
الانتصارات الکبری في الشهر الأول لسلسلة عمليات (الخندق)
کتبه القارئ حبيب
أعلنت الإمارة الإسلامية بتاريخ 25/4/2018م عن سلسلة العمليات العسکرية السنوية باسم (عمليات الخدق) تيمّنا باسم غزوة الخندق المبارکة في العهد النبوي الشريف، وقد أصدرت الإمارة الإسلامية بيانا بمناسبة ذلک الإعلان وکان قد جاء فيه أنّ المجاهدين سيبدؤون عملياتهم العسکرية بتكتيكات جديدة وسرية مختلفة؛ كالهجمات المباغتة، والاقتحامات، والتوغلات، والعمليات الانغماسية وغيرها من الأساليب العسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة العدو لتصفيتها من وجوده. ومع مرور شهر واحد علی بدء هذه العمليات ثبت أنّ الخطط الحربية للمجاهدين في هذا العام هي أشد تأثيرا إذا قيست بمثيلاتها في الأعوام الماضية، وأنّ لها مکتسبات عظيمة في فترة زمنية قصيرة، والتي سنتعرض لبعضها في الأسطر التالية:
قام المجاهدون في اليوم الأول من إعلان عمليات الخندق بـتنفيذ 132 عملية عسکرية في مختلف مناطق أفغانستان، ولازالت سلسلة تلک العمليات اليومية متواصلة في أرجاء البلد. وقام المجاهدون في هذه العمليات بتصفية مناطق واسعة من تواجد العدوّ في بعض الولايات وهي کالتالي:
في ولاية بدخشان:
مع بدء عمليات الخندق بدأ المجاهدون عملياتهم العسکرية المتزامنة علی أربع مديريات في ولاية (بدخشان) وهي مديريات (راغستان) و(تشکان) و(کوهستان) و(شهداء). أحرز المجاهدون في جمِع تلک المديريات انتصارات کبيرة وفتحوا مديرية (کوهستان) بالکامل.
بعد اشتداد المعرکة في (بدخشان) صرّحت نائبة هذه الولاية في البرلمان الأفغاني (فوزية کوفي) في اليوم السابع من شهر (مايو) بأن عدد القتلی من أفراد الجیش الحکومي قد فاق 100 جندي حتی الآن، وعما قريب ستسقط مناطق کثيرة في هذه الولاية بيد المجاهدين.
وفي اليوم العاشر من الشهر نفسه أعلن المتحدث الرسمي للإمارة الإسلامية الأستاذ ذبيح الله المجاهد بأن المجاهدين قد سيطروا علی وادي(کتوبالا) في مديرية (تگاب) من هذه الولاية واستولوا علی خمس ثکنات للعدوّ وألحقوا بالعدوّ الأضرار الفادحة.
استولی المجاهدون في فتوحاتهم في (بدخشان) علی مقادير کبيرة من الأسلحة والمعدات العسکرية، ولازالت انتصارات المجاهدين تتواصل بفضل الله تعالی في هذه الولاية.
في ولاية (فراه):
بدأت عملية المجاهدين العسکرية الواسعة للسيطرة علی مدينة (فراه) مرکز ولاية (فراه) في اليوم العاشر من شهر (مايو) من الجهتين الشرقية والغربية، وکان المجاهدون قد أطلقو عمليتهم من مديرية (بالابلوک) علی بُعد 60 کيلومترا شرقي مدينة (فراه)، وقد سيطروا علی جميع النقاط الأمنية للعدوّ الواقعة في الضفة الشرقية لنهر (فراه رود)، وواصلوا تقدّمهم نحو مرکز الولاية، وقد اعترف آنذاک المسؤولون الحکوميون في ولاية (فراه) بأنّ المجاهدين استطاعوا أن يسيطروا علی مفرق طريق (بالا بلوک) بالقرب من المدينة بعد قتل 23 من عناصر الشرطة وواصلو تقدمهم نحو مرکز المدينة، وأن مرکز (رج) العسکري القريب من المرکز أيضا خضع لسيطرة المجاهدين بعد أن قتلوا فيه 18جنديا حکوميا. وفي نفس الليلة أطلق المجاهدون هجوما واسعا علی مديرية (لاش وجوين) علی بعد 120 کيلومترا غربي مرکز الولاية، وسيطروا علی مرکز المديرية بعد إلحاق خسائر کبيرة بالقوات الحکومية فيه. وقد اعترف آنذاک نواب ولاية فراه في البرلمان المرکزي بأن المجاهدين قد استولو خلال انتصاراتهم الواسعة علی کميات کبيرة من الأسلحة والعتاد العسکري ما تقدّر قيمته بمليون ونصف المليون من الدولارات الأمريکية والتي تشمل علی عدة دبابات ومصفّحات قتالية.
في اليوم 13 من شهر (مايو) أطلق المجاهدون المرحلة الثانية لعمليتهم لاقتحام المدينة من جهتيّ الغرب والشمال الشرقي، وذلک في الساعة الواحدة ليلا، واستطاعت المجموعات الاقتحامية الخاصة المسلّحة بالأسلحة المزوّدة بالمناظير الليلية أن يکسروا الحزام الأمنيّ المحيط بالمدينة، وأن يدخلوا من جهتين مختلفتين إلی قلب المدينة. وحين استيقظ الوالي الحکومي للولاية والمسولون الحکوميون الآخرون من نومهم کان المجاهدون قد وصلوا إلی مرکز قوات الأمن الحکومي، وکانت صور المجاهدين الفاتحين علی صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوک وغيرها تُثبت تواجدهم في مرکز مدينة (فراه).
في مساء يوم دخول المجاهدين إلی المدينة تحدثت وسائل الإعلام عن سيطرة المجاهدين علی 80% من ساحات المدينة، وبذلک کانت مدينة (فراه) ثاني مدينة بعد مدينة (کندز) يفتحها المجاهدون.
فې اليوم السادس عشر من شهر (مايو) أعلن المجاهدون بأنهم قرّروا الانسحاب الطوعي من المدينة، إلا أن القتال استؤنف من جديد في الليلة القادمة، وکان يبدوا کأنّ المجاهدين کانوا قد خرجوا من الأسواق والمتاجر ولکن کانوا قد تخندقوا في ضواحي المدينة.
إنّ سقوط مدينة (فراه) بيد المجاهدين مرّغ أنف الحکومة التوافقية للعملاء، ولکی يخفّف اوزراء القطاع الأمني کاهلهم عن عار الهزيمة أمام المجاهدين، ادّعوا بأن الهجوم علی مدينة (فراه) کان قد تمّ من قبل القوات الإيرانية، وأن الدوافع من وراء هذه الحرب هي الأطماع الإيرانية في مياه أفغانستان. إلا أنّ الوالي الحکوميّ لهذه الولاية (عبدالبصير السالانگي) صرّح للقسم الأفغاني من إذاعة أروبّا الحرة بآنه لم يعثر علی أية أدلة تثبت تورّط إيران في حرب الهجوم علی مدينة (فراه).
في ولاية غزني:
بدأت العمليات العسکرية الکبری للمجاهدين في ولاية (غزني) من مديرية (أندر)، وأغلق الجاهدون طريق غزني – بکتيکا آمام الإمدادات العسکرية. أرسلت الحکومة القوات العسکرية من ولايتي (غزني) و(بکتيکا) بهدف فتح الطريق ولکنها لاذت بالفرار بعد قتال استمرّ ليومين. وتحطمت 17 من دباباتها بقذائف المجاهدين وبالألغام المزروعة في طريقها، وقُتل منها 38 عنصرا من الجنود، والشرطة، وأفراد المليشيات المحلية، وأصيب 46 منهم بالجروح. واستشهد في تلک المعرکة اثنان من المجاهدين وأصيب 13 آخرون بالجروح حسب تصريح المتحدث الرسمي للإمارة الإسلامية، ولازال طريق غزني- بکتيکا مسدودا آمام القوات الحکومية، وقد باءت جميع محاولات الحکومة لفتح الطريق بالفشل. وعلاوة علی ذلک فإن المجاهدين قد استولو علی جميع ساحات مديرية (أندر) سوی مقر مديرية هذه المديرية.
وفي ليلة الثاني والعشرين من شهر (مايو) استطاع المجاهدون أن يسيطروا علی مديريتي (جغتو) و(ده يک) بشکل کامل في ولاية (غزني). وقد ألحق المجاهدون في فتح هاتين المديريتين أضرارا فادحة بالعدوّ في الأرواح ، واستولوا علی مقادير کبيرة من الأسلحة والوسائط والعتاد العسکري. أما مرکز ولاية غزني فهو قد بات في حصار المجاهدين، ولا يُستبعد سقوطه في أي لحظة.
في ولاية فارياب:
في اليوم الثامن من شهر (مايو) اعترف المسؤولون الحکوميون بسقوط 21 نقطة عسکرية بيد المجاهدين في مديرية (بلچراغ) من ولاية (فارياب). وقال المتحدث الرسمي للإمارة الإسلامية الأستاذ ذبيح الله المجاهد: ( إنّ خسائر القوات الحکومية في معارک (بلچراغ) هي في حدود 50 جنديا مابين قتيل وجريح. وقد استولی المجاهدون علی عدة دراجات نارية وکمية من الأسلحة والعتاد العسکري. وقد کتب موقع الإمارة الإخباري أنّ منطقة (کوليان) التي يسکنها 7500عائلة ومنطقة (توغلمش) أيضا خضعت لسيطرة المجاهدين. وفي مساء اليوم نفسه سيطر المجاهدون علی مرکز مديرية (بلچراغ)أيضا.
وفي اليوم السابع عشر من شهر (مايو) اعترف المتحدث باسم وزارة الدفاع في حکومة کابل الجنرال (محمد رادمنش) أنّ مدينة (ميمنة) مرکز ولاية فارياب باتت في حصار المجاهدين. وقال إن مراکز سبع ولايات مهدّدة بخطر السقوط إن لم تُتخذ التدابير اللازمة للدفاع عنها وهي مدن (فراه) و(غزني) و( فيض آباد) و( ترينکوت) و(کندز) و(ميمنة) و( بلخمري) التي يضيق المجاهدون طوق الحصار حولها مع مرور کل يوم.
وعلی العموم فإن المجاهدين أحرزوا انتصارات ومکتسبات في عمليات الخندق في کثير من ولايات أفغانستان، فقد أسقط المجاهدون مروحية للعدوّ في منطقة (نهر سراج) بولاية (هلمند)، وفتحوا مديرية (أجرستان) بشکل کامل في ولاية (دايکندي)، وکانت خسائر العدو فيها بالعشرات بين قتيل وأسير. وصفّيت مناطق واسعة من تواجد العدوّ في کل من ولايات (ارزگان) و(غور) و(بادغيس)، وسيطر فيها المجاهدون علی مناطق ذات أهمية استراتيجية کبيرة. وکذلک قام المجاهدون بهجمات واسعة علی مراکز العدوّ في ولايات (قندهار) و(بکتيا) و(سرپل) و(زابل) وغيرها من الولايات، وسيطر فيها المجاهدون علی مراکز العدوّ، وألحقوا فيها به الخسائر الکبيرة.
إنّ البدء المنتصر لعمليات الخندق أربک العدو، حتی أنّ إدارة المراقبة العامة للجيش الأمريکي (سيجار) أعلنت أن استراتيجية ترامب الحربية تواجه الفشل في أفغانستان، وذلک لأنّ قائد القوات الأمريکية الجنرال نيکولسون کان قد ادّعی بأنه سوف يستعيد معظم الساحات من سيطرة المجاهدين، ولکن لم تحرز القوات الحکومية حتی الآن أيّ تقدّم في ميدان المعرکة، بل علی العکس من ذلک فإن المجاهدين هم من يوسّعون رقعة ساحاتهم، ويسيطرون علی المناطق ومراکز المديريات. ولعل هذا الفشل هي العلّة في إزاحة الرئيس الأمريکي دونالدترامب للجنرال نيکولسون وتعيين الجنرال (سکوت ميلر) مکانه. ومهما تکن العلة لتغيير الجنرال نيکولسون فإن تغيير جنرال بآخر لن يکون له أيّ تأثيرعلی الوضع العسکري
في أفغانستان. لأنّ المقاومة الجهادية في هذا البلد قد اتخذت الآن شکل الانتفاضة الشعبية العارمة والتي يستعصی الآن علی الأمريکيين المحتلّين التغلب عليها.