السعي لإفشال جهود السلام
أ. خليل وصيل
مع انطلاق مفاوضات السلام وبدء الحوار الأفغاني-الأفغاني، كان لزاما على الجهات الأفغانية السعي لوأد الخلاف ورأب الصدع وتأليف القلوب وتقريب وجهات النظر على أساس التفاهم القائم على الاحترام.
إن الإمارة الإسلامية التزمت من جهتها جانب السلام، فقلّصت عملياتها العسكرية، وليّنت لهجتها تجاه المجرمين الذين ارتكبوا مجازر في حق الشعب الأفغاني على مدار عقدين من الزمن، ووالوا الاحتلال، كل ذلك للحرص على وقف إراقة الدماء، وللوصول إلى حل سلمي لمعضلة أفغانستان بعد انسحاب القوات الخارجية.
لكن عملاء الاحتلال وأعداء السلام الحقيقي لازالوا يحيكون المؤامرات لإفشال جهود السلام، فيحاربون الأمن ويبثون الخوف والفوضى، ويعرقلون عملية السلام، ويزيدون في معاناة الشعب الأفغاني؛ سعيا لتمديد أمد الاحتلال، وحماية لعروشهم من السقوط والزوال، وبكل وقاحة يحاولون إلقاء اللوم على المجاهدين.
إن مناهضي السلام ينشطون في عدة محاور لعرقلة جهود السلام، إنهم يرون في السلام الحقيقي نهاية طغيانهم وسلطانهم، ولذلك يتشبثون بكل حشيش إنقاذا لعروشهم المتهاوية.
الميدان العسكري:
في المجال العسكري زادوا العمليات الهجومية وارتكبوا مجازر شنيعة في حق المدنيين الأبرياء، في عدد من الولايات والمناطق؛ آخرها مجزرة أرغنداب والتي راحت ضحيتها أحد عشر فرداً من أسرة واحدة بينهم نساء وأطفال صغار رضّع.
المجال الإعلامي:
وفي المجال الإعلامي هناك حملة إعلامية مسعورة ضد الإمارة الإسلامية وتشويه صورة قادتها ومجاهديها، عبر نشر الأكاذيب والشائعات، مما يهدد مفاوضات السلام الجارية في الدوحة ويعكر صفو الثقة التي تقتضيها هذه المفاوضات والتي تم بناءها بعد مراحل شاقة من الجهود الدبلوماسية.
إن الحرب الإعلامية التي تخوضها وسائل الإعلام بإيعاز من إدارة كابول ضد المجاهدين عريضة وطويلة، ونرى من اللازم سرد بعض الأمثلة من هذه المحاولات البائسة:
- نشر الأكاذيب والترهات حول مقتل عدد من القادة الميدانيين للإمارة الإسلامية.
- التصريحات الاستفزازية لعدد من مسؤولي إدارة كابول ضد الإمارة الإسلامية ومحاولة صب الزيت على النار، والنفخ في أتون الحرب.
- نشر أخبار كاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مفادها بأن الإمارة الإسلامية تعتزم خرق اتفاقية الدوحة بالكلية، وتريد مهاجمة قوات الاحتلال المنسحبة من أفغانستان.
المماطلة والتسويف:
لقد حاول العميل أشرف غني المماطلة في مفاوضات السلام عبر وضع العراقيل والعوائق في سبيلها، وقام بالمماطلة في مشروع إطلاق سراح الأسرى إلى ستة أشهر، والذي كان ينبغي أن تتم في غضون عشرة أيام.
ووفقا للخبراء السياسيين فإن أشرف غني وزبانيته كانوا يماطلون في مفاوضات السلام ظناً منهم أن بايدن لو نجح في الانتخابات، فسيقوم بإخراج أمريكا من إتفاقية الدوحة، وسيفسخ قرار انسحاب قوات الاحتلال من أفغانستان، لكن انتظارهم ذهب هباءً وخابت ظنونهم، فالمعطيات تشير إلى التزام بايدن وفريقه الانتخابي باتفاقية الدوحة.
لقد تهيأت بعد عقود من الحروب المتوالية المنهكة ظروف مناسبة وأوضاع مواتية لإحلال السلام والاستقرار في بلاد الأفغان؛ وذلك بانسحاب قوات الاحتلال والقضاء على أسباب الحرب الأخرى، فيجب على الأفغان والعالم أن ينتهزوا هذه الفرصة ويكثفوا جهودهم لحل معاناة الشعب الأفغاني.