التعليم.. الاقتصاد.. حقوق الإنسان في أفغانستان
بقلم: مصطفى حامد – أبو الوليد المصري
■ يتخرج من الجامعات آلاف الشباب الذين ليس لديهم قدرة على بدء حياة جديدة، أو إنشاء أعمال خاصة بهم. بينما الوظائف الموجودة في الدولة تتزايد ببطء شديد لأن التنمية الاقتصادية ضعيفة.
■ التعليم الذي أقامه الغرب في بلاد المسلمين يركز على إضعاف القيم الإسلامية في نفوس الشباب وتهيئتهم ليكونوا موظفين يخدمونه من خلال وظائف حكومية.
■ يريد اليهود من خلال نظام التعليم والإعلام أن يجعلوا الفرد مهتما بنفسه غير مبالٍ بقضايا المجتمع، بل ويتصادم معها إذا لم تحقق مصالحه الخاصة.
■ أكبر قدر من نفقات الإمارة ينبغي أن يكون مخصصًا للتعليم، فهو مستقبل أفغانستان بل هو مستقبل الإسلام في أفغانستان والعالم الإسلامي.
■ مشاريع الدفاع حافز للنهضة التعليمية والاقتصادية.
■ لمجاهدي الإمارة الإسلامية قصص رائعة ينبغي أن تروى في صناعة الصواريخ بمجهودات ذاتية وعبقرية أفغانية نادرة المثال.
■ لدى أفغانستان مخزون كبير من خام اليورانيوم ويجب أن تدخل مجال العلوم النووية وتطبيقاتها المدنية.
■ في أفغانستان مخزون كبير من معدن الليثيوم النادر، ومن غير المقبول أن لا تدخل مجال صناعة أشباه الموصلات التي تقوم عليها الصناعات فائقة التطور.
■ يتطلب التعليم استثمار مبالغ ضخمة من الأموال، التي لا يمكن توفيرها إلا من خلال بيت المال الذي هو وعاء الثروة العامة للمسلمين في أفغانستان.
■ والتعليم هو أحد القضايا الهامة المتعلقة بالحاضر والمستقبل والتي لا يمكن أن تقوم بها وزارة واحدة، وهو أحد التحديات التي تواجه مجلس الأمن القومي في حال مباشرته لمهامه.
جزء من مشكلة التعليم في أفغانستان حاليًا أنه من مواريث الاستعمار الأمريكي، الذي أراد من التعليم تخريب المجتمع الأفغاني وليس النهوض به. وقد تخرجت عدة أجيال من ذلك التعليم بطريقة تجعل معظمهم على غير وفاق مع التكوين الثقافي والديني للمجتمع، وأقرب إلى الثقافة الغربية والتعاطف مع أفكار المحتل.
تركيز الاحتلال على تغيير ثقافة الشعب الأفغاني هو أساس فلسفته التعليمية. لهذا كان المستوى العلمي متواضعًا وأقلّ بكثير مما يتعلمه الطلاب الغربيين في بلادهم. لأن هدف التعليم الذي ينشـئه الغرب في الدول الأجنبية أو المحتلة هو تخريب الثقافات الأخرى لضمان خضوع الشعوب لهيمنته، وتخريج أجيال مواليه تعتنق أفكاره وأقرب إلى التعاون معه. وإذا انخرطت تلك الأجيال في النضال يكون نضالها مبنيًا على القيم الغربية نفسها والمطالبة لأنفسهم بنصيب أكبر من الثروات والمناصب السياسية والوظائف الحكومية. ولكنها لا تصطدم مع الغرب في النقاط الجوهرية خاصة الدين والاستقلال الحقيقي عن الاستعمار، وتقبل بهيمنته على بلادها بأشكال مقبولة أكثر.
– ولأن الهدف من التعليم الذي يقيمه الغرب هو التخريب الثقافي والعقائدي وليس البناء العلمي الذي تقام عليه نهضة الأمم في الصناعات والعلوم. فلا يرتبط التعليم الذي يقيمه المستعمر باحتياجات البلد المحتل إلا في أضيق نطاق ممكن. وأكثر المتعلمين لا يقدمون شيئا ملموسا لنهضة بلادهم. فتظل البلاد تابعة للمستعمر حتى لو انسحب عسكريًا. فيقيمون بعد الاستقلال حكمًا فاسدًا وبلدًا ضعيفًا.
– لقد انتهى تقريبًا دور الجيوش في احتلال الدول الأخرى، إلا في حالات قليلة جداً. وأصبح الاستعمار يعتمد على السيطرة الاقتصادية بالتعاون من طبقة فاسدة من الحكام وأصحاب الثروة.
ويعتمد الاستعمار الجديد على التأثير الثقافي لإبقاء الدول تابعة له بعد أن تفقد تمسكها بالدين ويضيع تراثها الثقافي المتوارث من مئات السنين، وتتبع قيم وأخلاقيات المستعمر. وتتمسك بالتبعية الاقتصادية، وتظل كأسواق لمنتجات الغرب، تشتريها منه بأعلى الأسعار. وتبيع له بأرخص الأسعار الخامات الهامة التي تقوم عليها صناعاته.
– لقد ذهب عصر الاستعمار العسكري ليحل محله الاستعمار الاقتصادي والثقافي. وبدلا عن الجيوش المحتلة تقوم الجيوش “الوطنية” بحماية مصالح الغرب. وتُخْضِع بلادها لمتطلباته فيستمر في النهب بدون أن يتكلف عناء الحرب وتكاليفها.
التعليم الفاسد
التعليم الذي أقامه الغرب في بلاد المسلمين يركز على إضعاف القيم الإسلامية في نفوس الشباب وتهيئتهم ليكونوا موظفين يخدمونه من خلال وظائف حكومية.
التعليم الاستعماري لا يهتم بالإنتاج زراعي أو صناعي إلا في حدود خدمة احتياجات بلاده واقتصادها.
– كل عام يتخرج من الجامعات والمعاهد الآلاف من الشباب الذين ليس لديهم قدرة على بدء حياة جديدة، أو إنشاء أعمال خاصة بهم. بينما الوظائف الموجودة في الدولة تتزايد ببطء شديد لأن التنمية الاقتصادية ضعيفة، وتعتمد على صناعات قليلة القيمة وزراعة متخلفة، وتوريد خامات للدول الغنية بأسعار رخيصة وكميات تخضع لمطالب الدول الغنية بالزيادة أو النقصان، كما نشاهد في موضوع النفط والغاز حيث لا يسيطر عليها المنتجون بل يسيطر عليها المستهلك الصناعي القوى، الذي يفرض على الدول المنتجة الأسعار التي يريدها والكميات التي يحتاجها. بدون اعتبار لحرية السوق، أو قانون العرض والطلب، التي يدعي أنها أساس فلسفته الاقتصادية. ثم يجبر الغرب الدول المنتجة للطاقة على أن تخضع لمطالبه فقط.
– خريجي الجامعات لا يرون أنفسهم مسؤولين عن تغيير تلك الأوضاع الجائرة، بل العكس يجتهدون لإيجاد مكان لهم في خدمة القوى الاستعمارية المسيطرة. ويعتبرون أي محاولة للتغيير بالثورة أو الجهاد ، خطرًا يهدد مستقبلهم الشخصي، ويقفون إلى جانب الغرب المعتدي. وتكون أسمى أمانيهم هو الرحيل للعيش في بلاد المستعمرين والعمل فيها وإنجاب الأولاد وتعليمهم وتنشئتهم كمواطنين درجة ثانية في بلاد الاستعمار، أو على الأقل العمل كموظفين في شركاته العاملة في أوطانهم الأصلية مستفيدين من قدرتهم على تكلم لغته والتفكير بطريقته مع ثقة المستعمر في ولائهم له.
فوضي سياسية كبديل عن البناء الاقتصادي
نتيجة السياسة التعليمية الفاشلة التي أساسها الاستعمار في بلادنا، فإن الخريجين يكون همّهم الأوّل الحصول على الوظيفة المريحة ذات الأجر المرتفع، ولا يهتمون بما هو أساسي لإيجاد الوظائف، وهو تنمية النشاط الاقتصادي والتوسع في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات الصحية والتعليمية والمواصلات. لهذا يشكل خريجو الجامعات قلقًا اجتماعيًا وسياسيًا متزايدًا عامًا بعد آخر لعدم إمكانية توفير الوظائف لهم. فمعدل النمو الاقتصادي لا يجاري التسارع الكبير في تخريج طلاب الجامعة ودفعهم إلى سوق العمل الذي هو ضعيف ومحدود. والخريجون أنفسهم غير مؤهلين لممارسة نشاط اقتصادي مستقل بعيدًا عن وظائف الدولة.
أما إذا غامرت الحكومة بتوظيفهم فسيكونون عبئًا على ميزانية الدولة، وقوة غير منتجة في دوائر الحكومة، تتعقد بهم الأمور ويتباطأ العمل، ويظهر الفساد والتمرّد.
في نفس الوقت لا يفكر الخريجون في غير مطالبة الحكومة بتوظيفهم، ولا يفكرون في المشاركة في قضية الإنتاج وبناء اقتصاد حقيقي بخلق فرص العمل ويزيد ثروة المجتمع، ويُحَسِّن معيشة المواطنين، وتصبح الدولة أقوى.
لقد خلق الاستعمار مشكلة دائمة للدول التي سيطر عليها، بواسطة سياسة تعليمية تحدث تخريبا من جهتين:
أولا: إنها تدمر الأساس الديني والأخلاقي والثقافي للمجتمعات. فغالبا ما يكون خريج المدارس الاستعمارية عنصر تخريب وصدام مع مجتمعه، إلى أن ينتصر كاملا على مجتمعه، فيتولى زمام القيادة السياسية منفردًا، فيمحو الدين والأخلاق. أو أن ينتصر المجتمع على مثقفيه بأن يجد حلا لمشكلتهم التي هي مشكلة ثلاثية الأوجه: التوافق بين التعليم العصري بأسلوبه الغربي، وبين الدين والمعتقدات، وبين الاحتياجات الفعلية للمجتمع.
أي أن يصبح الخريج الجامعي في خدمة المجتمع واحتياجاته وليس العكس بأن يكون المجتمع في خدمة طبقة من المتعلمين المتغربين فكريًا. فيعيش المجتمع حالة الصدام والصراع بينه وبين المثقفين.
ثانيًا: عدم ارتباط التعليم بالاقتصاد واحتياجات التنمية. فيتخرج آلاف من الطلاب الذين لا يمكن أن يفيدوا الاقتصاد بشيء، نتيجة لضعف تجهيزهم العلمي والفني. وبدلا من أن تتوقف تلك المهزلة، يستمر التعليم والجامعات في ضخ آلاف الخرجين العاطلين عن العمل والعاجزين عن الإنتاج، والمطالبين بالوظائف، وهم في حالة صراع دائم مع الأنظمة السياسية. إضافة إلى عدم تجانسهم الفكري والثقافي مع المجتمع، وعدم قدرتهم على العمل المنتج في الزراعة والصناعة والخدمات.
التعليم الموجود في أفغانستان، ومعظم الدول الإسلامية، هو في أغلبه إهدار لطاقات الشباب وضياع لأعمارهم بلا جدوى، ويحولهم إلى عامل سلبي داخل المجتمعات.
تعليم جديد من أجل مستقبل حقيقي
لدى الإمارة الإسلامية أفضل فرصة لإعادة صياغة التعليم بحيث يتحول إلى عنصر بناء حقيقي لدولة إسلامية قوية. وذلك بربط التعليم بمحورين أساسيين وهما:
1 – المحور الديني والأخلاقي.
2 – المحور الاقتصادي. بحيث يكون التعليم مرتبطًا باحتياجات الدولة والمجتمع.
أما الاستمرار في مواصلة التعليم على نفس الأسس التي تركها الاستعمار الأمريكي فمعناه أننا بواسطة الخريجين والخريجات من الجامعات والمعاهد إنما نضع الألغام في بنيان أفغانستان، لتعود عاجلًا أو آجلًا ــ بسبب هؤلاء ــ إلى حظيرة الاستعمار العسكري والاقتصادي.
لماذا المرأة أكثر خطورة؟
نظام التعليم الذي بناه الاستعمار، الهدف منه بناء عناصر لا تبني المجتمع بل تتصادم معه، ثم تقوده في النهاية إلى الخضوع للأجنبي من بوابة الاقتصاد أو العمل العسكري بأحد صور الحروب المعقدة التي نراها الآن في عدة أماكن من العالم حتى في أفغانستان نفسها.
للمرأة أهمية ودور أكثر خطورة في تلك المشكلة. فالغرب يعتمد عليها بعد تخرجها من مدارسه لإحداث تأثير مضاعف في صدامها مع الدين، وفي عدم قدرتها على المشاركة في عمل إنتاجي مناسب لها.
– الصهيونية العالمية جهزت برنامجًا خاصًا للمرأة المسلمة، يجعلها في صدام دائم مع الدين ومع أسرتها تحت شعار الدفاع عن حريتها وحقوقها التي حددها اليهود بشكل لا يمكن أن يتوافق مع الإسلام أو أي دين سماوي، أو بديهيات بناء الأسرة في أي مجتمع.
– أما من ناحية مساهمة المرأة في الإنتاج فقد تعمد الغربيون أن تزاحم المرأة الرجل في نفس مجالات العمل، حتى تلك التي لا تناسب فطرتها وقدراتها البدنية. والهدف هو خلق صراع على الوظائف يستفيد منه أصحاب رؤوس الأموال للحصول على أيدي عاملة رخيصة من الجنسين، و إبقاء أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل في انتظار فرصة للتوظيف. وهذا يخلق ضغطا على القوة العاملة ويجعلها مهددة بالاستبدال في حال طالبت بأي حقوق.
وضعت دول الغرب الصناعية ملايين النساء خلف ماكينات المصانع لتتمكن الأقلية الحاكمة والمتحكمة في الثروات، أن تضع الشباب خلف السلاح في جيوش تقاتل لاحتلال المزيد من البلدان الأخرى وسرقة ثرواتها وفتح أسواقها أمام بضائعهم.
إن (حركة تحرير المرأة) نشأت لحاجة الدول الصناعية إلى شن حروب استعمارية ضد الدول الضعيفة، وضد بعضها البعض، صراعًا على الغنائم والمستعمرات.
فكان الاحتلال والسيطرة على الشعوب لتكديس الثروات بعض أسباب سحب المرأة من بيتها ودفعها إلى سوق العمل. ولم يكن دافع الغرب إلى “تحرير” المرأة إنسانيًا ولا أخلاقيًا، بل كان استعماريًا وانتهازيًا. ومضاد لمصالح المرأة والإنسانية كلها، لأنه ساهم في نشر الحروب والدمار والظلم، ولم يكن لمصلحة الإنسان أو حقوقه.
ادعاء الغرب تحرير المرأة هو ادعاء كاذب ومنافق، لأنه في الحقيقة كان استعبادًا للمرأة وإذلالا للإنسان في كل العالم.
– أشعلوا نار المنافسة في سوق العمل بين الرجل والمرأة. ومازالت المرأة تحصل على رواتب أقل لأداء نفس الأعمال التي يقوم بها الرجل. سبَبَ هذا أضرارًا في مستوى الأجور وأضرّ بمصالح العاملين. وبالتالي تضرر مستوى معيشة الأسر وقدرتها على تلبية متطلبات المعيشة التي ترتفع باستمرار.
إن الهدف لم يكن منذ البداية مصلحة المرأة ولا تحريرها، بل كان تخريب المجتمعات وتهديم الدين وتحقيق المزيد من الأرباح بتوظيف العاملين بأقل أسعار ممكنة نتيجة المنافسة بين الجنسين.
الفرد في مواجهة المجتمع
تقوم فلسفة الغرب على أساس الفردية المطلقة، التي تتصارع مع كل شيء آخر لإثبات نفسها، واكتساب كل ما تستطيع الحصول عليه، ليس لأنه حق ولكن لأن القوة التي يمتلكها الفرد تمَكِنَه من ذلك.
فالإنسان هناك يفعل ما هو في قدرته، بصرف النظر عن أخلاقية ذلك الفعل أو تطابقه معه الشرائع الدينية. وشعار الفرد هو: (فعلت ذلك لأنني كنت قادرًا على فعله). وهكذا قالها الرئيس الأمريكي كلينتون أثناء التحقيق معه في جريمة أخلاقية.
– يريد اليهود من خلال نظام التعليم ومن خلال وسائل الإعلام أن يجعلوا الفرد مهتما بنفسه وقضاياه غير مبالٍ بقضايا المجتمع، بل ويتصادم معها إذا لم تحقق مصالحه الخاصة، بصرف النظر عن مسئولياته إزاء هذا المجتمع. فهو فرد فقط، والمجتمع مجرد مادة لتحقيق رغباته الفردية.
وحقوق الفرد هي حقوقه في “الحرية” التي تضاهي حقوق البهائم المنطلقة بغرائزها بلا أي مسؤوليات اجتماعية أو حدود دينية وأخلاقية. حتى تكاد تتلخص أساسيات حقوق الإنسان لديهم في مطالب التعري والشذوذ. وهكذا يصبح الإنسان صورة مستحدثة لحيوانات الغابة. فيخلو المجال أمام اليهود ليحكموا العالم، ويقضوا على الأديان والثقافات، ويبتلعوا ثروات الأرض.
– نشاهد في أفغانستان أن طالبات الجامعة يخرجن متظاهرات ضد ارتداء الحجاب، ويطالبن بالوظائف في أجهزة الدولة. وذلك في الوقت الذي لا يبدين فيه أي اهتمام بمشاكل المجتمع الذي يعاني مصائب حروب استمرت أربعين عامًا، منها احتلال أمريكي أوروبي أستمر عشرين عاما.
وخرج الاستعمار ولكنه صادر أموال الأفغان المحتجزة لديه. كما فرض حصارًا تجاريًا وسياسيًا. وقام بهجمات جوية بطائرات بدون طيار وبعصابات مسلحة من جيشه السري الذي دربه وتركه في البلاد، وهجمات بالدواعش. ومع ذلك تقوم المتظاهرات وأحيانا الطلاب المتظاهرين، بتحميل المسؤولية للإمارة الإسلامية التي لم تكد تكمل عامها الأول في الحكم.
تتحرك الطالبات بعدوانية أكثر في شوارع أفغانستان نتيجة إدراكهن حرص الإمارة الإسلامية على كرامتهن. وعدم قبول الرأي العام الأفغاني بالتعدي على المرأة. ومن جهة أخرى جعل الغرب من قضية مناصرة المرأة الثائرة على الدين الإسلامي قضية مقدسة لديه. حتى أنهم ادعوا أنهم ذهبوا لغزو العراق وأفغانستان من أجل تحرير المرأة من (القيود التي يفرضها الإسلام عليهن).
في أفغانستان مازالت مشكلة التعليم في بدايتها، والعلاج الآن أسهل. ولكن كلما مضى المزيد من الوقت كلما تعقدت المشكلة أكثر.
ومن الخطأ الاستمرار فيما أسّسه الاستعمار من ألغام تطيح بالدين والوطن. وأهم تلك الألغام هو التعليم. (وهناك ألغام أخرى مثل الجهاز الإداري الضخم والفاسد، الذي تركه الأمريكيون. ومازال معظمه يعمل في أجهزة الدولة أو يتلقى أموالا من الإمارة) ــ (وهناك بقايا كوادر إعلامية ساندت الاستعمار طوال عشرين عامًا) ــ و(هناك رجال أعمال، وسماسرة في العمل السياسي، كانوا يعملون مع الاحتلال ومازال العديد منهم يعملون لصالح الاحتلال الذي ارتبطوا به مصلحيًا وفكريًا).
– قد يلزم وقف التعليم الحالي، إلى حين الانتهاء من وضع تصور تعليمي جديد، ومناهج دراسية، وسياسة تعليمية إيجابية تخدم أفغانستان وليس من احتلوها ويتربصون بها الدوائر. فمن غير المعقول أن تنفق الإمارة أموالها ووقتها بالسير في نفس المسار التعليمي الذي أسّسه المستعمر الكافر. وليست المشكلة منحصرة في حذف بعض المقاطع من الكتب الدراسية. فالمطلوب بناء تعليمي متكامل من الصف الأول إلى نهاية التعليم الجامعي. وذلك موضوع صعب، ولكن الأمم تقام على التعليم قبل أي شيء آخر.
فأكبر قدر من نفقات الإمارة ينبغي أن يكون مخصصًا للتعليم، فهو مستقبل أفغانستان بل هو مستقبل الإسلام في أفغانستان والعالم الإسلامي.
فإذا ترافق البنيان التعليمي مع البنيان الاقتصادي، في ترابط عقائدي ومادي، فسوف نحصل على أفغانستان التي ينتظرها المسلمون.
وليس لدينا من البنيان العلمي الحقيقي سوى التعليم الديني التقليدي. وهو النقطة التي يجب أن نبدأ منها، ولكنه ليس كل البنيان التعليمي المطلوب.
– والجدير بالذكر أن العديد من خريجي التعليم الغربي يمكن الاستفادة منهم في بعض تخصصات التعليم الحديث، طبقا لمؤهلاتهم العلمية، وبعضهم بلغ فيها مراتب جيدة، ومن الخطأ عدم إشراكهم في إعادة البناء العلمي، لأنهم إلى جانب قدراتهم المتميزة، لديهم من العقائد الدينية والسلوكيات الاجتماعية ما يجعلهم قوة دافعة في البناء التعليمي القادم.
سباق بين النهضة الاقتصادية والنهضة التعليمية
البناء الاقتصادي أيضًا مازال في بدايته المبكرة. وتعمل الإمارة بأقصى طاقتها في بناء الاقتصاد، لتحسين حالة المواطنين وعلاج المشاكل التي تراكمت خلال العقود الأربعة الأخيرة من الحروب. وينظر المواطنون إلى الإمارة كأمل لهم ولأولادهم لتخطي الواقع المعيشي الصعب.
– خلال المدة القليلة التي مضت على عودة الإمارة الإسلامية إلى الحكم بعد هزيمة الاستعمار الأمريكي، خطت بقوة إلى الأمام في مجالات الاقتصاد الزراعي، باستصلاح الأراضي وتمديد شبكات الري والحصول على جزء من الحقوق الطبيعية لأفغانستان في مياه نهر جيحون.
وهناك المشاريع التعدينية واستخراج الخامات الاستراتيجية والمعادن النادرة. وهناك الصناعات الكبرى التي يمكن أن تنشأ حول طريق الحرير الذي سيعبر أفغانستان قادمًا من الصين في طريقة إلى إيران.
وهناك أيضا خط (شمال جنوب) الذي يربط روسيا مع الهند عبر أفغانستان وإيران. وهناك خطوط تمديد الطاقة من آسيا الوسطى إلى الهند وباكستان (مشروع تابي). تلك النهضة الصناعية الزراعية العظمى مازالت في بدايتها المبكرة، بينما مشروع النهوض بالتعليم لم يبدأ بعد، وحتى أنه لم يتضح له تصور مكتمل حتى الآن.
– وبشكل عاجل قد تجد الإمارة نفسها أمام ضرورة تَبَنِّي مشاريع للتدريب الفني والعلمي بشكل مكثف وسريع. سيكون معظمه خارج أفغانستان، وبعضه سيكون داخلها. والهدف من هذا الاستعجال هو المشاركة في المشروعات التي تنشأ بسرعة تسابق الزمن. وتأسيس كوادر علمية وفنية تلبي احتياجات مشروعات الزراعة والصناعة والتعدين، كما تلبي الاحتياجات الدفاعية، وذلك موضوع هام قائم بذاته.
مشاريع الدفاع حافز للنهضة التعليمية والاقتصادية
يعتبر الدفاع ركيزة لبناء الدول الحديثة علميًا وفنيًا واقتصاديًا. والإمارة تسير في نهضتها وفقًا لهذا المفهوم الذي من فوائده:
أولا: تعزيز القدرة الدفاعية للإمارة استنادًا إلى الصناعة المحلية والكوادر العلمية والتقدم التكنولوجي داخل أفغانستان.
ثانيًا: الصناعة الدفاعية تستدعي نهضة شاملة في التعليم. لأنها تطالب جميع أفرعه تقريبًا في العلوم التطبيقية وفي التصنيع والطب.
ثالثا: الاقتصاد بشكل عام ينهض بنهضة التصنيع العسكري لأنه يخلق انتعاشًا في جميع الصناعات، وتقدمًا في أساليب الإنتاج، وفي البحث والتطوير.
إن الصناعات العسكرية تعتبر محورًا أساسيا في نهوض الأمم. ليس لطبيعتها العسكرية فقط بل لارتباطها بجميع الأنشطة المدنية الأخرى واستنهاض كافة القدرات والطاقات الإيمانية لدى الأفراد بعدالة قضاياهم الجهادية.
الحرب الجهادية درس في التقدم العلمي والاقتصادي
الحرب الجهادية ضد الاحتلال الأمريكي والأوروبي، غيرت جذريًا مسيرة الحروب وأظهرت تطورًا علميًا غير مسبوق في تاريخ البشرية، و تطورًا تكنولوجيا له نفس الخطورة والأهمية.
تلك الطفرات يجب أن نلحق بها، ثم نواصل السير فيها لسنين طويلة قادمة، حتى ندرك بعض ما فاتنا. فلا يكون تخلفنا في تلك المجالات تشجيعًا لدول أخرى أن تعتدي علينا أو على المسلمين، وتغتصب أوطانهم ومقدساتهم.
والجدير بالذكر أن معظم تلك المجالات تصلح لمشاركة المرأة كما تصلح لمشاركة الرجل، بدون أن نتبنى الفلسفات الصهيونية المعادية للإنسان والمرأة والدين.
من المجالات العلمية والفنية المطلوب اقتحامها على ما ظهر من أهميتها في حرب أفغانستان الجهادية ضد الاحتلال الأمريكي الأوروبي، ما يلي:
1 – صناعة طائرات بدون طيار. وهي أنواع كثيرة جدا وتشغل أهمية متزايدة في الحروب والأمن والحياة المدنية. وترتكز على قدر هائل من العلوم النظرية والتطبيقات الصناعية.
2 – صناعة الصواريخ الدقيقة. وهي أيضا أحد الأدوات الأساسية في الحروب الحديثة. وتطلق من الأرض والبحر والجو. وتستخدمها الطائرات بدون طيار.
(لمجاهدي الإمارة الإسلامية قصص رائعة ينبغي أن تروى في صناعة الصواريخ بمجهودات ذاتية وعبقرية أفغانية نادرة المثال. فربما كانت المرة الأولى في أي مكان حيث يخترع المجاهدون صاروخا يناسب عمل تكتيكي بعينه. بحيث لا يصلح ذلك الصاروخ لغير تلك المهمة، ولا يمكن إنجاز تلك المهمة التكتيكية بغير ذلك الصاروخ بالذات. وكان رقمه هو الثاني من “منظومة صواريخ عمر” التي حققت طفرة تكتيكية في مناطق بعينها. الطاقم الفني كان هو نفسه الطاقم التكتيكي. ولم تنقصه الشجاعة ولا العزيمة الأفغانية القاطعة، ولا روح المرح التي تميز المجاهدين الحقيقيين، خاصة عندما يفضل الصاروخ ـ أحيانا ـ العودة مرة أخرى إلى إخوانه المجاهدين في مركزهم، رافضا الذهاب إلى العدو).
3 – صناعات مضادات لأسلحة للدمار الشامل التكتيكي. وتشمل مضادات أو وسائل حماية من السلاح النووي والسلاح الجرثومي والبيولوجي والكيماوي. وقد استخدمت جميعها ضد أفغانستان في الحرب الأخيرة. ومنها أنواع كثيرة مازالت تظهر في أوكرانيا وأحيانًا في أفغانستان.
كما تستخدم بشكل سري ضد بعض الدول بدون إعلان حالة حرب أو لوجود توترات سياسية في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وهناك أسلحة أخرى لم يتم تسليط الضوء عليها بشكل كاف حتى الآن رغم ظهور دلائل على وجودها واستخدامها في أفغانستان ومناطق أخرى من العالم.
تلك هي الأسلحة الخاصة بأحداث الزلازل والتحكم في تغيير المناخ وحدوث الفيضانات والتأثير على كميات الأمطار والعبث بمخزونات المياه على سطح الأرض سواء الظاهر منها أو كنوز المياه الجوفية. وهناك سياسة “عسكرة الفضاء” أي استخدام الفضاء الخارجي للإضرار بسكان الكوكب بواسطة أسلحة ذات طابع تخريبي للبيئة والاتصالات، أو حتى باستخدام السلاح النووي.
– إن الحروب الحديثة تتطور بسرعة في اتجاهات خطيرة لم يألفها الإنسان، ولابد لنا من ملاحقتها علميًا وصناعيًا ولو باللجوء إلى إجراءات سريعة ومؤقتة في البداية، إلى أن يتم استقرار البناء العلمي والصناعي والاقتصادي للإمارة الإسلامية.
التعليم والثروات المعدنية
من غير المعقول أن يكون لدى أفغانستان مخزون كبير من خام اليورانيوم ولا تدخل في مجال العلوم النووية وتطبيقاتها المدنية من طب وزراعة وتطوير علمي وتوليد الكهرباء و تحلية المياه.
– ومن غير المعقول أيضًا وجود الخامات النادرة مثل الليثيوم وأمثاله بكميات معتبرة تجعل أفغانستان ذات مكانة دولية خاصة في إنتاج تلك المعادن النادرة، التي هي أغلى المواد الخام على سطح الأرض. لهذا من غير المقبول أن لا تدخل أفغانستان مجال صناعة أشباه الموصلات التي تقوم عليها الصناعات المتطورة في الحياة المدنية والعسكرية والفضائية.
– يجب ألا تكتفي أفغانستان بدور بائع المواد الخام على هيئة أتربة وأحجار. بينما هي من أكبر مخازن المواد النادرة والثمينة على وجه الأرض. بل يجب أن تشارك في الصناعات التي تقوم عليها تلك المواد، وأن تبيع الخامات على هيئة مواد مصنَّعة بشكل جزئي، على أن تتزايد مساحة التصنيع بالتدريج و تتحول أفغانستان في مرحلة قادمة إلى دولة صناعية حديثة.
– منذ الآن يمكن أن تعتمد الإمارة على البعثات التعليمية والفنية إلى الخارج. وأن تحتوي شروط تعاقد بيع الخامات على شرط تعليم مختصين وعلماء، وتدريب فنيين صناعيين، وإقامة معاهد على الأرض الأفغانية ومراكز لتصنيع لتلك المواد.
فيجب ألا يباع اللثيوم وأشقائه كمواد خام بدون شرط إقامة صناعات لأشباه الموصلات على الأرض الأفغانية، وأن تصبح أفغانستان مركزا عالميا لتصنيع تلك السلع الهامة. وأن يكون العنصر الأفغاني مشاركاً في التصنيع ــ كما في استخراج الخامات ــ منذ بداية العمل ــ ولو بشكل قليل ثم يتزايد بالتدريج من حيث العدد والنوعية.
– بالمثل عند بيع خامات اليورانيوم. فلابد أن تمتلك الإمارة إمكانية تخصيب اليورانيوم وإمكانية الاستفادة منه فى التطبيقات النووية السلمية.
تعتبر أفغانستان واحدة من أفقر دول العالم وأكثرها دمارًا نتيجة الحروب والغزوات التي تعرضت لها من القوى الاستعمارية بداية من الإنجليز والسوفييت ثم الأمريكيين. وخلال حروب الأربعين عامًا الأخيرة لا يقل عدد شهداء الأفغان عن ثلاثة ملايين شخص معظمهم شباب في سن الإنتاج. إضافة إلى ضعف هذا العدد من المصابين بإصابات بليغة. ودمار كبير لحق بالقرى والبنية التحتية للزراعة، مع غياب شبه كامل للصناعة من الحياة الاقتصادية.
إضافة إلى عشرات ملايين الألغام التي مازالت مدفونة. ومساحات شاسعة من الأراضي تلوثت بفعل قذائف اليورانيوم التي استخدمتها أمريكا ضد الشعب الأفغاني.
أما معدل الفقر في أفغانستان قد يتخطى نسبة 70% من السكان.
الإمارة وحقوق الإنسان
عدد سكان أفغانستان يقترب من 35 مليون إنسان. معظمهم يحتاج من الإمارة إلى معونات أو تدخل عاجل لإصلاح شؤونهم. لهذا تعتبر الإمارة هي المدافع الأول عن حقوق الإنسان في أفغانستان.
وكلمة “حق إنساني” تعني لدى الإمارة الحق في حياة كريمة، والطعام والتعليم والملبس والمسكن والعلاج. تلك هي حقوق الإنسان في الإسلام. وهي تختلف تماما عن حقوق الإنسان التي وضعتها الماسونية اليهودية، فجعلت من المرأة وكأنها المعيار والغاية من تحرير البشرية، بينما المرأة في الحقيقة هي أكبر ضحايا تلك الحرية الملغومة.
خدعت الماسونية العديد من الشباب بوهم أن حقوقهم تتعارض مع حقوق المجتمع، وتتصادم مع الشرائع الدينية. متجاهلين أنه ليس بالتعري تتحرر المرأة، ولا بالشذوذ يتحرر الرجل. فتلك هي العبودية للشهوات، والمدخل الطبيعي لاستعباد اليهود للبشرية.
الإمارة الإسلامية تقف كمدافع صلب عن حقوق الإنسان “الفرد” في أفغانستان إلى جانب الدفاع عن “المجتمع” الأفغاني المسلم. والإمارة هي التي حررت “شعب” و”أرض” أفغانستان من جيوش المحتلين اليهود والأمريكيين في حروب استمرت عشرات السنين.
“بيت المال” دعامة للبناء الإسلامي في التعليم والاقتصاد
الإمارة الإسلامية تتولى الكثير من المسؤوليات، وبالتالي يجب أن تتسلح بالكثير من الصلاحيات حتى تعالج المشكلات وتلبي ضرورات الحياة.
أول تلك الأدوات هو تأسيس بيت المال لتجميع الموارد المالية، من الضرائب وتصدير المواد الخام الاستراتيجية والنادرة والمعادن والأحجار الكريمة، والمنتجات الزراعية والحيوانية والصناعية.
من بيت المال وموارده المالية يتم الإنفاق على احتياجات الشعب ومتطلبات بناء المجتمع وفى مقدمتها التعليم.
فالتعليم أهم وسائل بناء الأمم، ويحتاج إلى استثمارات مالية كبيرة، فهو أضخم استثمار مالي لبناء الإنسان. خاصة إذا كانت بدايته من الصفر تقريبا كما يحدث في أفغانستان، حيث المطلوب هو بناء كل العملية التعليمية من جديد، ووضع هندسة للتعليم تحقق بناء المجتمع الإسلامي القوي الذي تسعى إليه الإمارة الإسلامية.
فالمطلوب مدرسين وأساتذة وعلماء، ومناهج تعليمية جديدة، وتعليم في المدارس والجامعات قائم على أسس جديدة تمامًا. يضاف إلى ذلك إرسال بعثات دراسية لتأهيل خبراء في العلوم الحديثة والصناعات التي لا يمكن لأي مجتمع يحترم نفسه الاستغناء عنها.
– يتطلب ذلك استثمار مبالغ ضخمة من الأموال، التي لا يمكن توفيرها إلا من خلال بيت المال الذي هو وعاء الثروة العامة للمسلمين في أفغانستان.
والتعليم هو أحد القضايا الهامة المتعلقة بالحاضر والمستقبل والتي لا يمكن أن تقوم بها وزارة واحدة، لهذا يكون إنشاء التعليم بمفهومه الإسلامي الحديث هو أحد التحديات التي تواجه مجلس الأمن القومي في حال مباشرته لمهامه.
ولأن التعليم هو مهمة إسلامية من الدرجة الأولى تتعلق بسلامة المجتمع ومصير الأجيال القادمة. فيجب أن يخصص له جزءً هاماً من إجمالي نفقات الإمارة، أو نسبة ثابتة من دخلها. ولا يمكن الحديث هنا عن ترك التعليم لمجهودات القطاع الخاص أو ما يسمونه “مؤسسات المجتمع المدني”. أو ترك التعليم ألعوبة في يد دول خارجية، تقيم ما تشاء من مدارس، وتُدَرِّس فيها ما تشاء من مناهج.