الاستطلاعات المزورة للتعمية على الواقع
رضوان الكابلي
لا نشك في خیبة أمل المحتلین في تحقيق أهدافهم الخبیثة بأفغانستان، لا سيما في الحكومة الفاشلة الفاسدة العمیلة التي أسسوها في كابل وفوضوا أمورها إلی أفسد أبناء هذا البلد. إن هذه الخیبة والهزیمة أدت بالغربیین ومن والاهم إلی اختلاق الأرقام والاستطلاعات المزورة التي تزویرها أظهر من الشمس عند العامة. من هذه الاستطلاعات المختلقة هو ما قامت به مؤسسة بیت الحریة.
إن مؤسسة “بیت الحریة” مؤسسة حكومیة تعمل في المجالات الثلاثة الآتیة: السیاسة الخارجیة، الحرب والصلح، والتنمیة الاقتصادیة لحكومة الوحدة الوطنیة. وقد نشرت هذه المؤسسة آخر تقریرها الاستطلاعیة في الشهر المنصرم، قارنت فيه بين الحكومة الحالیة وبين حكومة كرزاي، واعتبرت أن حكومة الوحدة الوطنیة كانت أنجح في مجال السیاسة الخارجیة من حكومة كرزاي.
هذا على الرغم من أن استطلاع آخر قبل مدة قليلة كشف أن سبعین بالمئة من الشعب غیر راضین عن تصرفات الحكومة وأنهم قطعوا أملهم بها.
إن حصیلة تقریر بیت الحریة هو التغطیة على أخطاء الحكومة الحالية، ونقد أوضاع حكومة كرزاي. وبإمعان النظر في ملف حكومة أشرف غني، نری أنّ الواقع یكذّب نتائج هذا الاستطلاع.
كما أن إعطاء لقب المفكر الثاني لأشرف غني لنجاحه في الانتخابات الرئاسیة كان لتحسين صورته، فكذلك هذا الاستطلاع يريد أن يصور الحكومة بأحسن صورة في أذهان الشعب.
الحقیقه تقول لنا أن الواقع الأفغاني في ظل الحكومة الحالیة تأزم بشكل أكبر من ذي قبل. فإن الفقر والبطالة مشكلتان عظیمتان قد ازدادتا في ظل حكومة أشرف غني، ولم تستطع الحكومة إیجاد أعمال أخری للشعب، بل لم تستطع إبقاء الأعمال السابقة.
مضت سنتان من عمر هذه الحكومة في الجدال مع الأحزاب والسیاسیین. وقد اشتدت الأوضاع علی الشباب فآثروا مغادرة البلد علی البقاء فیها. والأوضاع الأمنیة تزداد تأزماً یومیاً.
إن الاختطاف والسرقه وتعاطي المخدرات من المصائب التي یعاني منها شعبنا. ومع هذا الواقع الألیم، هل یمكننا تصدیق هذا الاستطلاع و التقریر؟ لا، لا یمكن.
إن الفساد والتمييز بين الأشخاص بلغ مبلغاً، بينما تقوم الدولة على مرأی ومسمع من الشعب بإعلان هذه التقاریر والاستطلاعات لتكون تغطیة على الواقع الألیم الأفغاني. أما الیأس والقنوط من حكومة كابل قد تغلل إلى أعماق المجتمع الأفغاني.
وإن المغادرة الواسعة للبلد من قبل الشباب وهجرتهم إلی البلاد الأجنبیة خیر دلیل علی هذا الیأس والقنوط.
كما أفاد تقریر مؤسسة بیت الحریة أن كثیراً من الشعب يعلّقون آمالهم على مشاریع البنیة التحتیة. ولكن بالرجوع إلی واقع الشعب والاستماع إلی شكاویهم، یسوقنا ذلك نحو حقیقة واضحة تعامت عنها المؤسسة المذكورة وحملت وزر الكذب لصالح الدولة. الواقع أن میزانیات أكثر مشاریع البنیة التحتیة الموقّعة لم تصل حتی إلی حسابات البنوك. بل سُرِقت في بنوك البلاد الممولة. فكیف یمكن أن یعلق الشعب آمالا على المشاریع المزورة التي لا وجود لها في واقع الأمر؟!
وبالنظر الدقیق إلی هذا الاستطلاع، نستنتج أنه استطلاع مزور بعید عن الواقعیة والمصداقیة، وبعید عن واقع حیاة الشعب المسكین. بل إنه يحابي رؤساء الحكومة للتعتيم عن أخطائها وذرّ التراب في أعین الشعب. البلد لم یزل غیر آمن، وملفات الرشی وتعاطي المخدرات والهجرة لا تزال مفتوحة، وهنالك أكثر من ملیون مواطن لا یملكون أبسط حوائج العیش، بل یبیتون في الشوارع ومحل القاذورات.
ولم يعد للحكومة من خيار إلا تأسیس مؤسسات تنشط لصالحها وتجعل من أشرف غني بطلاً، وقد تسمیه بأیقونة رقي البلد وتنمیتها اقتصادیاً وعلمیاً.
إن الجدال الموجود بین الرئیسین، أشرف غنی وعبدالله، الذي یثار بین فینة وفینة، ونقض القوانین التي صدرت من عند أنفسهم، ومئات الأزمات التي یعاني منها شعبنا، لا یمكن تجاهلها باستطلاع مزور كهذا. بل مع مرور الوقت یقتنع جمیع أبناء الشعب بذل الرؤساء الموجودین الذین یریدون بیع هذا البلد بثمن بخس دراهم معدودة، البلد الذي قدم الشعب لتحريره وإقامة الشريعة الإسلامية فيه أكثر من ملیوني شهید.
بالمناسبة أنقل كلمة قبول أف، ممثل بوتین في شؤون أفغانستان، وهو یتحدث عن الأرقام التي تعلنها منظمة الأمم المتحدة، حيث يقول: أعلم جیداً كیف تزور منظمة الأمم الأرقام. (موقع آناتولی).
ونحن نعلم جیداً كیف تختلق الحكومة العمیلة الأرقام والاستطلاعات المزورة. إن الاستطلاعات المزورة لن تجدي المحتلین شیئاً، بل تزیدهم ذلاً و عاراً لدی الشعب.