الافتتاحية: تبعات كارثية لتمديد موعد انسحاب القوات الأجنبية
في خطوة استفزازية أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تمديد موعد انسحاب القوات الأجنبية عن الأجل المتفق عليه في اتفاقية الدوحة، وأن هذه القوات ستبقى بعد أيار/ مايو، إلى الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.
إن هذا الإعلان يعتبر خطوة استفزازية واختراقا صريحا للاتفاق التاريخي المبرم في الدوحة، بعد مباحثات ومفاوضات استمرت ثمانية عشر شهرا، هذه الإتفاقية التي تم توقيعها بحضور العشرات من وزراء خارجية لمختلف الدول ومندوبي الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى.
وقد نصّت الإتفاقية على سحب كل القوات الأمريكية والأجنبية قبل 1 مايو/أيار، إلا أن أمريكا لم تلتزم بها، كما لم تفِ ببنودها الأخرى؛ من إطلاق السجناء كلهم، ورفع أسماء قادة الإمارة الإسلامية من القائمة السوداء.
أيها الشعب الأمريكي، إن إنهاء أطول حرب أمريكية في أفغانستان والنجاة من وحل الحرب الأفغانية طموح كل أمريكي، وإن إتفاقية الدوحة هيأت فرصة ذهبية ووفّرت سبيلا آمنا للقوات الأمريكية للخروج عن تيه أفغانستان، فعلى بايدن أن لا يفوّت بخطواته الاستفزازية هذه الفرصة التاريخية.
إن مجاهدي الإمارة الإسلامية امتنعوا عن أي هجوم ضد القوات الأجنبية منذ الاتفاق الموقع بين الولايات المتحدة والإمارة الإسلامية، وخلقوا مناخا مناسبا للسلام المستدام عبر انسحاب القوات الأجنبية في الموعد المحدد في اتفاقية الدوحة.
إن كان المسؤولون الأمريكيون يظنون أنهم سيدعمون جهود السلام، فليعلموا أنهم بمثل هذه القرارات يصبون الزيت على الحرب من جديد، وكما أن بوش زجّ -بغبائه- بلاده في المستنقع الأفغاني، كذلك أنتم تسعون لتجدد الحرب في أفغانستان والتي ستكون لها تبعات كارثية وعواقب وخيمة وستكون أمريكا هي المسؤولة عنها.
كما أن دول المنطقة انتقدت هذا الإعلان الأمريكي مستدلة بأن تأجيل الانسحاب سيؤدي إلى عرقلة المفاوضات والعملية السياسية بين الأفغان.
وأما الإمارة الإسلامية فلا زالت متمسكة بانسحاب جميع القوات الأجنبية في الموعد المحدد وفق اتفاقية الدوحة، وقد أصدرت حيال هذا الإعلان بيانا جاء فيه ما يلي:
ـ رغم الاتفاقية المبرمة والعهود المقطوعة، فإن تأخير عملية إطلاق سراح ستة آلاف أسير -في البداية- من عشرة أيام إلى ستة أشهر، ثم عدم إطلاق سراح بقية الأسرى مع بدء المفاوضات الأفغانية-الأفغانية في ثلاثة أشهر، وعدم إنهاء القائمة السوداء، وأكثر من ألف ومائتي انتهاك، والآن الإعلان عن تأجيل موعد خروج القوات إلى عدة أشهر، كل ذلك يظهر للعالم بأسره بأنه لا يمكن الثقة بالجانب الأمريكي، وأنهم غير ملتزمين بوعودهم وتعهداتهم.
ـ يجب أن تعلم جميع الجهات بأن الإمارة الإسلامية حتى الآن راعت الاتفاقية بشكل جيد، ونفذت بنودها، واعتبرتها الطريق الوحيد لحل الصراع، والآن إذ يتم انتهاك الاتفاقية من قبل أمريكا، فإن ذلك يفتح الطريق بشكل أصولي لمجاهدي الإمارة الإسلامية للقيام بأي رد أو اتخاذ أية خطوة لازمة، ومسؤولية العواقب الوخيمة في المستقبل تقع على عاتق الطرف الأمريكي أيضاً، لا الإمارة الإسلامية.
ـ إن الإمارة الإسلامية تطلب من الجانب الأمريكي وجميع الدول الاحتلالية بألا تبحث عن ذرائع للحرب وإطالة الاحتلال، وأن تخرج جميع قواتها من أفغانستان عاجلاً وسريعاً.
ـ إن الإمارة الإسلامية لا تتنازل بأي حال عن حق الاستقلال الكامل، وإقامة النظام الإسلامي الخالص، وبعد الانتهاء الكامل والحقيقي للاحتلال، فإنها ملتزمة بإيجاد الحل السلمي لمشكلة أفغانستان.
وأما ما يثار من المخاوف بشأن اندلاع حرب أهلية، واستخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة وانتهاك حقوق النساء بعد رحيل القوات الأجنبية فمجرد دعايات خاوية يروجها الأعداء.
إن الإمارة الإسلامية لم تؤسس إلا للقضاء على الفساد والحرب الأهلية وقد نجحت في تلك المهمة، واستأصلت جذور الحرب الأهلية التي كانت تعصف ببلاد الأفغان، وإن الإمارة الإسلامية ستظل ملتزمة بشدة بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد أي أحد، وقد أكدت على هذا في جميع بياناتها الرسمية، كما أن الإسلام منح المرأة من الحقوق ما لم تمنحها إياها أية دولة وقانون، وإن الإمارة الإسلامية ملتزمة بمنحها كافة تلك الحقوق التي منحها الإسلام إياها.
فمصحلة الشعبين الأمريكي والأفغاني كليهما في إنهاء الاحتلال وانسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في الأجل المتفق عليه.
لأنكم لا تستطيعون البقاء في أفغانستان إلى أجل غير مسمى، فأفغانستان للأفغان، فما دخل محتلٌ بلادَ الأفغان إلا ورجع يجرّ أذيال الهزيمة والعار، طال ليل الاحتلال أم قصر، وما السوفييت منكم ببعيد، فاعتبروا أيها الأمريكان وسارعوا بإخراج قواتكم الغازية قبل فوات الأوان.
وإن كنتم تظنون أنكم ستكسبون الحرب بهذه التمديدات والتهديدات الفارغة فقد أخطأتم في حساباتكم، لأنكم لم تكسبوا هذه الحرب في أوج انتشار جنودكم في أفغانستان، ولن تستطيعون أن تنتصروا فيها بعدد ضئيل من قواتكم. إن الأفغان يكرهون الاحتلال ويقاومونه بكل ما أوتوا من قوة.