مقالات الأعداد السابقة

الافتتاحية: عامان تُغاث فيهما أفغانستان

«ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث الناس… الآية».

لقد مرّت على الشعب الأفغاني المسلم -ولاسيما المجاهدين- عشرون عامًا من الأعوام الشداد الصعاب في أفغانستان؛ أعوام الاحتلال وسنوات الغدر والخيانة، أعوام القتل والقصف الجوي، أعوام السجون والمعتقلات والمطاردات، أعوام جور البعيد وخذلان القريب، أعوام فتاوى علماء السوء والسلطان، أعوام الرويبضات الكاذبين المنافقين المغتصبين للبلد بتعاون الاحتلال الأجنبي، أعوام يُقتل فيها المواطن الأفغاني في القرى والأرياف بقصف الأمريكان وعلى الحدود بنيران الجيران ولا بواكي لهم، أعوام السوء واللوم والطعن في المجاهدين، أعوام الجوع والبرد والحرّ والمرض والبلاء والغلاء، أعوام فرض فيها الاحتلال أغلظ أنواع العلمانيين والملحدين على الشعب الأفغاني بقوة السلاح الجوي والاقتصادي، أعوام امتصت إدارةٌ فاسدة دم المواطن وسكبت دموع الأيتام والأرامل والمستضعفين.

مضت أعوام شداد صعاب غلاظ، أعوام لم يكن بحسبان أحد أنها سوف تزول وتنكشف، انقضت تلك الأعوام الشداد في ليلة وضحاها كأن لم تأسَ بالأمس!

خلت تلك الأعوام وجاء من بعدها عامين (ونسأل الله أن تمتدّ أعواماً مديدة) يغاث فيهما الشعب الأفغاني؛ يغاثون من السماء والأرض، يغاثون في المدن والقرى، يغاثون في الوطن وخارج الوطن، يغاثون في الحدود والملاجئ، يغاثون في البراري والجبال؛ يغاثون بالمال والسلاح، يغاثون على الحدود الباكستانية عندما يتعرضون لإذلال جنود لا نصيب لهم من الكرامة والعزة، يغاثون عندما يتعرضون للانتهاك على الحدود الشمالية أو الشرقية بيد كل معتد متجاوز أثيم، يغاثون وهم في السجون المظلمة في البلاد المجاورة فيُعادون إلى بلادهم مُحرّرين على نفقات الدولة.

جاء عامان يغاث فيهما يتيم الأفغان، وتُعان فيهما أرملتهم، ويُساعد فيهما فقيرهم ومسكينهم.

جاء عامان تشرق فيهما الشمس في سماء لا تطير فيها إلا طائرات مدنية لا تنقل على متنها إلا مسافرين قادمين أو راحلين بطمأنينة وهدوء.

جاء عامان يئس فيهما جميع طماعي الأرض من احتلال أفغانستان وإذلال أهلها ونهب ثرواتها.

عامان تعلو فيهما قيمة العملة الأفغانية، بينما هي لدول الجوار في هبوط وانهيار. عامان تنخفض فيهما أسعار المواد الغذائية والمحروقات، بينما هي في البلاد الأخرى في ارتفاع. عامان يجري فيهما العمل على أعظم المشاريع المائية بنشاط وحيوية.

عامان تتوافد فيهما الوفود من بلدان مختلفة -بما فيها وفود من بلاد الغرب، ولا سيما الوفد التجاري الأخير لأمريكا- على بلاد الإمارة الإسلامية؛ يريدون توسيع العلاقات وتعزيزها.

 

لقد شهدت مجلة الصمود تلك الأعوام الشداد الصعاب كلها وما جرى فيها. وهي تشهد اليوم أيضًا عامين مهمّين عظيمين بعد تحرير البلاد، عامين يغاث فيهما الشعب الأفغاني ويعانون ويساعدون ويُحترمون ويُوقّرون ويُبجّلون. كيف لا، والذين يحكمونهم ليسوا عملاء الشرق ولا الغرب، ولا خونة باعوا أنفسهم ووطنهم لأحد، ولا جنرالات فاسدة يستخفون شعبهم ويستبدون بهم، ولا لصوص الجمهوريات الغاشين الكاذبين الذين ينهبون ثروات البلد وخيراته؛ بل أمّة خيّرة طلعت في زمن الفتنة، يسعون في الأرض للإصلاح والعدل والإنصاف وإقامة دين الله وإخراج الإنسان المعاصر من جور الأنظمة الفاسدة المستعبدة إلى عدل الدين الإلهي. وما ذلك على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى