
الافتتاحية: العراقيل الثلاثة أمام السلام الأفغاني
لقد عجزت أمريكا عن أن تكسب الحرب لصالحها في أفغانستان، وأدركت أنه لا خيار أمامها إلا الانسحاب الكامل منها، لتحفظ ما تبقى من ماء وجهها؛ فاضطرت إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، وبعد مراحل شاقة من المفاوضات تم التوصل إلى توقيع اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان بين الإمارة الإسلامية من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.
لقد ألزم هذا الإتفاق كافة الأطراف باتباع نهج جيد للسلام الحقيقي في أفغانستان من خلال اتخاذ خطوات أساسية تدريجية توازن تماما بين المصالح التي تهم كافة الأطراف.
وكان على أمريكا أن تتخذ الخطوات التالية للمضي قدما في عملية السلام:
■ انسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان وفق جدول زمني محدد.
■ رفع العقوبات الأمريكية الجائرة وسحب أسماء قادة الإمارة الإسلامية من القائمة السوداء.
■ إطلاق سراح الأسرى الأفغان.
أما انسحاب قوات الاحتلال؛ فيجري وفق الاتفاقية، وتم بموجبها إخلاء عدد من القواعد الأمريكية في أفغانستان. لكن لم يحرز أي تقدم ملموس في الخطوتين الأخريين.
فوفقًا للاتفاق، كان من المفترض حل مسألة القائمة السوداء الآن، حيث أن عملية السلام والقائمة السوداء مفهومان متناقضان. إذ كيف يمكن وضع جانب واحد من محادثات السلام على القائمة السوداء، مع فرض حظر السفر، بينما يمكن للطرف الآخر التحرك بحرية دون أي قيود؟
يجب أن يكون جميع قادة وممثلي الإمارة الإسلامية قادرين على التحرك بحرية ودون قيد أو شرط مثل غيرهم من الناس، وهو حق ثابت من حقوق الإنسان وفق المبادئ الدولية.
ولكن للأسف الشديد لم يتم اتخاذ خطوات جادة في هذا الصدد، بل تم تمديد ولاية فريق مراقبة العقوبات ضد أفراد إمارة أفغانستان الإسلامية لمدة 12 شهرًا، وهذا القرار لا يساعد في إحلال السلام، بل يبطئ عملية السلام ويؤيد موقف هؤلاء الشراذم الذين يناهضون السلام الحقيقي ويسعون لاستمرار الحرب في أفغانستان.
كما لازال الآلاف من أسرى الإمارة الإسلامية في السجون. ومن أجل تحقيق السلام يجب على الجانب الآخر إطلاق سراح مجاهدي الإمارة الإسلامية، أو المسجونين بتهمة الارتباط بالمجاهدين. وبحسب اتفاق الدوحة، كان من المفترض أن ينتهي الإفراج عن جميع المعتقلين المتبقين بالتزامن مع بدء المفاوضات بين الأفغان.
وإضافة إلى هذا التباطؤ المتعمد، تجري محاولات مشؤومة لبث الدعاية الكاذبة ضد الإمارة الإسلامية، فمنذ اليوم الذي بدأت فيه المحادثات بين الأطراف الأفغانية، دأب قادة إدارة كابول على نشر دعاية سامة ضد السلام، والعالم كله يشهد ذلك، والحقيقة أن مثل هذه الدعاية السامة تعرقل عملية السلام.
ويجب أن ننوه بأن السلام لا يتحقق بمجرد الأماني وإطلاق الشعارات الرنانة، بل يتطلب الإرادة الجادة والعمل الدؤوب المستمر، فيجب على هؤلاء أن يجتنبوا وضع العراقيل أمام السلام.
إن الإمارة الإسلام متعهدة منذ البداية بالسلام وأكدت دوما على الحل السلمي للقضية، ومن جانبها اتخذت خطوات عملية وبقيت ملتزمة بالبنود التي تتعلق بها؛ من عدم استخدام أراضي أفغانستان ضد أية دولة أخرى.
ولم تكتفِ الإمارة الإسلامية بهذا القدر، بل اتخذت خطوات للمضي قدما في سبيل السلام ودخلت إلى الحوار الأفغاني-الأفغاني لحل معضلة البلد، على أمل أن يتم التوصل إلى استقلال البلاد وإقامة نظام إسلامي فيه.
ولكن للأسف بعض المناهضين للسلام نجحوا في المماطلة في المفاوضات الأفغانية إلى ستة أشهر بذريعة وأخرى. وإننا على ثقة بأنه لو بدأت المفاوضات في موعدها لكنا أحرزنا تقدما كبيرا في سبيل إحلال السلام في أفغانستان.
وجدير بالذكر بأن اتفاق الدوحة هو النهج الشامل الوحيد لإحلال السلام في أفغانستان، لكن مسؤولية استمرار الحرب في أفغانستان تقع على عاتق أولئك الذين يعرقلون تنفيذ الاتفاقية.