
الرعب العالمي من الجهاد الأفغاني
من فكر الأستاذ الشهيد دكتور عبد الله (عزام) رحمه الله
نرجو الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم الهجرة والإعداد والرباط والجهاد.
ونرجو الله عز وجل أن يحيينا سعداء وان يختم لنا بخاتمة الشهداء، وان يجمعنا مع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم. ونرجو الله عز وجل أن يحفظ علينا هذه النعمة نعمة الجهاد في سبيله، نعمة الرباط ابتغاء مرضاته، نعمة النفير لوجهه الكريم، وهذه نعمة لا يرزقها الله عز وجل إلا لمن أحب، والذي لا يحبه الله عز وجل لا يرزقه هذه النعمة.
(ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين)
(التوبة: 64)
هذا فضل من الله، ونعمة أن يدعو الله فتلبي وان يأمر فتنفر في سبيل الله وإذا نفرت في سبيل الله، ونويت الاستمرار على هذا الطريق -ونرجو الله أن يرزقنا صدق النية- إذا نويت الاستمرار على هذا الطريق فمت حيث مت فأنت شهيد.
من وضع رجله في الركاب فاصلا فوقصته دابته فمات -أي رمته دابته فمات- أو لدغته هامة -أفعى- فمات أو مات بأي حتف مات فهو شهيد وان له الجنة [حديث حسن رواه أبو داوود وأورده الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح الجامع الصغير بمثله في رقم (6413)].
إن الشيطان قد قعد لابن ادم في اطرقه كلها، قعد له في طريق الإسلام قال: تسلم وتترك دين أبائك وأجدادك فعصاه فاسلم، وقعد له في طريق الهجرة قال: تهاجر وتترك أرضك وسماءك فعصاه وهاجر، وقعد له في طريق الجهاد وقال: تقتل ويقسم المال وتنكح الزوجة فعصاه وجاهد. فمن فعل ذلك فقتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وان غرق كان
حقا على الله أن يدخله الجنة، وان مات كان حقا على الله أن يدخله الجنة . [صحيح الجامع الصغير رقم (6152)].
فهي نعمة عظيمة لا يدركها إلا الذي يهبها ويمنحها له رب العالمين سبحانه، ولا يدرك نعمتها إلا من ذاقها وعاشها.
أهمية الهجرة والإعداد:
فأما الهجرة… فإنها نعمة عظيمة من الله….
(والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وان الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم).
(الحج: 85-95)
(والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا) -يعني يستوي القتل والموت- في أثناء الهجرة. فعن فضالة بن عبيد كانوا في الغزوة في البحر فقتل احدهم بقذيفة منجنيق، ومات احدهم ودفنوا ودفنوهم; فجلس فضالة بن عبيد -وهو احد الصحابة المجاهدين المعروفين- فوق رأس الميت فقالوا: تجلس فوق رأس الميت وتترك الشهيد؟ قال: والله لا أبالي من أي الحفرتين بعثت; من هذه الحفرة: حفرة الميت أو حفرة الشهيد -لا أبالي يعني: لا اهتم سواء بعثني الله من قبر ميت في الهجرة أو من قبر مقتول في الهجرة- لان الله عز وجل يقول:
(والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا ، وان الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم).
قال: فإذا كان الله عز وجل سيرزقني رزقا حسنا ويدخلني مدخلا أرضاه -يعني الجنة- فماذا أريد بعد ذلك سواء من هذه الحفرة أو من هذه الحفرة.
وأما الإعداد: فهو كالوضوء للصــــــــــلاة، وهو علامة نية
الاستمرار في الجهاد (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) الإعداد: هو علامة العزيمة الصادقة على الجهاد. وهذا المكان الذي أنت فيه خير مكان للإعداد، وكل يوم يمر عليك إنما يمر عليك بأجر وخبرة، فلا تستعجل على الجبهة ولا تستعجل على القتال، فأنت إن شاء الله في ثواب وخير، ولعل الله عز وجل يرزقك الأجر في النوم والنبه في النوم واليقظة.
نحن في هذا المكان نقوم بفريضتين: فريضة الإعداد في سبيل الله، وفريضة الرباط في سبيل الله. ونحن لا نعتبر مرابطين كاملا لكننا شبه مرابطين، فلو اعتبرنا أننا في نصف رباط; فنحن نقوم بفريضة وبنصف فريضة، بينما الذين يذهبون إلى القتال بدون إعداد هؤلاء قد عصوا من ناحية أنهم: تركوا الأخذ بالأسباب وتركوا الإعداد الذي هو فريضة.
قيمة الرباط:
والله عز وجل أمرنا بالإعداد كما أمرنا بالصلاة والصوم فقال:
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)
(الأنفال: 06)
فالإعداد يرهب أعداء الله عز وجل ويرعبهم ويخيفهم، يرعبهم كثيرا ويرهبهم، ولعلنا نرجع إلى هذه النقطة فنقف عندها طويلا.
ثم الرباط; والرباط: ان تقيم في ثغر تخيف فيه عدو الله ويخيفك أعداء الله، وتكون على خطر أن يهاجمك أعداء الله، وعلى استعداد أن تهاجم أعداء الله. فالذين في داخل حدود أفغانستان الآن يعتبرون مرابطين، (ورباط يوم في سبيل الله خير مما طلعت عليه الشمس وغربت) [رواه مسلم]. يعني: أفضل من صنعاء وما فيها، وعمان وأموالها، والقاهرة وأبنيتها، ودمشق وبساتينها، والرياض وكنوزها… رباط يوم واحد!!.
فلا تأسف يا أخي على وظيفة تركت بها راتبا قدره أربعة آلاف أو خمسة آلاف درهم، والله لا تساوي لحظة واحدة في سبيل الله… لا والله، وما الوظيفة؟ الوظيفة: انك تخدم عند فلان وفلان شهرا كاملا لا تجرؤ أن تتكلم كلمة حق لا ترضي صاحب الشركة أو صاحب السلطان أو صاحب الإدارة، لا تجرؤ أن تخالفه، كل شهر يعطيك في آخره أربعة أو خمسة آلاف درهم وهنا (لغدوة -أي ذهاب في الصباح إلى الجهاد- أو روحة -ذهاب في المساء- إلى الجهاد خير من الدنيا وما عليها [قطعة من الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما]. مساكين الناس… والله ما محروم أكثر ممن حرم نعمة الجهاد، والله وما من مصيبة تحل على مسلم أعظم على قلبه من أن يحرم الإيمان، ثم بعد الإيمان; أن يحرم نعمة تذوق حلاوة الجهاد.
ما من مصيبة تحل على قلب إنسان أعظم من أن يرى عرضه ينتهك ولا يدافع عنه، أو ماله وأرضه أو دينه يداس ويهان ولا يتمعر وجهه غضبا لله عز وجل، ما في مصيبة أكثر من هذه المصيبة..
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء
وأعراض المسلمات كلها عرضنا; كل المسلمات أعراضهن عرض واحد، لان المسلمات كلهن أخواتك وأمهاتك وبناتك; إن كانت اكبر منك فهي أمك وان كانت اصغر منك فهي ابنتك، وان كانت في عمرك فهي أختك (والمسلمون تتكافأ دماؤهم). [المسلمون تتكافئ دماؤهم … حديث حسن رواه أبو داوود، انظر صحيح الجامع الصغير رقم (9712)].
وعرض الفلسطينية ليس اقل من عرض اليمنية، وعرض السعودية ليس اشرف من عرض الأفغانية، كلها أعراض مسلمات. وكما يقول بن المبارك:
كيف القرار وكيف يهدا مسلم
والمسلمات مع العدو المعتدي
القائلات إذا خشين فضيحة
جهد المقالة ليتنا لم نولد
إذا كان الجاهليون يفدون أعراض جيرانهم بأرواحهم; الواحد منهم يموت ولا ينتهك عرض جارته وهو جاهلي، ولا يطمع في شيء من الآخرة; إنما هو الشرف والإباء والرجولة فكيف وأنت تطمع في جنة عرضها السموات والأرض. على أي شيء حريص؟
فالرباط: هو الانتظار الطويل للمعركة، وقد يرابط الإنسان سنة ولا يشهد معركة، والرباط ثقيل على النفس ومتعب لها -انتظار منتظر- ستة أشهر ما أطلقت طلقة، لكن هذا ليس عبثا وليس هدرا لا يذهب سدى، فإنما هو في ميزانك ثقيل يوم القيامة.
رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل يصام نهارها ويقام ليلها . [رواه النسائي والترمذي وقال حديث حسن غريب، انظر الترغيب والترهيب للحافظ المنذري المجلد الثاني صفحة 246]. كل يوم بألف، كأنك تصوم ألف يوم. عندما تجلس يوم في جبهة تفطر على قيماق (قشطة) وعلى مربا وتتغذى على الأرز وعلى غيره وتتعشى على فول، لا تصوم; تلعب أو تمرح وتمزح وتلعب رياضة ما إلى ذلك وتطلق نار، أجرك أعظم من أجرك لو جلست في مكة أو جدة أو عمان أو دمشق أو غير ذلك (أفضل من صيام ألف يوم وقيام ألف ليلة) أي نعمة أعظم من هذا؟
فيا بائعا هذا ببخس معجل
كأنك لا تدري ولا أنت تعلم
فان كنت لا تدري فتلك مصيبة
وان كنت تدري فالمصيبة أعظم
وأما القتال فقيام ساعة -ساعة واحدة- في الصف للقتال خير من قيام ستين سنة [رواه الحاكم بمثله وقال صحيح على شرط البخاري، انظر الترغيب والترهيب المجلد الثاني صفحة 258]. وإذا مت وأنت مرابط لا يختم على عملك، ولا تعذب في القبر ولا تسأل.
في الحديث الصحيح (إن الطائفة الأولى من المهاجرين يقفون على باب الجنة، فيسألهم خزنة الجنة هل حوسبتم؟ هل حوسبتم في الموقف وفي الميزان؟ مررتم على الصراط; عرفتم حسناتكم وسيئاتكم؟ فيقولون: على أي شيء نحاسب؟ -يوجد شيء نتحاسب فيه- حملنا سيوفنا على عواتقنا وقاتلنا حتى لقينا الله عز وجل. يوجد بعد هذا شيء بقي منا. يوجد حساب علينا، قال: فيدخلون الجنة ويقيلون فيها أربعين سنة قبل ان يأتي الناس).[رواه الطبراني بنحوه وإسناده حسن].
حامل سيفه على عاتقه، حامل الكلاشنكوف حيث ما سمع هيعة طار إليها.
سئل رسول الله ص هل يفتن الشهيد في قبره؟ قال: (كفى ببارقة السيوف فوق رأسه فتنة)[صحيح الجامع الصغير رقم 4483]. ثم بعد المدفعية يوجد سؤال وجواب منكر ونكير؟! يكفي!.
كل قذيفة كأنها سؤال من منكر ونكير، كل قذيفة هاون فوق رأسه. مرزبات الحديد هذه التي يضربون بها منكر ونكير -الملائكة- مرزبات الحديد، هذه سيتبعها في الدنيا، طن كامل يلقون فوق رأسه القذيفة، وهل بعد هذه القذائف فوق الرؤوس مرزبات حديد؟.
نعم: صدقوا يا إخوة -في بعض المعارك- فعلا إن أحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته… السماء ترمي بشواظ من النار. حيثما تحركت تلحقك الحمم، نقاط المراقبة فوق هذه الجبال، والطيران نازل والراجمات ومدفعيات الميدان و(B .M . 14)(بي ام ل ويك وشصت ويك) ما إلى ذلك نازلة فيك.
الدنيا كلها والجبال تهتز لله من تحت أقدامنا -الجبال العالية- ترون هذه الجبال العالية المكسوة بالثلج؟ هذه تهتز، هدير ليلا نهارا. ليل نهار صدى القذائف يتردد بين أوديتها وشعابها، هدير القذائف (كفى ببارقة السيوف فوق رأسه فتنة) (01) [قال الحافظ المنذري: رواه الطبراني في الكبير باسنادين رواة احدهما ثقات، انظر الترغيب والترهيب المجلد الثاني صفحة (244)].
وكل ميت يختم على عمله إلا الذي يموت مرابطا ، يبقى عمله ينمو إلى يوم القيامة. اللهم امتنا في الرباط والشهادة في سبيل الله.
علامة الخذلان:
لا خسارة اكبر من خسارة أولئك الذين يصلون النهر عطشى ويرجعون عطشى، وهذه علامة عدم التوفيق، وعلامة الخذلان من الله عز وجل.
من علامات عدم التوفيق والخذلان أن يسلط الله عليك واحدا من المرجفين -جهلا – قد يكون مخلصا لكنه جاهل أو غبي، وقد يكون غير مخلص فيكون حاقدا على دين الله أو على هذا الجهاد.
من علامات الخذلان; أن يجمعك الله عز وجل مع واحد من هؤلاء، وبعد محاولات سنوات متواصلة سنتين أو ثلاث -ثلاث سنوات وأنت تحاول حتى وصلت إلى ارض الخير إلى ارض الثواب، إلى ارض الأجر- ثلاث سنوات فيلتقي بك ثلاث ساعات، ينهي كل شيء في عقلك، ويهد عزيمتك، ويغير إرادتك، وتتنكر لنفسك، وترجع إلى بلدك. هذه علامة الخذلان من الله عز وجل، وعلامة عدم التوفيق من الله وعلامة عدم الرضا من رب العالمين.
والله لا يوجد مصيبة اكبر من مصيبة هذا الذي وصل النهر ورجع عطشان، رجع دون أن يذوق، دون أن يؤجر، دون أن يرابط، دون أن يطلق سهما واحدا في سبيل الله، طلقة واحدة في سبيل الله ما أطلقها ومن رمى بسهم في سبيل الله بلغ أو لم يبلغ كان له عدل محررة [صحيح الجامع الصغير رقم6308]. كل طلقة كأنك أعتقت عبدا ، في الرباط، في الإعداد، في الجهاد كل طلقة بإعتاق عبد، فأي مصيبة أعظم من أن تحرم الأجر؟ وكانوا يقولون للذي يموت ابنه وللذي تفوته الجماعة هذا الكلام:
ليس العزاء لمن فارق الأحباب
إنما العزاء لمن حرم الثواب
يقول ميمون بن مهران: لقد فاتتني صلاة العصر فوقفت ليعزيني الناس -فاتتني صلاة العصر جماعة وقفت ليعزيني الناس- فما عزاني إلا واحد أو اثنان; لان مصيبة الدنيا على الناس أعظم من مصيبة الدين، قال: ولو مات ابني لعزاني الألوف، لماذا؟ لان مصيبة الدنيا على الناس أعظم من مصيبة الدين.
وكان عمر رضي الله عنه يقول إذا أصابته مصيبة: الحمد الله إن لم تكن أعظم، الحمد لله إن لم تكن في ديننا، الحمد لله إن ثبت الأجر فاشكروا الله على هذه النعمة، إنكم لن تحصوا ثناء عليه.
(اعملوا ال داوود شكرا)
(سبا: 31)
وإذا فتح الله لك بابا من النعمة فافتح له بابا من العبادة، لان العبادة تحفظ النعم.
إذا كنت في نعمة فارعها فان المعاصي تزيل النعم
واسألوا الله الثبات، اسألوا الله الثبات على هذا الطريق، فما من طريق دلكم الله عليه أفضل ولا أعظم ولا خير من هذا الطريق الذي انتم فيه، أنا أكاد اقسم -ولا اقسم- إن أكثر بقعة فيها من صفوة البشر هي هذه البقعة التي فتحها الله لله -ساحة- للجهاد في سبيله، وللتجارة ابتغاء مرضاته. وأكاد اقسم -ولا اقسم- على انه: إن كان لله أولياء في الأرض
فخيرة أوليائه فوق أرض الجهاد.
قال: (من عادى لي وليا فقد بارزته بالحرب) [قطعة من حديث رواه البخاري]. من عادى لي وليا فكيف بمن يعادي أولياء الله؟ ما حال هؤلاء اللهم أعذنا، اللهم أعذنا، اللهم احمنا، اللهم ثبتنا، عونك اللهم، اللهم اعصمنا. كيف بمن ينصب نفسه موظفا للتشكيك في هذا الجهاد المبارك العظيم؟ ما من مصيبة أعظم من هذه المصيبة.
يا إخوان والله عز وجل جمع بين الكفر وبين الصد عن سبيل الله، وكلمة في سبيل الله إذا أطلقت فالمتبادر منها الجهاد قال:
(إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام) (الحج: 52)
(الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم) (محمد:1)
والناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا يأتون ليحملهم، فإذا قال: (لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون).
(ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الدين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله، ما على المحسنين من سبيل، والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون. إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء، رضوا بان يكونوا مع الخوالف) (التوبة: 19-39)
مع النساء والأولاد.. أليس عيبا ، (رضوا بان يكونوا مع الخوالف) مع الأولاد الصغار.
كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول
هذه وظيفتك تلمع قبتك وتلبس جاكيتك وتلمع حذاءك وتركب سيارتك، وتطلع كل يوم تشم الهواء هذه وظيفتك مثلك مثل النساء؟
(رضوا بان يكونوا مع الخوالف وطبع علي قلوبهم وهم لا يعلمون)(التوبة: 39)
والآية الثانية :(وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) (التوبة: 78)
(وإذا أنزلت سورة ان امنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بان يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون)
(التوبة: 68-78)
الصفات التي يحتاج إليها المجاهد:
يا أيها الإخوة: الجهاد يحتاج إلى صفات، منها: العزيمة الصادقة التي لا تنظر إلى انتقاد الناس ولومهم وعتبهم، ومنها حب المؤمنين والذل لهم، ومنها الغلظة والشدة على الكافرين، ومنها حمل السلاح.
(يا أيها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)
(المائدة: 45)
واللوم من من …؟ الأحبة ومن الأصدقاء ومن الاهل، من الذين حولك من الناس الطيبين (ولا يخافون لومة لائم) وهذا ليس منك (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) ولذلك أنا دائما أقول لهم: ضع رجلك على البنزين واجعل السرعة مائة وخمسين ولا تنظر هكذا وهكذا، ولا يهمك (ولا يخافون لومة لائم).
مراقبة الأجهزة العالمية:
فلذلك انتم غرباء وأكاد اقسم لكم -ولو أقسمت لكم كنت صادقا – إن أعداء الله في الأرض كلها، لا يرهبون منطقة أكثر من منطقة أفغانستان، وان أعداء الله في الأرض كلها لا يرهبون جنسا أكثر من الجنس الأفغاني، وان أعداء الله في الأرض كلها لا يرهبون أناسا الآن مثل الأفغان أو أكثر الذين وفدوا من بلاد بعيدة ليشتركوا في الجهاد مع الأفغان، لو أقسمت لكم لما كنت حانثا.
انتم تظنون أنكم جالسون هنا والناس غافلون عنكم; هنالك أجهزة عالمية الآن تخطط، كيف القضاء على الجهاد؟ وكيف نفرق هؤلاء الشباب من ارض المعركة؟
هنالك أجهزة تفكر ليل نهار، كيف نشوه الجهاد وأهله؟ وكيف يمكن أن ننفر الشباب الذين اقبلوا على الله إلى هذا الجهاد من التمسك بهذه الفريضة؟
ولذلك في البداية كان الأمريكان مرتاحين، كانوا مسرورين; إن روسيا قد انزلقت في داخل أفغانستان، وان هذا الجرح ستنزف منه دماء روسيا، كما قال غورباشوف أخيرا : اعترف إن أفغانستان هو جرحنا الدامي. وكما قال رئيس فرنسا : إن أفغانستان سرطان في جسد روسيا سيأكلها.
ففرنسا… بريطانيا… أمريكا مسرورة; لأنها ستحطم الشعب الأفغاني، وهو اصلب شعب مسلم على وجه الأرض، وأكثر شعب يتحمل التقشف والجفاف، ويستطيع أن يصبر أكثر من غيره ومعروف بشدته وبصلابته في الحروب، وتحطم روسيا في آن واحد، لكنها وجدت على أن الجهاد قد بدا يؤثر على العالم الإسلامي كله.
والجهاد نار ونور، نار يحرق الظالمين، ونور يضيء قلوب المؤمنين، ولذلك بدا النور ينتشر، وبدأت النار تقترب من بيوتهم فصاحوا
فروسيا استنزفت وتريد أن تخرج من هذه الورطة، لكن أمريكا وجدت على أن الجهاد هذا بنى التوكل في قلوب المؤمنين، أعاد الحياة للأمة المسلمة، أعاد الثقة بالله عز وجل والذي زاد رعبها نفيركم انتم إلى ارض الجهاد، والذي زاد في رعبها أكثر; إن الشعوب التي ظنت أنها أغرقتها بالترف والمتاع والأموال، انتفض منها قسم كبير وجاءوا إلى ارض القتال والنزال.
المسيرة المباركة:
لا بد أن ينتصر الحق إن وجد أهلا يتمسكون به إلى نهاية الطريق.
ولكن بعد الإيذاء والبلاء وبعد الشدة واللاواء وبعد الشهداء والدماء وبعد الجماجم والأشلاء; نواميس الله ماضية لا تتخلف وسننه ثابتة لا تتغير.
طريق شائك:
ان الدعوات تبدأ بالمحن ويتجمع حولها الناس، ومن خلال الشدة والبلاء تتمحص الصفوف وتصفو النفوس، وعلى الطريق يسقط من يسقط ويرجع من يرجع ويثبت من يثبت، وهذه الفئة الثابتة هي التي يجعلها الله عز وجل ستارا لقدره، وأداة لنصرة شريعته، ويمك ن لها في الأرض.
(وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا).(النور: 55)
هذه المسيرة المباركة، مسيرة الفخار، مسيرة امة الإسلام التي كانت أفغانستان رأس حربتها والتي برزت فيها الدعوة في أفغانستان; قمة فذة أصبحت أسوة لكل من أراد أن يسير، ومثالا ونموذجا لكل من يحتذي. فتح الله عليهم وقامت الدنيا تحترمهم، وتقف أمامهم إجلالا وإكبارا واحتراما، يوم أن قالوا للدنيا: نحن هنا، نحن مسلمون… لن نذل رأسنا إلا لرب العالمين، لقد رفعوا رؤوسهم فرفعت بهم ملايين الرؤوس المسلمة في العالم. لقد وقفوا على أقدامهم فاشرأبت الأعناق في كل الأرض; تحيي فيهم هذه الروح وتلتقط أنفاسها، تتابع هذا الجهاد المبارك خطوة خطوة وحركة حركة، تنتظر شريطا سجله احد المجاهدين أو احد الذين رأوا ارض الجهاد، ارض النزال والأبطال.
اقبل العالم الإسلامي يلتف حولهم، بل اقبل الكافر والمسلم يريد أن يخدمهم، لم يكن احدهم يجد واحدا من الرسميين في العالم يستقبله في مطار أو في فندق أو في مقابلة في مكتبه.
والآن: قوى الأرض جميعا تطلبهم لتراهم وتسمع منهم كلمات.
الآن فتح الله عليهم والنصر قاب قوسين أو أدنى، وثمار النصر دانية جنية، وتكالب العالم كله ليقطف هذه الثمار، وغاب عنها أهلها الحقيقيون -يستبعدون- وكل الأرض التي وقفت تحييهم.
الآن: شعوبها لا زالت معهم، وان كانت ساستها كلها قد وقفت هائبة خائفة من نظرة زعيم الأرض، تخشى أن تخالف نظراته أو كلماته.
ولكن; إن الذي نصرنا ونحن ضعاف ينصرنا ونحن أقوياء -إن شاء الله- إن ربنا رب الأرض والسماء.
(وما كان الله ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء انه كان عليما قديرا) (فاطر: 44)
أدركوا خطر هذا الجهاد عندما وجدوه مدرسة يتتلمذ عليها العالم الإسلامي اجمع، عندما وجدوها قمة ومنارة سامقة يسير على هديها المدلجون من أبناء الأمة الإسلامية جميعا، عندما وجدوا الجهاد الأفغاني تحول من قتال قوم إلى جهاد إسلامي عالمي، وأصبحت انعكاساته وصداه يتردد على أفواه الشعوب المظلومة; فتنتفض ارمينيا واذربيجان وبولندا والأرض المباركة في ساحة المسجد الأقصى; خيبر
خيبر يا يهود. دين محمد سوف يعود.
الحقد الدفين على عقيدة الجهاد:
نعم ان هنالك خطورة عالمية من هذا الجهاد، ولذلك سلكوا طرقا شتى ليقتلوا عقيدة الجهاد التي بدأت تنمو في نفوس أبناء المسلمين. صواريخ استنجر أصبحت حديث السامر للصحفيين في مشرق الأرض ومغربها، حتى كان هذا الجهاد الإسلامي المبارك أصبح عبارة عن لعبة أمريكية تسيره أيدي(C.I.A) -وهو صراع المنافسات الدولية والمقايضات الأممية.
الحقد الكامن على الجهاد الذي يجري في عروق هذا الشعب -تجدوه في مستشفى(I.R.C)-عندما تجد ان سبعة وثلاثين في المائة من النساء اللواتي دخلنه اجتثت أرحامهن حتى لا تنجب أبدا.
الحقد الكامن والدفين على عقيدة القتال التي بدأت تجري في نفوس الأبطال من أبناء الأمة، تجدها عندما يستقبل الصليبيون جريحا فيقولون له: انتم مجانين; انتم تريدون ان تقاتلوا ؟ هذه قطعت رجلك الآن; ستعيش طيلة حياتك عالة وطاقة معطلة -عالة على غيرك- لا تجد لقمة العيش.
نجدها الآن: في المؤامرة العالمية; يريدون أن يحولوا أفغانستان إلى ارض منزوعة السلاح، الى بلد كألمانيا واليابان، لان الدول العالمية عندما وجدت الشعب الألماني دخل في حرب عالمية (4191م) ودخل بعدها بأقل من خمس وعشرين سنة ربع قرن حربا عالمية أخرى، قالوا: لا طريق لا خماد جذوة القتال المستعرة في نفوس الشعب الألماني إلا أن نمزقه، فنقسم الشعب الألماني إلى قسمين: قسم لروسيا وقسم لأمريكا، وكذلك نغرقها بالأموال والمشاريع الصناعية، ونجعلها منطقة منزوعة السلاح، معزولة عن القتال، وكذلك اليابان.
يريدون ان يغرقوا -كما سولت لهم شياطينهم- الآن أفغانستان فيما لو نجحوا، ولا أظنهم بإذن الله ينجحون، وسيرد الله كيدهم في نحورهم.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).(يوسف: 12)
يريدون ان يغرقوا أفغانستان بالأموال وينزعوا السلاح، ويبقوها دولة بلا جهاد ودفاع، لماذا؟ لان الشعب الأفغاني عانوا منه خلال قرن ونصف -هذه هي الحرب الرابعة التي يخوضها الشعب الأفغاني- ضد الشعوب الأوروبية وينتصر عليها في الحروب الأربعة.يتبع…