مقالات الأعداد السابقة

التأخیر في تأدیة الرواتب، خطوة نحو السقوط

أسدالله

 

قبل أیام قرأنا في وسائل الإعلام أن الشرطة الأفغانیة تركت أكثر من سبعة معسكرات واقعة علی بوابة قندهار-ارزگان. وقد أعلن هؤلاء الجنود، أن التأخیر في تأدیة رواتبهم جعلهم یتركون المعسكرات. وأكد هؤلاء أنهم مازالوا تاركین للمعسكراتهم حتی تؤدي حكومة كابل رواتبهم. واعترف بذلڬ مكتب والي ارزگان، وصدق هذا الخبر.

هذا وأعلنت وكالة “رصد” نقلاً عن دوست محمد نایاب، المتحدث باسم والي ارزگان، أن أكثر من أربعین شرطیاً غادروا معسكراتهم علی بوابة قندهار- ارزگان، ورجعوا إلی مدینة ترینكوت. وكتبت الوكالة المذكورة في تقریرها، نقلاً عن “نایاب” أن ثلاث معسكرات أخری تقع في هذا المسار، علی تخوم  مدیریة شاه ولیكوت بقندهار، غادرها الشرطة أيضاً. واعترف والي ارزگان أن أفراد الشرطة غادروا معسكراتهم بعدما تأخرت الحكومة في تأدیة رواتبهم. ووفقاً لبیان مسؤولي ولایة ارزگان: لم یتسلم هؤلاء الشرطة رواتبهم منذ أربعة أشهر.

هذا الخبر الذي تدوالته وسائل الإعلام منذ أیام، يرشدنا إلى حقائق عمیقة تكشف الكثیر من القضایا، منها: أن التحاق العساكر بالجیش والشرطة لم ینبثق من عقیدة وإیمان؛ بل إنها ردة فعل للفقر ومحاولة للحصول علی دراهم معدودة.

وإننا علی یقین أن رواتب العساكر لو قطعت ولو لشهر واحد، لسلّم الجمیع بنادقهم ولرجعوا إلی بیوتهم. لذلڬ كان من شروط الموقعین على الاتفاقية الأمنية مع أمریكا، أن تدفع رواتب عساكر أفغانستان.

وهنالڬ تقاریر واستطلاعات عدیدة تؤكد أن العساكر یخرجون من صفوف الجیش والشرطة ویلتحقون إما بصفوف المجاهدین وإما یغادرون البلد. إن الروح المعنوية الضعیفة لعساكر كابل جعلتهم يفرون من المعركة. وقد تسرب الرعب من المجاهدین إلى سویداء قلوبهم، خاصة بعد تقلیص الحلف الأطلسي جنوده في أفغانستان. لذلڬ نری أن أعداد قتلی الجیش والشرطة يزداد یومیاً. فوفقا لتقریر”سیجار” قُتِل وجُرِح من الجیش الأفغاني في مدة أقل من عام، 18562 جندياً، (6785 قتيل، و 11777 جريح). ويضيف التقریر أن خسارة القوات الأمنیة الأفغانیة خلال عام  2016 المیلادي، ازدادت بنسبة 35%. وأكد هذا التقریر أن عدد القوات الأمنیة انخفض جداً بالنسبة إلی الحد المتوقع. وأشار هذا التقرير إلى أنه في عام 2015 المیلادي انخفص عدد أفراد الشرطة إلی 94%، ومن الجیش إلی 86%. وفي عام 2016 المیلادي فقدت الشرطة والجیش والأمن الوطني أكثر من ۳۱۵۹۶۲ من أفرادهما.

إن هذا الانحدار والسقوط بدأ منذ عامین، والشواهد تنبئنا بأنه سیستمر. فقبل أشهر أعلنت وسائل الإعلام أن شرطیاً أطلق النار علی زملائه من الشرطة في كابل.

وفي هذا الخبر إشارة واضحة لعدم شعبیة الحكومة وعجزها حتی عن تأدیة الرواتب في میعادها.

لا شڬ أن حكومة كابل أخذت دفة الحكم بمساعدة الأجانب، الذين كانوا یتوقعون انتصاراً كبیراً في أفغانستان، وكانوا یتوقعون من حكومة كابل أن تجمع شتات البلد. ولكن الله خذلهم ونصر عباده المجاهدین. ومعلوم للجمیع أنه مع خروج القوات الأجنبية بدأت هزائم الحكومة العميلة، حيث لم یعد يجد المحتلون سبباً لإعطاء المساعدات المالیة الجدیدة إلی أفغانستان. هذه الخطوة من جانب المحتلین جعلت الحكومة العمیلة شبه محطمة. وسرعان ما بدأت الحكومة العميلة بوضع الضرائب الثقیلة علی التجار. الضرائب مهما كانت، لا تستطیع حل مشكلة الرواتب الكثیرة. بل إن الدول الأخری تستغل الثروات الوطنية والمعدنية لحل هذه الأزمة، أو تطلب مساعدة الدول الكبیرة التي تملك عوائد كثیرة.

إن ظاهرة التأخیر في دفع الرواتب، مشكلة كبیرة یعاني منها موظفوا جمیع الإدارات، منها إدارة المعارف، وهذا التأخیر وقلة الرواتب جعل بعض الموظفین يتعاملون بالرشی والسرقة. وكثیراً ما كنا نسأل عسكرياً أو موظفاً إداریاً، لماذا ترتشي؟ أو لماذا تسرق؟ فیجیبنا بأن قلة الراتب، دفعته إلی هذا العمل.

بهذه الأوضاع وبنظرة عابرة نشاهد عجز الحكومة وعدم شعبیتها، وأن الشعب فقد آماله بها. رغم أن الرئیس الحالي، أشرف غني، وعد الشعب في حملاته الانتخابیة أنه سوف يحول أفغانستان إلی بستان جمیل عامر تتغنی فیه طیور الشعب. أما الواقع الیوم أثبت شیئاً آخر، فقد تحولت أفغانستان إلی جحیم لا یطاق.

ولا ندري إلی متی هذا التأخیر؟ وإلی متی يستمر الاحتلال؟ ولكننا علی یقین بسقوط الظلم ونهایة المحتلین.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى