الافتتاحية: حلمٌ يتبدّل إلى حقيقة
في ديسمبر 2015، تمّ التعاقد علی افتتاح مشروع لنقل الغاز في (عشق آباد) عاصمة تركمانستان، من قبل رؤساء أفغانستان وباكستان والهند وتركمانستان آنذاك، وتمت تسمية المشروع بمشروع (تابي TAPI) اقتباساً من الأحرف الإنجليزية الأولى لأسماء البلدان الأربعة الموقعة عليه.
بدأت عدة شركات من أفغانستان وتركمانستان، بما في ذلك شركة الغاز الأفغانية، وشركة الغاز الحكومية التركمانية، وشركات أخرى؛ العمل على المشروع، وتوقعوا أن يكتمل المشروع بحلول عام 2019، لكن توقفت أعماله بسبب استمرار الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وانعدام الأمن والحروب والنزاعات الإقليمية. وأصبح تحقق هذا المشروع حُلما بعيدا في أذهان الشعب الأفغاني وفي أذهان شعوب البلدان الأربعة المذكورة.
يمرّ خط الأنابيب هذا عبر ولايات مختلفة في أفغانستان، حيث يمتد في أفغانستان 816 كيلومترا من إجمالي 1814 كيلومترا. وفي أفغانستان يمتدّ خط أنابيب الغاز على طول طريق هرات-قندهار السريع، ثم يمر عبر كويتا ومولتان في باكستان، ويصل أخيرًا إلى مدينة فازيلكا في الهند، وبذلك يعتبر مشروع تابي أكبر وأضخم مشروع لنقل الغاز في المنطقة. ويعتبر افتتاحه من أولويات تركمانستان والهند، بل تريد تركمانستان الاتصال بسوق مبيعات الطاقة في جنوب آسيا من خلال هذا الخط الطويل.
بناء على الإحصائيات، فإن أفغانستان ستحصل على ما يصل إلى خمسمائة مليون متر مكعب من الغاز من هذا المشروع سنويّا خلال السنوات العشر الأولى، وستصل حصّة أفغانستان من الغاز في هذا المشروع إلى مليار متر مكعّب في السنوات العشر الثانية، وخمسة مليارات متر مكعب من الغاز في السنوات العشر الثالثة بعد اكتمال المشروع. كما تشير الإحصائيات الأولى إلى أنه مع تشغيل هذا المشروع، سيصل 33 مليار متر مكعّب من غاز تركمانستان إلى أفغانستان وباكستان والهند سنويا.
والحقيقة أن مشروع تابي ليس مشروعًا واحدًا، بل يتم إلى جانبه تنفيذ العديد من المشاريع الأخرى على طول خط أنابيب الغاز هذا، ومن هذه المشاريع؛ مشروع نقل الكهرباء بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان، والذي سينقل الكهرباء من تركمانستان إلى باكستان عبر أفغانستان، ولأجل ذلك تم تدشين مجموعة من المحطات الفرعية للكهرباء في مختلف ولايات أفغانستان. وبالإضافة إلى نقل الكهرباء، تم تمديد كابلات الألياف الضوئية في المنطقة لربط الدول المجاورة.
وهناك مشروع مهم آخر قيد التنفيذ على طول خط أنابيب الغاز؛ وهو خط السكة الحديدية التي تربط باكستان وتركمانستان عبر أفغانستان. وفي الوقت نفسه أعادت دولة تركمانستان بناء خط السكة الحديدية الذي يبلغ طوله 13 كيلومترا في معبر تورغاندي في أفغانستان بتكلفة تزيد على عشرة ملايين دولار.
مع تشغيل مشروع تابي وما معه من مشاريع صغيرة وكبيرة أخرى؛ ستحصل أفغانستان على الغاز الذي تحتاجه، بالإضافة إلى تحقيق حوالي 500 مليون دولار من عائدات نقل الغاز، وسيتم أيضا خلق المزيد من فرص العمل لآلاف الأشخاص من أبناء الشعب الأفغاني.
هذا مشروع تابي، الذي كان بالأمس القريب حلماً بعيد المنال بسبب الاحتلال الأجنبيّ وتدخلاتهم في أفغانستان وإثارتهم للفتن والنزاعات؛ يتحقق هذه الأيام في ظلّ الإمارة الإسلامية والأمن الشامل في البلاد ويصبح حقيقة تدرّ الخير والنفع لشعوب هذه المنطقة لأول مرّة من غير تدخل استعماري أجنبي. فاليوم (الأربعاء السابع من ربيع الأول 1446هـ، و 21 سنبله 1403هـ.ش) يومٌ تاريخي وباعث للفرح والسرور للشعب الأفغاني، كيف لا، وقد أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التابعة لإمارة أفغانستان الإسلامية اليوم عطلة رسمية في مدينة هرات بسبب افتتاح مشروع تابي، وقالت الوزارة في إعلان لها: إنه سيتم افتتاح مشروع تابي بحضور مسؤولين تركمان، وجاء في إعلان الوزارة: “سيتم افتتاح مشروع تابي الاقتصادي والتاريخي الكبير خلال حفل من قبل المسؤولين، وبهذه المناسبة، غداً الأربعاء عطلة رسمية في ولاية هرات”.