حوارات وتقارير

الصمود تحاور المتحدث الرسمي للإمارة الإسلامیة ذبیح الله المجاهد حول التطورات الأخیرة في أفغانستان

 واجهت إمارة أفغانستان الإسلامیة في الآونة الأخیرة تطورات هامة كانت منها حادثة استشهاد أمیرالمؤمنین الملا أختر محمد منصور رحمه الله تعالی، ولنعلم كیفیة وقوع هذه الحادثة وكیفیة تعیین الزعیم الجدید أمیر المؤمنین الشیخ هبة الله حفظه الله تعالی، وكذلك لنطّلع علی الوضع الجهادي في الظروف الراهنة؛ أجرت مجلة )الصمود( حواراً مع المتحدث الرسمي للإمارة الإسلامیة الأستاذ ذبیح الله المجاهد، وإلیكم نص الحوار:

الصمود: نرحّب بكم علی صفحات مجلة (الصمود). وفي البدایة حبّذا لو ذكرتم لنا ما مدی تأثیر حادثة استشهاد أمير المؤمین الملا أختر محمد منصور علی الموقف الجهادي والسیاسي للإمارة الإسلامیة وعلی نفسیات عوام المجاهدین؟

ذبیح الله المجاهد: بسم الله الرحمن الرحیم، الحمدلله وكفی، والصلاة والسلام علی عباده الذین اصطفی أما بعد:

من المناسب أن ننظر إلی حادثة استشهاد أمیر المؤمنین من الأبعاد الثلاثة التالیة:

أولاً: یرتبط بالشهيد منصور رحمه الله تعالی وهو أنه رحمه الله تعالی نال درجة الاستشهاد في سبیل الله تعالی وهي بإذن الله تعالی نقطة الانتقال لحیاة أبدیة سعیدة له، وقد فاز فيها -إن شاء الله تعالی- برضا الله تعالی ونعیمه بتضحیته في سبیله عز وجل، وهذا كله مبعث غبطة عند كل مجاهد في سبیل الله تعالی.

ثانیاً: إنّ حادثة استشهاده في هذه الظروف الحساسة تُعتَبر حادثة مؤلمة لمسؤولي الإمارة الإسلامیة وللمجاهدین وعامة المسلمین، وسیتألّم منها المجاهدون إلی فترة طویلة.

ثالثاً: إنّ حادثة استشهاده لا ینبني علیها أيّ تغییر في نهج الإمارة الإسلامیة وسیاستها، ولن یكون لها أيّ أثر ملحوظ علی معنویات المجاهدین وروحهم القتالیة إن شاء الله تعالی، وذلك لوجوه منها:

1 – إنّ الإمارة الإسلامیة لا ترتكز علی شخصیات لیتوقف نجاحها أو فشلها علیهم، بل مع الاحترام الموجود للأفراد والقیادة، یرتبط جمیع المجاهدین في الإمارة بأهداف شرعیة معلومة.

2 – إنّ الأفراد والمسؤولین في الإمارة الإسلامیة قد جمعتهم الأهداف والآمال النبیلة عن طیب نفسٍ من دون طمع في عرض الدنیا، وما لم تتحقق أهدافهم الإسلامیة فإنهم یعتبرون مواصلة السیر علی هذا الدرب سعادة وفخراً لهم، وسیتمرّون في جهادهم بنیّة القیام بفريضة من فرائض الله تعالی ولا خوف علیهم من التشتت والتشرذم إن شاء الله تعالی.

3 – إنّ الإمارة الإسلامیة قائمة علی أسس شرعیة، وجمیع القرارات والإجراءات والفصل في الأمور إنما تتمّ وفق شرع الله تعالی، وبما أنِّ معظم أفراد ومسؤولي الإمارة الإسلامیة هم من العلماء والمدركین لمقاصد الشريعة فإنه یسهل علیهم الحفاظ علی وحدة الصف، ولأنّهم یطیعون مسؤولیهم بالمعروف، ولهم فیهم كامل الثقة، ویحترمون قراراتهم. وما دامت سفینة الإمارة الإسلامیة سائرة علی خطها الشرعي بإذن الله تعالی، ومادام الله عز وجل يحفظها من الزعزعة والانحراف من الداخل فإنّ العوامل الخارجیة مثل استشهاد القادة، وظلم الكفار ووحشیتهم، وضغوط الجهات المختلفة، والخسائر المادیة ونقص الأموال، وفرض الحظر علی التنقل، والجراح والسجون والهجرة وغیرها من العوامل لن تؤثر على الإمارة الإسلامیة في صرفها عن منهجها، ولا تغییر مواقفها إن شاء الله تعالی.

 

الصمود: ما حقیقة إدّعاء الجهات الإعلامیة حول تواجد الشیخ منصور في أرض إیران قبل ساعات من استشهاده؟

ذبیح الله المجاهد: كان من عادة الشیخ منصور رحمه الله تعالی أنه كان یقوم بإجراء كثیر من الأعمال بنفسه، فكان یقوم بالأسفار، ویتفقّد المجاهدین في المناطق. وإلی جانب ذلك -بحكم كونه قائداً لصفّ جهادي عظیم- كان يحب أن یقوم بأعمال كثیرة لإفادة هذا الصف ونفعه، وكان یرید أن تكون له علاقات بجهات مختلفة بهدف تحریر هذا البلد. وكان عادة ما یتمّ التنقّل من منطقة إلی أخری عبر المناطق الحدودیة، فمن الممكن أن یكون الشیخ منصور -رحمه الله تعالى- في أحد أسفاره الجهادیة من هذا النوع وقت حدوث الحادثة.

 

الصمود: هل بحثت الإمارة الإسلامیة وأجرت التحقیقات حول كیفیة توصّل العدوّ إلیه وقتله رحمه الله تعالی؟

ذبیح الله المجاهد: من الطبیعي أن تكون الإمارة الإسلامیة قد بدأت العمل في هذا الأمر، ومما ینبغي ذكره في هذا المجال هو أنّ الشیخ منصور رحمه الله تعالی لجرأته كان یستعمل لضروریاته الجهادیة الهاتف ووسائل الإتصال المباشر في كثیر من الأحیان، فلا يستبعد إلی حدٍ كبیر أن تكون هذه الأشیا قد تسبّبت في استشهاده. وأنتم تعلمون أنّ الإنسان یُكشَفَ عن طریق هذه الوسائل، ویُعرف موقعه بسهولة، ویُستهدف عن طریقها.

 

الصمود: قد جاء في البیان الصادر عن الشوری القیادي للإمارة الإسلامیة بمناسبة استشهاد الشيخ منصور: (أنّ الشیخ منصور قُتِلَ بسبب عدم رضوخه للمحادثات والحلول المزوّرة المفروضة) فهل یمكنكم أن تكون لكم بعض التوضحیات في هذا المجال؟

ذبیح الله المجاهد: بعد وفاة أمیرالمؤمنین الملا محمد عمر رحمه الله وتولّي الشیخ منصور قیادة الإمارة الإسلامیة، كانت أمریكا وبعض الجهات الأخری تؤمّل في أنّ المجاهدین سوف یتنازلون عن مبادئهم نتیجة المؤامرات ضدّهم وإعمال الضغوط علیهم، وأنهم نتیجه هذه المؤامرات سوف یرضون بالمساومات، وسیتخّذون خطوات وقرارات في صالح الكفار، إلا أنّ الالتزام الشديد من الشيخ منصور بمبادئ الإمارة الإسلامية وصلابة مواقفه، أظهر للأمریكیین -بكلّ جدّیة- بأنّ منصور رجل صعب وصاحب عزیمة، وأنّ الأمریكیین لازالوا یواجهون حركة جهادیة متمرّسة بقیادة قائد یتمتّع بالقوة وبصلابة الموقف، فلذلك أقدموا علی قتل الشیخ منصور، فلا شك في أنِّ الشیخ منصور رحمه الله تعالی قُتِلَ بسبب محافظته علی مصالح الإمارة الإسلامیة وآمالها. فلو كان الشیخ منصور ــ لاسمح الله تعالی ــ أظهر اللین نحو الكفار والمیل إلیهم، أو كان استسلم لضغوطهم، أو كان قد دخل معهم في المساومات السرّیة والعلنیة لكان ممن الممكن أن لا یعتبره العدوّ خطراً كبیراً بهذ الحجم علی مصالحه.

الصمود: كان استشهاد الشیخ منصور بتاریخ 22 من شهر (مایو) إلا أنّ التصدیق الرسمي من قِبَل الإمارة كان قد جاء بعد ثلاثة أیام من الحادث، فماذا كانت أسباب وعوامل هذا التأخّر في الإعلان؟

ذبیح الله المجاهد: تأخیر الإعلان كان یرجع إلی حدٍ كبیر إلی الظروف الغامضة وصعوبة التأكد من صدق الخبر. لأنّ الإتصال بالشیخ منصور عادة كان یحتاج إلی بعض الوقت. ولأنّ أسفاره كانت تتمّ بسرّیة تامة، وإطّلاع الإخوة علی تفاصیل الحادث كان یحتاج إلی زمن، وبعد التأكد من صدق الخبر كان تعیین الزعیم الجدید من الأمور الضروریة، لأنّ الحكم الشرعي في مثل هذه الأوضاع هو الإسراع في تعیین الزعیم الجدید، وهذا الإجراء أيضا كان قد استغرق وقتاً. وعلاوة علی ذلك فإنّ اجتماع المسؤولین في هذه الظروف الجهادیة الحرجة في مكان واحد هو مشكل آخر في هذا المجال، ولذلك كله تأخّر الإعلان الرسمي عن استشهاد الأمیر رحمه الله تعالی.

 

الصمود: إنّ وفاة قائد أیّة منظّمة أو جماعة يعتبر من الخسائر والصدمات الكبیرة لها، ولذلك معظم الجماعات الناجحة أیضاً تواجه الفشل في مثل هذه الظروف. وبما أنّ الإمارة الإسلامیة قد فقدت اثنین من أمرائها في أقل من سنة واحدة فكیف تقدّرون تأثیر هاتین الحادثتین العظیمتین علی الإمارة وعلی سیر عملیاتها الجهادیة الجاریة؟ وهل ستكون هناك أیة تأثیرات سلبیة لهما علی الإمارة؟

ذبیح الله المجاهد: لاشك في أنّ حادثة استشهاد الشیخ منصور كانت صدمة وحادثة مؤلمة للإمارة الإسلامية، إلا أنّ هذا الخسارة تنحصر في فقداننا لشخص الشیخ منصور كما انحصرت قبله في فقدنا لشخص مؤسّس الإمارة الإسلامیة الملا محمد عمر المجاهد رحمهما الله تعالی، لأنّهما كانا نعمتین عظیمتین للإمارة، ولاشك في أنّ زوال النعمة لها أثر علی النفوس. أمّا أن تكون لمثل هذه الحادثة أثر سلبي علی الأهداف وعلی وحدة الصف وعلی الإدارات، فلیس هناك أيِ تأثیر من هذا النوع، ولله الحمد علی ذلك. وذلك لأنّ حركتنا لا تتمحورعلی الفرد مثل بعض الحركات الأخری، بل هي تتمحور علی الأهداف، وما دامت الأهداف قائمة لم تتغیر، فإنّ وجودنا سیستمّر محفوظاً من التفكك والانهیار إن شاء الله تعالی.

وما دامت الأهداف بعیدة عن المشاكل، فمن الطبیعي أنّ العمل الجهادي الجاري لتحقیق الأهداف أیضاً سیكون بعیداً عن المشاكل، بل ستكتسب أهداف المجاهدین مزیداً من المصداقية والأهمیة، وسیقوی التزام المجاهدین بأهدافهم وعهودهم، وستستعر فیهم روح الانتقام من العدوّ، وسیزداد إیمانهم قوة وصلابة إن شاء الله تعالی.

 

الصمود: كیف تصفون الأوضاع السیاسية والجهادیة السائدة في داخل صف الإمارة الإسلامیة الآن؟ أهي أوضاع الاستقرار أم تواجه مشاكل؟

ذبیح الله المجاهد: بفضل الله تعالی یمكنني أن أقول لكم -بكل تأكيد- أنّ قیادة الإمارة والمسؤولون یسیطرون علی الأوضاع بشكل كامل، ولا توجد أیة مشاكل في الأوضاع السیاسیة والجهادیة، وجمیع الأمور في استقرار واطمئنان، علی خلاف ما كان یتوقعه الأعداء. ولم یُلحَظ أي فتور أو ضعف في الوضع العسكري، وثقتنا في الله تعالی كبیرة، وتوكلنا علیه عظیم في أننا لن نواجه أیة مشاكل إن شاء الله تعالی.

 

الصمود: حبّذا لو ذكرتم لقرّائنا جانباً من أهمیة شخص الشیخ منصور للصف الجهادي ولعامة المسلمین.

ذبیح الله المجاهد: من الواضح وضوح الشمس أنّ الشیخ منصور رحمه الله تعالی كان شخصیة محنّكة في صفّ الإمارة، وقد عركته التجارب والمحن، وكان رحمه الله تعالی قد ناب عن أمیر المؤمنین الملا محمد عمر رحمه الله تعالی في قیادة الإمارة الإسلامیة بشكل ناجح. وبعد وقوع (الملا برادر) في الاعتقال أدار الوضع الجهادي بشكل جید وناحج، وعَمِلَ لتقویة صفّ الإمارة الإسلامیة بجدارة، وبقیادته الناجحة والمؤثّرة لمسیرة الجهاد قد قصم ظهر العدوّ، وأبطل مخطّطات الرئیس الأمریكي (بارك أوباما) واحداً تلو الأخر، وأربك بفضل الله تعالی ثم بقوة قیادته الجهادیة كبار جنرالات الأمریكیین من قادة قوات العدوّ في أفغانستان وأفقدهم صوابهم وأفشلهم واحداً بعد الأخر. وكذلك أبطل المشروع الأمریكي الذي بدأه الجنرالات الأمریكیین في إنشاء الملیشیات المحلّیة التي أطلقوها باسم الصحوات الشعبیة. وهو كذلك قضی علی فتنة داعش قبل أن یستفحل أمرها في أفغانستان. وحافظ علی وحدة صف الإمارة الإسلامیة في الظروف الصعبة والحرجة، وقام بتفعیل جمیع إدارات الإمارة الإسلامیة علی الرغم من وجود المشاكل الأمنیة والمالیة، وفي المجال السیاسي أوجد للإمارة الإسلامیة مكتباً سیاسياً كعنوان معروف للإتصال والتفاهم مع الإمارة. وإلی جانب الفعالیات الجهادیة والعسكریة فقد كانت له إنجازات كبیرة في تقویة الإدارات الأخری في مجالات الإعلام، ومنع وقوع الخسائر في صفوف المدنیین، وفي إطار لجان المؤسسات والشركات، والصحة، والتعلم، والاقتصاد، والدعوة والإرشاد وغیرها من اللجان والإدارات.

ولاشك في أن فقدان شخصیة مثل شخصیة الشیخ منصور المبتكرة تُعتبر خسارة للإمارة وللصف الجهادي ولجمیع الشعب وعموم المسلمین. ونسأل الله تعالی أن یخلفنا خیراً منه، وأن یجعل خدماته للإسلام والمسلمین سبباً لدخوله إلی جنة النعیم إن شاء الله تعالی.

 

الصمود: كیف تمّت مرحلة تعیین الزعیم الجدید؟

ذبیح الله المجاهد: تمّت مرحلة تعیین الزعیم الجدید وفق الموازین والأحكام الشرعیة في جوّ من سعة الصدر، والصبر، والتعقل، والتنسیق. وحین یسمع المرء حكایة تعیین الزعیم الجدید من أفواه المشاركین في تلك المجالس یزداد أملاً في المسؤولین وتزداد ثقته في الله تعالی، حیث أنعم علی الإمارة الإسلامیة بالمسؤولین العُقلاء وأصحاب التجارب والإدراك القوي من العلماء وأهل الخبرة الذین یتحلّون بالتقوی والخوف من الله تعالی. وأنا أعتبر أمثال هؤلاء المسؤولین نعمة إلهیة علی صف الإمارة والمجاهدین وعموم الشعب؛ لأنّ من یتذكر تسابق المسؤولین في الجماعات الجهادیة التي كانت قبل الإمارة الإسلامیة في سعیهم وحرصهم للوصول إلی القدرة والمناصب، ثم یقارن أولئك الناس بمسؤولي الإمارة الإسلامیة الیوم فإنّ حال مسؤولي الإمارة الیوم في تعیینهم الزعیم يعيد إلى أذهاننا حال الصحابة رضي الله عنهم في هذا المجال. المسؤولون المشاركون في مجلس تعیین الزعیم كلّ واحد منهم كان یسعی أن ینأی بنفسه عن تحمّل المسؤولیة. وحین طلب من بعضهم أن یتحمّل هذه المسؤولیة اعتذر عن تحمّلها بإصرار واعتبروا أنفسهم أقلّ وأضعف من أن یتحمّلوا هذه المسؤولیة. وفي النهایة حُمّل الشیخ هبة الله حفظه الله تعالی هذه المسؤولیة علی كره ومن غیر رغبة منه.

ویقول شهود ذلك المجلس أنّ جوّ المجلس كان مُفعَماً بالإخلاص، والمحبة، والحِلم والحنان، والتواضع، والتوكل علی الله تعالی بالقدر الذي لا یمكن تصوّره. وبفضل الله تعالی ثم بفضل هذا الصدق والإخلاص في نفوس شركاء المجلس تمّ تعیین الزعیم الجدید دون حدوث أدنی مشكلة في هذا العمل، وتمّت البیعة للزعیم الجدید في جوّ من الرضا والإطمئنان، والحمد لله تعالی علی ذلك.

 

الصمود: بعد تعیین الزعیم الجدید هل عادت الأمور إلی الوضع العادي، أم لا زالت في وضع الطوارئ؟

ذبیح الله المجاهد: بعد استشهاد الشیخ منصور وتعیین الزعیم الجدید عادت الأمور إلی الأوضاع العادیة، لأنّ المجاهدین فرغوا من أمور التأبین وتعیین الزعیم الجدید فبدأوا عملیاتهم الجهادیة الكبیرة مرّة أخری بشكل مستمرّ في (هلمند) و(قندهار) و(أرزگان) وغیرها من المناطق، وكان وقعها عظیماً علی العدوّ. فالأوضاع الآن عادیة مثل السابق، والمجاهدون یواصلون عملیاتهم الجهادیة ولا توجد هناك مشاكل.

 

الصمود: تعتبر بعض الجهات الإعلامیة العالمیة وإعلام الدولة العمیلة سبب قتل الشیخ منصور هو عدم رغبته في محادثات السلام، فهل تجدون هناك إرادة حقیقیة لدی الأمریكیین ولدی الدولة العمیلة لمحادثات السلام؟ أم أنّ ما یزعمه العدوّ حول محادثات السلام هي مجّرد تمثیلیات مرحلیة فقط؟

ذبیح الله المجاهد: أولاً: إنّ اتخاذ قرار إجراء المحادثات أو عدم إجرائها هو من السیاسات الهامة للإمارة الإسلامیة، ولا ینفرد بها القائد في اتخاذ القرار.

ثانیاً: إنّ الأمریكیین غیر جادّین وغیر ملتزمین بالسلام الواقعي، فهم من جانب یتحدّثون بلسان الحكومة العمیلة عن السلام، ومن جانب آخر یواصلون قصفهم الجوّي في أفغانستان ویمدّدون زمن تواجد قواتهم في هذا البلد، ویبحثون عن حجج واهیة وغیر حقیقة لتمدید زمن احتلالهم لهذا البلد. وإدارة كابل العملیة لا تملك من أمرها شیئاً في اتخاذ القرارات الهامة مثل هذه، ولیست لدیها رغبة وعزم في إنهاء الاحتلال الأمریكي لأفغانستان. فقبل أن ینتهي الاحتلال، وقبل أن يتم التوقف عن قتل أبناء هذا الشعب، لا معنی لمثل هذه المسرحیات باسم محادثات السلام، ولا طائل من ورائها. وهي مجّرد إضاعة للوقت وخداع للشعوب من قِبَل الأمریكیین.

 

الصمود: ما هو الموقف الرسمي للإمارة الإسلامیة حیال محادثات السلام؟ ولماذا تمتنع عن المشاركة في المحادثات؟

ذبیح الله المجاهد: إنّ الإمارة الإسلامیة هي صاحبة البیت، والأمریكیّون محتّلون لهذا البیت، ومن یرید الحل الواقعي للقضیة فعلیه أن یأتي من الطریق الحقیقي للحل.

الإمارة الإسلامیة ترید أن تتحرّر بلادها من نیر الإحتلال، وأن ترتحل جمیع القوات الأجنبية المحتلة سواء كان جندیاً واحداً أو كانوا جنوداً كثر، وأن يتم إيقاف قتل الشعب الأفغاني، وأن تُرفَع الجوائز المعلنة كقیمة لرؤسنا، وأن تُرفَع كذلك أحكام حظر السفر والتنقّل عنّا. وبعد ذلك إن كان لأمریكا أیة مشاكل أو شكاوى فیمكن أن تطرحها للمحادثات بینها وبین الإمارة الإسلامیة بصفة دولتین كل منهما على حدة عن طریق القنوات الدبلوماسیة المشروعیة. إنّ الشعب الأفغاني لیس شعباً ظالماً ولا یتعدى علی حقوق أحد أو حدوده. فممّ یخاف الأمریكان؟ ولماذا یعملون لزعزعة الاستقرار في المنطقة؟ ولماذا یُطیلون أمد الحرب في هذا البلد؟ ولماذا یُعجبهم التلذّذ بقتل الناس وإيذائهم؟

إنّ جمیع هذه المشاكل الحاصلة هي من قِبَلِ الأمریكان، وعلیهم بأنفسهم أن یعملوا لإزالتها. أمّا إذا كان الأمریكیون يريدون الاستمرار في حماقتهم فإننا نُنذرهم ونقول لهم بأنّ شعبنا لا یرضخ ولا یستسلم لأحد، ولا یمكن للمحتّلین أن یقضوا علیه. إنّ هذا الشعب قد حطّم كثیراً من الامبراطوریات، ولینتظر الأمریكیون أیضاً مصیرهم.

 

الصمود: هل يوجد بالفعل ما یهدّد وحدة صفّ الإمارة الإسلامیة كما يشيعه الأعداء؟

ذبیح الله المجاهد: لا یوجد هناك ما یهدّد وحدة صفّ الإمارة، ولا توجد أية عوامل للفرقة والخلاف. لأنّ تعیین الزعیم قد تمّ بفضل الله تعالی بأحسن وجه، والهیكل الإداري لجمیع إدارات الإمارة موجود من السابق بشكل منظّم جداً، وأهدافنا الجهادیة اكتسبت مزیداً من الأهمیة لكثرة التضحیات في سبیل تحقیقها، وروح الثأر من الأعداء قد ازدادت استعاراً في نفوس المجاهدین، وصدور المجاهدین امتلأت غیظاً وغضباً علی العدوّ، وقد اشتدّ حب الجهاد والفداء في سبیل الله في نفوس المجاهدین بعد استشهاد قادتهم وإخوانهم. فجمیع هذه العوامل بفضل الله تعالی تزیدنا ثقة في أنّ صفّ الإمارة الإسلامیة خال عن المشاكل والخلافات، ولا يُتوقّع أیة مشاكل من هذا النوع في المستقبل القریب إنّ شاء الله تعالی.

 

الصمود: كیف تنظرون إلی سلسلة البیعات المتتالیة للزعیم الجدید؟

ذبیح الله المجاهد: تتابعت البیعات للزعیم الجدید في أجواء من المحبة والرغبة والتجارب الإیجابیة. لقد بایع العلماء والمجاهدون والمسؤولون وعامة الناس الزعیم الجدید في جمیع أرجاء البلد من (بدخشان) إلی(فاریاب)، ومن (نورستان) و(ننجرهار) إلی (فراه)، ومن (هلمند) و(نیمروز) إلی (بكتیا) و(بكتیكا)، من الشرق إلی الغرب، ومن الشمال الجنوب، ولازالت هذه السلسلة في استمرار.

 

الصمود: بصفتكم متحدثاً رسمیاً للإمارة الإسلامیة، ماهي رسالتكم الأخیرة في هذا الحوار إلی الإخوة والمجاهدین؟

ذبیح الله المجاهد: إنني بصفتي خادماً في هذا الصف أرجو من الجمیع أن یتحّلوا بالصبر والاستقامة في الحوادث والمِحَن، وأن یشكروا الله تعالی علی صلابة مواقف الإسلامیة واستقامتها في مثل هذه الابتلاءات، وأن یتضرّعوا إلی الله تعالی بأن یحفظ صف الإمارة الإسلامیة الذي قام نتیجة التضحیات والدماء والأشلاء من التصدع والانحراف والانهیار. وأن یسألوا الله تعالی أن یُحبط مكائد الأعداء ومؤآمراتهم.

ویجب علی الإخوة المجاهدین أن یطیعوا أمراءهم ومسؤولیهم، وأن یظنّوا بهم خیراً، وأن یثقوا فیهم مبتغین بذلك رضا الله تعالی، وأن یدعوا للمسؤولین بالتوفیق والسداد.

وكذلك ینبغي أن ینتبه كل واحد منّا إلی مسؤولیته في منصبه ووظیفه، وأن نقوم بأعمالنا بالحب والإخلاص، وأن نبذل قصاری جهدنا واهتمامنا إلی الأعمال المنوطة بنا. وبذلك سیكتسب صفّنا مزیداً من القوّة، وسيواجه أعداؤنا الیأس، وهكذا سنقترب من الهدف إن شاء الله تعالی.

وأهم شيء في هذا المسیر هو وجود التعاون والشكر المتبادل بین الشعب والإمارة الإسلامیة، لأنّ المجاهدین یضحّون بأرواحهم في تحریر الشعب والبلد من نیر الإحتلال. ولیكن في حادثة استشهاد الشیخ منصور رحمه الله تعالی دلیلاً علی حب الإمارة الإسلامیة لهذا الشعب المسلم، وعلی الذود عن حرماته. إنّ الشیخ كان لا یرید من عمله وجهاده أیة مكافئة دنیویة، ولم تكن مساعیه لأجل تحقيق أیة مصالح ذاتیة له. إنّ عائلته حتی الآن في وضع یرثی لها بسبب الضعف الاقتصادي، ولكنه كان یسعی دوماً في العمل لحفظ دین هذا الشعب وعرضه وكرامته. فلو لم یكن جهاد المجاهدین في أفغانسان لكان وضع أفغانستان الیوم علی غیر ماهو عليه الآن. ولذهب كثیر من الناس علی طریق الظلال، لأنّ العدو إلی جانب حربه العسكریة سخّر كثیراً من الوسائل الفكریة وغیرها لإضلال هذا الشعب ولإشاعة الفاحشة والفتنة فیه. فالمجاهدون هم الذین یقفون بإذن الله تعالی سدّاً منیعاً أمام هذه الفتن والإغراءات، ولذلك یجب علی الشعب أن يعزّزوا من وقوفهم إلی جانب المجاهدین، وأن یأخذوا بأیدیهم.

وكذلك یجب علی المجاهدین أیضاً أن یعرفوا حقوق هذا الشعب. وبما أنّ المجاهدین یستعملون القوة العسكرية في جهادهم ضدّ العدوّ، فلینتبهوا ولیحتاطوا جداً في استعمال القوة العسكرية كي لا یتضرّر منها عامة أفراد الشعب، وحتى لا یكون استعمالهم للقوة العسكرية سبباً لنفور الشعب وضجرهم منهم. فلنكن علی حذر من أن نهضم حقوق الناس، أو أن نظلمهم ونهتك حرماتهم، وأعراضهم وكرامتهم. فیجب علینا أن ندرك هذه المسؤولیات. وأملنا في الله تعالی كبیر في أن مراحل المِحَن ستنتهي، وأنّه سیمنّ علینا بنعمة الحریة والاستقلال بإذنه تعالی، وأنّ حاكمیة الإسلام ستعود مرّة أخری إلی هذا البلد إن شاء الله تعالی.

إنّ تحقّق هذه النعمة يحتاج منا الصبر والنفس الطویل في العمل لإقامة دینه، یقول الله تعالی: (وكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) آل عمران/ 14.

و آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمین.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى