السيرة الذاتية للدكتور الشهيد نصيرالدين حقاني
الــــشــــــــــــــهـــــــــــــادة
ما خلق الله الإنسان ليأكل ويشرب، وينكح وينجب، ويلهو ويلعب، ويلهث وراء حطام الدنيا ويفنى حياته الغالية في ملذاتها الفانية.
إن الإنسان لم يترك سدى لا يؤمر ولا ينهى ولا يحاسب ولا يعاقب، بل إنما وهب الله له الحياة ليعبد فيها ربه، وليزرع في الدنيا ويحصد في العقبى وليقتني فيها الحسنات ليجتنيها في الآخرة.
إن الإنسان لايملك حياته بل هي أمانة في عنقه إئتمنه الله عز وجل فيها, ولايجوز له أن يتصرف فيها كيف يشاء لأنه أمين ومستخلف فيها, وسيسأل عنها يوم القيامة, والإنسان مكلف بصرفها إلى ما يأمره به ربه، وعليه أن يستهلكها في السبيل الذي ارتضاه له ربه سبحانه وتعالى.
نعم! إن حياة الإنسان ونفسه نعمة سابغة و غالية لا ينبغي أن تضيع و تهدر للأهداف التافهة، ولن نجد هناك هدفا أسمى و غاية عظمى من رضى الرب سبحانه و تعالى يصرف فيها العبد حياته ويضحي بها فيها.
إن أداء الأمانة إلى بارئها وشكر نعمته ببذلها رخيصة في سبيله من الأخلاق الحسنة وهي قمة السعادة وهي مغبوطة فيها ومعدودة من أفضل الأعمال وأعلى الدرجات.
نعم! إنها الشهادة في سبيل الله نهانا ربنا أن نسميها موتا، حياة ليست كالحياة الفانية التي نعيشها اليوم، حياة لاتدرك كنهها العقول البشرية الضعيفة، سعادة يسعد بها من يصطفيه الله و يتخذه شهيدا، و منزلة صاحبها من الذين أنعم الله عليهم، وناهيك عن فضائلها أن خير البرية وسيد ولد آدم عليه الصلوة والسلام تمناها مرارا ((وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أنْ أغْزُوَ في سَبيلِ اللهِ، فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أغْزُوَ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أغْزُوَ فَأُقْتَلَ))، وقد نالها الكثير من الصحابة والتابعين و العلماء الربانيين وأبطال الأمة الفاتحين وفازوا فوزا عظيما.
لا نريد أن نخوض في فضائل الشهادة وفلسفتها وإلا لطال بنا البحث، فتعالوا لنحيي ذكرى أسد من أسود الإسلام، تعالوا لنتكلم اليوم عن سيرة وبطولات من سار على نهج سلفه الصالح، من قاتل في سبيل الله وقارع أعداءه، من عاشق الموت في سبيل الله وعانقها، من عاهد الله وانتظر فقضى نحبه و أكرمه الله بهذه المنقبة العظيمة إنه الشهيد (نحسبه كذلك والله حسيبه) الدكتور نصير الدين الحقاني تقبله الله.
تعالوا لنتعرف على أسرة الشهداء التي قدمت خلال العقد الأخير نيفا و خمسين شهيدا في سبيل الله دفاعا عن دين الإسلام، إنها أسرة طارد فراعنة الشرق والغرب المولوي جلال الدين الحقاني حفظه الله.
الشهيد الدكتور نصيرالدين الحقاني
الدكتور نصير الدين الحقاني نجل البطل الضرغام أسد الإسلام الشيخ جلال الدين الحقاني حفظه الله، ولد رحمه الله عام ۱۳۵۶ هـ ش في ولاية بكتيا في مديرية وزي جدران في قرية كندو، ينتمي بطلنا إلى أسرة حقاني التي تجلت للقاصي والداني تمسكها بدين الإسلام وحبها للجهاد والإستشهاد من بطن سلطان خيل من قبيلة جدران الشهيرة.
كان رحمه الله ابن عام واحد حين انفجر الإنقلاب الشيوعي في أفغانستان وأخذ الشيوعيون عنان الحكم بأيديهم، فأعلن أبوه الشيخ جلال الدين الحقاني جهاده المسلح و قام بعمليات جهادية مسلحة ضد الحكومة الشيوعية في أرياف ولايتي بكتيا وبكتيكا، مع أنه قد بدء مشواره الجهادي ضد الأفكار الشيوعية من قبل.
ولما أراد الشعب الأفغاني الهجرة في سبيل الله نتيجة الإحتلال السوفييتي والظلم الشيوعي كانت أسرة حقاني أيضا من الأسر التي تركت أراضيهم الحبيبة فرارا بدينهم وهجرة إلى ربهم، نزلت عائلة حقاني في بلدة ميرانشاه عاصمة وزيرستان الشمالية.
و كان الدكتور رحمه الله أكبر الإخوة سنا، تلقى العلوم الإبتدائية والثانوية في جامعة منبع العلوم التي بناها أبوه وقد أخذ دورة الأحاديث النبوية أيضا هناك، وتعلم العلوم العصرية إلى الصف الثاني عشر في كلية أنجمن القرآن، ثم التحق بكلية الطب بعد نجاحه في الإختبار الإختصاصي (concours) ومسابقة الدخول، إلا أن الهجمة الصليبية الشرسة منعته من مواصلة دروسه.
كان الشهيد نصير الدين الحقاني رحمه الله يحب الجهاد في سبيل الله منذ نعومة أظفاره، فكان يتردد مع أبيه إلى ثغور الجهاد ومراكز المجاهدين، و هكذا نشأ رحمه الله في بيئة جهادية وتربى على أيدي أبيه المجاهد الكبير، وقد كان لتربية أبيه الحاني أثرا كبيرا في تكوين شخصية نصير الدين الجهادية فصار قائدا فذا ومجاهدا صنديدا لا يتزعزع ولايتزلزل ولا يعرف الخور ولا الخنوع ولا يحس الكد ولا العناء.
وكان الدكتور رحمه الله ذا استعداد علمي وكان يتقن التحدث بأربع لغات أخرى (العربية, الفارسية, الأردية الإنجليزية) زيادة إلى لغته الأم البشتو.
كان رحمه الله يستقل عضوية الشورى القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية نيابة عن أبيه الشيخ جلال الدين الحقاني إضافة إلى الخدمات الجهادية الأخرى في المجال العسكري والإداري, وقد ثبت من صبره ومصابرته و عمله الدؤوب ومجالدته المستمرة خلال الأعوام الإثنتي عشر الماضية ضد إمبراطورية الشر والإجرام أمريكا أنه كان مجاهدا شرسا صبورا، وقائدا محنكا غيورا, وأخيرا بتاريخ ۲۰۱۳/۱۱/۱۱ الميلادي نال ما كان يتمناه وينتظره في عملية العدو الإرهابية الجبانة ففاضت روحه وقتل شهيدا نحسبه كذلك والله حسيبه فرحمك الله أيها الدكتور وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة وسلام على روحك في الخالدين.
ردود ورسائل بخصوص استشهاد الدكتور نصير الدين الحقاني
لقد أثار استهشاد البطل الدكتور ردودا مختلفة, فقد أظهرت رسائل عزاء المؤمنين و شجبهم لهذ الحدث عن مدى حبهم للدكتور الشهيد, كما كشفت إظهارات أعداء الله وفرحهم بإستشهاد البطل عن مدى شدته على أعداء الإسلام و كونه شوكة في عيون الطغاة وحلوقهم.
وكانت الرسالة الاولى في قائمة رسائل العزاء والمواساة رسالة مواساة للشورى القيادي للإمارة الإسلامية وجاءت فيها:
((تلقينا ببالغ الحزن نبأ استشهاد الدكتور/ نصير الدين حقاني الإبن الأكبر للعضو بشورى القيادي للإمارة الإسلامية الشخصية الجهادية والعلمية الفريدة فضيلة المولوي / جلال الدين حقاني في هجوم إرهابي جبان للعدو، إنا لله وإنا إليه راجعون.
تتقدم الإمارة الإسلامية مراتب العزاء في استشهاد الدكتور/ نصير الدين حقاني رحمه الله إلى والده (الشيخ / جلال الدين حقاني عضو شورى القيادي بالإمارة الإسلامية والشخصية الجهادية والعلمية، ولإخوته ولبقية أهل بيته النجباء، ولجميع مجاهدي الإمارة الإسلامية، سلم المذكور روحه إلى خالقها وبارئها في سبيل الجهاد، نسأل الله له جنة الفردوس، ولذويه الصبر الجميل والأجر العظيم.
إن مساعيه في سبيل الجهاد قابلة للتقدير، وقف الشهيد نصير الدين حقاني صامداً في ميدان الكفاح ضد الاحتلال حتى النهاية، حيث لم يتحمل العدو نشاطه وفعاليته، لاشك بأن استشهاد المذكور خسارة عظيمة للإمارة الإسلامية ولجميع الشعب الأفغاني.))
و كما اعتبر مجلس شورى الإمارة استشهاد الدكتور خسارة عظمى للشعب الأفغاني وللامة الإسلامية جمعاء شن الأعداء هجمة إعلامية ضخمة حول الموضوع وعدوا استشهاد الدكتور إنتصار كبيرا لهم، قالت إذاعة اروبا الحرة \(إذاعة الحرية) _التي تديرها أمريكا المحتلة وتمولها تنشر الإذاعة المذكورة الموقف الرسمي لحكومة أمريكا_ ((إن نصير الدين الحقاني الذي كان يدير مهاما قتالية ومالية لشبكة حقاني (على حد قولها) يعتبر عمودا فقريا وعقلا مدبرا لها)).
على رغم أن العدو اعتبر قتل الدكتور انجازا كبيرا لهم إلا أن الإمارة الإسلامية صرحت في بيانها: بأن إستشهاد البطل لن يؤثر سلبا على مسيرها الجهادي بدليل أنه ما ترجل فارس من فرسان الإسلام إلا واستعد العشرات من شباب الإسلام للتضحية والفداء.
وقد قام أبوه الشيخ جلال الدين الحقاني بنشر رسالة بمناسبة استشهاد نجله الأكبر كانت عزاء ودواء للقلوب المكلومة والحزينة وكانت الرسالة ملأى بمعاني الفداء و الإيمان و الصبر والسلوان.
رسالة الشيخ جلال الدين حقاني بمناسبة استشهاد ابنه الأكبر الدكتور/ نصير الدين حقاني
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ) الأحزاب23
إلى شعب أفغانستان المؤمن والمجاهد وإلى المجاهدين الأبطال الذين يقارعون الصليب المحتل!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أولا وقبل كل شيء أقدم التهاني إلى سماحة أمير المؤمنين حفظه الله، و إلى المجاهدين الأبطال وإلى نفسي باستشهاد فارس من فرسان الجهاد وبطل من أبطال الإسلام الشهيد / نصير الدين حقاني، وأسأل الله العلي القدير أن يتقبله في عداد الشهداء والصديقين والصالحين.
أيها الأخوة! الشهادة هي السعادة التي تمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم مكانته السامية ومنزلته العالية، و بيَّن لنا فضائلها في أحاديثه المباركة.
الشهادة هي المنقبة التي يكرم الله بها المخلصين من عباده، و الشهادة هي النعمة التي يمن بها على الصادقين في طلبها. و الشهادة هي الجائزة التي يمنحها الله سبحانه وتعالى الفائزين من المجاهدين، و لا شك أن أسمى أماني المجاهدين هو بذل نفوسهم وتضحية أرواحهم في سبيل الله لأنها وسيلة لنيل رضى الرب وذريعة إلى الجنات الأبدية ونعمها السرمدية.
شعبي المسلم المجاهد! لقد رأينا في العقد الأخير مجاهدينا المغاوير وأبطالنا الأشاوس قارعوا المحتلين في جبهات القتال دفاعاً عن المسلمين وذودا عن مقدسات الإسلام، فأكرمهم الله سبحانه وتعالى ببركة تضحياتهم المباركة بانتصارات عظمية أربكت الصليبيين وزلزلت عروشهم على الرغم من قدراتهم التكنولوجية و ترسانتهم العسكرية، ويبحثون اليوم عن مفر ومهرب لهم بعد أن فقدوا هيمنتهم السياسية العالمية وكسرت غطرستهم بضربات المجاهدين القاصمة والقاسية.
إخوتي! الجهاد هو درب التضحية و الفداء، وقد إنطلقت سلسلة هذه التضحيات باستشهاد سيد الشهداء حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه في غزوة أحد التاريخية و لازالت مستمرة ومتواصلة على مدار القرون الأربعة عشر الماضية، حيث تتقدم أبطال الإسلام في كل عصر نحو ميادين المعارك وجبهات القتال رفعا لراية التوحيد.
و الشهيد الدكتور نصير حقاني كان من السائرين على هذا الدرب المبارك فقد كان يعمل لتحكيم النظام الإسلامي واستقلال بلد من بلاد الإسلام، و أخيراً نال أسمى أمانيه الشهادة في سبيل الله، فاللهم تقبله في عداد شهدائك.
لم يكن الدكتور نصير أول شهيد من عائلتنا ولن يكون الأخير، فعائلة حقاني عائلة الجهاد والاستشهاد. ونيل الشهادة في الجهاد في سبيل الله لإقامة شرع الله والدفاع عن أراضي المسلمين هي من أغلى أماني عائلة حقاني كلها.
أنا شخصياً أغبط كل شهيد من شهداء المجاهدين وأتمنى ليتني كنت مكانه لأنال هذا الفخر والوسام المجيد، ولقد أفنيت جزءا كبيراً من حياتي الفانية في ساحات الوغى على أمل أن يرزقني الله الشهادة في سبيله، الحمد لله نحن المسلمون نعشق الشهادة في سبيل الله أكثر مما يعشق أعداء الله الكفار الحياة وملذات هذه الدنيا الدنية.
أيها المسلمون الأفغان وأيها المجاهدون الأحبة! إن شعبنا الأبي و الغيور منذ العقود الثلاثة والنصف الماضية يقدمون تضحيات جسام لتحكيم النظام الإسلامي، وإن تضحياتهم و دماءهم التي أريقت لتحقيق هذه الغاية لهي أكرم على الله، ويجب علينا جميعاً أن نحترم جهادهم وتضحياتهم، ويمكن لنا تقديرها فقط من خلال عملنا لإقامة شرع الله و اتباعنا لأوامر الشريعة الإسلامية الغراء، وحفاظنا على توحيد الكلمة وتراص الصفوف الجهادية تحت إمرة أمير المؤمنين الملا / محمد عمر مجاهد حفظه الله، و سمعنا وطاعتنا لقادتنا، و سعينا لازدهار بلادنا و تأمين شعبنا المنكوب والمضطهد.
أيها الإخوة: إن استشهاد إخواننا المجاهدين في ميادين المعارك وصفوف القتال ضد الكفار هو رمز انتصارنا لاسبب انهزامنا. وإن عوامل انهزامنا هو انتكاسنا و انحرافنا عن هذا الطريق وخيانتنا لدماء الشهداء الطاهرة والذكية وتشتيت صفوفنا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا وجميع الأمة الإسلامية عن هذه الأخطار العظيمة المهلكة.
والسلام
المولوي جلال الدين حقاني
۱۴۳۵/۱/۱۰هـ ق
۱۳۹۲/۸/۲۲هـ ش ــ 2013/11/13م
نبذه عن شخصية الدكتور الشهيد نصير الدين تقبله الله
لقد كان الدكتور رحمه الله يمثل أباه صورة وسيرة وشخصية وفكرا وعملا وسلوكا, ولنعم ما قيل هذا الشبل من ذاك الأسد.
لقد أكرمه ربه بصورة حسنة و جسم قوي و هيئة ذات شوكة وشكل جذاب و مرعب، كما أنعم عليه بسيرة حسنة فكان متواضعا خلوقا مخلصا غيورا, و من جالسه تبينت له خلقه الحسن و تواضعه في أول مرة.
أحد أعضاء شورى القيادي للإمارة الإسلامية الذي عايش الدكتور ورآه عن قرب تحدث لي عن شخصيته وقال: (الدكتور عندما كان يتكلم في المجالس يتكلم بتأن وترو، وتؤدة واستدلال، وكان يتأب مع الأكبرين سنا منه، وكان كثير الحياء والأدب، وقد أكرمه الله إلى جانب سيرته الحسنة بجسم قوي وشكل جذاب، لا تراه إلا رطب اللسان بذكر الله سبحانه وتعالى، وكان يتصدق ويعين الفقراء ويداوم على العبادات النفلية، ويلاطف الإخوة ويمازحهم و كان يتعامل مع الأمور المهمة بجدية تامة ولا يتساهل فيها.
أسرة حقاني أسرة الشهداء و أسرة مغبوطة
الدكتور نصير الدين الحقاني هو الشخص الأخير من عائلة حقاني الذي يستهدفه الكفر العالمي ويرديه شهيدا، مع أن ترجل البطل الدكتور تعد ضائعة كبرى وخسارة عظمى لصف المجاهدين، لكن استشهاده لم يكن حدثا غريبا ومفاجئا بالنسبة لعائلة حقاني.
قال الدكتور شير علي شاه في حفل تأبين الشهيد الدكتور (( لا تتعجبوا من قتل أبناء حقاني في سبيل الله واحد تلو الآخر فلقد رافقت أباهم في سفر الحج ورأيته عند الملتزم يدعوا الله ويسأله بإلحاح الشهادة في سبيل الله لنفسه ولذريته)).
وأضاف ((وأظن أن الله قد استجاب دعاءه ولذلك يموتون شهداء)) .
لقد أثبت التاريخ أن عائلة حقاني أسرة الشهداء وأنها أسرة لا نكاد نجد لها مثيلا في أفغانستان بل في العالم الإسلامي في التضحية والفداء واستشهادهم في سبيل الله، فقد ارتقى عدد شهدائها منذ الإحتلال الصليبي لأفغانستان إلى 58 شهيدا شبانا و شيوخا نساءا وأطفالا.
وكما يقول الشاعر البشتوني: (ترجمة الشعر بالعربية) :
بنوا مجدهم الرفيع إلى السماء بأشلاء الشهداء
ولن ترى في بناء مجدهم لبنة سوى جماجمهم
ليست أمريكا هي الدولة الكافرة الوحيدة التي قدمت عائلة حقاني في مجابهتها باقة من الشهداء، بل قد قدمت من قبل في مقارعة فراعنة السوفييت عددا كبيرا من الشهداء.
وليست الشهادة في سبيل الله هو الشرف الوحيد الذي تحرزه عائلة حقاني بل قد تشرفت العائلة المذكورة باندراج خمسة أسماء من أفرادها في القائمة السوداء للكفار المعتدين، وهي نعمة من حقها أن يغبط ويتنافس فيها.
يقول الدكتور عبد الله النفيسي: الإرهابيين بين قوسين أتقى الناس في العالم, وأشرف الناس في العالم وأحسن الناس في العالم.
أُدرج الشيخ جلال الدين الحقاني في القائمة السوداء في 31 يناير 2001 الميلادي بذنب الدفاع عن الحكومة الإسلامية والمسلمين وعدم خضوعه للكفر العالمي.
13 سبمتامبر 2007 الميلادي كتب الكفار اسم نجله سراج الدين الحقاني في القائمة المذكورة.
أضيف اسم نجله الآخر الدكتور نصير الدين الحقاني إلى القائمة المذكورة في يونيو 2010 الميلادي.
أٌدخل اسم أخيه الحاج خليل حقاني في القائمة المذكورة في فبراير عام 2011 الميلادي.
بدر الدين الحقاني هو الخامس من عائلة حقاني الذي كان اسمه مكتوبا في القائمة السوداء وذلك في مايو 2011 الميلادي.
إن أمريكا لكونها قوة متغطرسة هي القوة العظمى الوحيدة في تاريخ البشرية التي لا تتحمل أن يجهر أحد بمعاداتها، وتسعى لبسط سيطرتها على بر الأرض وبحرها، و بسبب تطور تكنالوجيتها، وعولمة اقتصادها، وهيمنتها السياسية، والدعم العالمي لها وصلت إلى حال ترتعد منها فرائص القوى العالمية المتنافسة لها مسبقا و تخضع أمامها أصحاب السلاح النووي ويفرون عن مجابهتها ويكرمونها مخافة شرها.
وكان الشعب الأفغاني المسلم أول من تصدى لها و زأر في وجهها، وكغيرها من الأسر المجاهدة لا زالت أسرة حقاني صامدة أمام الهجمة الصليبية تذود عن بيضة الإسلام و تدافع عن عرينها، ولم تحطم عزيمتها لا أراجيف العدو ولا أسلحته الفتاكة ولا دعاياته و لاحملته الإعلامية الضخمة.
و تقديم هذا الكم الهائل من التضحيات وإن لم يكن خارجا عن طوق البشر لكن يكاد أن يستحيل بالنسبة لأسرة واحدة، ولا إخاله ممكنا إلا بإيمان لا يهزم وإرادة لا تقهر، و إلا بفضل من الله وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
كلمة الختام
وفي الختام نريد أن يفهم أعداءنا فنقول لهم: لا تظنوا أنكم حققتم إنتصارا كبيرا بقتل الدكتور نصير الدين، أو أنكم ألحقتم بصفوف المجاهدين خسارة لا تنجبر.
ألا فليعلم العدو! بأن الشهادة في سبيل الله أسمى أماني كل مجاهد في سبيل الله، وإن دماء الشهداء وقود تدفع عجلة الجهاد إلى الأمام، وإن كلومهم نور و نبراس لأجيال الأمة القادمة تضيء لهم الطريق، و إننا لنتيقن بأن صفوف المجاهدين لن تضعف باستشهاد الفارس الدكتور، و أن دماءه الطاهرة الذكية لن تذهب هباء بل ستحقن في أوردة المسلمين فسيلتحقون بركبه و سيسيرون على دربه إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال.
عبدالرؤف حکمت
۱۴۳۵/۱/۳۰ هـ ق