الافتتاحية: حكومتنا شاملة بما يكفي
إن الحكومة المؤقتة التي أعلنت عنها الإمارة الإسلامية في (7 سبتمبر/أيلول 2021) والتي تتولى تصريف الأعمال في البلاد، تم تشكيلها على أساس الظروف الراهنة الحساسة التي تعيشها البلاد، وهي واسعة وشاملة إلى حدٍ ما، فقد ضمت في جنباتها من أكثر رجالَها الأمناء الصالحين ذوي الكفاءات. والحكومة الآتية -إن شاء الله- ستكون أكثر سعةً وشمولا. المهم في هذه الظروف أن الحكومة الجديدة ضمنت إلى حد كبير (والحمد لله) السلامَ والاستقرار في البلاد، وهي في طريقها نحو الازدهار والرقي والتقدم والرفاهية وإنعاش الاقتصاد. وبدأت تحارب الخوف الذي بُثّت جذوره في المجتمع طوال العشرين سنة الماضية، تحارب جرائم الاختطاف، وتلقي القبض على المختطفين وقطاع الطرق الذين عجزت دولة العملاء السابقة أمامهم، أو ربما تعاونت معهم على الإثم والعدوان، وتلقي القبض على تجار المخدرات وبائعي الخمور. وهذه دون شك خطوة حثيثة نحو إعادة الأمن والاستقرار.
إن الحكومة الجديدة تبذل كل ما في وسعها لتحقيق حاجات ومتطلبات المواطنين رغم كل العوائق والمشاكل، تدير البلاد وتواجه التحديات بأقل الموارد المالية بكل أمانة ونزاهة وصدق وحيادية. ولكن الأعداء -بحجة حماية حقوق الأقليات والنساء (وهي كلمة حق يريدون بها الباطل)- يُصرون على أن نشكل حكومة تضم في جنباتها فلولَ الإدارة السابقة البائدة، أو مَن يحذو حذوهم، حكومة تضم عملاءهم الذين طالما عملوا لصالحهم على حساب الشعب والوطن والإسلام والمصالح الوطنية، يريدون أن نضم خونة الوطن إلى حكومة تقيم شرع الله! هل هذا من المنطق؟ هل يمكن أن يقيم شرعَ الله مَن حاربه عشرين سنة أو أكثر؟ هذا شيء يأباه الشرع القويم ويرفضه العقل السليم. وهل تغفر لنا دماء شهدائنا إن سوَّدنا قتلةَ الشعب على الشعب؟
حكومتنا شاملة بما فيه الكفاية، ولكن المشكلة تكمن في أن المجتمع الدولي أو المنظمات التي تدعي حماية حقوق الأقليات والنساء تريد أن تكون حكومتنا شاملة للفساد والخلاف والشقاق والنفاق والعداوة والبغضاء، تريد أن تكون بلادنا مهيأة لتأجيج الحروب الأهلية وإراقة الدماء في أي وقت!
ولكن شعبنا لن يقبل بالتدخلات الأجنبية في شؤونه الداخلية، نحن لا نتدخل في شؤون الآخرين، وكذلك نتوقع منهم أن لا يتدخلوا في شؤوننا. نرحب بكل مبادرة في سبيل بناء الوطن وتنمية اقتصادنا، ولكن ليس على حساب استقلالنا الذي كافحنا أكثر من أربعة عقود لنيله. إن الاستقلال من خطوطنا الحمراء، غير القابلة للمساومة.
إن الإمارة الإسلامية تتطلع لبناء علاقات دبلوماسية قوية، وعلاقات تجارية جيدة مع الدول المجاورة وجميع الدول الأخرى على أساس المنافع المتبادلة والاحترام المتبادل، وتحترم المعاهدات الدولية التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية والقيم والمبادئ الوطنية. وبالمقابل، لا بد أن يحترم الجيران والعالَم سيادة بلادنا ووحدة أراضينا، نحن أدرى بمصالح بلادنا ومصالح شعبنا، لأن صاحب البيت أدرى بما فيه، ولدينا تجارب بما يكفي لإدارة البلاد، ونحن مَن يعرف أي حكومة تتناسب مع ظروفنا الدينية والوطنية والاجتماعية.
وأما تقييد الدول الغربية مساعداتها المالية للبلاد فلن يثنينا عن القيام بمبادئنا (وهي خطوط حمراء) لن نقبل المساس بها من أي أحد سواء صاف الزمان أم شتا، ولن يثنينا عن الازدهار والتقدم نحو الأمام بإذن الله.
إن بلادنا غنية؛ غنية بالحياة والألوان، مفعمة بالنشاط والحيوية، مليئة بالهمة والطموح، زاخرة بالشباب والقوة والعزم، إذا وفرنا الأمن والاستقرار نما اقتصادنا وتوفرت الرفاهية بسرعة، إذ تحتوي جبال أرضنا على مجموعة واسعة من الثروات الباطنة، بما في ذلك النحاس والذهب والنفط والغاز الطبيعي واليورانيوم والفحم وخام الحديد، والمعادن النادرة والكروم والرصاص والأحجار الكريمة، والكبريت والحجر الجيري والرخام، وغير ذلك.