الافتتاحية: أين المنظمات الإغاثية من الكوارث الطبيعية في أفغانستان؟
لم يكد الشعب الأفغاني يلتقط أنفاسه ويتنفس الصعداء بعد عشرين عاماً قضاها في حربه الطاحنة ضد المحتلين لتطهير أرضه من دنسهم؛ حتى باغتته أزمة الكوارث الطبيعية التي ضربت أجزاء كبيرة من البلاد مؤخراً، وأضافت إلى معناته من تبعات الحروب المتعاقبة عليه معاناة أخرى.
الزلازل والفيضانات والسيول كانت هي الضيف الثقيل الذي حلّ على مناطق واسعة من البلاد في الأشهر القليلة الماضية؛ فتسبب بمقتل وإصابة المئات من المواطنين، وتشريد آخرين بعد أن دُمرت منازلهم وانهارت على ساكنيها، وتلفت آلاف المحاصيل الزراعية والدكاكين التجارية التي تعد مصدر الرزق الأوحد لآلاف العائلات.
وأعلنت هيئة التعامل مع الكوارث الطبيعية في إمارة أفغانستان الإسلامية أن 21 ولاية من ولايات البلاد اجتاحتها الفيضانات الأخيرة على مدى شهر أغسطس المنصرم. وأوضحت الهيئة أن 194 شخصاً لقوا حتفهم، وأصيب 260 آخرون، وبيّنت أن مليون أسرة في حاجة ماسة للمساعدات العاجلة حيث دُمر 12020 منزلاً، و600 ألف دونم من الأراضي الزراعية، ونفق 9 آلاف رأس من الماشية.
وتبذل حكومة الإمارة الإسلامية قصارى جهدها، مسخرة كافة الإمكانات المتاحة، للتعامل مع هذه الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر الروحية والمادية ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، رغم التضييق السياسي والاقتصادي غير الإنساني والظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة على إمارة أفغانستان الإسلامية؛ الأمر الذي فاقم من أوجاع الشعب الأفغاني وزاد معاناته سوءاً.
وفي خضم هذه الأزمات المتعاقبة على شعب أفغانستان يجدر بكل حيِّ القلب صادق العزم، من مؤسسات حكومية وهيئات مجتمعية ومنظمات إغاثية وأفراد، أن يكون لهم بصمات إحسان وبرّ وخير في التخفيف من معاناة هذا الشعب المكلوم، والمسح عليه بأكف العطاء والرحمة، وتقديم المعونات العاجلة له؛ الغذائية، والصحية، والمالية، والسكنية، والنفسية، والتعليمية، وغيرها من المعونات الضرورية في كافة مناحي الحياة.
المسلمـــون وإن بانـت منــازلهــم *** جسمٌ وأعضــاؤه موصولة الوتـرِ
إن يشتكي العضوُ منه؛ بات سائره *** يشكو المزيد من الإعياءِ والسهرِ
لقد عانى الشعب الأفغاني أمرّ المعاناة وأشدّها خلال سنين الاحتلال العشرين؛ عانى القتل، والأسر، والتشريد، والتجويع، والظلم، والنهب، وتسليط السفهاء والعملاء على رقابه؛ ودافع كل ذلك وقاومه بروحه ودمه وبالإيمان الذي في صدره وبفلذات كبده وقرة عينه من أبنائه وشبابه، حتى أنه كاد أن يكون رأس الحربة الوحيد في الدفاع عن كرامة الأمة الإسلامية وشرفها وعزتها أمام زحف الغطرسة الأمريكية الغاشمة المتوحشة، فكان له -بفضل الله- ما أراد بانتزاع حريته واستقلاله من أنياب أعدائه.
ومن حقه الآن -حق وجوب ووفاء- على أبناء أمته أن يتداعون لتطبيب جراحه، وتضميد كسور أيتامه وأرامله وشيوخه بكل ما من شأنه أن يُعافي هذا الجزء المثخن بالجراح والآلام من العالم الإسلامي. قال رسول الله ﷺ: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
كما يجب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الخيرية والإغاثية العالمية القيام بالمسؤوليات والواجبات الملقاة على عاتقهم والتنسيق مع إمارة أفغانستان الإسلامية لمعالجة أوضاع المتضررين من هذه الكوارث وبحث سبل إغاثتهم.