حوارات وتقارير

الصمود تحاور المحلل السیاسي والعسكري (عبد الرؤوف حكمت) حول عملیات (خالد بن الولید)

أعلنت الإمارة الإسلامیة مؤخّراً عن العملیات الربیعیة ضدّ المحتلّین وعملائهم في بیان رسمي بتاریخ 28 / 4 / 2013 م وأنها ستبدأ بالتكبیرات بهذا التاریخ في كل أفغانستان، وذكر البیان بأن المجاهدین سیستخدمون في هذه العملیات تكتیكات وأسالیب حربیة معقّدة. وقد أجرت مجلة (الصمود) الإسلامیة حواراً مع المحلل السیاسي والعسكري الأستاذ (عبد الرؤوف حكمت) حول هذه العملیات وتأثیرها في علی العدو وسیر الجهاد في أفغانستان، وندعوكم لقراءته.

الصمود: كما تعلمون أنّ الإمارة الإسلامیة أعلنت عن العملیات الربیعیة العسكریة باسم (خالد بن الولید رضی الله عنه) بتاریخ 28/ 4/ 2013م في أفغانستان، فإلی مدیً تقدّرون نجاح هذه العملیات؟ وكیف ترون تأثیرها علی العدو؟

حكمت: نحمده و نصلي علی رسوله الكریم و بعد: في البدایة أقدّم تحیتي للإخوة في مجله (الصمود) ولقرّائها الأكارم.

إنّ نجاح أیّة عملیات عسكریة وتأثیرها یرتبط بماهیة أهدافها وتحقیقها لها، وعلی العموم تنقسم أهداف الجهاد المقاوم إلی قسمین وهما :

أولاً : إنهاك المحتل والقضاء علی الروح القتالیة لدیه، وإفقاده صلاحیة الهجوم وتضییق الخناق علیه.

 

ثانیاً: إنهاء الاحتلال بإجلاء العدو عن البلد، والقضاء علی الحكومة العمیلة التي تكون قد فرضها المحتلون علی الشعب.

وبما أنّ قتال المجاهدین في أفغانستان من نوع حرب العصابات التي یمتلك فیها المجاهدون الفرص المفتوحة والكثیرة للانقضاض علی العدوّ بینما یعیش العدوّ في نقاط معیّنة وفي حدود حركة محدودة. فنظراً إلی هذا الوضع للحرب وإلی ظروف المجاهدین والعدو یُتوقع أنّ تكون عملیات (خالد بن الولید رضی الله عنه) موفّقة كما كانت عملیات الأعوام الماضیة موفّقة.

وأمّا تأثیراتها فستكون قویّة وشاملة، حیث أنّها ستدك مراكز العدوّ في عملیات صاعقة، وستجعل العدوّ یعیش في حالة الذعر الدائم، كما أنها ستضیّق ساحات تواجد العدوّ وبخاصة في ظروف الانسحاب المقرّر للعدوّ الخارجي من كثیر من مناطق أفغانستان. ویُحتمل أن تنتهي سیطرة العدوّ بشكل كامل علی كثیر من ساحات أفغانستان، وبذلك سیقترب المجاهدون كثیراً من تحقیق الهدف النهائي وهو إنهاء الاحتلال وإسقاط الحكومة العمیلة إن شاء الله تعالی.

الصمود: اعتبرت القوات الغربیة المحتلة والحكومة العمیلة إعلان المجاهدین لهذه العملیة مجرد دعایة بهدف تخویف الناس، وأنّه لن یكون لها أيّ تأثیر علی قوّة الجانب المقابل، فما تعلیقكم هذا الردّ؟

حكمت: إنّ عملیات المجاهدین واقع مشهود، ولا یصحّ أن یُعتبر الواقع المشهود مجرّد دعایة حربیة، إنّ العدوّ قد اعتبر إعلان عملیات الأعوام السابقة أیضا مجرّد دعایة حربیة، ولكنها ثبت فیما بعد أنها لم تكن مجرّد دعایة، بل في كل مرّة كانت عملیات مهیبة ومحیّرة، وأقوی من المرّات السابقة.

إنّ القوات الأمریكیة حین كانت في أوج قوتها وحین كانت تقوم بإجراء العملیات العسكریة الواسعة كانت تعلن في كلّ مرّة عن العملیات الكبیرة بأسماء غریبة ونادرة تهویلاً لشأئها، فهي تظنّ الآن أنّ إعلان المجاهدین أیضاً مجرد إعلانات دعائیة.

ولكن الحقیقة علی عكس ذلك، حیث أثبت المجاهدون في كل مرّة جدارتهم الفائقة في تحقیق ما كانوا یقولونه.

الصمود: تحدّث البیان الصادر من المجلس القیادي في هذا الصدد عن الاستفادة من التكتيكات القتالیة المعقّدة والمؤثّرة، فهل یدلّ ذلك علی اكتساب المجاهدین قوة حربیة جدیدة وعلی حصولهم علی الوسائل القتالیة المتقدّمة ؟

حكمت : لاشك أنّ المجاهدین اكتسبوا قوّة وتسلّحاً أحسن خلال جهادهم ضدّ العدوّ في إحدى عشر سنة الماضیة، كما حصلوا علی تجربة قتالیة عالیة ضدّ المحتلّین، وقد تفطّنوا إلی الأساليب الجیدة لتوجیه الضربات القاتلة للعدو، كما تعلّموا كیف یتجنّبون من التعرض للأخطار من قِبَل العدو. إنّهم الآن اكتشفوا نقاط الضعف لدی العدوّ، وتمكنوا من زرع العناصر الموالیة لهم في داخل صفوفه، وكذلك قویت معرفتهم الاستطلاعیة بأحوال العدوّ وهي تعتبر في الحروب من أهمّ عناصر القوة.

وإلی جانب ذلك فقد قويَ المجاهدون في جانب التقنیة والتكتیك العسكریین، كما غنموا خلال السنوات الماضیة كمیات كبیرة من الأسلحة والذخیرة والوسائل العسكریة في المعارك، وعن طریق استسلام جنود العدو وانضمامهم إلی المجاهدین.

وتشیر بعض المعلومات أنّ المجاهدین حصلوا علی الأسلحة المتقدّمة والتي ربما سیستخدمونها ضدّ العدوّ في عملیات (خالد بن الولید).

إنّ جمیع هذه المؤشّرات تدلّ علی أنّ المجاهدین الآن في وضع أحسن من ناحیة التسلّح والقوة القتالیة.

الصمود: أعلنت القوّات المحتلّة مراراً عن خروج معظم قواتها من أفغانستان، كما أعلنت عن نقل السلطة إلی القوات الأمنیة للحكومة العمیلة، وعلی هذا الأساس تجمعت هذه القوات من مراكزها المنتشرة إلی قواعدها العسكریة الكبیرة التي یعتبرونها آمنة إلی حدٍ ما، فهل سیتسبب هذا الوضع في قلّة خسائر العدوّ في الأرواح؟ وهل سیتمكن المجاهدون في العملیات الجدیدة من الوصول إلی المراكز القویة للعدوّ لإلحاق الأضرار الكبیرة به؟

حكمت : إنكم أشرتم في سؤالكم إلی أمرین وهما:

1 – احتمال قلّة الخسائر في صفوف جنود العدوّ.

2 – تمكن المجاهدین من الوصول إلی المراكز القویة الآمنة لقوات العدوّ.

وللإجابة علی هذین الجزئیین من السؤال نحتاج أن نلقي نظرة إلی سیر الأحداث في السنوات العشرة الماضیة.

هجم الأمريكيون علی أفغانستان عام 2001م وزادوا من عدد جنودهم في عام 2009م تلبیة لضرورة الوضع الحربي في هذا البلد، إنّهم ظنوّا أن الزیادة في عدد الجنود سیُسعفهم في أفغانستان كما حدث في العراق، وأعَملَ الأمريكيون أقصی قوتهم الحربیة من بدأً من عام 2009م إلی 2011م، ولكن لم یتحقق لهم ما كانوا یحلمون به، فأرادوا أن یسلّموا میدان الحرب إلی القوات الأفغانیة العمیلة تمهیداَ للفرار المحترم من أرض المعركة وتجنّباً من تحمّل تبعات الهزیمة.

وكان الأمريكيون قد نفّذوا مثل هذه السیاسة للخروج من المأزق الفیتنامي عام 1973م حین قاموا بـ (فتنمة الحرب)، ولكن هذه السیاسة لم تغسل عار الهزیمة عن وجوه الأمریكیین.

الأمريكيون یریدون الآن أن یُعیدوا نفس التجربة في أفغانستان بهدف تقلیل الخسائر في أرواح جنودهم، وبهدف الفرار المحترم من میدان المعركة.

ولعلّ بعض قاصري النظر یعتبرون قلّة الخسائر في صفوف الجنود الأمریكیین انتصاراً لهم في المعركة، ولكنه لیس انتصاراً، بل الفرار من میدان المعركة هزیمة، وهو في الحقیقة تحقیق لهدف المجاهدین وهو إخراج هذه القوات من هذا البلد.

أمّا سیاسة (أفغنة الحرب) هي أیضاً سیاسة فاشلة، لأنّ القوات التي أعدّها الأمريكيون لخلافتهم هي غیر قادرة علی ملء الفراغ الذي یتركه الأمريكيون في میدان المعركة.

وقد بدأت هذه القوات تستسلم للمجاهدین في المناطق التي ینسحب منها الأمريكيون، ومن لا یستسلم منهم فهم یُقتلون في المعارك أو یتركون وظائفهم ویفرّون إلی مناطق أخری، وقد شاهدنا في الشهرین الماضیین أمثلة كثیرة من هذه الحوادث.

فقلة الخسائر في صفوف الأمریكیین وتسلیمهم السلطة للعملاء الأفغان لیس انتصاراً لأمریكا، وإن عبرّت عنهما أمریكا بما تعبّر.

أمّا عن تحصّن الأمریكیین في قواعدهم الحصینة وبقائهم فیها لفترة طویلة فهو غیر واقعي وغیر ممكن للفترة الطویلة. لأنه لا یمكن أن یكون البلد كله تحت سیطرة أبنائه الأصليين ویتحصّن الغزاة الأجانب لفترة طویلة في نقاط شبیهة بجُزُر الیابسة، ولم یسبق لهذا الوضع أمثلة في أيّ بلد من البلاد.

إنّ أفغانستان لیست ألمانیا الشرقیة لیتحصّن الأمريكيون في (برلین) ویربطوها عن طریق الجسر الجوي بالغرب.

وأمّا مقدرة المجاهدین في الوصول إلی قواعد العدوّ المحصنة فهو أمر مشهود وواقع تكررت له الأمثلة، إنّ المجاهدین الذین استطاعوا أن یصلوا في عملیاتهم القتالیة إلی مسافة ثلاثین متراً من القصر الرئاسي، والذین فجرّو وأحرقوا قاعدة (بوسطن) في هلمند وقاموا بإحراق الطائرات وقتل أعداد كبیرة من الجنود فیها، والذین استطاعوا أن یصلوا إلی قاعدة بغرام الجویة ومقرّ قیادة قوات (الناتو) وإلی السفارة الأمریكیة في (كابل) لقادرون بإذن الله تعالی أن یصلوا إلی أیة قاعدة للقوات الأمریكیة مهما اعتبرها الأمريكيون محصّنة، ولن یكون هناك مانع إن شاء الله تعالی من وصول المجاهدین إلیها.

الصمود: تؤكد الإمارة الإسلامیة دوماً علی مجاهدیها في الحفاظ علی أرواح المدنیین فما الذي ترونه أن یتمّ مزیداً، وما هي التدابیر التي اتُخذت في هذا المجال؟

حكمت : إنّ الخسائر المدنیة من الحقائق المرّة في الحروب والتي تقع في معظم الأحوال، ویجب علی الجانبین أن یعملا علی تجنّب وقوعها، وهي من الأمور التي یوُلیها المجاهدون اهتماماً كبیراً، وتعتبر من أولویات عملهم. وتأمر قیادة الجهاد والمجاهدین بعدم إجراء العملیات التي یُتوقع فیها وقوع الخسائر في المدنیین أو تتسبب في إلحاق الخسائر بهم من قِبَل قوّات العدوّ. وقد كلّفت قیادة الإمارة الإسلامیة لجنة خاصة لمنع وقوع الخسائر في أموال الناس وأرواحهم والنظر في الحوادث التي تقع في الحرب. وبفضل هذه الجهود للمجاهدین تُعتبَر الحرب في احدي عشر سنة الماضیة من أقلّ الحروب في مجال الخسائر المدنیة، وتقّدر الإحصاءات الموثوقة بأن الخسائر المدنیة في الأعوام الماضیة لا تزید عن 15000 ضحیة، ومعظم هذه الضحایا كانت في حوادث القصف الجوّيّ الذي یقوم به العدوّ علی القری والبیوت ویقتل فیها الأبریاء العزّل. وأنا أری أنّ الجهود في مجال منع وقوع الخسائر المدنیة لیست كافیة، ویجب علی المجاهدین أن یبذلوا مزیداً من الجهود في منع وقوعها.

الصمود: ینظر البعض بأنّ إعلان الإمارة الإسلامیة لعملیات (خالد بن الولید) یعني عدم رغبة (الطالبان) في المصالحة، وهي بمعنی الإصرار علی الحرب، فما تعلیقكم علی ما یقال في هذا الأمر؟

حكمت: فإن كانت المصالحة بمعنی قبول الاحتلال الأمریكي والاستلام له، وبمعنی ترك الجهاد، فإنّ المجاهدین قد أعلنوا رفضهم مكرّراً لهذا السلام. وما كان جهادهم لإحدى عشر سنة الماضیة إلا لطرد المحتلین وإنهاء الاحتلال بكل معانیه.

أمّا زعم عدم رغبة طالبان في السلام فلا یقبله أيّ عقل ومنطق، لأنّ الإنسان بفطرته یكره الحرب ویحب السلام، ولأنّ السلام الذي تحبه الطالبان هو السلام الذي یضمن الحریة وإقامة النظام الإسلامي في الأرض ویضمن العزّ والوقار، وإذا نظرنا بإمعان إلی واقع أفغانستان نری أنّ أمریكا هي التي جعلت أمن أفغانستان حرباً وخوفاً، ولن یتحقق الأمن والسلام في هذا البلد إلاّ بعد أن تخرج جمیع القوات الأجنبیة منه.

الصمود: كانت الإمارة الإسلامیة قد أعلنت في العام الماضي عن عملیات (الفاروق) وقد استمرّت سنة كاملة. فماذا كانت مكتسبات المجاهدین في تلك العملیات؟ وما ذا كانت تأثیراتها علی العدوّ؟

حكمت: إذا قارننا عملیات (الفاروق) بعملیات الأعوام الماضیة فیمكننا أن نحكم لها بالنجاح الفائق، وقد استطاع المجاهدون بفضل الله تعالی أن یجبروا 40،000 ألف جندي غربي علی الفرار من أفغانستان، وخسرت القوات البريطانیة والفرنسیة والبلجیكیة وقوات نيوزیلاند الجدیدة إرادتها القتالیة وانصرفت عن القتال إلی المهام الأخرى أو خرجت من أفغانستان. وكذلك وجّه المجاهدون ضربات ممیتة إلی القوات المحتلّة من الداخل بواسطة العناصر المجاهدة الذي زرعهم المجاهدون في داخل صفوف قوات العدوّ، وقد عجّلت تلك الضربات القاتلة عملیة فرار القوات الأمریكیة من أفغانستان. وعلاوة علی ذلك فقد قام المجاهدون بعملیات عملاقة علی قواعد العدوّ مثل قاعدة (بوسطن) في هلمند، كما وجّهوا ضربات قاتلة إلی القوات العمیلة في مراكزها وقواعدها العسكریة، وحرّر المجاهدون في تلك العملیات ساحات كثیرة وواسعة من سیطرة العدوّ في كثیر من ولایات أفغانستان. فجمیع هذه الانتصارات كانت من مكتسبات عملیات (الفاروق) للعام الماضي.

الصمود: قامت الجهات الاستخباراتیة للعدوّ قبل أیام من إعلان عملیات (خالد بن الولید) بإعلان مزوّر منسوب إلی الإمارة الإسلامیة باسم عملیات (خیبر) وقد أنكر المتحدث الرسمي بإسم الإمارة الإسلامیة ذلك الإعلان آنذك، فما هو هدف العدوّ من إعلان مثل هذه الإعلانات المزوّرة ؟

حكمت: یقال إنّ الغریق یتعلق بكل ما یتراءی له وإن كان زبداً. إنّ ضعف العدوّ یبدو جلیّاً من تصرفاته العشوائیة، كان العدوّ في الأعوام السابقة یأخذ كل أنواع استعداداته العسكریة والقتالیة للتصدي لعملیات المجاهدین الربیعیة مع حلول الربیع في كل عام، ولكن العدوّ في هذا العام خسر معنویاته العسكریة والقتالیة، لأنّه في حالة التقلّص وجمع قواته تمهیداً للخروج، فلا یقدر علی التصدي لعملیات المجاهدین في میدان العمل، ولم یبق له سوی الإشاعة والحرب الإعلامیة لإیجاد الوساوس والتشویشات في نفوس المجاهدین، ومن هذا الباب كان إعلانهم الضعیف المنسوب للمجاهدین.

الصمود: شكراً لكم علی إجاباتكم علی أسئلة (الصمود).

حكمت : وشكرا لكم أنتم أیضاً علی جهادكم الإعلامي ونسأل الله تعالی أن یتقبّله منكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى