الرئيس في شرنقة الغيبيات والماورائيات
تعوّد السیّد الرئیس أن یتكلم دونما أن یفعل شیئاً، فالمسكین فُوّضت إلیه تبریر الأخطاء دون الإقدام.
جولة واحدة في كلمات الرئیس تكفی أن تفهم فحوی ما یقول أو یرید، أو یرنو إلیه، فمثلاً هو یخاطب أصحاب لوي جیرغا (المجلس الأعلى):
أو لستُ خریجاً من إحدى جامعات الهندیة؟
ألست صاحب درجة “ماجستير” في العلوم السیاسیة؟
أو لم یكن جدّي رئیس مجلس الشعب في أیام ظاهر شاه؟
أو لا ترون عمامتي المشهورة، وربطة العنق الأنیق (كروات)؟
فأجاب أصحاب “لوي جیرغا” : هوّن علیك یا سماحة الرئیس، أنت كما شئت.
فقال الرئیس: فلماذا الشعب لا یفهمني، ولا یعترف بي شروي نقیر؟
ولماذا لا تقنعون الشعب بأني سأقدم لهم الديمقراطية التي تجرّهم إلی الحریة التامة، لیعلموا كیفیة لفّ المعكرونة بالشوكة علی طُنّ الملعقة، وإیصاله إلی الأفواه بكلّ الإتقان، والفرح؟
ولیعرفوا كیفیة إعداد الوجبة المفضلة والاستلقاء علی الأریكة المریحة لمشاهدة التلفیزیون، وكیف یصعدون الباص ویجلسون علی المقعد المخصص؟
ولذلك تروني أمسح الجوخ لرؤساء الاحتلال، تارةً هنا وتارةً في البیت الأبیض، وأینما شاءوا؛ لأني باقتناع أنّ حیاة أفغانستان لا تمكن إلا بعد أن صارت زُلماً للأمریكان!!
فیجب علیكم أیها الشعب أن لا تحملقوا في المقابر التي أحدثناها بمشاركة الاحتلال ولا إلی أجساد النجوم الخامدة واتركوا للأمریكان أرضكم الواسعة بكل ما فیها من الحجر والشجر والأرض والسماء.
فأنا و إخوتي وأبناء عمي نحب التغییر والديمقراطية واللحاق بالأمم التي أجرت نهر الدم المتدفق علی أراضي المسلمین.
صه یا سیّد الرئیس قد آذیتنا بهذه الكلمات التي ترددها دائماً، فأقل الناس خبرة ووعیاً یعرفون أنّ في طبیعتك سرف الحماقة وسنشاهدك بعدما يتركك الاحتلال وحیداً حافیاً علی أشواك قاهرة، ولا نحتاج إلی النصائح والتحلیلات التي تقدمها حول عافیة الديمقراطية.
ونعلم كیف نحتسي شوربة البروكلي، والكرفس.. ونعلم أنّ ریموت كونترول في ید الأمریكان وأنت تلفیزیون قدیم تعكس القناة التي ترضاها الأمریكان، ولا نقول فیك إلا ما قال الشاعر:
طفح اللیل وماذا
غیر نور الفجر بعد الظلمات
حین یأتي فجرنا عمّا قریب
یا طغاة
یتمنی منكم خیركم
لو أنه كان حصاة
أو غباراً في الفلاة
أو بقایا بعرة في إست شاة