مقالات الأعداد السابقة

الذكرى السنوية لمجلة “الصمود” وبداية قصتي معها

غلام الله الهلمندي

 

تزامنًا مع الذكرى السابعة عشر لتأسيس مجلتكم الغراء، مجلة الصمود، أودّ أن أهنئكم جماعة العاملين في المجلة وجميع القراء الأعزاء، وأتمنّى للمجلة دوام النجاح والإبداع والتقدم والتألق في عالَم الصحافة والإعلام، وأتمنّى لها “الصمود” في سبيل نصرة الدّين والوطن، والدفاع عن المستضعفين والاهتمام بقضايا الشعب الأفغاني، وفي سبيل كشف الحقائق والوقائع التي يريد الإعلام طمسها أو تحريفها أو إخفاءها.

إن “الصمود” لا شك لعبت دورًا بارزًا في مقاومة الاحتلال الأميركي وعملائه، وفي دعم جهادنا والتعريف بنا والتعريف بجهادنا وأهدافنا ومنهجنا وعقائدنا واتجاهاتنا الفكرية والسياسية والاجتماعية، ولعبت دورًا مهمًّا في إيصال صوتنا إلى العالَم العربي قدر استطاعتها، وفي كشف الأكاذيب المفبركة في الإعلام العميل بهدف تشويه الإمارة الإسلامية، واهتمّت بالقضايا السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، ظلّت “الصمود” خلال هذه الفترة تكافح في ميدان الإعلام كما يكافح الأبطال في ميدان الحرب، تكافح من دون كللٍ أو ملل.

أصرّت “الصمود” على ضرورة متابعة طريقها، سلكت بكل جدٍّ واجتهاد طريق النّصر والحرية جنبًا إلى جنب مع المجاهدين الأبطال، ازدادت قوةً وعزيمة وجمالا شيئًا فشيئا، حملت مشعل الأمل في أحلك الظروف، ظلت تبشّرنا بالانتصار والحرية ودحر الاحتلال والعمالة، وإقامة الشريعة، تبشّرنا بذلك يوم كانت وطأة الحرب علينا شديدة قاسية، كانت تحفّزنا على الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام للمصاعب، كانت تبعث فينا الأمل والتفاؤل كلما غلبَنا اليأس وقهرنا الفتور والنعاس، ولم تروّعها المعيقات والعقبات يومًا، والطريق التي سلكتها كانت محفوفة بالمخاطر والصعوبات، ولم يثنها استشهادُ عامليها وأسرهم عن التقدم نحو الأمام ومواصلة رسالتها.

قاتلت “الصمود” جنبًا إلى جنب مع الجندي المقاتل في ميدان الحرب، ومن العجيب أنّي أنا شخصيًا تعرفتُ عليها لأول مرة في ميدان حرب، واسمحوا لي أن أقص عليكم في هذه المناسبة بداية قصتي مع المجلة؛ متى رأيتُ المجلة لأول مرة ومتى أحببتها. خلال إجازات سنة (1431هـ) ذهبت إلى مديرية “برامشا” كعادتي في إجازات كل سنة آنذاك، لأقضي فيها إجازاتي مجاهدًا، ذهبتُ هذه المرة وحيدًا، اخترت مركزًا لم أكن أعرف فيه أحدًا، لم يكن فيه أحد من الأصدقاء القدامى الذين عرفتهم وعاشرتهم سلفًا، ولكن ليس في ميدان الجهاد صديق حميم أو صديق غير حميم، كلهم صديق حميم وفي، ولكن المشكلة فيَّ أنا، فإني دائمًا بحاجة لزمان حتى أستطيع أن أصادق الأفراد الجدد وأحادثهم بارتياح، وأنا بحاجة لزمان حتى لا أشعر بالوحدة بين الأصدقاء الجدد، وهذه طبيعتي مع شديد الأسف، لا أستطيع تبديلها ولا يمكنني التخلي عنها، وقد حاولت ذلك مرارًا ولكن من دون جدوى، أردت مرارًا أن أتخلى عن هذه الطبيعة ولكني فشلت.

والمجاهدون في هذا المركز كلهم كانوا جددًا، كنتُ أشعر بالوحدة في أيامي الأولى رغم كثافة الأصدقاء المليئين بالنشاط والحيوبة حولي. لأجل ذلك، أخذتُ أشغل نفسي بمجموعة من الكتب الموجودة المتناثرة بشكل غير جميل على رفّ في المركز، وقعت يدي بالمصادفة على نسخة من مجلة “الصمود” لا أذكر عددها على وجه التحديد، لم أكن قد سمعتُ باسم المجلة من قبل، وأوّل مقال قرأته فيها كان يروي حياة شهيد سعيد لا أذكر اسمه.

بعد أيامٍ، تمّ إرسالي إلى مركز آخر خارج المديرية، كنا هنالك ثلاثة أشخاص فقط، لأجل ذلك حملت المجلة معي كي لا أشعر هنالك بالوحدة. وهناك لم يكن لدي أي كتاب سوى هذه المجلة، ولم يكن لديّ تقريبًا أي عمل سوى النظر فيها، كنت أنظر فيها باستمرار، أقلب صفحاتها، قرأتها من الألف إلى الياء، صفحةً صفحةً وسطرًا سطرًا، قرأتها غير مرة، وإن لم أفهم منها إلا القليل من القليل، فإني كنت في ذلك الوقت في عمر مبكّر جدًا، وكنت أعرف من العربية شيئًا ضئيلا جدًا، ولم أكن أستطيع أن أفهمها من غير استعمال القاموس، ولم يكن هنالك قاموس أو أي كتاب آخر، أعدت قراءتها أكثر من مرة، أعجبتني المجلة ودخلتْ قلبي.

يعني الهروب من الوحدة هو الذي دفع بي نحو المجلة، بعد ذلك كنت أبحث عنها دائما أينما كنت، ولا أجدها إلا نادرًا مع الأسف، إلى أن وصل إلى يدي هاتف ذكي اشتريته لأقرأها على شاشة الهاتف بصيغة بي دي إف. هذه قصة بدايتي أو بداية قصتي مع مجلة الصمود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى