
إننا نستبشر بیقظة نواب البرلمان لخیانة الأمریکان في هذا المجال، ونأمل أن تتغلغل هذه الیقظة بین القادة وأصحاب النفوذ من النظامیین والأطیاف الراقدة في خلایا الشعب، لیتهیأ المجال لصحوة کبیرة علی صعید أفغانستان لتوحید کلمة الشعب لإخراج الأمریکیین من البلد. وخروج الأمریکان والمحتلین من أفغانستان هو أولى شروط تحقیق السلام في أفغانستان.
عودا على بدء، فإن الاتفاقية الأمنية تحولت إلی وریقات تطبق علی حكومة کابل ولا تطبق علی أمریکا. وهذا دأبهم في جمیع المواثیق والقرارات التي وُقّعت بینهم وبین المسلمین. نسأل الله العافیة لبلدنا الحبیب ولشعبنا الأبي من أخطار هذا القرار.