الصمود تحاور الشخصية الجهادية الفذة وعضو الشورى القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية الملا تاج مير جواد حفظه الله
نبذة عن ضيفنا الكريم:
قراءنا الأكارم! قبل مدة حاورت مجلة الصمود الإسلامية عضو الشورى القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية الملا تاج مير جواد حفظه الله حول تطورات وأحداث الساحة الجهادية والسياسية، والملا تاج مير حفظه الله شخصية جهادية بارزة وله مواقف مشرقة في الجهاد ضد المحتلين وعملائهم، كما أن له جهودا كبيرة في المجال الدعوي، وشغل مناصب عديدة إبان حكم الإمارة الإسلامية نسأل الله أن يحفظه من كيد الأعداء ويعصمه من شرهم.
الصمود: وكما تعلمون أن المفاوضات الأفغانية-الأفغانية بدأت وتجري في الدوحة، لو أخبرتمونا عن التطورات الأخيرة وإلى أي المراحل وصلت؟
الملا تاج مير: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من تبعهم وعلى من والاهم إلى يوم الدين وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أولا: أقدم تحياتي الطيّبة وأمنياتي الخالصة إلى مجلس إدارة مجلة الصمود الإسلامية وأسرة التحرير وقرائها الأكارم، وإلى شعبنا الأبي المجاهد وإلى المجاهدين الأبطال والاستشهاديين الأشاوس وإلى الإخوة الذين فارقناهم منذ مدة مديدة، نسأل الله لهم العافية والصحة والتوفيق والنجاح في أمور الخير.
ثانيا: أقدم العزاء والمواساة إلى الأسر المنكوبة التي افتقدت أعضاءها في غارات الأمريكيين وعملائهم أو قُتل أبناؤهم في سبيل الدفاع عن الحق أو قاموا بالعمليات الاستشهادية البطولية في الآونة الأخيرة، نسأل الله أن يتقبلهم في عداد الشهداء وأن يكرمهم بالدرجات العلى في جنان الخلد، ويلهم ذويهم الصبر والأجر والسلوان، وأن يشفي جرحى المجاهدين شفاء كاملا عاجلا غير آجل.
ثالثا: يجب أن أذكر أن جهود مجلة الصمود في إيصال صوت الشعب الأفغاني إلى العالم في هذه المرحلة الحساسة من الجهاد المقدس جديرة بالتثمين والتقدير، نسأل الله جل في علاه أن يوفقكم لمزيد من الخدمات في هذا المجال.
والآن بخصوص الإجابة على سؤالكم: إلى هذه اللحظة التي أجيب فيها على أسئلتكم، تركّز مفاوضات فريقي التفاوض من كلا الجانبين على آليات التفاوض، وقد تم الاتفاق على كثير من الموارد، ومن المتوقع أن يتم الإتفاق على الموارد الباقية، ثم ستبدأ المناقشة على تعيين أجندة المفاوضات، ثم سندخل إلى المفاوضات الأساسية.
الصمود: هل تريد الإمارة الإسلامية حقاً أن تجلب الأمن والسلام للبلاد عبر المحادثات والمفاوضات، هل هذه هي أمنية الإمارة الإسلامية أم هناك ضغوط خارجية أجبرتها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات؟
الملا تاج مير: حركة طالبان الإسلامية في أفغانستان التي أقيمت الإمارة الإسلامية نتيجة جهادها ومقاومتها، كانت صوتا حقيقياً ورد فعل للشعب الأفغاني للسلام والأمن الحقيقيين في البلاد، وبدأت حركتها برسالة من الأمن والسلام، وجاهدت وقاومت آنذاك الفوضى والشر والفساد، الذي سلب الأفغان الأمن والسلام، والآن أيضاً جهادنا ومقاومتنا للقضاء على العوامل التي سلبت الحرية والاستقلال الحقيقي من الأفغان، وسلبتهم السلام الحقيقي والأمن الحقيقي، سواء في ذلك مقاومتنا الجهادية ونضالنا السياسي القائم على مبادئ السياسة النبوية وضوابط الشريعة الإسلامية.
إن إمارة أفغانستان الإسلامية مستقلة، تتخذ بنفسها القرارات المهمة كلها بما فيها قرارات السلام والحرب، ليست تحت ضغط أحد، ولم تخضع لضغط أي أحد، وفي هذا الصدد قدّمت اختبارا لشعبها عدة مرات، إن الأمنية الكبرى لإمارة أفغانستان الإسلامية أن يعيش وينعم شعبها بالأمن والاستقرار.
الصمود: يقول الفريق التفاوضي المنسوب إلى إدارة كابول أن خطوطنا الحمراء هي الديموقراطية، وحقوق النساء وحرية الرأي، برأيك ما مدى استعداد الإمارة الإسلامية للمناقشة والتفاوض معهم حول هذه الخطوط؟
الملا تاج مير: برأينا لا ينبغي التأكيد على الأفكار والمبادئ والثقافة الأجنبية تحت أي مسمى كان، والتي قاوم الأفغان ضدها في القرن الماضي كالشيوعية والعلمانية والأفكار والنظريات الباطلة الأخرى.
في الحقيقة إن من الأسباب الرئيسية للحرب الراهنة في أفغانستان هي المحاولات القسرية لفرض الثقافة الأجنبية والمعتقدات والأفكار الأجنبية على الأفغان، وتشترك فيها الجهات الداخلية والخارجية وتحاول تكراراً فرضها على الأفغان.
إن إمارة أفغانستان الإسلامية تريد النظام الإسلامي الحقيقي في أفغانستان، ولا يمكن إلا لنظام إسلامي خالص أن ينظم العلاقات الاجتماعية بين البشر بشكل أفضل، ويؤهل الإنسان ليعرف غاية خلقه ويتبعها، وأن يتحمل مسؤولياته المسلّمة إليه من جانب الله بأفضل طريقة، وأن يمنع الأفراد والمجتمعات من الظلم والعدوان على بعضهم البعض، ويحلّ مشاكلهم في ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية.
وكذلك في النظام الإسلامي، لكل فرد في المجتمع الحق في حرية التعبيروفقًا لمجموعة من المبادئ والضوابط، وهذه المبادئ والضوابط أن يستخدم حق حرية الرأي لإظهار الحق واستعادة الحقوق فقط، ولا يستخدم كآلة للإساءة إلى عقيدة مسلم وشخصيته وعرضه، وكذلك الحقوق التي منحها الإسلام للنساء لو طالعنا حقوق النساء في القوانين الوضعية، نستنتج أنها ليست حقوقا بل هي تعدٍّ على حقوقهن، لأنها تحرف النساء عن مهتمهن الأساسية وتجعلهن ألعوبة في أيدي الرجال وحسب.
الصمود: يدعي رئيس إدارة كابول وأنصاره وأتباعه دائمًا أن حكومتهم ودستورهم أكثر إسلاما على مستوى المنطقة، فلماذا لا تعترفون بحكومتهم كحكومة إسلامية؟
الملا تاج مير: وضعت الشريعة الإسلامية للنظام الإسلامي بعض الضوابط والمبادئ المهمة، منها: أن تكون الحاكمية العليا لله تعالى، قبول الشريعة الإسلامية بصفة مصدر وحيد للتشريع والتقنين ورفض أي قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
فأي نظام يقوم على هذه المبادئ والأساسات، يمكن اعتباره نظامًا إسلاميًا وفقًا للشريعة الإسلامية المقدسة، وأي دستور يلتزم بالمراعاة الكاملة لهذه الأصول والمبادئ يعتبر إسلاميا.
وفي دستور إدارة كابول لم تختص الحاكمية العليا بالله عز وجل، بل اعتبر حقا للشعب، وقد ذكر هذا بصراحة في الفصل الأول والبند الرابع من هذا الدستور، وكذا شوركت القوانين الوضعية مع الإسلام كمصدر للتقنين والتشريع، وجاء هذا الموضوع صريحا في اتفاقية “بون” والتي تعتبر أساسا لدستور إدارة “كابول”، وكذا تم التزام رعاية قوانين الأمم المتحدة وبياناتها دون قيد وشرط في المادة السابعة، والحال أن بعض بياناتها تنص على شرعية الردّة وتسمح لكل أحد بتغيير دينه، فالنتيجة أن في قانونهم يعتبر الارتداد عن الإسلام عملا مشروعا، وقد كان الخروج المأمون من “كابول” لبعض المرتدين على أساس هذه المادة، وهذا غيض من فيض، وهناك موارد شبيهة أخرى في الاتفاقيات والقوانين والبيانات الدولية وقد تعهدوا في دستورهم بالتزامها دون قيد وشرط.
وكذلك الصفات والشروط التي حددها الإسلام للزعيم لا يوجد كثير منها في دستور إدارة “كابول”، كما لا تمتلك قيادتها تلك الصفات. إنكم لن تجدوا كلمة “الشريعة الإسلامية” في دستور إدارة “كابول” بل ذكروا الإسلام فقط، وللإسلام لديهم تفسيره الخاص، ويحصرونه في العقل والضمير والأخلاق. ووردت في دستور إدارة “كابول” المادة رقم (۱، ۲، ۳، ۳۵، ۴۵، ۵۴ و۶۳) حول الإسلام، والتي تتبجح بها هي وعلماء السوء، هذه كلها مواد مزخرفة في الدستور، عباراتها معقّدة ومغلقة ومحتملة، ولم ترد في هذه المواد أي مادة صراحة أو إشارة حول الضوابط والمبادئ التي وضعتها الشريعة الإسلامية للنظام الإسلامي.
وإضافة إلى ذلك إدارة “كابول” تشكلت في ظل الاحتلال، واقترفت من الجرائم والجنايات ما يوجب قتلهم ومقاتلتهم، ووفرت الفرصة لإشاعة الفواحش والفساد والفتن على ثرى أفغانستان الطاهرة، واستباحت دماء المسلمين، وناصرت الكفار ضد المسلمين ووالتهم، وتعتبر حماية الكفار المحتلين مسؤولية قواتها الأمنية والدفاعية وتعتز بها؛ وبناء على ذلك لا يعتبر مثل هذا النظام نظاما إسلاميا قط، ولا دستوره دستورا إسلاميا قط، وتصريحات رئيس إدارة كابول وأتباعه وأنصاره حول أسلمة دستور نظامهم ادعاءات ودعايات بحتة، تطلق لتضليل الرأي العام وإيجاد الشبهات وخداع الشعب.
الصمود: يؤكد رؤساء إدارة كابول دائمًا في تصريحاتهم بأنهم لن يعودوا إلى الوراء، العودة إلى الوراء غير مقبولة. هذا يعني أنهم لا يريدون أبدًا إمارة إسلامية ولا يعودون إلى العصور السابقة، نحن نؤسس الحكومة وفق مطالب العصر الحالي ونحمي مكتسبات الماضي. يعتبرون مكاسب الأعوام الثمانية عشر خطوطهم الحمراء. فحبذا، لو أوضحتم لنا موقف الإمارة الإسلامية في هذا الصدد؟
الملا تاج مير: إن كان معنى (العودة إلى الوراء) إنكار التقدم العلمي الحالي وعدم استخدام التكنولوجيا، فنحن أيضًا نعارضها ولا نريد (العودة إلى الوراء)، وأما إن كان هدفهم من عدم (العودة إلى الوراء) التخلي عن هدى الله الذي أرسله الله إلينا قبل 1400 عام لإدارة العلاقات الاجتماعية للبشر، وتحقيق الغاية التي خلقوا لأجلها ولأداء المهمة التي وكلت إلى الإنسان على وجه الأرض، فنحن نؤيد هذه ( العودة إلى الوراء) لأنها جزء من عقيدتنا وإيماننا.
نحن لن نستبدل الإرشادات الإلهية بالنظريات العقلية التي صنعها الإنسان مثل الديمقراطية التي تم اختراعها وتأليفها بمعرفة محدودة للعقل الإنساني، إذا كان عقل المرء لا يدرك حكمة الأحكام الإلهية، ولا يهتدي إلى الحكم الخفية فهذا يعني نقص عقله وقدرته، وليس نقص التوجيهات الإلهية المقدسة.
إن توجيهات العقل فيما يتعلق بتنظيم العلاقات الاجتماعية البشرية، وهدف الخلق البشري، وطبيعة وإدارة المسؤولية المعطاة للإنسان على الأرض، لم تكن أبدًا ثابتة، فهو دائمًا في حالة تغيير، وهذا التغيير دائمًا لا يستند إلى أي منطق؛ بل يكون تابعا للهوى والشهوات.
فيما يتعلق بما يسمى بمكاسب الثمانية عشر عامًا الماضية، التي يتبجحون بها فيجب فرزها وتقييمها على أساس الشريعة الإسلامية، فالتي تندرج في زمرة الفتن والفساد والفواحش يجب أن نرفضها وسنرفضها بشدة، وسنبذل قصارى جهدنا في إصلاح كل الأضرار الناتجة عنها في مجتمعنا في المستقبل، وأما التي تدخل ضمن التكنولوجيا وتعتبر استفادة من التقدم العلمي والذي يصب في مصلحة مجتمعنا ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية المقدسة فسوف نحميها ونشجعها.
الصمود: يتساءل البعض عن نوع النظام الاسلامي الذي تريده طالبان في افغانستان؟ مثل باكستان؟ مثل إيران؟ مثل مصر؟ مثل السعودية؟ ويقولون أيضًا أنه لا يوجد نوع واحد للنظام الإسلامي. فمن فضلك لو أخبرتمونا عن نوع النظام الذي تريدونه؟
الملا تاج مير: وفقًا للشريعة الإسلامية، فإن للنظام الإسلامي تعريفه الخاص ومبادئه وأنواعه الخاصة، نحن نطالع الأنظمة الموجودة في العالم الإسلامي في ضوء الشريعة الإسلامية، ولا نقدم نوعية النظام حسب أذواق وأفكار الأفراد والجماعات والدول، بل إننا نعتبر النظام الأفضل وفق تعليمات الشريعة الإسلامية من مصلحة بلدنا وشعبنا، ولا بد أن نذكر أن مثل هذه التساؤلات يطرحها من يجهل توجيهات الشريعة الإسلامية حول النظام أو يريدون إثارة الشكوك في شعبنا المسلم حول النظام الإسلامي، ويحاولون تلبيس الحق بالباطل.
الصمود: إن مسؤولي إدارة “كابول” يقارنون إمارة أفغانستان الإسلامية بالأنظمة الملكية السابقة في تصريحاتهم، ويدّعون أن أفغانستان كانت إبان الإمارة الإسلامية مثل المقبرة، والشعب لم يكن له الحرية ولا يتمتع بالحقوق، ما هو ردكم على هذه الدعايات؟
الملا تاج مير: الإمارة الإسلامية كانت تمثّل نظاما إسلاميا حقيقيا، كانت تنصب زعامتها من قبل علماء الدين الأفذاذ، ولا تزال تنصب من قبلهم، كانت لها الشورى القيادي المقتدر ولا يزال، ويتمتع أعضاءه بصفات وصلاحيات أهل الحل والعقد، يتخذون القرار حول القيادة، ويوجد فيه أعضاء من جميع أنحاء البلاد حسب مؤهلاتهم، ويتم اختيار القيادة بالنظر إلى الصفات التي يجب أن يتمتع بها الأمير في النظام الإسلامي، وكان ولا زال مصدر شرعيتها الأساسي الشريعة الإسلامية والشورى، كما كانت قائمة ولا زالت على المبادئ والضوابط التي حددتها الشريعة الإسلامية للنظام، ودوّنت دستورا إسلاميا خالصا والذي لم يصل إلى مرحلة التوقيع بسبب غزو المحتلين الأمريكيين.
كانت لديها رئاسة الوزراء وتشكيلة تمثّل حكومة، وتقدم جميع الخدمات اللازمة للشعب، ويتم اختيار رئيسها، ونائبيه، ووزراء التشكيلة والولاة على أساس الكفاءة، كانوا يتواصلون ويتشاورون على نطاق واسع بشكل منتظم وغير منتظم مع الناس من خلال ممثليهم (ممثلين وزعماء القبائل والشخصيات الجهادية) في المقاطعات والمناطق والقرى.
وتم إنشاء مجلس إقليمي من علماء الدين المؤهلين وقادة المجتمع المؤثرين في كل ولاية لمراقبة الشؤون الحكومية اليومية في المحافظات عن كثب، وكان يتم حل القضايا في المحاكم الإسلامية، وكان رجال لجنة الشكاوى يتجولون في كل ولاية وقرية للاستماع لشكاوى الأهالي فيما يتعلق بالمسؤولين، ويتم اتخاذ القرارات في ضوء الشريعة الإسلامية.
وشخصيا صاحب السمو الراحل أمير المؤمنين الملا محمد عمر المجاهد رحمه الله كان يحتفظ بنظام سري خاص لمراقبة تعامل مسؤولي الإمارة مع الشعب، وكان رجاله يتفقدون أحوال الشعب ويسألونهم عن المسؤولين؛ ومن لم تتوافق شؤونه مع الشريعة الإسلامية والمهنية كانوا يتخذون القرارات تجاههم وفقاً للشريعة الإسلامية.
لقد خدمت الإمارة الإسلامية شعبها قدر استطاعتها في المجالات التعليمية والاقتصادية وكل ما كان ممكناً لتسلية الشباب آنذلك وكل ما كان مسموحاً به في إطار مجموعة من المبادئ في ظل الشريعة الإسلامية بل كان يتم تشجيعهم للألعاب المفيدة.
كما تم حظر الزواج القسري للسيدات وإعطائهن في الخصومات والعداوات وأشكال العنف الأخرى ضد المرأة وحظرها بشكل صارم.
فاحكموا أنتم الآن فهل يقتضي العقل أن نقارن مثل هذا النظام بالأنظمة الملكية التي تحتكرفيها السلطة عائلة واحدة، ويكون اتخاذ القرارات بيد شخص واحد، والقيادة والمناصب الأساسية وراثية، وجلهم لا يعرفون شيئا سوى الشهوات، ومن أجل الحفاظ على سلطتهم كانوا يورطون البلاد في فجائع مختلفة، يرتمون أحيانا في أحضان الشرق وأحيانا في أحضان الغرب، وسمحوا باستيراد الأفكار الشيطانية المختلفة.
والغرض الوحيد من مثل هذه الدعاية الواهية هو خلق جو من عدم الثقة في المفاوضات بين الأفغان، خوفًا من التوصل إلى حل تفاوضي للمشكلة الأفغانية، وإيجاد شعور بالدونية والعداء تجاه الإمارة الإسلامية والنظام الإسلامي، ولن يصل مطبلوا هذه الدعايات إلى أهدافهم المشؤومة، ولن يحققوا شيئا بل سيجعلون أنفسهم أكثر احتقارًا وكراهية وعزلة عن الشعب.
يجب أن يتذكر هؤلاء المسؤولون الأيام التي سبقت الإمارة الإسلامية عندما كانت كابول تحترق في نار العصبيات العرقية واللغوية، وتحولت إلى أنقاض ومدينة أشباح، وقتل فيها 60 ألف مدني في تلكم الحرب الداخلية، وفي كل حاجز ونقطة تفتيش تستباح أموال الناس وأعراضهم، وتدق المسامير في رؤوس الناس، ويتم تقديم عروض رقص الأموات، ويستخدم البشر كالكلاب، وكانوا رؤساءهم أو جنودا أوفياء للرؤساء.
يجب أن يخجلوا ويغرقوا خجلا من الجرائم التي ارتكبوها في السنوات العشرين الماضية تحت ستار الشعارات البراقة كالديموقراطية الإسلامية وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير وحقوق المرأة.
قبول عمالة الغرب، وتقتيل الشعب بمساعدة مباشرة من الغرب، وإشاعة الفواحش والفساد والفتن، السماح بالردة واللادينية، والفساد الإداري، ونهب أموال الناس، وجرائم جنائية عظيمة في المدن الكبرى، والاعتداء الجماعي على السيدات وأعراضهن، والإساءة إلى المقدسات الإسلامية، وارتفاع معدل الفقر عن 90 %، وهجرة مئات الآلاف من الشباب من البلاد، وإدمان الملايين على المخدرات، والقضاء على أسر بأكملها في المداهمات الليلية، هذه كلها من عطايا ديموقراطيتهم.
ماذا استفاد الأفغان من مئات الإذاعات والتلفاز والشبكات الاجتماعية على مدار الساعة والأغاني والمواد الإباحية. ما العمل في إهانة الحمير وسبها والاحتفاء بها، وما ذا سيفعل الأفغان بعدة طوابق عالية في المدن الكبرى والبلدات، والرقص في النوادي الليلية، والأضواء الزرقاء، والخمر، والأغاني التي تبث على مدار 24 ساعة عبر مئات الإذاعات وقنوات التلفاز، والأفلام الماجنة، والإساءة للآخرين والاحتفاء بالحمير؟ وهل سيكون دواء لألم من آلامهم؟ وهل داوى هذا حتى الآن شيئا من آلامهم ومعاناتهم.
الصمود: ماذا قدّمت الإمارة الإسلامية للشعب الأفغاني؟ وما هي الخدمات التي قدمتها لهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إبان حكمها؟ الرجاء تسليط بعض الضوء على هذا!
الملا تاج مير: لقد قدّمت إمارة أفغانستان الإسلامية الشيء الكثير لشعبها، وخدمة الشعب الأفغاني المسلم وسام فخر وشرف لها، وبما أن الإمارة الإسلامية كانت آنذاك في حصار سياسي واقتصادي شديدين؛ فلم تتمكن من القيام بأعمال الإعمار على نطاق واسع وتوفير التطورات العلمية الجديدة في العالم. والخدمات التي قدمتها آنذاك نشير إلى الأهم منها هنا:
1 – الانتفاضة ضد مؤامرة كبيرة ضد الهدفين العظيمين للجهاد المقدس ضد السوفييت والشيوعيين (الاستقلال الحقيقي وحكم النظام الإسلامي الخالص).
2 – القضاء على الفوضى وملوك الطوائف وآلاف الحواجز التي تنهب فيها أموال الناس وتنتهك فيها كرامتهم وتسفك فيها دماءهم في كل لحظة.
3 – إنقاذ البلد من التفكك.
4 – إنشاء نظام مركزي قوي.
5 – تطبيق الشريعة الإسلامية، تنفيذ الحدود، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقديم نموذج عملي للنظام الإسلامي بعد قرون.
6 – استتباب الأمن والاستقرار الشامل في البلد.
7 – تقديم نموذج فريد للأخوة الإسلامية والاحتفاظ بالموقف الحيادي.
8 – إصلاح وتفعيل مرافق النظام الحكومي والوزارات والوحدات الإدارية الأخرى.
9 – إصلاح وإنشاء الجامعات والمدارس الحديثة والدينية، وطباعة المنهج، وإجراء رواتب المعلمين، وتحقيق التوازن بين التعليم الديني والتعليم الحديث، والقضاء على العصبية التي أوقدت نارها بين مؤسسات التعليم الحديث والديني منذ عقود.
10 – على الرغم من أن الطالبان كانوا يعيشون تحت حصار اقتصادي، وفرضت عليهم عقوبات اقتصادية شديدة، لكنهم أعادوا إحياء التجارة من خلال تخفيض الرسوم الجمركية وتعزيز نظام المضاربة، وكانت الضروريات الأساسية للحياة رخيصة للغاية وكان لدى العديد من الأسر الفقيرة مركبات متطورة وكانوا يعيشون حياة رغيدة.
11 – إعادة تأهيل سدود سوروبي وناغلو وكاجاكي وتمديد خطوط نقل الكهرباء إلى كابول وهلمند وقندهار وتوفير الكهرباء للمواطنين.
12 – إصلاح آلات لمصنع بغلان للنسيج والأسمنت وتجهيزها للإنتاج، تفعيل آلات لاستخراج الغاز في ولاية “شبرغان”، تمديد خط الغاز إلى ولاية “مزار”، وتفعيل مصنع “مزار” للأسمدة الكيماوية، (فصارت أكثر إنتاجا من ذي قبل) وتفعيل مناجم الفحم في “سامانجان” و”كركر” وتجهيزها للإنتاج، كما أنشأ مستثمرون من القطاع الخاص ما يصل إلى 100 مصنع في مجمع كابول الصناعي، وتم تمديد خطوط الكهرباء إليه، وتم تفعيل مصنع “سبين زر” في ولاية “قندوز” وبدأت بالإنتاج، وتم تفعيل مصنع البلاستيك في “جلال آباد” وتم افتتاح العديد من المصانع الصغيرة الأخرى في مدن رئيسية أخرى في البلاد، مما وفر فرص عمل لآلاف الأفغان، كما تم بناء العديد من الأسواق والمتاجر والمدن من قبل المستثمرين والتجار من القطاع الخاص.
13 – إصلاح شوارع طورخام – جلال أباد ، جلال أباد – كابول ، كابول – بكتيا ، كابول – غزنة، غزنة – قندهار ، قندهار – هرات، هرات – تورغوندي ، قندهار – بولداك بالاستفادة من الإمكانيات القليلة التي تمتلكها الإمارة الإسلامية، وكذا كان العمل الأساسي جاريا لتعبيد الطريق من طورخام إلى جلال آباد، ومن جلال آباد إلى كابول وقد وصل إلى منطقة “درونته” ومن كابول إلى غزنة وقد وصل إلى “ميدان شهر” ، ومن قندهار إلى بولدك، ومن قندهار إلى هيراة، ومن هيراة إلى “تورغوندي” وإضافة إلى ذلك كان العمل جاريا على تبعيد الطرق داخل المدن في قندهار، وهيرات وجلال آباد، وكابول وغيرها من الولايات.
جدير بالذكر أن للإمارة الإسلامية مجلساً اقتصادياً برئاسة نائب رئاسة الوزراء للشؤون الاقتصادية المولوي عبد الكبير، وأعاد المجلس النظر في الخطة الخمسية لإعادة إعمار البلاد في عهد داود خان خلال إيراداتها المحلية وباستثمار خاص لرجال الأعمال ومساعدة التجار، وخطّط لتنفيذ الأجزاء الممكنة والمفيدة، وكانت عمليات المسح جارية لبناء سد على نهر كونار، وتحويل قناة إلى صحراء كومباري، وفي بعض الأماكن الأخرى لعبور القنوات، وتخزين المياه ، وبناء سدود الكهرباء.
وقد فتح حسابًا خاصًا في البنوك للمساعدة في هذه المشاريع التنموية، ولا زلت أتذكر الذكرى المؤلمة أنه مست الحاجة لتعبيد شوارع جلال آباد إلى الماكينات والآلات، وتم شراءها في بلد مجاور، وتم تهريبها إلى جلال آباد بصعوبة بالغة، وبسبب الغزو الأمريكي لم يتم ذلك المشروع وبقيت الآلات واقفة على الطرقات.
14 – تسهيل النشاط لجميع المؤسسات الخيرية الخارجية العاملة لصالح الشعب، وإضافة إلى ذلك أنشأت آلية خاصة داخل وزارة التخطيط لضمان شفافية إنفاق المساعدات وإيصال الخدمات، وكذلك كانت توزع بنفسها العشر والزكاة على المساكين، وتبيع الخبز بنصف السعر عليهم، وقامت بتوزيع بطاقات خاصة بالمعاقين من خلال وزارة ذوي الإعاقة، وتساعدهم حينا فحينا، وشخصياً أمير المؤمنين الفقيد الملا عمر رحمه الله كان يعطي السيارة لكل من فقد ساقيه في الجهاد ضد الجيش الأحمر والشيوعيين أو أصيب بالشلل.
15 – بناء المدارس والمساجد.
16 – بدء مشروع اقتصادي عملاق (TAPI)، تصميم أوراق نقدية أفغانية جديدة، والتفاوض والعمل على العقود مع الشركات ذات الصلة لتركيب أنظمة الاتصالات والهواتف الحديثة، ولكن كل ذلك لم يكتمل بسبب العدوان الأمريكي.
17 – وفي المجال الإعلامي كانت الإذاعات فعالة، وكان يتم الاحتفال بيوم الاستقلال بحماس كبير وتنعقد لقاءات أدبية، ومسابقات شعرية، ومسابقات مسرحية ، وتطبع المجلات والصحف والكتب.
18 – تم السماح بجميع أشكال الرياضة بموجب الشريعة الإسلامية في ظل ظروف معينة في جميع أنحاء البلاد، وتم تشجيع المسابقات الرياضية.
19 – الإمارة الإسلامية أعادت بناء المطارات، وشكلت قوة جوية صغيرة (تتكون من عدد من المروحيات وطائرات نقل البضائع والطائرات المقاتلة)، وقامت بجمع وإصلاح جميع المعدات العسكرية الثقيلة والخفيفة، وأعادت بناء المنشآت العسكرية وجعلت كلها تحت سيطرة وزارة الدفاع، وشكلت قوة عسكرية وأمنية تكتفي بموارد محدودة للغاية وإيرادات داخلية، لم تكن كَلّا على أكتاف الشعب ولا بحاجة إلى العمالة مقابل المساعدات الخارجية، بل كانت قوة عسكرية مستقلة وعالية الكفاءة مثل عهد أحمد شاه بابا، كانت تهابها دول المنطقة أيضا.
20 – خفض زراعة المخدرات وتهريبها إلى الصفر، (والتي ازدهرت في ظل الديموقراطية ووصلت إلى أعلى مستوى في العالم، وهناك ما يصل إلى ثلاثة ملايين مدمن على المخدرات داخل البلاد.)
21 – القضاء على الفساد الإداري.
ويجدر بالذكر أن الإمارة الإسلامية كانت تقدم كل هذه الخدمات بالاستفادة من الدخل الداخلي المنخفض، ولم تكن هناك أي مساعدات خارجية، وكانت منشغلة بمحاربة الشر والفساد في عدد من الجبهات، كما كانت تواجه العقوبات الاقتصادية الشديدة التي فرضتها عليها الأمم المتحدة.
وأما المحتلون وعملاؤهم فبالنظر إلى مئات المليارات من الدولارات (التي أعلن عنها كمساعدة لإعادة إعمار أفغانستان) فلم يفعلوا شيئًا مهمًا باستثناء بعض الأعمال الرمزية في مجال إعادة الإعمار، وأما بعض الأعمال المهمة فقد فعل معظمها مستثمرو القطاع الخاص.
على أن الإمارة الإسلامية وشعبنا الأبي المجاهد يرزح تحت حصار إعلامي شديد منذ البداية وحتى الآن، ولم تحظ خدماتها لشعبها وإنجازاتها بالتغطية الإعلامية، وأنا شخصياً ألقي باللوم على الكتاب الإسلاميين في هذا الصدد لأنهم لا يولون اهتماما كبيرا في كتاباتهم بحثا وتحقيقا بالخدمات التي قدمتها الإمارة الإسلامية لشعبها، بل يعطون أهمية أكبر لانعكاس الوضع الراهن، ونأمل أن يولوا الاهتمام الكبير بهذا الجانب.
الصمود: يقول المسؤولون الكبار لإدارة كابول مثل “أمر الله صالح” وشقيق “أحمد شاه مسعود” أن المفاوضات لن تسفر عن أي نتائج، ودعوا مقاتليهم إلى الاستعداد إلى حرب أخرى، ما هو تفسير مثل هذه التصريحات، هل هذه الشخصيات لديها القوة والتأثير لإعادة خلق الأناركية والفوضى؟
الملا تاج مير: هؤلاء وأمثالهم لا يهمّهم إلا مصالحهم الشخصية والتجسس لصالح مخابرات الدول المعادية للأفغان، والتعاقد على مشاريع استخباراتية مع الدول الأجنبية والعمل ضد الشعب وعقيدته هو الهدف الرئيسي لحياتهم، هؤلاء لا يمثلون أي جزء من المجتمع الأفغاني، وهذه فكرة حقنتها لهم القوى الأجنبية المعادية للأفغان.
أهل أفغانستان يريدون السلام والأمن الحقيقيين، ويريدون عبر المفاوضات إنهاء الاحتلال وتحكيم نظام إسلامي مقدس في أفغانستان، وقد ولّى ذلك الزمان أن يقف أحد ضد تطلعات الشعب أو يعارض الممثل الأكبر لهذه الآمال (الإمارة الإسلامية)، وينشئ العصابات والمجموعات ضدها، ولولا مساعدات الأجانب العسكرية والمالية فإن هؤلاء كلهم لا يستطيعون أن يقفوا في وجه مجموعة عسكرية لمجاهدي الإمارة الإسلامية.
الصمود: باستثناء الفريق الذي جاء إلى الدوحة من كابول، هناك أطراف أفغانية أخرى لم تشارك في المفاوضات، فكيف ستكون عملية التفاهم معهم؟
الملا تاج مير: نعم، إن إمارة أفغانستان الإسلامية على اتصال مع جميع الأطراف الأفغانية المعنية، ولا يمكن أن يتحقق الحل الحقيقي للمشكلة إلا عندما يشارك جميع الأطراف البارزة في العملية الجارية بين الأفغان، ولن تسمح الإمارة الإسلامية لشرذمة شريرة أن تقوم باختطاف وتخريب مشاركة وانخراط جميع الأطراف الأفغانية البارزة في عملية المفاوضات بين الأفغان.
الصمود: هل الولايات المتحدة مستعدة حقا لإنهاء احتلالها أم تستخدم المفاوضات كوسيلة لتحقيق أهدافها؟
الملا تاج مير: إن الأمريكيين جربوا طرق القوة كلها ووصلوا إلى هذه النتيجة: أنهم لا يستطيعون أن يواصلوا الاحتلال وأن يفرضوا عملاءهم على الأفغان لوقت طويل، ولذلك آثروا سبيل المفاوضات والسلام.
مهما كان تقديرهم للوصول إلى هدفهم من خلال التفاوض، فهذا الأمر متعلق بهم، ولكننا إلى جانب التزامنا الكامل بالاتفاقية مع الأمريكيين، متيقظون متنبهون تماما، وإن شاء الله لن يغفلنا أحد، ولن نسمح بتكرار تلك التجارب المريرة التاريخية التي خدع الأعداء بها الحركات الإسلامية والجهادية أثناء المفاوضات.
الصمود: في يونيو من العام الراهن، زعمت الأمم المتحدة في تقرير أنه لا تزال هناك مجموعات جهادية أجنبية في عدد من الولايات الأفغانية، ويبلغ عدد مقاتليها إلى المئات، ويقاتلون لصالح “طالبان” وأن “طالبان” على اتصال دائم معهم، كما ادعت حدوث انشطارات جديدة داخل صفوف “الطالبان”. برأيكم ما هي المصادر لمثل هذه التقارير للأمم المتحدة؟ وما مدى مصداقية هذا التقرير؟ ولماذا تنشر مثل هذه التقارير؟
الملا تاج مير: هناك شبكة شريرة من وكالات الاستخبارات الأجنبية في أفغانستان (تتكون من العملاء الأجانب والأفغان)، زعيم هذه الشبكة الشريرة هو “مايكل سامبل” والذي يعمل في MI6، وفي السابق كان نائب ممثل الاتحاد الأوروبي لأفغانستان، وله تاريخ طويل في الأنشطة الاستخباراتية السرية والخطيرة والغامضة في أفغانستان والمنطقة، وأقام مؤخرا علاقات مع “أرغ” وهو من أشد المعارضين والمخربين للمفاوضات الجارية، ورؤوس الجانب الداخلي لهذه الشبكة الشريرة هم المسؤولون السابقون في الأمن القومي للإدارة العميلة، هؤلاء جميعًا يعارضون بشدة،المفاوضات الجارية وعملية السلام، واتفاقية إنهاء الاحتلال الموقعة بين الولايات المتحدة وإمارة أفغانستان الإسلامية، والمفاوضات الأفغانية، ويسعون إلى تخريبها وإفشالها.
على حد علمي، كان “مايكل سامبل” قاطنا في فندق “سيرينا” قبل بث تقرير الأمم المتحدة، ويهيء المعلومات مع مساعديه الأجانب والداخليين لهذا التقرير، ومعظمها كانت مزيفة.
وكذا أجرى “مايكل سامبل” أيضًا دراسة تخريبية أخرى مع (فيليكس كوهين) لجامعة بلفاست قبل إكمال عملية الإفراج عن السجناء، والتي نشرتها “فورين بوليسي” في مستهل “سبتمبر”، وزعم في هذه الدراسة أيضا أن معظم عناصر طالبان المفرج عنهم عادوا إلى خطوط القتال الأمامية، وسعى إلى تخريب عملية إطلاق سراح الأسرى وبالتالي إفشال المحادثات الأفغانية.
“مايكل سامبل” وهذه الشبكة الشريرة المكونة من العملاء الأجانب والداخليين لها تاريخ في كتابة التقارير الكاذبة، والدراسات المزيفة ونشر الأكاذيب، إن صفوف إمارة أفغانستان الإسلامية متحدة، ولا حقيقة لحدوث الانقسامات داخل صفوفها، حتى الأدبيات المذكورة في التقرير المذكور كانت غير متوافقة مع أدبيات الإمارة الإسلامية.
إن إمارة أفغانستان الإسلامية (وفقا لمسؤوليتها الشرعية) ملتزمة بشدة باتفاقيتها مع الأمريكيين، وتتبع آلية تنفيذ الاتفاقية التي تم وضعها، خطوة بخطوة، وتتوقع نفس الشيء من الأمريكيين وتراقب عن كثب التزامهم بالاتفاقية، يجب على الأمريكيين والمجتمع الدولي توخي الحذر الشديد حتى لا يقعوا في فخ هذه الشبكة الشريرة وشبكات الشر الأخرى، والتي تريد إفشال وتخريب الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الأمريكيين وعملية المفاوضات الأفغانية لمصالحهم الشخصية.
وكذا يجب أن يكونوا على دراية بالكيانات الزائفة والكاذبة والتي يتم رسمها من قبل دوائر الاستخبارات الشريرة والمعارضة لعملية التفاوض والسلام الجارية، وتبذل محاولات لإثبات وجودها المزور، ومن عنوانها يتم نشر المواد بأسماء مستعارة تؤدي إلى الشك وعدم الثقة.
الصمود: كم نتوقع أن نصل إلى التصالح مع الأشخاص الذين ظلوا في خدمة المحتلين الأجانب لمدة ثمانية عشر أو عشرين عامًا؟
الملا تاج مير: هناك انتصار خاص من الله سبحانه وتعالى في الجهاد المقدس المستمر للأفغان تحت قيادة إمارة أفغانستان الإسلامية، وببركة هذا الانتصار، تمكنت من تجاوز أصعب المراحل والوصول إلى أصعب الوجهات التي لم يتخيلها أحد، وبإذن الله سيخلق الله الظروف للطرف الآخر ليخضع ويقبل الحق من خلال المفاوضات، نحن نخوض الحرب بنصر من الله تعالى وكذا مضمار السياسة، ونؤمن بأن النصر النهائي لنا ما لم نحِد عن الحق.
الصمود: ما هي رسالتكم للشعب الأفغاني؟
الملا تاج مير: رسالتي إلى شعبنا المجاهد أن استمرار الجهاد المقدس أفضل بآلاف المرات من الفتنة والفساد، فيجب أن نقضي على الفتن والفساد عن طريق المفاوضات والسياسة، وننهي الاحتلال ونتمتع بالحرية الحقيقية، ويحكّم النظام الإسلامي الحقيقي أو سيستمر الجهاد المقدس، نحن نعلم أنكم تعانون، وتُضطهدون وتدمر بلادكم ومنازلكم لكن أضرار الفتنة والفساد أكثر بآلاف المرات وأصعب وأخطر منها.
وإن لم يكن هناك جهاد مقدس ونضال قائم على أساس السياسة الشرعية النبوية، لكانت هناك فرصة لنموّ الفتن والفساد وتطورها وانتشارها بلا رادع، فمن الممكن أن يفقد جيلنا الجديد هويته الإسلامية والوطنية في المستقبل القريب، ولن يبقى من الإسلام إلا إسمه ومن الأفغانية إلا رسمها. وسنُحرم من ثمار ملايين التضحيات التي قدمناها خلال القرن الماضي ضد ثلاث إمبراطوريات وأنظمة قمعية وفاسدة في شكل حرية حقيقية وحكم نظام إسلامي خالص، لذا اصبروا واثبتوا واستقيموا، ولا تصغوا إلى دعايات العلمانيين والشيوعيين وزعماء عصابات الشر والفساد. وبإذن سوف تمر هذه الأيام العصيبة، فإن مع العسر يسرا، وإن وعد الله حق، وقريبا ستحظون بحياة آمنة رغيدة تحت ظل نظام إسلامي خالص. إن شاء الله وما ذلك على الله بعزيز.